قباضات المالية أصبحت منذ مدة بمثابة الخلايا الحثيثة النشاط خاصة بعد أن تولت وزارة المالية تجسيم مختلف الاصلاحات التشريعية منها والاجرائية والخدماتية. والواقع أن من أهم أسباب هذا النشاط الحثيث العفو الجبائي الذي شهدت في إطاره قباضات المالية حركية نشيطة مازالت متواصلة إلى الآن باعتبار جدولة الديون، وقد تجندت قباضات المالية تجاوبا مع الاقبال المنقطع النظير للمطالبين بالاداء حيث تمت تسوية عشرات الآلاف من الفصول والعديد من الوضعيات الشائكة والكثير من الديون القديمة التي تجاوز البعض منها العشرات من السنين. العفو الجبائي وارساء ثقافة جبائية راسخة والحقيقة أن العفوز الجبائي الذي أذن به سيادة الرئيس إلى جانب الكثير من الاجراءات الأخرى قد أسس لارساء علاقة جديدة بين المواطن والادارة وأكد أن هذه المصالحة ليست ظرفية بل وضعت حجر الأساس لثقافة جبائية راسخة دائمة لدى الادارة والمطالب بالاداء وهو ما تؤكده النتائج المسجلة لهذا العفو الذي لم يخيب الآمال وكان في مستوى تطلعات المواطنين وفي مستوى الأهداف التي رسمها سيادة الرئيس زين العابدين بن علي حيث مكن المتخلفين من فرصة للتخلص من وضعيات عالقة كانت تمثل كابوسا للعديد منهم وعطلت أنشطتهم كما مكن من استنهاض الحس الوطني لدى المطالبين بالأداء للقيام بالواجب الجبائي. وواضح للعيان أن هدف العفو الجبائي لم يكن ماديا بل كان اجراء يذكي روح المواطنة لدى الجميع بما أنه كان عفوا شاملا غطى جميع الشرائح ابتداء من الاداء البلدي للمنزل البسيط الى الشركات ذات الأرقام الكبرى. مؤشرات ما بعد العفو بعد تثمين النتائج الطيبة للعفو الجبائي كان لا بد من التساؤل حول ما بعد العفو، هذا ما حاولنا رصده لدى مصالح وزارة المالية وقد أثار العديد من المسؤولين أنه بالرغم من اختتام اجراءات الانخراط في العفو الجبائي فان المؤشرات تبدو طيبة حيث سجل خلال الفترة الأولى من السنة الحالية تحسنا في مستوى اقبال المطالبين بالأداء في عدد عمليات الاستخلاص وعلى مستوى المردود الجبائي مما يؤشر الى فهم التونسي لمغزى العفو ومراميه. ولا شك أن وراء كل هذا النجاح المجهود الكبير الذي تبذله الادارة لضمان ديمومة المصالحة بين المواطن والجباية خاصة من خلال ما تم القيام به من تحسين للفضاءات بالقباضات لتيسير ظروف عمل الموظفين وحسن استقبال المواطنين بكل تلقائية مثلما يرمز الى ذلك حذف الحواجز البلورية التي كانت تمثل نوعا من العائق المادي والنفسي وذلك الى جانب ما حرصت الوزارة على توفيره من وسائل العمل العصرية. وان المواطن الذي يؤم اليوم قباضات المالية لقضاء حاجة له ليشعر بارتياح كبير لهذا التغيير الواضح للعيان والذي أصبحت بمقتضاه العلاقة بينه وبين العون الذي يجده أمامه علاقة واضحة وشفافة ليست محجوبة بعائق بلوري أو خشبي أو حديدي يجعل التخاطب من ورائها مدعاة للتوترات والاحتماء خلف الحواجز، فشكرا على هذا الاجراء الهام الذي شمل الى حد الآن عديد القباضات التي تجاوز عددها 150، فليتواصل هذا التمشي إذ بذلك تتوطد وتتعزز العلاقة ويتحقق هدف المصالحة الذي هو مدخل أساسي ومفهوم هام لبناء الثقة بين الادارة والمطالب بالأداء.