عاجل/ البكالوريا: شُبهة تسريب في هذه الولاية.. ومباشرة الأبحاث مع أستاذ    عاجل/ جيش الاحتلال يكشف عن حصيلة قتلاه منذ 7 أكتوبر    اريانة: افتتاح المؤسسة العموميّة "أم الخير" لرعاية كبار السنّ    بكالوريا: حالة غش وحيدة بهذه الولاية منذ انطلاق الاختبارات    هند صبري تسترجع مهنتها الاصلية في "مفترق طرق"    وزارة الدفاع تدعو هؤلاء للتقدم تلقائيا للمراكز الجهوية للتجنيد    بسبب اشتداد الحرارة...توجيه بإختصار خطبة وصلاة الجمعة في موسم الحج    يوم تحسيسي حول المستجدات الدولية والوطنية في مجال مكافحة المنشطات    وزيرة الأسرة تُعلن عن انطلاق أشغال إعداد الخطة الثانية لقرار مجلس الأمن 1325 حول "المرأة والأمن والسّلم"    هام/ كشف أسباب توجيه تهم إرهابية للحطاب بن عثمان    ل20 عاما: الترخيص لشركة باستغلال وحدة انتاج كهرباء من الطاقة الشمسية بهذه الجهة    مريم بن مامي: ''المهزلة الّي صارت في دبي اتكشفت''    تونس تشتري 50 ألف طن من القمح اللين و75 ألف طن من الشعير في مناقصة    الحرارة تكون عند مستوى 31 درجة هذه الليلة بالجنوب    عاجل/ اصطدام سفينة أجنبية بمركب صيد تونسي.. وجيش البحر يتدخّل    هيئة الانتخابات تعقد جلسة عمل مع وفد من محكمة المحاسبات    بنزرت: الاحتفاظ بإمرأة محكومة ب 48 سنة سجنا    اجتماع فني بين مسؤولي الشركتين التونسية والجزائرية للسكك الحديدية لإعادة خط نقل الركاب بين البلدين بواسطة القطار    مسؤول بال"شيمينو": هذا موعد عودة نقل المسافرين بالقطار بين تونس والجزائر    مفتي السعودية: "هؤلاء الحجّاج آثمون"..    قبلي: انطلاق فعاليات المنتدى الاقليمي حول فقر الدم الوراثي بمناطق الجنوب التونسي    لرفع معدل الولادات في اليابان...طوكيو تطبق فكرة ''غريبة''    الرابحي: قانون 2019 للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية فرض عدة إجراءات والتزامات على مُسدي الخدمات    الحماية المدنية 12حالة وفاة و355 مصابا في يوم واحد.    مناخ: 2023 في المرتبة الثالثىة للسنوات الأشد حرارة    بقيادة التونسي "مكرم دبوب": المنتخب الفلسطيني يتأهل إلى الدور الحاسم لمونديال 2026    إنتقالات: تشيلسي يتعاقد مع مدافع فولهام    نابل: اقتراح غلق 3 محلات بيع لحوم حمراء لهذا السبب    الجبل الأحمر: تستدرجه إلى منزلها...ثم يتعرّض للسرقة والتهديد    اليوم: نشر أعداد ورموز المراقبة المستمرة لمترشحي البكالوريا    كرة السلة: برنامج مواجهات اليوم من الدور نصف النهائي للبطولة    مديرة الخزينة بالبريد التونسي: عدم توفير خدمة القرض البريدي سيدفع حرفائنا بالتوجّه إلى مؤسسات مالية أخرى    الإعلان عن موعد عيد الاضحى.. هذه الدول التي خالفت السعودية    مناسك الحج بالترتيب...من الإحرام حتى طواف الوداع    وزارة التربية: صرف أجور المتعاقدين بالتزامن مع عطلة عيد الأضحى    نظّمه المستشفى المحلي بالكريب: يوم تكويني لفائدة أعوان وإطارات الدائرة الصحية بالمكان    موعد صيام يوم عرفة...وفضله    في تونس وبن عروس: قائمة الشواطئ الممنوع فيها السباحة    الحرس الديواني يحجز بضائع مهربة قيمتها فاقت المليار    تطاوين : بدء الاستعدادات لتنظيم الدورة السابعة للمهرجان الدولي للمونودراما وإسبانيا ضيف شرف    لأجل قضية عملت عليها زوجته.. جورج كلوني ينتقد بايدن    عاجل/ قتلى ومفقودين في حادث سقوط حافلة تقل أطفالا في سوريا..    المنتخب الوطني التونسي يصل إلى جنوب إفريقيا    وكالات إغاثة تحذر من انتشار المجاعة في 18 دولة    الخارجية اليابانية: روسيا تهدّد باستخدام الأسلحة النووية    اكتشاف السبب الرئيسي لمرض مزمن يصيب الملايين حول العالم    هند صبري تلفت الأنظار في النسخة العربية لمسلسل عالمي    المهدية...أصرّ على تحقيق حُلمه بعد 20 سنة من الانقطاع عن الدّراسة ...شاكر الشّايب.. خمسينيّ يحصل على الإجازة في الفنون التشكيليّة    الإعلان عن الفائزين في المسابقة الوطنية لفن السيرك    مُفتي الجمهورية : عيد الإضحى يوم الأحد 16 جوان    عاجل/ قرار قضائي بمنع حفل "تذكّر ذكرى" المبرمج الليلة    اليوم رصد هلال شهر ذي الحجة 1445    تزامنا مع ارتفاع درجات الحرارة: وزارة الصحة تصدر بلاغ هام وتحذر..#خبر_عاجل    الدورة 65 لمهرجان سوسة الدولي: يسرى محنوش في الافتتاح ومرتضى في الاختتام    النادي الافريقي يصدر بلاغ هام..#خبر_عاجل    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الخامسة والعشرين    بطولة رولان غاروس : الألماني زفيريف يكمل عقد المتأهلين الى المربع الذهبي    الصحة العالمية تعلن تسجيل أول وفاة بشرية بمتحور من إنفلونزا الطيور..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لو أن لجنة الانتخابات تعللت باضطراب الوضع في البلاد لتأخير الانتخابات لكان الأمر مستساغا
هشام جعيط ل«الصباح»
نشر في الصباح يوم 29 - 05 - 2011

