تونس الصباح في ظل اجتماع مشقة الصيام مع مشقة العمل، واقتران شهر رمضان الكريم لهذه السنة مع الصيف، قد يتحول السوق الى حلبة صراعات ومناوشات بين التاجر والمستهلك، فيتبادلان الاتهامات المختلفة ويعلقا الأخطاء والتجاوزات على شماعة «حشيشة» رمضان. استغلال التاجر فرصة تهافت المستهلكين لممارسة طقوسه في الغش، والكلام لبعض المستهلكين بالسوق المركزية بالعاصمة والدلال الزائد للمستهلك كما يؤكد بعض التجار، شهادات رصدناها من خلال هذا الريبورتاج. أين منظمة الدفاع عن المستهلك؟ يدعي محمد القاسمي الذي يتحدث من موقعه كمستهلك أن السلوك الشائع في شهر رمضان يتمثل أولا في تعمد أغلب الباعة عدم اشهار الاسعار، كل يتصرف حسب هواه في غياب شبه كلي لمنظمة الدفاع عن المستهلك، اضافة الى اختلاط الغث بالسمين في المعروضات وهو ما يتنافى مع الجودة المطلوبة، مما يتسبب في قطع حبل الثقة بين التاجر والحريف. الأسعار ملتهبة والأسباب معروفة يعترف رمضان الميساوي، خضار منتصب بالسوق المركزية بالعاصمة أنه فعلا في شهر رمضان بالخصوص تلتهب أسعار الخضر والغلال وخاصة منها المعدنوس وكل ما تشمله مكونات السلاطة، على غرار الفجل والخيار، ويرجع ذلك الى الارتباط الوثيق بين العرض والطلب والتكلفة الباهظة التي يتكبدها الفلاح من مصاريف اضافية ناتجة عن غلاء تكلفة اليد العاملة والنقل. كل هذه العوامل، يقول الميساوي تتحكم في محرار الأسعار بصفة مباشرة. ويضيف «لكن في المقابل نجد بعض الحرفاء متفهمين للأسباب الحقيقية لغلاء الأسعار، فبعد حصولها على المطلوب، تدفع المال وتنسحب في صمت علامته الرضا.. شهر الرحمة والتسامح أعرب حسن العطافي تاجر خضر وغلال عن تفاؤله وفرحته بالشهر الكريم، وأكد أن المفتاح بيد التاجر قائلا: «طبيعي جدا أن تحتد النقاشات في السوق بين التاجر والحريف لأتفه الأسباب، فالتاجر يتهم الحريف بأنه «محشّش» ولا يعجبه العجب، والحريف بدوره يتهمه باستغلاله فرصة تزايد الاقبال ليغش في الميزان ويعرض سلعا لا تطابق المطلوب، ولا تناسب بالمرة سعرها المرتفع»، ويرى الحل في أن يتصرف التاجر بمنتهى اللباقة مع الحريف ويسعى لارضائه وكسب ثقته مراعاة لظروفه. الغالي.. الغالي يبقى رواق السمك بالسوق المركزية بالعاصمة يحظى بنصيب الأسد من عدد الحرفاء، ويظل السمك أهم مكونات الأكلة الرمضانية لما تدره من منافع صحية عديدة، ولكن هذا لا يمكن أن يبرر الارتفاع المشط في الأسعار الذي عدّد أسبابه السيد غازي النمري (بائع سمك) قائلا: «طبيعي أن ترتفع أسعار السمك في شهر رمضان الكريم، لأنها مرتبطة بالطلب الذي يتزايد كثيرا في الأيام الأخيرة».. ويضيف «هدفنا المشترك تأمين خدمات في المستوى المطلوب وتنفيذ كل رغبات الحريف وتفادي الصدامات والمشادات الكلامية التي لا طائل منها والتي لا تليق بهذا الشهر المعظم».. فتحي العروسي يبدو أنه منشغل كثيرا بالعمل، استوقفناه وسألناه عن المشاكل التي تعترضه كبائع خبز فقال: «الحريف دائما "محشش" ويفتعل المناوشات لأتفه الأسباب ولا يعحبه العجب، كل ما يسعى اليه هو ملء قفته حتى وان كان ذلك على حساب ميزانيته التي أنهكتها مصاريف الصيف.. كما أن بعض الحرفاء لا يحترمون الغير، يحاولون الاستئثار بأفضل السلع».. وختم محدثنا «أتمنى أن يكون شهر الصيام همزة وصل تقرب المسلمين وتعزز قيم التواصل والتسامح والتحلي بالسلوك الحضاري».