متابعة: صابر المكشر - نزار الدريدي - تصوير عاطف الحمزاوي جدت صباح أمس اشتباكات عنيفة بين قوات من الجيش والحرس الوطنيين بمنطقة وادي الروحية من عمادة الهرية الواقعة على بعد ثلاثة كيلومترات عن مدينة الروحية انتهت بمقتل إرهابيين اثنين وفرار ثالثهما وإصابة ثلاثة عسكريين استشهد اثنان منهم وهما المقدم الطاهر العياري الذي فارق الحياة قبل الوصول إلى مدينة مكثر والرقيب أول بالجيش وليد الحاجي الذي فارق الحياة قبل الوصول إلى سبيطلة فيما خضع العريف بالجيش صغير المباركي لعملية جراحية بمستشفى سليانة وحالته مستقرة إضافة إلى إصابة مواطن في يده تم نقله إلى مستشفى سليانة حيث احتفظ به تحت المراقبة. وقالت وزارة الداخلية في بلاغ تحصلت "الصباح" على نسخة منه ان وحدات خاصة من الجيش والحرس الوطنيين تمكنت في حدود الساعة السادسة و55 دقيقة من صباح أمس بمنطقة الروحية بولاية سليانة من الكشف عن ثلاثة أشخاص إرهابيين مسلحين وذلك بمساعدة بعض المواطنين من متساكني الجهة.. وقد قتل اثنان منهم بالرصاص بينما تحصن الثالث بالفرار. هذه الحادثة خلفت ردود فعل مختلفة وهلعا في صفوف أهالي الجهة.. فماذا حدث؟ من هم الإرهابيون؟ كيف تسللوا إلى بلادنا؟ ماهي غاياتهم وأهدافهم؟ "الصباح" رصدت الحادثة ووقائعها من مختلف هذه الجوانب من خلال مجموعة من المصادر الأمنية والطبية وشهود العيان:
أحد الإرهابييْن حاول تفجير قنبلة يدوية الساعة تشير إلى حوالي السادسة و55 دقيقة من صباح أمس عندما قدم شخصان يحملان حقيبتين واستفسرا عن سيارات الأجرة المتجهة نحو مدينة مكثر ولكن أثناء الصعود إلى سيارة الأجرة أصرا على الركوب جنبا إلى جنب ووضع الحقيبتين بالقرب منهما ولكن منظم المحطة طلب منهما وضع الحقيبتين بالصندوق الخلفي المخصص للبضائع غير أنهما رفضا ثم طلبا منه نقلهما إلى بنزرت فأعلمهما بضرورة التوجه إلى العاصمة وطلبا منهما الركوب ووضع الحقيبتين في الصندوق الخلفي ولكنهما رفضا وامتنعا عن السفر ورابطا قرب الحائط.. شك منظم المحطة في امرهما فسارع إلى جلب سكين صغير الحجم ثم تسلح ب"بالة" وهددهما إن حاولا الهرب قبل أن يتصل بأعوان الأمن لإشعارهم بالأمر. وكشفت المعطيات التي تحصلنا عليها أن أحد الإرهابيين وما أن لمح قدوم رئيس مركز الشرطة حتى سحب قنبلة يدوية كان يخفيها في جيبه وحاول استعمالها وعندما عجز سحب سلاحا ناريا من نوع كلاشينكوف من الحقيبة وفعل مرافقه نفس الشيء ثم سحبا حقيبة ولاذا بالفرار تاركين الحقيبة الثانية. قام عدد من الأهالي بمطاردتهما لمسافة قبل أن ينسحبوا خوفا من تعرضهم للطلق الناري بينما قام رئيس مركز الشرطة بإشعار السلط الأمنية بسليانة ومصالح الجيش والحرس التي حلت معززة بأكثر من مائة عون ومروحيتين لتعقب الارهابيين اللذين فرا نحو منطقة العريش الريفية الواقعة على مستوى وادي الروحية بعمادة الهرية على بعد نحو ثلاث كيلومترات عن مدينة الروحية حيث وقعت اشتباكات عنيفة. أثناء