ولإثراء الملف أجرينا تحقيقا ميدانيا شمل عدة مواطنين تعرضوا الى حوادث مع حافلات نقل عمومي ونجم عنها عدة أضرار مادية وبما أن التحقيق تم إجراؤه بتونس الكبرى كان من البديهي أن ينتمي معظم السواق الذين وقعت الاشارة إليهم من قبل المتضررين لشركة نقل تونس. تقرير مغلوط السيدة مني تقطن بالضاحية الشمالية للعاصمة تعرض ابنها الى حادث مرور بالطريق الرئيسية رقم ( GP9) نجم عنه تهشم المرآة العاكسة الموجودة على يسار السائق خلال التحام بحافلة نقل عمومي للركاب وذلك إثر مجاوزة لصيقة للحافلة في وضعية مرورية عادية وذكرت محدثتنا أن الحافلة اقتربت كثيرا من سيارة ابنها وهو ما أدّى الى حصول الحادث.. ومايزال صاحب السيارة لحد الآن ينتظر جلب قطعة الغيار المطلوبة من الخارج لأن سيارته حديثة الصنع.. وأضافت محدثتنا أن سائق الحافلة واصل سيره وكأن شيئا لم يحصل وهو ما حدا بابنها الى مطاردته وسد الطريق أمامه.. وبعد أخذ ورد أدلى له السائق بهويته ودوّن له بخط يده المعطيات الخاصة به وبالحافلة المتسببة في الحادث ووعده بتجهيز محضر المعاينة الصلحية من الغد.. وفي اليوم الموالي ذهب أفراد العائلة المتضررة الى مقر الشركة فوجدوا محضرا مخالفا تماما لما حصل حيث ذكر السائق في تقريره ان السيارة المتضررة هي التي قامت بالمجاوزة الممنوعة من اليمين مما أدّى الى حصول الحادث.. ولما طالب المتضرر سائق الحافلة بتصحيح الامر وتغيير موقفه خاطبه بطريقة غير مهذبة على حد قول محدثتنا ومضى في حال سبيله. «ما عندك ما تعمل في الدنيا» حاتم كان يركن سيارته على يمين الطريق امام مونوبري المروج في مكان يسمح فيه بالوقوف.. ولكن حافلة كانت تمر بسرعة فائقة في ذلك الحين هشمت له بدوره المرآة العاكسة من جهة اليسار ولم يكلف سائقها نفسه عناء التوقف لمعاينة الأضرار وهو ما اضطر حاتم الى اللحاق به في المحطة الموالية ليسأله ما اذا كان لم يشعر- فعلا- بشيء مما حصل ولكن السائق فاجأه بالقول «برّا ثبّت روحك» الامر الذي حدا بأحد الركاب الى التدخل بين الطرفين مؤكدا للسائق بأنه دهم السيارة عندئذ طلب السائق من حاتم بأن يسبقه للمحطة النهائية ريثما يلحق به وفي آخر محطة له بالمروج ترجل السائق من الحافلة ودخل الى مقهى قريب من المكان ولما ألحّ عليه المتضرر بضرورة الاسراع في إنهاء المعاينة الصلحية للحادث صاح في وجهه «في عقلك يا خي ما عندك ما تعمل في الدنيا» وبعد اشتباكات لفظية وصياح ونرفزة غادر المتضرر المكان متحسرا دون أن ينجز ما جاء من أجله.. ومن الغد ذهب الى مقر الشركة آملا أن يلقى السائق وقد رفع تقريرا في الامر ولكن قيل له أن ذلك لم يحصل وأنه لابد له من الانتظار حتى يرفع القائم بالحادث تقريره في هذا الشأن وهو ما لم يحصل في خاتمة المطاف واضطر المتضرر الى تسليم أمره لله. « غفّصني وهرب» مواطن آخر فاجأته حافلة باحدى المنعرجات عندما كان بصدد الدوران الى اليمين.. حافلة كانت تسعى بدورها الى تجاوزه على مستوى الطريق الدائري للمنعرج ونظرا لضيق الطريق المذكورة فقد وقع اصطدام عنيف بينهما ألحق أضرارا فادحة بالسيارة بحكم تباين موازين القوى وهشّم أجزاء هامة منها.. ولكن الغريب في الامر أنه بالرغم من فداحة الاضرار فقد واصل السائق سيره وكأن شيئا لم يحصل وهو ما دفع بالمتضرر الى اللحاق به في المحطة الرئيسية. «كمن يقطع بالمنشار الآلي» مراد سائق تاكسي كان واقفا بشارع محمد الخامس على الطريق الجانبية ينتظر دوره لتغيير الاتجاه نحو شارع خير الدين باشا ولما همّ بالدوران فاجأته حافلة نقل عمومي كانت تنتظر بدورها الضوء الاخضر على المعبد الرئيسي واصطدمت به على مستوى مقدمة السيارة عند المنعرج ولكن ما ألّمه جدا أن السائق لم يتوقف اطلاقا حال وقوع التصادم رغم أنه كان بإمكانه التقليص من حجم الاضرار الحاصلة بمجرد الدوس على الفرامل ولكنه واصل سيره رغم الالتحام الحاصل بين السيارة والحافلة وشبّه مراد الوضع قائلا «لقد بدا وكأنه يمسك بمنشار آلي ويقوم بقطع جذع شجرة» الامر الذي ألحق ضررا بليغا بمقدمة السيارة، وأضاف محدثنا بأنه تعب كثيرا كي يحصل على إقرار بمسؤولية الشركة مدنيا عما حصل وفي النهاية رضي بتقاسم مسؤولية الحادث مناصفة. حافلة لنقل الموظفين أما أطرف ما سمعناه خلال التحقيق فهو قطعا ما ذكره مواطن كان متواجدا بمقر وزارة النقل لقضاء شؤون خاصة وطال مكوثه بها ولما خرج فوجئ بالحافلة التي تقوم بنقل موظفي الوزارة والتي لم تكن موجودة حينها قد ألحقت أضرارا هامة بسيارته التي كانت بالمربض المقابل للوزارة.. والطريف في الموضوع أنه لم يستطع تحديد هوية السائق والحافلة التي صدمته وبالتالي تحديد المسؤولية المدنية بالسهولة المتوقعة رغم ما قد يتبادر للذهن بكون أن هذه الحافلة تأتي للوزارة وتذهب في وقت معلوم كما أن مكان الحادث ليس طريقا عموميا حتى يمكن أن يحصل بعض الالتباس. فقد كانت الحافلة الوحيدة التي تلج الى هناك.. وكانت إجابة المصالح المعنية بشركة النقل بأنه لا يمكن تحديد هوية السائق والحافلة طالما أن ثلاثة مستودعات تتداول على إرسال حافلات لنقل موظفي الوزارة.