المال السياسي الذي يأتي من الخارج جريمة بهدوء الحكماء وتواضع العلماء ولكن أيضا بمشاعر الانسان المتلهف لنجاح التجربة الديموقراطية الناشئة في بلاده...
جلس المفكر والباحث هشام جعيط يحدثنا من موقعه عن تونس الثورة وعن مخاوفه ازاء مختلف تحديات المرحلة الراهنة بكل ما يمكن أن تحمله من مخاطر أوامال، الدكتور هشام جعيط وهوالرجل الذي اختار العيش بعيدا عن أضواء وسائل الاعلام مخيرا الانصراف الى البحث والتأمل والكتابة أكد أنه قريب جدا من معاناة المواطن العادي ومن الهواجس التي تلاحقه في هذه المرحلة المصيرية في تاريخ تونس مهد أول ثورة شعبية يشهدها العالم العربي،وعلى مدى نحوثلاث ساعات تحدث الينا المفكر هشام جعيط منتقدا عديد المظاهرالسياسية والاجتماعية التي باتت تحسب على الثورة محملا النخبة في صفوف القضاء والمحامين كما الاحزاب السياسية والمجتمع المدني مسؤولية التناقضات الحاصلة.جعيط لم يتردد في استباق الاحداث واثارة العديد من القضايا المنسية المرتبطة بالمرحلة الانتقالية الثانية بعد انتخابات المجلس التأسيسي.
محدثنا دعا الى الحذر تحسبا لكل أنواع المخاطر التي قد تواجهها البلاد بسبب المشهد في ليبيا،وقد أكد في حديثه أنه لم يكن يعلم بانضمامه الى عضوية الهيئة العليا لحماية الثورة الا من خلال جريدة "الصباح" ولم يسبق له المشاركة أوحضور أشغالها فهومنهمك في كتاباته ودراساته التي لا تنتهي...وفيما يلي نص الحديث.

