تونس الصباح تشكل الحسابات البنكية المجمدة والمتروكة أو المنسية من قبل أصحابها هاجسا يؤرق ليس فقط آلاف الاجراء أصحاب المرتبات الشهرية، ولكن أيضا المؤسسات البنكية بسبب فوائض الدين الناجمة عن تكلفة ايداع الحساب. كما يلجأ البعض إلى التهرب من دفع أقساط قروض، أو السعي للحصول على قروض جديدة عبر فتح حسابات بنكية جديدة بطرق غير قانونية، وهو مشكل أشد خطورة قد يؤدي بصاحب الحساب إلى الوقوع في دوامة التداين والتتبعات القضائية.. وتقدر الديون المتخلدة بذمة هذه الحسابات بالملايين حسب مصادر بنكية. من منا لم يقم في حياته المهنية بفتح أكثر من حساب جار في أكثر من فرع بنكي تابع لمؤسسة بنكية معينة. وتعد الحسابات المجمدة، أو المنسية في تونس بالالاف، وهي مكلفة ليس فقط لصاحب الحساب الذي نسي او تناسى غلقه حسب الطرق والتراتيب القانونية الجاري بها العمل، ولكن أيضا يعتبر إبقاء الحساب مفتوحا مكلفا للفرع أو المؤسسة البنكية المودع بها الحساب الشخصي. آلاف الحسابات تفتح وتغلق يوميا وإذا كان الرقم النهائي للحسابات البنكية المنسية غير واضح على اعتبار أن غلق الحسابات الشخصية أو فتحها يعد بالمئات إن لم نقل بالآلاف يوميا. لكن يتم سنويا غلق آلاف الحسابات البنكية الجارية، ويتم ذلك غالبا من قبل البنوك بعد استيفاء المدة القانونية اللازمة للغرض، وبعد التأكد من دخول الحساب في مرحلة التجمد أو الغياب الكلي للعمليات المالية على غرار الراتب الشهري لصاحب الحساب. ويقدر اليوم عدد الحسابات البنكية الجارية المودعة بالبنوك التونسية بمختلف انواعها قرابة 3 مليون حساب بنكي شخصي. علما أن الفصل 670 وما بعده من المجلة التجارية يعتبر فتح "حساب إيداع" حقا لكل شخص. كما أن غلق أي حساب لا يتم إلا بموافقة شخصية من صاحبه، أو بعد مرور المدة القانونية الضرورية قبل المرور إلى عملية الغلق الآلي. جهل أم تجاهل.. لكن المهم في الامر أن معظم أصحاب الحسابات البنكية المنسية لا يفقهون كيفية غلق الحساب، أو النتائج الناجمة عن عدم الغلق. وفق ما أشار إليه خبير بنكي لم يرد الكشف عن هويته. الذي اضاف بأن ظاهرة الحسابات البنكية المجمدة في تونس ورغم أنها في تقلص، لكنها موجودة وتكلف الكثير على البنوك التونسية. لكنه أبرز أن المشكل يكمن في ان معظم أصحاب الحسابات المفتوحة المجمدة، لا يكلفون أنفسهم عناء القيام بالتراتيب اللازمة لغلق الحساب. بل إن بعضهم يعتبر ذلك مضيعة للوقت. إلا في حالات معينة يكون فيها مجبرا على القيام بذلك وخاصة عند حصوله على موافقة مبدئية للحصول على قرض من أي نوع كان من قبل فرع بنكي مغاير للفرع البنكي الذي يودع فيه حسابه القديم. ورغم ذلك، يحدث أن يقوم أحدهم بفتح حساب مواز لحسابه القديم دون القيام بإجراءات الغلق، وهو إجراء غير قانوني. وهنا تكمن مسؤولية ليس فقط صاحب الحساب المعني، ولكن أيضا مسؤولية أطراف اخرى ذات علاقة مباشرة بالعمليات المالية خاصة منها المؤجر المشغل لصاحب الحساب، والفرع البنكي الذي سيتولى إسناد قرض لصاحب الحساب المعني دون القيام بعملية التثبت الضرورية من وضعيته المالية. لكن هذه الحالات، أي التي تعني أساسا الاجراء أو كل من يتقاضى أجرة شهرية ويسعى إلى الحصول على أكثر من قرض واحد في نفس الوقت، تعتبر نسبتها قليلة مقارنة بالحالات العادية الاخرى. أسباب ويعود سبب هجران أصحاب الحسابات البنكية الجارية لحساب بنكي آخر، إما لغرض الحصول على قرض من فرع بنكي غير الذي فتح فيه لاول مرة حسابه الجاري القديم، وفي هذه الحالة يستوجب عليه الغلق النهائي للحساب القديم، أو بسبب تفضيله لخدمات فرع بنكي تابع لمؤسسة بنكية مغايرة للمؤسسة البنكية التي يتبعها الفرع الذي فتح فيه حسابه الاول. أو بسبب عدم تجمد العمليات المالية بالحساب القديم وغيرها من الاسباب. تكاليف الايداع وحسب خبير الشؤون القانونية البنكية، فإنه في معظم الاحيان تتحمل البنوك