4 ملايين دولار سلمت كتعويضات لضحايا غربيين تونس-الصباح سبع سنوات ونصف مرت على كارثة سقوط طائرة "الشورتس" التابعة لشركة سرت للنفط -احدى الشركات التابعة للمؤسسة الوطنية للنفط الليبي - في اعماق البحر الابيض المتوسط قبالة سواحل مدينة مرسى البريقة الليبية بتاريخ 13 جانفي 2000.. الكل يتذكر ذلك الحادث الذي ذهب ضحيته 23 شخصا من جنسيات مختلفة بينهم المضيفة التونسية دليلة سعد عزيز عنون والتي كانت المضيفة الوحيدة العاملة ضمن طاقم الطائرة. الطائرة الخاصة كانت في رحلة لنقل موظفي الشركة من مدينة طرابلس إلى مكان عملهم بالمركب البتروكيميائي بمدينة مرسى البريقة التي تقع 800 كم شرق مدينة طرابلس، عندما توقف محركاها على التوالي وهو ما أدى إلى سقوطها وارتطامها بسطح البحر على بعد 4 أميال من مطار الوصول وأدت الكارثة إلى إصابة 17 شخصا وقتل 23 من ضمنهم المرحومة التي كانت عضو الطاقم الوحيد الذي قتل. ومنذ ذلك الوقت وبعد الخروج تدريجيا من هول الفاجعة، تحركت جميع الاطراف لتحديد المسؤوليات وتعويض عائلات الضحايا. ولاقى هؤلاء صعوبات جمة في الحصول على حقهم . وبعد مدة حصل جميع المتضررين وعائلات الضحايا على التعويضات المستحقة باستثناء عائلة التونسية دليلة . فقد نشرت الصحف البريطانية "الدايلي تلغراف" بتاريخ 31 ماي 2001 و"الدايلي بوست" بنفس التاريخ خبرا مفاده ان عائلات الضحايا الانقليز الخمس والذين هلكوا في الحادث حصلت على مبلغ 2.5 مليون جنيه (4مليون دولار تقريبا)كتعويض كما حصلت عائلات بقية الضحايا على التعويضات اللازمة وكذلك بعض المتضررين الذين اصيبوا ولم يقضوا في الحادث.. وانتظر اهل دليلة يوم الثامن عشر من شهر جوان ليصدر حكم قضائي من محكمة جنوبطرابلس المدنية الذي قضى بجبر الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بوالد المرحومة. وظلت القضية الخاصة بتعويض ابنتيها دون حراك لحدّ الساعة مع بطء وتعطيل في الإجراءات. إن الحكم الذي صدر لصالح والد المرحومة جاء بعد قرابة ثماني سنوات من وقوع الكارثة تخللها العديد من الإجراءات الفنية والإدارية أسفرت في أواخر سنة 2001 عن إبرام تسويات ودية عن جميع الأضرار التي لحقت بكل المصابين وأسر المتوفين الذين لاقوا حتفهم خلال رحلة الموت باستثناء عائلة المرحومة وذلك بسبب قصور في وثيقة التأمين التي تغطي الطائرة المنكوبة إذ أنها كانت تشمل الكل باستثناء الطاقم وهو من الأمور التي كانت تجهلها شركة سرت وغفلت عنها. إن المساعي التي بذلت في كل من بريطانيا وسويسرا ولا تزال تبذل في كل من تونس وليبيا من قبل العديد من الجهات والمؤسسات والأطراف لم توفق إلى حد الآن في تسوية الموضوع وديا على غرار ما تم مع باقي عائلات الضحايا، رغم أن شركة سرت سبق لها ان عرضت تسوية الموضوع وديا في مناسبتين الأولى كانت بسويسرا سنة 2001 والثانية بليبيا سنة 2005 إلا أن الشركة تراجعت عن إتمام التسوية، وعليه كان من الضروري السعي في المسلك القضائي وهو مسلك بطيء ومعقد ويتطلب الكثير من الجهد والصبر بالإضافة إلى