حوار اسيا العتروس

أين يقف هشام جعيط من حالة الغليان في البلاد وما تشهده اليوم الهيئة العليا لحماية أهداف الثورة من نقاشات ماراتونية قبل الانتخابات ؟

أولا وللتوضيح لست ضمن الهيئة ولم يقع اعلامي بشيء علمت بادراح اسمي من خلال جريدة "الصباح"، عموما ليس هذا سبب عدم حضوري فأنا لدي مشاغل كثيرة وهناك في الهيئة شباب كثيرون يتطلعون للنقاش بالنسبة لي سبق وعبرت عن ارائي في لقاء تلفزي مما يحدث واعتبر أن ذلك كافيا، فقد بدا لي أن في هذه الهيئة يطول النقاش وأنه يدور في أحيان كثيرة في فراغ. طبعا أتفهم هذا بعد تحررالكلمة وحرية التعبير، ولكن أعتبر أن النقاشات كثرت بصفة مجحفة سواء في الهيئة أوفي الفضائيات أوفي الصحافة مقالات مطولة حول تصورات متعددة وهذا وان كان شيئا طبيعيا مستحسنا ولكن النقاشات كثرت وباتت لا تؤدي مباشرة الى قرارات بل ربما تعطلها. وأضرب مثلا على ذلك الهنات الموجودة في اللجنة العليا التي تتأخر في اتخاذ القرارات بسبب تعدد النقاشات والعمل الوحيد الذي قامت به اللجنة منذ تأسيسها اختيار الانتخابات بالقائمات وذلك بعد نقاشات مطولة أيضا ولكنها في المقابل تباطأت كثيرا في مشكلة الفصل 15 وما اذا سيمنع كل من شارك على مدى 23 عاما في نظام بن علي أم السنوات العشرالاخيرة.ومرة أخرى طال النقاش وأخيرا وفيما يتعلق بتأخير الانتخابات فاني أتعجب من كون اللجنة التي تم تنصيبها قبل أيام فقط تقدم على اتخاذ قرارا في تأخير الانتخابات.
بالطبع هي غير قادرة على تنظيم الانتخابات لانها لم تحسب حساباتها لذلك وأنا أتساءل لماذا تنتخب لجنة يكون من مشمولاتها تنظيم الانتخابات.وفي اعتقادي أن الحكومة كان يمكن أن تنظمها هناك أشياء كثيرة تغيرت ووزارة داخلية اليوم ليست داخلية الامس وهي تحت نظر الوزير الاول وأرجح أنه لن يسمح بعمليات غير جائزة.أفهم أننا في وضع ثورة والثورات تقوم بأعمال تلقائية ولكن لا أرى ضرورة تكوين لجنة انتخابية لماذا لاتقوم الحكومة بهذه المهمة خاصة وانها تتمتع بثقة الناس حتى وان كانت حكومة مؤقتة ولديها امكانات للقيام بذلك ولوأن اللجنة قالت نريد تأخير الانتخابات بسبب الوضع المضطرب في البلاد فهذا يمكن أن يستساغ أما أن يقال هناك مشاكل تقنية ولوجستية فهذا غير مستساغ.