أو فروعها التكاليف الناجمة عن تجمد حساب بنكي معين، بعد غلقه نهائيا، على اعتبار أن صاحب الحساب يظل مدينا للبنك بمبالغ نظير تكلفة ايداع الحساب التي تترواح بين 50 و96 دينارا سنويا. وعن الاجراءات القانونية المتبعة في هذه الحالة، أفاد مصدرنا بأنه في الغالب تتحمل البنوك تكلفة الحساب، لكن في حالة وجود قرض غير مستخلص وحدث ان تجمد الحساب الشخصي للمعني بخلاص القرض، ولم يسدد ما عليه من أقساط شهرية في موعدها المحدد، يقوم البنك في هذه الحالة باتخاذ اجراءات مرحلية تتدرج حسب الحالة والوضعية المالية والاجتماعية للمعني بالامر. إذ يتم مثلا في مرحلة أولى إعلام المعني برسائل مضمونة الوصول تترك أثرا كتابيا، بضرورة خلاص الدين المستحق لفائدة البنك، ثم يتم البحث في حلول توفيقية تضمن خلاص الدين، لكن في معظم الحالات لا يتم اللجوء إلى التقاضي إلا بعد استيفاء كافة الحلول التوفيقية الممكنة، وخاصة إذا تعلق الامر بمبالغ مالية كبيرة.. المهم أن لجوء البعض إلى القيام بفتح حسابات بنكية جديدة بغرض الحصول على قرض بنكي جديد، دون القيام بغلق الحساب القديم، وخاصة القيام بتسوية وضعيته المالية مع الفرع البنكي المودع فيه حسابه القديم.. قد يؤدي إلى تفاقم ظاهرة التداين، ووقوع صاحب الحساب أو المدين تحت طائلة التتبعات القضائية والجزائية... اتفاقية مكتوبة تجدر الاشارة إلى أنه وحسب القانون 2001 المتعلق بمؤسسات القرض كما تم تنقيحه لسنة 2006، ووفق الفصل السادس منه تخضع إدارات حسابات الايداع لفائدة الاشخاص الطبيعيين والمعنويين لاغراض غير مهنية إلى اتفاقية مكتوبة تبرم بين البنك وحريفه تتضمن الشروط العامة لفتح الحساب وتسييره وغلقه والشروط الخاصة بالخدمات ووسائل الدفع التي يتيحها الحساب وقائمة العمولات المطبقة ومقدارها. وينص ذات الفصل على أن إدارة الحساب وتسجيل العمليات طوال مدة فتح الحساب وحتى تاريخ غلقه ينتج لفائدة البنك قبض عمولات وفق جدول العمولات والشروط البنكية لكل بنك. ويعتبر إمضاء الحريف على هذه الاتفاقية بمثابة معرفته بهذه الشروط وقبولها. ويلتزم البنك عند اعتزام إدخال تغيير جوهري على الشروط البنكية بإعلام الحريف بهذه التغييرات بأية وسيلة تترك أثرا كتابيا في اجل 45 يوما على الاقل قبل تطبيقه ويتم إشعار الحريف بأن له اجل شهر من تاريخ توصله بالاعلام للاعتراض على التحوير ويعتبر عدم اعتراض الحريف بوسيلة تترك أثرا كتابيا في اجل شهر من تاريخ توصله بالاعلام قبولا بتلك الشروط. وفي حالة إعتراض الحريف على التحوير الجوهري في الشروط البنكية فإنه لا يتحمل المصاريف الناجمة عن غلق الحساب أو نقله بطلب منه. وتقوم جميع المؤسسات البنكية بتونس بتحديد مدة غلق الحساب الجاري استنادا إلى مقتضيات الامر عدد 1880 لسنة 2006 المؤرخ في 10 جويلية 2006، عبر اتفاقية تسمى "اتفاقية إدارة ايداع الحساب" يتم من خلالها ضبط شروط التصرف في حساب الايداع المكتتب لدى بنك من قبل الاشخاص الطبيعيين والمعنويين لاغراض غير مهنية. كيفية غلق الحساب وعموما فإن فتح حساب بنكي يتم لمدة غير محددة، ويمكن للبنك حسب الامر المذكور "غلق الحساب إن أصبح مدينا ومجمدا بعد التنبيه على الحريف بصفة قانونية. ويعتبر الحساب مجمدا بعد مرور ثلاثة اشهر على بقائه مدينا دون تسجيل إيداع أموال تفي بخلاص العمولات والفوائض المدينة". وينص الامر على أنه "يحق لكل طرف أن يغلق الحساب وذلك بواسطة رسالة مضمونة الوصول مع الاعلام بالبلوغ تكون نافذة المفعول بعد 15 يوما من تاريخ الارسالية وختم البريد هو الفصل". فائض مدين رغم الغلق ورغم أن الشرط القانوني يجبر صاحب الحساب أن يرجع إلى الفرع الذي فتح لديه حسابه كل الصكوك غير المستعملة والبطاقات البنكية ويقوم بتصفيتها، إلا أنه يتم توظيف فائض على الحساب بنسبة المكشوف الجاري به العمل لدى البنك، في صورة ما إذا انتج الحساب رصيدا مدينا بعد الغلق.