الاشتباكات العنيفة أحد الإرهابيين أطلق النار باتجاه مروحية عسكرية في محاولة لإسقاطها بعد هروب الإرهابيين نحو المنطقة الريفية المعروفة بالعريش على بعد نحو ثلاثة كيلومترات من مدينة الروحية تحولت تعزيزات كبيرة من قوات الجيش والحرس الوطني على عين المكان وقامت بتطويقه قبل أن تدور اشتباكات عنيفة أدت إلى مقتل الإرهابيين وإصابة ثلاثة عسكريين، وذكر شاهد عيان ل"الصباح" أن أحد الإرهابيين أطلق النار باتجاه مروحية عسكرية كانت تراقب المواجهات في محاولة لإسقاطها غير ان خبرة طاقمها أفشل المخطط.. وقد تدخلت مصالح الصحة العمومية في الحين لنقل المصابين إلى المستشفى الجهوي بسليانة بعد ان تم توفير عدة سيارات إسعاف من الدهماني والقصور والروحية ومكثر وكسرى وسليانة وسبيبة ، وهنا قال الدكتور حسن المناعي المدير الجهوي للصحة أنه تم توفير العنصر المادي (سيارات إسعاف) والعنصر البشري(أطباء وممرضين) بمستشفى سليانة الذي استقبل عسكريا واحدا مصابا برصاصتين إحداهما تحت الكبد وقد تم الاحتفاظ به تحت العناية المركزة في انتظار نقله اليوم على الأرجح إلى المستشفى العسكري بالعاصمة لإجراء كشوفات دقيقة عليه خاصة وأن هذا العسكري لم يكن يحرك يديه او ساقيه لحظة قبوله، وهو ما يرجح ربما إصابته في النخاع الشوكي. وأضاف الدكتور المناعي أن الجريح الثاني مواطن أصيل الجهة أصيب برصاصة في يده اليمنى أثناء توجهه للبحث عن شقيقه، وقد تم الاحتفاظ به بالمستشفى في حالة مستقرة على ان يغادر اليوم بعد أن أظهرت صور الأشعة ان الرصاصة ثقبت يده ولم تتموقع بها. وأضاف ان المقدم الطاهر العياري الذي أصيب أثناء المواجهات توفي أثناء نقله إلى مستشفى سليانة وتحديدا قبل الوصول إلى مكثر لذلك احتفظ بجثمانه مبدئيا بمستشفى مكثر في انتظار باقي الاجراءات. وفي ذات السياق أفادنا الدكتور عبد الغني من مستشفى القصرين أن عسكريا أصيب في المواجهات فارق الحياة قبل الوصول إلى سبيطلة ومن المنتظر أن ينقل جثمانه إلى مصلحة الطب الشرعي بمستشفى القصرين. "الصباح" تحاور كاشف الإرهابيين "سمسار" محطة "اللواجات" الرجل الذي اكتشف حقيقة الإرهابيين.. لم يكن سوى السيد صالح حسني منظم محطة سيارات الأجرة بالروحية "سمسار" فلولا حسه الوطني والشكوك التي انتابته لما تم التفطن للإرهابيين اللذين كانا يخططان على ما يبدو لارتكاب أعمال تخريبية واعتداءات إرهابية ببلادنا.. هذا المواطن تحدث ل"الصباح" عن كل تفاصيل الواقعة... يقول السيد صالح:" كانت الساعة تشير إلى السابعة إلا خمس دقائق من صباح اليوم(أمس) عندما حل شابان بمحطة سيارات الأجرة بالروحية يحمل كل منهما حقيبة، وبلهجة مضطربة وغير مفهومة استفسرا عن السيارة التي ستتوجه إلى مكثر فأشرت عليهما بالصعود إلى سيارة مكثر وطلبت منهما وضع الحقيبتين في الصندوق الخلفي ولكنهما رفضا، فاستربت من الأمر قبل أن أفاجأ بهما يعلمانني بأنهما قررا التوجه إلى بنزرت فطلبت منهما الصعود إلى السيارة