لكن رئيس اللجنة أوضح أن الامر كان يتعلق في البداية بانتخابات رئاسية وهي أقل تعقيدا من انتخابات المجلس التأسيسي ؟

هذه من الهنات التي تلازم اللجنة فكيف تقع انتخابات رئاسية والحال أنه ليس لنا دستور يوضح الامور ثم من قال اننا نحتاج رئيسا للجمهورية وكيف ستكون صفته وهل سيكون له صلاحيات ممتدة أم محدودة وهل له الحكم أم هوتجسيد فقط للدولة وليس أكثر من رمز، النقطة الاخرى التي أود التوقف عندها فتتعلق بالمجلس التأسيسي ومع أن هذا الامر وقع التفكير فيه منذ أشهر فانه لم يقع بعد تجسيد أي فكرة في هذا الاتجاه.بقيت فكرة 24' جويلية موجودة.
أتعجب أكثر كيف أن الكثير من الذين كانوا لاجئين في الخارج عادوا وهم يتكلمون ومنذ البداية عن انتخابات رئاسية أما الغنوشي فيقول انه لن يترشح لاي منصب من المناصب والجميع متشبثين بالرئاسة التي عرفوها زمن بورقيبة وزمن بن علي وكأن بها الحل والعقد رغم أنها كانت رئاسات دكتاتورية.المهم أنه لا يوجد تفكير سياسي في هذه البلاد الا من بعض الاشخاص وهم قلة وأعتقد أن هناك سيطرة من طرف الحقوقيين وبالخصوص المختصين في القانون الدستوري.

هل من توضيح وماذا تعيبون على هذه النخبة؟

بالطبع فهؤلاء لم يتكونوا الان وتكوينهم كان في فترة بن علي أوقبل ذلك وأستغرب لماذا هذا العدد من المختصين في القانون الدستوري في الجامعة ولم يكن لنا دستور الا ظاهريا وهودستور لا يطبق والاخصائيون في المسائل الدستورية يتواجدون في البلدان الديموقراطية حيث يبقى الدستور المرجع الاساسي فوق الحكومة وفوق الدولة أما نحن فقد كانت لنا نظم دكتاتورية يفصل فيها الرئيس ما يشاء.اذن فهذا الاختصاص في عهد بن علي لا معنى له.
الان وقعت ثورة وأستغرب فعلا تشبث القانونيين بنقاط تفصيلية يرجع عهدها الى قوانين قديمة جدا.المشروعية اليوم مشروعية الثورة وليست مشروعية قوانين ادارية قديمة والحديث عن قوانين قبل أوبعد 22 ماي لا معنى له، أنتقد أساتذة القانون الدستوري وكل ما يتعلق بالعدالة.

ماهي مؤاخذاتك على العدالة وعلى رجال القانون ؟

اذا كان هناك من قطاع غير مستقر وفيه تجاذبات كثيرة فهوقطاع العدالة من قضاة ومحامين وأعتقد أن المحامين يلعبون دورا فوق طاقتهم وفوق ما تخول لهم وظيفتهم في المجتمع فأراهم مثلا يرفعون قضايا ضد فلان من العهد السابق لدى المحاكم بينما دور المحامي في الاساس هوالدفاع والمحامون ليسوا بنيابة عمومية.

ولكن هذا الدور قد يكون مطلوبا في حالات كالتي نعيشها خاصة اذا تأخرت الحكومة عن القيام بذلك ؟

