التكوين بمعهد الصحافة وعلوم الأخبار هشّ منذ بداياته الإذاعية مع إذاعة موازييك استطاع المنشط نوفل الورتاني أن يشد اهتمام المستمعين بأسلوبه الجريء وحواراته النارية... مع كل يوم جديد يفتح ملفا ساخنا ويصنع الحدث بكشف الحقائق حتى أن الأسماء التي حاورها لا يمكن عدّها. «الأسبوعي» تحدثت معه في أكثر من موضوع خلال هذا الحوار الذي تحدث فيه عن كل شيء. * أين تصنّف نفسك بعد 6 سنوات من العمل بإذاعة جماهيرية؟ - أنا أعمل في ميدان أعشقه وأسعى دائما إلى التطوّر لكن للأسف ساحتنا الإعلامية لا تتوفر على مراجعة إعلامية وتعاني من الفراغ... في تونس ليست لنا أسماء في قيمة حسنين هيكل أو مصطفى أمين. * وماهي الأسباب التي أدت إلى هذا الفراغ الإعلامي الذي تتحدث عنه؟ - في الواقع هي سلسلة كاملة من الأسباب تنطلق من الذاتية أي مسؤولية الصحفي في حدّ ذاته ثم إن التكوين في معهد الصحافة وعلوم الأخبار غير قادر على تكوين صحفي عصري... شخصيا تخرجت سنة 2000 وكنت غير قادر على استعمال الحاسوب. * هل أنك بهذا الكلام تحمل جانبا كبيرا من المسؤولية لهذا التكوين الهش؟ - لا بد أن نعترف أن هذا التكوين في حاجة إلى مراجعة جذرية وأتساءل هنا كيف يتم قبول طلبة بمعهد الصحافة دون موهبة إلى جانب غياب التكوين التطبيقي ذلك أن طريقة التدريس تعتمد على التلقين أكثر منها على التكوين. * بين سنتي 2000 و2009 قد تكون تغيرت عديد الأشياء؟ - شخصيا لا أومن بالمعجزات وأنا في تواصل مباشر مع طلبة معهد الصحافة وعلوم الأخبار سواء من خلال التربصات أو الذين يرغبون في العمل ووقفت على حقيقة مستواهم. * وماهي الوسائل والطرق التي يمكن أن ترفع من مستوى طلبة معهد الصحافة وعلوم الأخبار؟ - أولا يجب تكوين لجنة تختبر مدى قدرة الطالب على الكتابة والثقافة العامة ... لا أن يضعها الطالب في الاختيار العاشر (10) ومع ذلك يتم توجيهه إلى هذه الشعبة لتكون بذلك بمثابة سلة المهملات... ولا بد أن يكون التكوين تطبيقيا ويتماشى مع حاجيات السوق لأن الصحافة متطورة من خلال النظريات المتجدّدة وبالتالي فإننا في حاجة مستمرّة إلى التحيين أما الاقتصار على الجانب التلقيني فقد عمّق المشكلة أكثر. * وإلى أي حد انعكس هذا الجانب على الساحة الإعلامية؟ - ساحتنا الإعلامية «فارغة»... لا تغري... أين اختلاف الآراء؟... أين النقاشات؟... باستثناء بعض المعارك التي لا علاقة لها بالصحافة... كلمة صحفي فقدت اليوم معناها باعتبار أن كل فاشل في حياته المهنية يمكن أن يصبح صحفيا في حين لو فشلت مثلا أنا في مهنتي لا يمكنني أن أصبح محاميا. * ومن أي الجوانب أفادك هذا الفراغ؟ - بالعكس أضرّني هذا الفراغ مثلما انعكس سلبيا على كل صحفي في بداية طريقه... ومنذ الثمانينيات إلى الآن لم أجد أسماء لامعة يمكن أن تكون قدوة. * صالح جغام ونجيب الخطاب ألم يمثلا شيئا بالنسبة إليك رغم كل النجاحات التي حققاها؟ - يجب أن نفرّق هنا بين اسم ناجح وأسطورة: مثلا حسنين هيكل ليس مجرّد صحفي ناجح وكذلك الأمر بالنسبة لمصطفى أمين ثم أن نجيب الخطاب وصالح جغام وقع تأليههما بعد أن غادرا الحياة وهما يتألمان من الانتقادات حسب اسنتاجاتي الخاصة طبعا من خلال الحوارات التي تابعتها. * أي الدرجات تطمح إلى بلوغها في ثنايا هذا الواقع؟ - أعلى درجات البروز عند الصحفي أن يصبح له مصداقية ويؤثر في الرأي العام ولا يوجد أي صحفي تونسي بهذه المقاييس. * ومع ذلك تنتظر أن تبلغ يوما هذه الدرجة؟ - أنا سعيد بآفاقي الواسعة والواعدة وهو ما يجعلني متفائلا ببلوغ درجات أخرى من النجاح. * باعتبارك مديرا لمصلحة البرمجة ماهو الحد الفاصل بين مهمتك الإدارية والتنشيطية؟ - مهمتي الإدارية هي تنسيقية أساسا باعتبار أن مدير البرمجة الحقيقي هو مدير إذاعة موزاييك ولا أستطيع الإجابة عن سؤال إن كنت موفقا بين المهمتين والأكيد أن هنالك من يرى أني لست موضوعيا في مهمتي. * ألم تستفد من خلال برمجة برامجك في الحيز الزمني الأفضل من حيث نسبة الاستماع؟ - أحاول دائما أن أكون موضوعيا... * ماذا عن أبرز الانتقادات التي توجه إلى موزاييك؟ - يتهمها البعض بعدم منح أي اهتمام للفنان التونسي مع تعاملها مع بعض الفنانين بواسطة العلاقات الخاصة والرشوة. * وهل وجه لك هذا الاتهام شخصيا؟ - لقد اتهموني ب«الرشوة» لكن هؤلاء لا يعلمون شيئا عن منهج العمل في موازييك. * ألم يحز في نفسك هذا الاتهام؟ - لا أستمع إلى مثل هذه الاتهامات ولا تحرك مني ولا شعرة واحدة. * هل هذا يعني أن الفنان التونسي مازال يتذمّر من موازييك؟ - لأن أعمال الفنان التونسي عملاق والساحة الفنية متحركة... ولأنه يتمتع بحقوق التأليف وشركات الإنتاج موجودة يعني أن كل عوامل النجاح متوفرة إلا إذاعة موزاييك هي التي تقف حاجزا أمام نجاحه الأسطوري. * وماهي نوعية الانتقادات التي توجه إليك؟ -... إني لا أجيد التصرف مع الفنانين. * وانتقادك أضحكك؟ - في رمضان الماضي استضفت «ممثلات» شاركن في «بريزون بريكة» الذي بث على قناة حنبعل فاتصل بي أحد المستمعين على الهواء وقال لي «لازم سهرت معاهم البارح» وأشياء أخرى. * صرّحت لي سابقا أن أغلب فنانينا يتاجرُون بوطنيتهم هل مازلت متشبثا بنفس الرأي؟ - أقولها بالصوت العالي أن أغلب فنانينا يتجاون بوطنيتهم فما معنى أن ينجز أحدهم أغنية وطنية في ظرف 5 دقائق ويطالب ببثها وكأن التغني بتونس هو آلية لبثها مباشرة ونحن في موازييك لا نجامل في هذا الجانب لأن كل فنان يريد أن يخدم نفسه. * عدم خوضك لتجربة تلفزية على غرار بعض زملائك هل هو مجرد موقف ظرفي؟ - الإذاعة هي التي تطور امكانيات الكتابة والخلق وأنا سعيد بعملي الإذاعي الذي أمارسه بمتعة كبيرة ثم أنه لم يصلني أي عرض من القنوات التلفزية. * هل شجعك نجاح سلسلة «تونس 2050» التي بثت على قناة حنبعل على كتابة بعض الأعمال الجديدة؟ - «تونس 2050» نجحت جماهيريا لكنها في حاجة أكيدة إلى تطوير السنياريو وهو ما ذكرّني بنجاح موزاييك في سنتها الأولى رغم أخطائها وقد شرعت منذ فترة في كتابة جزئها الثاني... ولا بد أن أؤكد هنا أني أخصّص حيزا زمنيا يوميا لتكوين نفسي في مجال كتابة السيناريو وأطمح إلى كتابة الأعمال الدرامية بعد فترة. * فنان مازلت تطمح إلى استضافته؟ - طموحي الوحيد هو بلوغ درجة من الحرفية في حواراتي أكثر من اهتمامي بالأسماء لأنه في ساحة فنية ميتة يمكن أن أستضيف رسّاما أو كاتبا وتكون الحلقة جماهيريا ناجحة أكثر من حلقة فنان. * أصعب حوار إذاعي؟ - الحوار الأصعب عادة يكون مع من هو في نفس المهنة وهنا أتذكر طوني خليفة وكذلك فاضل الجعايبي الذي يتطلب الحوار معه حضورا ذهنيا وعلى حسب علمي لم تستضفه أية مؤسسة إعلامية في المباشر لأنه يمكن أن يقول أية كلمة على لسانه. * شخصية أزعجتك على المباشر؟ - الشخصية المزعجة قد تشد المستمعين وأتذكر هنا لما قاطع ملحم بركات البرنامج وخرج من الأستوديو غاضبا في منتصف التوقيت. * فنان استمتعت في الحوار معه؟ - هند صبري، لطفي العبدلي، أنيسة داوود وأستمتع مع كل فنان شاب له نظرة مختلفة. * فنان يضحكك؟ - الفنان الوحيد الذي يضحكني هو وسام الحرسي «ميقالو» موازييك. * فنان تحترمه؟ - الفاضل الجعايبي. * كيف تفاعلت مع نكسة المنتخب؟ - ما أقلقني هو الاختصاص التونسي في تحميل المسؤولية لشخص واحد. ومثلما لم نترشح إلى المونديال ليس لنا أغنية في مستوى عالمي وعجزنا على إنتاج أفلام عالمية على غرار «الحليب المقطوع»... مشكلتنا في العشوائية وعدم قيام المسؤول بواجبه. حوار: محمد صالح الربعاوي للتعليق على هذا الموضوع: