قال الأستاذ شوقي الطبيب رئيس الرابطة التونسية للمواطنة أن مسار العدالة الانتقالية في تونس يقتضي توفر وفاق سياسي يكون أجدى في ظل حكومة شرعية، معلنا اعتزام الرابطة اعداد وتوزيع مطوية تتضمن تعريفا مبسطا لأهم بنود مرسوم انتخابات المجلس التأسيسي في مساهمة منها لتحسيس المواطنين بأهمية المشاركة في العملية الانتخابية. وقال الطبيب في لقاء صحفي عقدته الهيئة المديرة للرابطة يوم أمس بنزل الدارالبيضاء بالعاصمة بمناسبة حصولها على الترخيص القانوني للنشاط (بتاريخ 22 افريل 2011) ولعرض برنامج عملها، أن الرابطة ستعمل على فتح فروع لها في أكبر عدد ممكن من الجهات، وبين أن الرابطة التونسية للمواطنة تهدف إلى "المساهمة في العمل المدني ودعم ونشر ثقافة المواطنة وقيم المشاركة والنهوض بمسارالانتقال الديمقراطي في تونس". وأكد شوقي الطبيب أن الرابطة قامت بعدة أنشطة حتى قبل حصولها على ترخيص قانوني شملت مرافقة عدة جمعيات فتية وتأطيرها ومساعدتها على النشاط وتكوين ملفاتها الإدارية للحصول على رخص قانونية على اعتبار أن الرابطة متكونة اساسا من حقوقيين وجامعيين واطارات ادارية، كما قامت الرابطة بتنظيم قوافل اغاثة لللاجئين في الجنوب التونسي، فضلا عن تنظيم دورات تدريبية حول العدالة الانتقالية. العدالة الانتقالية مسار لا بد منه وشدد الطبيب على أن العدالة الانتقالية مسار لا بد منه وكل الدول التي مرت بتحولات اتبعت فترة انتقالية حسب خصوصيات كل بلد وطبيعة تلك التحولات التي عاشتها. وعموما يمكن تلخيص مسار العدالة الانتقالية في خمسة محطات رئيسية وهي كشف الحقيقية، ثم المحاسبة، فالتعويض للضحايا، ثم تأتي مرحلة الاعتذار للضحايا، وأخيرا محطة المصالحة. وأوضح ان "محاسبة كل من تثبت ادانته سواء من المجرمين ممن تلطخت اياديهم بالدماء من قتل او تعذيب ابرياء اوارتكبوا جرائم فساد لا يمكن التسامح معهم"، إلا انه أفاد أن المحاسبة لها عدة اوجه، فبعض الدول التي مرت بمسار العدالة الانتقالية تعاملت بنوع من التسامح (مثل افريقيا الجنوبية، الشيلي والأرجنتين) وبعض الدول تعاملت بأكثر صرامة (مثل المغرب، بولونيا، رومانيا) وذلك حسب ظروف كل بلد. وأضاف أن المهم في الأمر هو أن المحاسبة هي مزيج بين العدالة الانتقالية والبراغماتية السياسية، مشيرا إلى وجود خلط في مفهوم العدالة الانتقالية ومسارها. فالعدالة الانتقالية حسب الطبيب تقتضي وفاقا وقرارا سياسيين، مع وجود سلطة شرعية، وهو أمر غير متوفر في الوقت الحالي في بلادنا بعد إطاحة ثورة الشباب والحرية بالنظام البائد التي تنفرد بكونها ثورة غير مؤطرة تفتقد إلى عنصر الزعامة والقيادية. وهو ما يفسر حسب رايه حالة التشكيك في الحكومة الانتقالية في تونس التي وصفها بالضعيفة.. وفاق سياسي مع حكومة شرعية ودعا رئيس الرابطة التونسية للمواطنة إلى الانتظار ليوم 24 جويلية المقبل حتى تكتسب الحكومة المقبلة والمنبثقة عن انتخابات حرة ونزيهة شرعية أقوى حتى يمكن الحديث عن وفاق سياسي، لكن في الأثناء وجب الإعداد لهذا المسار خاصة في ما يتعلق بكشف الحقائق سواء من المجتمع المدني اومن قبل القضاء. وعبر عن مساندته لفكرة بعث محكمة مختصة تتوفر على جميع شروط المحاكمة العادلة ومدعمة بالإطارات القضائية ومجهزة بكافة الوسائل المادية اللازمة لتتولى مهمة محاكمة رموز الفساد والمورطين في جرائم خلال العهد البائد وذلك تجاوز حالة البطء في محاكمة هؤلاء. وعبر الطبيب ايضا عن مساندته لمبادرات المواطنة ووصفها بالظواهر الصحية مثل ظاهرة تعدد الأحزاب، لكنه أكد على أن المهم ليس في طرح وثيقة والامضاء عليها بل في ان تكون المبادرة مبنية على رؤية استراتيجية متكاملة. وتهدف الرابطة التونسية للمواطنة إلى نشر قيم المواطنة، وتعميق ثقافتها لدى مختلف شرائح الشعب، ونشر ثقافة المساواة في الحقوق والواجبات، تشجيع المشاركة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، تعميق الوعي بحق الاختلاف مع الحرص على الوفاق ومراعاة الحرية والتسامح والاعتدال والتنازل والتفهم والتعايش. وفتحت الرابطة فرعا لها في سبيطلة وستفتح لها فروع جديدة في دوز وسيدي بوزيد والقيروان ثم في بقية جهات الجمهورية. مائدة مستديرة كما نظمت الرابطة في نفس اليوم مائدة مستديرة حول "آليات مراقبة الانتخابات" بالتعاون مع المرصد التونسي للتحولات الديمقراطية حضرها خبراء في مراقبة الانتخابات من بلجيكا، إلى جانب اعضاء من لجنة الخبراء بالهيئة المستقلة للانتخابات. وتولى المؤرخ والباحث بالمعهد العالي لتاريخ الحركة الوطنية خلال الندوة القاء مداخلة حول " المجلس التأسيسي الأول مولد الدولة التونسية الحديثة"، في ما قدم الجامعي بيار فارجانس الخبير البلجيكي في العلوم السياسية مداخلتين الأولى حول آليات مراقبة الانتخابات، والثانية حول آليات المراقبة حسب المرسوم الانتخابي للمجلس التأسيسي التونسي المؤرخ في 18 أفريل 2011 والقانون المقارن.