تونس الصباح التحق كل الاساتذة يوم السبت الفارط بالمعاهد الثانوية والمدارس الاعدادية في مباشرة لسنة دراسية جديدة عبر تسجيل حضورهم وتسلم جداول التوقيت والتعرف على الاقسام التي سيتولون تدريسها طيلة هذه السنة الدراسية ... كما مثلت هذه العودة الاولى لهم لقاء مع ادارات المعاهد للاطلاع على بعض الشؤون والقرارات التربوية وسبل سير الدروس داخل كل معهد أو مؤسسة تربوية اعدادية. لكن اللافت للنظر الذي عرفناه من خلال حديث البعض منهم، والذي مثل تذمرا واعتراضا هو ظاهرة الاكتظاظ داخل الاقسام من ناحية ، واسترسال الدروس في البعض من هذه المؤسسات التربوية من الساعة الثامنة صباحا الى غاية الساعة السادسة مساء. فبماذا تفسر ظاهرة الاكتظاظ بعد سنوات من التخطيط لتجاوزها ووضع حد لها ... وكيف يمكن لمؤسسة تربوية ان تتواصل بها في كل يوم من الثامنة صباحا الى السادسة مساء دون انقطاع؟ وما سر هذا الاكتظاظ في الاقسام الذي عاد ليظهر في بعض المؤسسات؟ الوجه العام لمستوى عدد التلاميذ في القسم تم منذ اكثر من 5 سنوات رسم خطة تهدف الى بلوغ معدل 17 تلميذا في القسم وذلك لكافة المستويات التعليمية في الاساسي والاعدادي والثانوي ... وعملت وزارة التربية والتكوين على تطبيق هذا الاجراء والسعي الى بلوغ هذا الهدف المنشود عبر جملة من الاساليب لعل اهمها السعي الى الانتدابات المتواصلة لرجال التعليم للاستجابة لعدد الفصول، وكذلك تطوير البنية الاساسية للمؤسسات التوبوية بما يتماشى وعدد الفصول والتلاميذ داخلها من خلال تقسيمهم الى وحدات تقترب شيئا فشيئا من العدد المرسوم المتمثل في 17 تلميذا في كل قسم . ويمكن القول ان مجهود الوزارة قد اثمر نتائج هامة في هذا المجال، حيث بدأ عدد التلاميذ في القسم الواحد يتدحرج من سنة الى اخرى نحو الاسفل مما جعله خلال السنتين الماضيتين يستقر في مستوى يتراوح بين 30 و28 و22 تلميذا وذلك في تفاوت كلما اقتربنا من المستويات العليا في الثانوي على وجه الخصوص ، ومن خلال الاختصاصات ايضا. كل هذا حصل في عدد قليل من السنوات الذي تواصل فيه الضغط على اعداد التلاميذ داحل القسم الواحد وذلك من خلال توصيات ومناشير توجه الى مديري المعاهد والمدارس للضغط على الظاهرة ومعالجتها طبقا لقرارات وتوصيات في أعلى مستوى ، ومن خلال متابعات سنوية للمسألة. فما سر هذا الانقلاب والعودة الى الاكتظاظ داخل الاقسام الذي يتحدث عنه الاساتذة ويتذمرون منه، بل وتراهم حائرين في امرهم امام اسماه البعض منهم بمعظلة؟ التوازنات التربوية والامتحانات الوطنية واجهنا حديث البعض من رجال التعليم بالرقم الذي اعلن عنه السيد وزير التربية والتكوين في ندوته الصحفية الاخيرة بمناسبة العودة المدرسية، والتي قال فيها ان معدل عدد التلاميذ في القسم الواحد بلغ هذه السنة 17.8 تلميذا، وهو رقم يعتبر قياسيا في مجال الضغط على ظاهرة الاكتظاظ داخل الاقسام ، ويتماشى والاساليب البيداغوجية الحديثة والمعتمدة ضمن خطة اصلاح التعليم.. لكن هؤلاء الاساتذة لم ينفوا ما جاء في تصريحات الوزير واكدوا لنا ان ما اشار اليه الوزير هو معدل عام، لكنه لا ينعكس على كل المستويات التربوية .. واشاروا الى ان عدد التلاميذ في القسم الواحد قد تقلص في جملة من المستويات، وخاصة منها الاساسي اي الابتدائي والثانوي ايضا. لكن ماذا تقول ادارات التعليم عن مظاهر هذا الاكتظاظ في مستوى السنة السابعة والرابعة اساسي وفي الاقسام النهائية للمرحلة الإعدادية، حيث سجلت الاقسام خلال هذه السنة وفي عديد المؤسسات دون استثناء ارقام ال 40 تلميذا في الفصل والواحد. وبخصوص هذه الظاهرة واسبابها افاد هؤلاء الاساتذة ان ظاهرة الرسوب في الامتحانات الوطنية وعمليات الاسعاف جعل عدد التلاميذ يتراكم في مثل هذه المستويات. واكدوا على ان الامر كان مفاجئا للادارة على اساس ان التقديرات التي وضعت كانت نتائجها على ما يبدو عكسية . القاعات لا تتسع لعدد تلاميذ القسم الواحد وافاد الاساتذة انه علاوة على الصعوبات البيداغوجية في ابلاغ الدرس ل 40 تلميذا، فان قاعات الدرس لايمكنها من حيث سعتها ان تستوعب هذا العدد من التلاميذ و الطاولات والكراسي الخاصة بهم . ثم اردف احدهم في حيرة قوله: وكيف تجرى لهم الامتحانات والتمارين في وضع يكاد فيه اجسامهم تلتصق بالكامل. حول استرسال الدروس من الثامنة صباحا الى السادسة مساء وافادت نفس المصادر ان الضغط المسلط على العديد من المؤسسات التربوية يبدو قويا جدا حسب ما جاء في جداول العمل التي تسلموها أول امس، حيث ستتولى بعض المؤسسات الدخول في العمل منذ الساعة الثامنة صباحا والى غاية الساعة السادسة دون انقطاع حتى في ساعتي الزوال المعتادة وذلك بالنسبة لكل الفصول، ونبه الاساتذة الى ضرورة تهوئة الاقسام ضمانا لسلامة التلاميذ والمربين داعين ادارات المعاهد الى البحث عن سبل التخفيف من هذا الضغط المنتظر.