بقلم: حسين علي الحمداني إجراءات عديدة أقدمت عليها دول المنطقة خاصة النفطية منها بغية تجاوز ثورات الشعوب، وفي مقدمة هذه الدول العربية السعودية التي بدأت على ما يبدو متخوفة بشكل كبير من توسنامي الشعوب، ولكن قراءة السعودية للوضع الجيو السياسي في المنطقة لم تكن ذات رؤية صحيحة وابتعدت كثيرا عن حاجات الشباب السعودي وهذا ما تمثل بمجموعة من القرارات الاقتصادية التي ربما يتصور البعض إنها كفيلة بحماية النظام القائم، وهذا خطأ كبير جدا لأن المجتمع السعودي يحتاج للحريات والإصلاحات السياسية التي نادى بها العاهل السعودي في بداية حكمه في عام 2005 وبقيت هذه الدعوات مجرد وعود شأنها شأن الكثير من الوعود التي أطلقتها العائلات المالكة في منطقة الخليج العربي. وعندما نقول بأن السعودية لم تقرأ المشهد التونسي والمصري والليبي والبحريني واليمني إلا من زاوية اقتصادية بحتة دون أن تنظر لما هو أبعد من هذا من خلال ارتفاع سقف المطالب في هذه البلدان نتيجة الثورات التي قامت على مطالب اقتصادية في بدايتها لتتكون فيما بعد رؤى وأهداف سياسية وصلت حد تغيير النظام كما هو في مصر وتونس وما سيحصل في ليبيا واليمن والبحرين. الشيء الآخر والذي لم تنظر له العربية السعودية بشكل جدي يتمثل بأن ليبيا الواقعة بين تونس ومصر اللتان شهدتا تغيير سياسي كبير، كانت تنظر لهذه الأحداث على إنها بعيدة عنها متناسية الواقع الجغرافي من جهة ومن جهة ثانية تأثير هذه الأحداث عليها خاصة وإن جاريها الغربي والشرقي مؤثران بطريقة أو بأخرى في صناعة الأحداث في ليبيا بدرجة كبيرة جدا، والحالة هنا تنطبق على العربية السعودية من خلال قراءة أولية لأحداث البحرين واليمن وكلا البلدين له حدود مشتركة مع السعودية مع وجود ذات العوامل الاجتماعية والاقتصادية وذات المطالب التي وصلت في البحرين إلى حد تنحي الملك وإقامة ملكية دستورية وهذا المطلب يمثل حالة طبيعية لا يمكن أن يتم رفضها من قبل الدوائر الغربية وخاصة أمريكا التي تجد بأن التغييرات التي تحصل في الشرق الأوسط لا تؤثر على مصالحها بقدر تنتج حكومات منتخبة من قبل الشعب، وبالتأكيد فإن رؤية أمريكا لمصالحها في القرن الحالي تختلف بالتأكيد عن رؤيتها لهذه المصالح قبل عام 1990، لأنها الآن قادرة على أن تتكيف مع المتغيرات وتنأى بنفسها عن التصادم مع الحركات الثورية بما يجعلها تحتفظ بعلاقاتها مع أية حكومة قادمة دون أن تفقد شيئا من مصالحها في المنطقة. والكثير من الدراسات والمقالات التي ظهرت في الأسابيع الأخيرة في الصحف الغربية تؤكد إن هناك أرضية لظهور معارضة قوية ضد المملكة العربية السعودية خاصة ان هناك تيارات من المعارضة ومشاعر من عدم الرضى لدى السعوديين من حكامهم والتي تغلي في الداخل ومنذ عقود. ويرى باحثون ان هناك الآن نظامين للتغيير في العالم العربي على الطريقة التونسية والمصرية والليبية الإطاحة بالحاكم أو محاولة التحول والتغيير من داخل النظام الحاكم أي المطالبة بملكية دستورية على غرار المغرب والأردن والبحرين. وبالتأكيد كما قلنا بأن التحول من الملكية المطلقة إلى الدستورية من شأنه أن يحدث نقلة كبيرة جدا في المنطقة بما يؤمن استثمار وتنمية حقيقية يقود بالتأكيد لمزيدا من الاستقرار ليس في هذه البلدان فقط بل في عموم الشرق الأوسط. خاصة وإن ما يحدث الآن في المنطقة هو نتيجة طبيعية للحكم الاتوقراطي الشمولي الذي تجاهل المبادئ والحقوق السياسية للمواطنين أو باعتبارها نتاجا لأوضاع اقتصادية صعبة يعيشها المواطن، ورغم هذا نجد بأن هذه الأنظمة التي ظلت لسنوات وعقود طويلة تحاول إقناع الغرب بأنها تتصدى للحركات المتطرفة من الوصول للسلطة وهذا ما تجلى بوضوح في أحداث ليبيا الأخيرة والتي حاول الدكتاتور القذافي من إفهام العالم بأن ما يحدث هو محاولة من تنظيم القاعدة للسيطرة على ليبيا وإقامة إمارة إسلامية هنا وهناك، وبالتأكيد فإن الغرب يعي جيدا بأن فزاعة كهذه لا يمكن أن تمر بسهولة على الدوائر الغربية التي باتت تدرك جيدا بأن مصالحها مرتبطة بإرادة الشعوب وما تنتجه هذه الإرادة في نهاية المطاف وهذا ما دفع هيلاري كلنتون للتأكيد بأن الولاياتالمتحدة لا تمانع في وصول الإخوان المسلمين في مصر للحكم إذا ما جاء عبر صناديق الاقتراع، وبالتأكيد فإن هذا يمثل ردا بطريقة أو بأخرى على من يحاول تخويف الغرب من الإسلاميين.