المتوجهة نحو العاصمة ومن هناك التوجه إلى بنزرت، وعندما حاولا الصعود للسيارة طلبت منهما مجددا وضع الحقيبتين في الصندوق الخلفي ولكنهما رفضا وتراجعا إلى الخلف ورابطا تحت جدار المحطة". "الحقيقة أنني استربت من الامر حينها"-يتابع محدثنا-" وحاصرتني الشكوك من كل جانب، وبحس وطني أدركت أن شيئا ما يخفيانه داخل الحقيبتين فتسلحت بسكين ثم ب"بالة" وهددتهما من عواقب مغادرة المحطة أو الهروب ثم أشعرت مركز الشرطة بالجهة فحل رئيس المركز في الحين لأفاجأ بأحدهما يريد إدخال يده إلى جيبه لسحب شيء ما فأشعرت مجددا رئيس المركز الذي ما أن اقترب من الشخصين حتى سحب احدهما قنبلة يدوية وحاول تفجيرها داخل المحطة ففر الجميع". وأضاف السيد صالح:" قام الشخصان حينها بسحب رشاشين من نوع كلاشينكوف ثم حملا حقيبة وفرا تاركين الحقيبة الثانية فسارع المواطنون بمطاردتهما فيما اتصلت بعدد من مواطني الجهة القاطنين بالأحواز وطلبت منهم إطلاق النار في الهواء من بنادق صيد لترهيب الإرهابيين إلى أن حلت قوات الجيش والحرس وقضت عليهما بعد تبادل لإطلاق النار وبعد محاولة أحد الإرهابيين إسقاط مروحية عسكرية من خلال إطلاق النار باتجاهها ولكن قائدها نجح في تفادي الإصابة". وذكر محدثنا انه بتفتيش الحقيبة التي تخلى عنها الإرهابيان عثروا على قنبلة يدوية ومفرقعات وجوازي سفر وخريطة وكتاب حرب العصابات.
وحدات خاصة لنزع الحزام الناسف من جثة الإرهابي ذكر شاهد عيان ل"الصباح" أن وحدات خاصة حضرت على عين المكان لانتزاع حزام ناسف محاط بجثة أحد الإرهابيين، وقد تمت العملية بنجاح تام دون أن تتم عملية إبطال مفعوله أو تفجيره بينما تبين ان الجثة الثانية لم يكن بها حزام ناسف.
مصدر أمني ل"الصباح": الإرهابيان كانا يخططان لضرب مواقع سياحية ببنزرت وطبرقة والحمامات ونابل قال مصدر أمني مطلع ل"الصباح" ان الأعوان عثروا على جوازي سفر انتهت صلوحيتهما يرجح انهما مدلسان ويتضمنان هويتين يرجح انهما وهميتان أيضا وطوابع دخول وخروج لليبيا والجزائر. وحسب ذات المصدر فإن الأعوان حجزوا في إحدى الحقائب خريطة للجمهورية التونسية تتضمن عدة رموز لمواقع سياحية ببنزرت وطبرقة والحمامات ونابل وهو ما يرجح حسب مصدرنا ان الإرهابيين كانوا يخططون لضرب المواقع السياحية وهو ما تؤكده وجهتم الأولى وهي بنزرت، مشيرا إلى أن هذه الرموز لن تفكها سوى المصالح المختصة بمقاومة الإرهاب.. فهل كان فعلا الإرهابيون يستعدون لتنفيذ عمليات إرهابية لضرب السياحة؟
شهود عيان يروون أحداث الروحية: الإرهابيان كانا يرتديان "الدجينس" وغير ملتحيين ولهما قدرات عالية في استعمال السلاح أكد شهود عيان ل"الصباح" ان بداية الاحداث كانت قبيل الساعة السابعة صباحا حيث استراب سمسار محطة سيارات الاجرة من شخصين فبادرهما بالسؤال عن وجهتهما ثم استطرد احد الشهود قائلا ان الشخصين كانا يرتديان ألبسة عادية متكونة من أحذية رياضية من نوع "نايك" اضافة الى سراول "دجين" أزرق