للحديث عن مساهمة شركات النقل الجماعي في حصول الحوادث التي تنجم عنها أضرار مادية إرتأينا محاورة مسؤولي أعرق شركات النقل بالبلاد.. شركة تؤمن سنويا سفرات بطول 56 مليون كلم وحوالي 11 ألف سفرة يوميا وذلك في ظروف التنقل المعروفة بتونس الكبرى . وكان هذا اللقاء مع رئيس دائرة الجودة والسلامة والصلة مع الجماعات المحلية عبد الحميد المهذبي. * سي عبد الحميد، هل تعتقد أن نسبة حصول الحوادث التي تنجم عنها أضرار مادية فقط معقولة مقارنة مع حجم الاسطول وعدد السواق والسفرات؟ - النقل العمومي الجماعي للركاب يساهم بنسبة تتراوح ما بين 3.5% و4.5% في حصول الحوادث المرورية وهي نسبة ترتفع قليلا في تونس الكبرى عن بقية الجهات بحكم بعض الظروف والاسباب.. وبالنسبة لشركة نقل تونس فإن نسبة هذه الحوادث مقارنة بالاسطول وعدد الخطوط والسفرات تعد ضئيلة جدا. * هي في حدودكم؟ - تزيد عن عشرة حوادث يوميا.. والملاحظ أن هذه النوعية من الحوادث في تزايد مستمر للاسف الشديد رغم التراجع الواضح في عدد الحوادث الكبرى الأليمة. * وما هي العوامل المتسببة في ذلك حسب رأيك؟ - أعتقد أن تجديد معظم أسطول السيارات والحافلات وراء ذلك.. بما ينجم عنه من سرعة وازدحام في بعض النقاط المرورية.. فضلا عن ضيق الطرقات وتزايد عدد السيارات الخاصة بنسبة 8% سنويا حيث نجد اليوم ان عددها يقترب من 238 الف عربة بتونس الكبرى فقط وهو الذي لم يكن يتعدى منذ عشر سنوات 160 ألفا وهو ما يعني تضاعف عدد الاسطول خلال عشرية واحدة.. وفي المقابل فإن الطلب على النقل العمومي ما فتئ يتزايد وهو ما يؤدي الى مثل هذه النتائج بالرغم مما أنجز على مستوى البنية التحتية من محولات وطرق حزامية تسهل علينا استعمال الطريق ولكن ذلك لا يمنع من القول بأن الازدحام المروري يشتد يوما بعد يوم وهو ما يولد الاحتكاك والحوادث سواء بين الحافلات والسيارات الخاصة أو بين السيارات فيما بينها. * هناك بعض الاسباب الموضوعية التي تؤدي الى حصول تلك الحوادث ولكن أغلب الشهادات التي نقلناها في التحقيق تؤكد على دور السواق وتهورهم في ارتكاب الحوادث؟ - طبعا نحن لا ننفي إمكانية تسبب بعض السلوكيات في بعض الحوادث وهو أمر نسجله بالحافلات مثل باقي مستعملي الطريق لأن من يتولى قيادة الحافلة هو بشر في نهاية الامر. * هل هناك توجه داخل الشركة للتحكم في هذا الصنف من الحوداث؟ - هناك منظومة كاملة للحد من الحوادث ونحن لا نقبل بحصولها لأن الحادث يظل دوما حادثا.. ولكن ما يثلج الصدر في الحقيقة أن عدد الحوادث يتراجع باستمرار مقارنة بتطور الاسطول وعدد السفرات والخطوط.. كما نجد أن عدد الحوادث يتطور بنسق أقل مقارنة بعدد الحافلات والسفرات والخطوط. * تعددت التذمرات من بطء إجراءات المعاينة الصلحية للحادث مع شركة نقل تونس فما هي الأسباب؟ - الاجراء الذي تعودت عليه الشركة هو أن السائق وعندما يحصل له حادث مروري يتبادل مع الطرف الثاني المعطيات الشخصية والعدد الرتبي وعدد الخط ورقم الحافلة ويوجه المتضرر الى مصلحة النزاعات لإمضاء محضر المعاينة.. ثم يقوم مدير المصلحة المعنية بختم المحضر اعتبارا لوجود تقرير يفيد بحصول الحادث. * ولكن القانون ينص على أن السائق هو من يمضي على محضر المعاينة الأولية وليس إدارة الشركة - الكل يعلم أن الحافلة يتداول عليها عدد هام من السواق ولا يمكن الحفاظ على وثائق الحافلة بالشكل المطلوب.. ولذلك نضطر الى الابقاء عليها بمقر الشركة وعندما يحصل حادث ما على السائق الا رفع تقرير في ذلك وإدارة الشركة تتولى الباقي. * وهل هناك ما يحث السائق على الاسراع بالتصريح عن الحادث؟ - لدينا مذكرة داخلية تلزم الجميع بالتصريح عن الحادث في غضون 24 ساعة وخلال تلك المدة لابد من التعرف على الحادث على مستوى مصلحة النزاعات. * ولماذا تطول الاجراءات في بعض الاحيان إذن؟ -يحدث ذلك عندما لا يقوم السائق بتحرير التقرير أو أيضا عندما يحاول بعض المتضررين اصلاح أضرار سابقة على حسابنا واغتنام فرصة أن الطرف المقابل هو شركة عمومية ولذلك وجب الحصول على أقصى قدر ممكن من التعويضات.. وفي هذه الحالة نعيد التدقيق في تقرير العون والاضرار التي لحقت الطرف المقابل وكذلك الحافلة وفي هذا هدر للوقت.. وللاسف هناك من يعتقد أن الشركة لابد وأن تتعاطف مع المتضرر باعتبارها تعود للدولة . * إذن السائق يمكنه عدم رفع تقرير في الامر وبالتالي تعطيل مصالح بقية المتضررين؟ - السائق هو من يمضي وهو من يرفع التقرير لكننا لا نترك الامور تجري كيفما اتفق. * نحن نعلم أن أغلب السواق متعاقدون ومن شأن تكرر هذه الحوادث أن يحول دون تسوية وضعياتهم كما أن الاقرار بالمسؤولية عن حادث يمكنه أن يؤدي الى حجب منحة السياقة عن السواق القارين على بساطتها؟ - الاشكال هو أنه عندما يقوم السائق بالتبليغ عن الحادث فإن مسؤوليته تصبح بسيطة وعندما لا يصرّح بذلك فإنها تتضاعف وهناك عدد هام من السواق تمت إحالتهم على مجلس التأديب لهذا السبب. * ما الذي قامت به الشركة في مجال تكوين ورسكلة وتوعية السواق للحد من هذه الحوادث؟ - هذا الامر يبدأ منذ عملية اختيار السائق التي ترتكز على عدة اختبارات نفسية وتقنية لأنه بالاضافة لكونه سائق فهو بمثابة عون استقبال وممثل للشركة التي يعمل بها..ثم بعد ذلك يأتي التكوين الاضافي بحكم المسؤولية التي ستلقى على عاتقه بالاضافة لتكوين افتراضي شبيه بوضعية السياقة الحقيقية ويتم خلاله العمل على تطوير مهاراته ثم يعمل لمدة معينة كسائق من ذوي الخبرة إضافة للقيام بدورات تكوينية في الاسعافات الاولية ومجابهة الحرائق وبعد ذلك تأتي التوعية والرسكلة وهنالك برنامج متكامل للرسكلة بشكل متواصل في ما يتعلق بالسلامة على مدار العام مع الاستئناس بالتجارب الاجنبية في هذا المضمار... وهناك مسألة أخرى لا تقل أهمية عما سبق ذكره وهي المتابعة الميدانية حيث نجد مراقبين لرصد التجاوزات على عين المكان وهناك منظومة تأديبية وزجرية متصلة به لاستكمال الجوانب الخاصة بالتحسيس والتوعية. * وفي الختام - أدعو مستعملي الطريق بكل لطف الى تفهم ظروف عمل سائقي حافلات النقل العمومي لأنهم يقودون الحافلة في ظروف التنقل العادي بنفس الأماكن الضيقة ونفس التجهيزات ونفس الازدحام على مدار الساعة حتى لا تحمل بعض الحوادث التي نأسف لحصولها جميعا بدءا من السائق وصولا الى بقية العاملين بالشركة.