ما رتبه من مصاريف كثيرة نظرا لخصوصية ودقة الموضوع. إن الحكم الذي صدر من المحاكم الليبية والذي قضى بإلزام شركة سرت للنفط بتعويض والد المرحومة عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به، أثبت مجددا قدرة وحرص القضاء الليبي في التعاطي مع القضايا الماثلة أمامه خاصة إذا ما تعلق الأمر بحقوق المتضررين على غرار ما شهدته قضية الأطفال الليبيين الذين تم حقنهم بفيروس السيدا حيث قضت محكمة الاستئناف الليبية في الشق الجنائي من القضية بإعدام المتهمين وفي الشق المدني من القضية بتعويض عائلات الأطفال المصابين عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بهم وقد تراوحت مبالغ التعويض من ثلاثمائة وخمسين ألف دينار ليبي إلى تسعمائة وتسعون ألف دينار، ومن المعلوم أنه بعد المساعي التي بذلتها العديد من الجهات تم الاتفاق على دفع مبلغ موحد وهو مليون وثلاثمائة دينار ليبي لكل عائلة من عائلات الضحايا. ورغم الحكم بتعويض والدي الضحية دون سواهما من بقية افراد عائلتها فان التنفيذ الفعلي للحكم الصادر لم يتم لحد الان وكان من الممكن ان يكون قد صدر منذ سنوات وهو ما اعتبرته عائلة المرحومة دليلة تعد على حقوقها الإنسانية والطبيعية بالإضافة إلى أنه تعد على مبدأ المساواة وهو مبدأ سامي تحميه الأعراف والقوانين الوضعية والطبيعية الإنسانية وكذلك الاتفاقيات الدولية. ولحد الان يعتبر هذا الحكم إنصافا ولو جزئيا لأحد أفراد عائلة المرحومة التي شهد لها الجميع بالدور البطولي والتصرف الشجاع الذي قامت به خلال مسلسل الأحداث الذي سبق وقوع الكارثة والذي اعتراه العديد من أخطاء طاقم قيادة الطائرة وهو ما أدى إلى وقوع الكارثة التي نتج عنها مقتل المرحومة التي خلفت وراءها بنتين وهما أكثر المتضررين ومازالتا تعانيان من مصابهما الجلل إلى جانب أنه لم يتم تعويضهما عن الأضرار التي أصابتهما كباقي أطفال أسر الضحايا المنتمين إلى ثمان جنسيات مختلفة وهما في انتظار إحقاق الحق في مطالبهما العادلة والتي تمت تأديتها للجميع باستثنائهما، والأمر برمته موضوع بين أيدي الإدارة العليا الليبية لكل من شركة سرت للنفط والمؤسسة الوطنية للنفط الليبي التي تديرها لجنة إدارة أمينها الدكتور شكري محمد غانم أمين اللجنة الشعبية العامة السابق. وقد ذكر والد المرحومة دليلة ل"الصباح" ان "الدكتور شكري غانم وعند اطلاعه على موضوع عائلة المرحومة عبر عن تعاطفه معها وهو ما يؤكد حسه الإنساني". واضاف ان "هذا الأمر الذي يجعلنا متأكدين وواثقين من أن انفراجا قريبا سوف يطرأ على هذا الموضوع خاصة في ظل تكاتف جهود العديد من الجهات التونسية والليبية التي تهدف إلى وضع حد لمعاناة هذه العائلة وإنصاف كل أفرادها وعلى الأخص بنتي المرحومة اليتيمتين وذلك وفق نفس الأساس الذي تم مع باقي عائلات الضحايا ليتم بذلك إغلاق ملف هذا الموضوع الإنساني بشكل عادل ومشرف ". علما أن دليلة تركت ابنتين الأولى تبلغ اليوم 18 سنة والثانية 13 عاما وزوجا ظلّ وفيّا لروح زوجته وكرّس وقته لرعايتهما وتربيتهما.