اللون ويحملان حقيبتين كبيرتين سوداء اللون وملامحهما سمراء وغير ملتحيين. ويؤكد المواطن زبير العلوي (معلم) ان الاجواء كانت متوترة خاصة بعد سماع اطلاق النار وتواصل الاشتباكات بين العناصر الارهابية وقوات الجيش والحرس الوطنيين وقد عمت حالة من الهلع والفزع في صفوف الاهالي خاصة بعد مقتل ضابط سام في الجيش. وأضاف محدثنا أنه شاهد أحد العسكريين الذين أصيبوا وكان يحمل إصابة في البطن بعدها هرب العنصران الارهابيان في اتجاه "المنبت" في الطريق المؤدي الى منطقة الحبابسة فالتحقنا بهم ووجدنا حقيبة بها قنابل يدوية وجواز سفر باسم عبد العاطي وهو ليبي من درنة وعمره 34، ثم اقتفينا اثرهم فحدثت اشتباكات بينهم وبين قوات الحرس والجيش التي طلبت منا عدم الاقتراب من موقع الاشتباكات التي في خضمها أصيب الرقيب أول وليد الحاجي أصيل منطقة الروحية بطلقة نارية في الجبين دون أن تتمكن قوات الجيش والحرس الوطنيين من انتشاله لاسعافه بسبب ضراوة الاشتباكات بين الطرفين قبل ان تاتي تعزيزات من مكافحة الارهاب وتحاصر المكان بمعية قوات الجيش الوطني وتتمكن من قتل العنصرين الارهابيين. وذكر محدثنا انه من خلال سير الاحداث يتبين ان الارهابيين على دراية عالية في كيفية التعامل مع الاسلحة. من جهته ذكر أنيس القريوي (اطار بفرع بنكي) ان اطلاق النار بين قوات الامن والجيش والعناصر الارهابية ادخل الفزع في نفوس الاهالي وطالب أثناءه اعوان الجيش من الاهالي عدم الاقتراب من المنطقة مؤكدا ان المواجهة كانت على أرض فلاحية تبعد حوالي كلم ونصف في اتجاه منطقة الحبابسة. وفي ذات السياق يقول حسان الرحالي ان متساكني الروحية أصيبوا بالفزع والخوف بعد سماع اطلاق نار كثيف وتحول الاهالي الى موقع المواجهة بعد فرار العناصر الارهابية واصابة الصغير المباركي الذي كان متواجدا في نقطة تفتيش قرب مقر المعتمدية وهو من اول الجنود الذين طاردوا الإرهابيين وقد أصيب داخل المدينة في الرجل والبطن ثم اصيب المواطن صلاح زغدود وهو قريب وليد الحاجي. وذكر محدثنا أن الاشتباكات بدأت بين قوات الجيش والعناصر الارهابية في مرحلة اولى الى حين وصول تعزيزات من قوات الجيش من ثكنتي سوق الجمعة وسبيطلة بالاضافة الى قوات مكافحة الارهاب تم بعدها السيطرة على الوضع وقتل الارهابيين.
تطاوين :القبض على إرهابييْن ليبيين علمت"الصباح" من مصادر أمنية مطلعة أن أعوان الحرس الوطني بتطاوين تمكنوا أول امس الثلاثاء من القبض على مواطنيين يحملان الجنسية الليبية تبين أنهما ينتميان لتنظيم القاعدة ، وحسب ذات المصدر فإن الموقوفين اللذين لم يستظهرا بأية وثيقة هوية اعترف انهما ينتميان لتنظيم القاعدة ببلدان المغرب الإسلامي مشيرين إلى أنهما تسللا إلى التراب التونسي من نحو نصف شهر قبل ان يتوجها إلى الجنوب قصد الهروب إلى ليبيا. وقد تم حجز عملات أجنبية وتونسية لدى الموقوفين وثلاثة هواتف محمولة ومواد غذائية والتحقيق متواصل معهما لكشف المزيد من الحقائق.