بنغازي - لندن (وكالات) تتسارع تطورات الملف الليبي حيث أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو أمس أنه طلب إصدار أمر اعتقال بحق العقيد معمر القذافي ونجله سيف الإسلام ورئيس جهاز المخابرات عبد الله السنوسي بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. يأتي ذلك بينما اعتبر وزير الخارجية الايطالي فرانكو فراتّيني أن ساعات نظام العقيد الليبي «باتت معدودة»، كاشفا النقاب عن أن إيطاليا وحلفاءها يعملون على حلّ سياسي يمكن القذافي من الاستقالة وإقامة حكومة «مصالحة» يمكن أن يشارك فيها أعضاء من الحكومة الحالية، وفي نفس الوقت الذي تحدثت فيه معلومات مؤكدة عن تسارع وتيرة الانشقاقات عن نظامه، ومن ذلك إعلان مصدر رسمي في تونس أن «عدة شخصيات رسمية ليبية» دخلت أول أمس الأراضي التونسية عبر معبر رأس الجدير الحدودي المشترك بين البلدين واتجهت نحو جزيرة جربة (500 كلم جنوبي العاصمة تونس) التي يوجد فيها مطار دولي، من بينها «أمين شؤون التعاون للاتصال الخارجي، ومدير الجمارك، وممثل ليبيا لدى الجامعة العربية، وأمين تعاونية المهن الإلكترونية، ومنسق العلاقات الخارجية للشؤون الإفريقية والعربية»، بالاضافة إلى وصول 3 ضباط بالجيش الليبي أول أمس إلى ميناء الصيد البحري بجرجيس (540 كلم جنوب العاصمة تونس) على متن مركب قادم من مدينة الزاوية الليبية الساحلية (شمال غرب ليبيا) بعد أن «انشقوا عن كتائب القذافي». وحسبما أوردته وكالة تونس إفريقيا للأنباء، فإن «مثل هذه العملية تكررت في الأيام الأخيرة حيث توافد عبر البحر العديد من المنشقين عن كتائب القذافي» إلى تونس. بيان أوكامبو وفي التفاصيل، حمل أوكامبو خلال مؤتمر صحفي في لاهاي القذافي مسؤولية ما وصفها ب»اعتداءات دموية من قبل قوات الأمن على متظاهرين مسالمين في ليبيا»، بالإضافة إلى قتل مدنيين في هجمات نفذتها قوات القذافي على عناصر المعارضة. وقال أوكامبو إن الشعب الليبي مسؤول عن تنفيذ مذكرات الاعتقال، موضحا أن قضاة المحكمة إما سيقبلون طلبه أو يطلبون المزيد من الأدلة لإثبات التهم. وشدد على أنه يمتلك أدلة على جرائم مروعة ارتكبت في ليبيا، لكنه أكد أنه لن يقدم هذه الأدلة في الوقت الحاضر بل سيقدمها لاحقا. تصريح فراتيني وفي تصريحات أدلى بها في روما أمس، قال وزير الخارجية الايطالي فرانكو فراتّيني من جهته إن ساعات نظام العقيد الليبي معمر القذافي «باتت معدودة». ونقلت وكالة الأنباء الإيطالية (أكي) عن فراتيني قوله إن التهديدات التي يطلقها النظام الليبي «محاولة أخيرة يائسة من قبل النظام تتمثل بالتهديد والتهويل»، وتابع «لنضع الدعاية جانباً ونقول بأن ساعات النظام باتت معدودة». وأضاف «هذا ليس مجرد ما نأمل به، بل رسائل بدأت تصل من الطوق المفروض من قبل النظام»، لافتا إلى أن «بعض من هم داخل هذا الطوق بدأ يقول إن القذّافي يبحث عن مخرج مشرِّف، دون أن يُقتل بالتأكيد ولا أحد يريد هذا». وأعلن أن إيطاليا تعمل مع حلفائها للتوصل إلى حلّ سياسي سيمكن العقيد القذافي من الاستقالة، رافضاً تقديم تفاصيل إضافية، واكتفى بالقول إن هذا الحلّ سيوفر «مخرجاً سياسياً يزيل القذافي وعائلته من المشهد»، ويمكن من إنشاء حكومة «مصالحة وطنية». دليل انهيار ويقول مراقبون إن نظام القذافي بات في حالة وهن شديد تهدده بالانهيار التام والتسليم بمصيره، بعد فقدانه لزمام المبادرة السياسية وسحب الشرعية عنه من قبل دول مهمة في العالم، لفائدة المجلس الوطني الانتقالي وقياداته، إضافة إلى هزائمه العسكرية المتتالية في أكثر من مدينة أمام هجمات الثوار الليبيين واستهداف حلف الأطلسي لمواقع سيطرته وتحكمه، ويدل على ذلك تكراره أول أمس استعداده لوقف اطلاق نار لقاء وقف ضربات الحلف الاطلسي، بمناسبة زيارة المبعوث الخاص للامم المتحدة عبد الاله الخطيب طرابلس. وقد تلقى أمس ضربة جديدة قاصمة تمثلت في مصرع المتحدث العسكري باسمه العميد ميلاد حسين الفقهي أثناء قصف لحلف شمال الأطلسي استهدف مبنى المخابرات بطرابلس كما أفادت تقارير إخبارية، مشيرة إلى أن الفقهي قد يكون مسؤولاً عما جرى من جرائم في مدينة الزاوية. ويشار إلى أن رئيس اركان الجيش البريطاني الجنرال ديفيد ريتشاردز كان قد دعا أول أمس الى تكثيف عمليات القصف الجوي «لزيادة الضغط» على القذافي، في مقابلة نشرتها صحيفة «صنداي تلغراف». وقال الجنرال «الخناق يضيق على القذافي، لكننا نحتاج الى زيادة الضغط عبر تحرك عسكري أكبر»، مطالبا ب»توسيع الاهداف» لدى الحلف الاطلسي. موقف الثوار في هذه الأثناء، أفاد المتحدث العسكري باسم الثوار الليبيين أحمد باني أمس بأن تحرير مدينة سرت يشكل أولوية لديهم، مشيرا إلى أن مصراته باتت محررة بالكامل وتخضع لسيطرة الثوار. وقال باني في حديث هاتفي مع وكالة الأنباء الألمانية إن سرت «موجودة علي أولوياتنا لتحريرها كباقي المدن الليبية المحررة، لأن أبناءها أيضا يريدون الحرية ، ولن نتركهم ، وسنحاول بقدر الإمكان مساعدتهم على التحرير». وأكد أن الانشقاقات لا تزال مستمرة في صفوف التابعين للعقيد القذافي، كان آخرها انشقاق العميد طيار عمار بلقاسم، الملحق العسكري في السفارة الليبية بالإمارات.