اذا كان ضروري اقامة قضية في هذا الشأن فنائب الحق العام من يقوم بذلك أحترم وظيفة المحامي خصوصا عندما يدافع عن الضعفاء والمحرومين والذين تتبعهم النظام السابق وأحترم دورهم في قيام الثورة ولكنهم يقومون بأمور تشبه ما كان يقوم به المحامون في مصر في عهد مبارك كنت أستغرب أن أجد في الصحافة لأن المحامين سيقومون بقضايا ضد هذا أوذاك وأذكر أنهم قدموا قضية ضد حامد أبوزيد لاجباره على طلاق زوجته والمحكمة أجبرته على ذلك.هناك حديث كثيرعن اصلاح القضاء فعلا كان هناك قضاة خانعين لنظام بن علي لكن ليس كل القضاة لان دور القضاة العدلية الاساسية والعالية وقليلا ما يحكم القضاة في قضايا سياسية فعملهم تطبيق قانون الحق العام،واذا كان هناك ناس كانوا خانعين أمام النظام من سلك القضاة فان عدد التونسيين الذين انبطحوا لنظام بن علي لا يحصى، وعلى كل حال ليس الان زمن المحاسبات والتشفي وأمور من هذا القبيل يجب أن تشمل خاصة الاشخاص الذين قاموا بأعمال مشينة وكانوا مقربين من بن علي ووزرائه وقاموا بسرقات في المجال الاقتصادي والبوليس السياسي وهنا أسمح لنفسي أن ألاحظ بأنه يبدوأن التعذيب لا يزال قائما في تونس وأن البوليس السياسي القديم مازال قائم الذات وكل هذه الامور تظهر اضطرابا كبيرا في المجتمع بسبب تحرر الكلمة والسلوك الذي أتت به الثورة من شأنه أن يفرز اضطرابا كبيرا في المجتمع واضطرابا في النخبة أيضا.
أما الاضطراب الاخطر فهوالاجرام ولابد هنا أن نفصل بين البوليس السياسي الذي كان في خدمة النظام وبين الامن أوالبوليس العادي الذي هوفي خدمة البلاد.لقد رأيت أن البوليس فرق مظاهرة قامت ضد السيد الباجي قايد السبسي تبعا لتصريحات وزير الداخلية السابق فرحات الراجحي بكل شدة، ورأيت أن الاحزاب السياسية لها مواقف مضطربة ومتناقضة من جهة تدين البوليس ومن جهة أخرى تدين المظاهرة وتتكلم عن الانفلات الامني وهذا ما أسميه بالديماغوجية لان الذي يطمح الى استقرار وطنه بعد الثورة لا يمكن أن يقبل بهذه المظاهرات التي حدثت من قبل في شارع بورقيبةوفي القصبة وأطاحت بحكومتين غير شرعيتين.خلال الثورة كانت هذه المظاهرات مشروعة أما الان وقد حصل استقرار نسبي فلا يمكن أن تقبل أن يتحكم الشارع في الامور أقول هذا لان المصلحة الوطنية العليا تتطلب هذا. والرجل العاقل لا يمكن أن يقبل بتحركات تطيح بالحكومات وتفعل ما تشاء،،صحيح أننا نعيش في الوقتي الان ولكن هذا الوقتي يجب أن يقوم بواجبه ثم لاننسى أن تونس في حالة اضطراب نتيجة الوضع في ليبيا والوضع قد يستمر بحرب أهلية والاحداث في ليبيا لها وقع كبير على تونس. علينا أن نكون واعيين بأننا تحت ضغط كبير تبعا للثورة الليبية وبالتالي يجب اعطاء الثقة للحكومة المؤقتة وللجيش الوطني في هذا المجال بلدنا مهدد في الجنوب وكل ما نرجوه أن تنتهي الازمة في ليبيا في أسرع وقت وأن يعود اللاجئون الى بلدانهم.

من يتحمل المسؤولية في غياب قنوات حوار جدية بين الرأي العام وبين الحكومة المؤقتة ؟

في اعتقادي أنه سواء تعلق الامر باللجنة العليا لحماية أهداف الثورة أوكذلك اللجنة المكلفة بالانتخابات وكل الذين يتكلمون على الشاشات ليسوا واعين بالخطرالذي تواجهه بلادنا، ولواستمرت المشكلة في ليبيا فسيكون هناك اشكال كبير في البلاد ولابد اذن للقوى المنبثقة عن المجتمع المدني والاحزاب وغيرها ألا تتأخر في رصد هذه الاخطار ولا شك أن ما وقع في الروحية يعكس ذلك فما حدث أن البلد في حالة اضطراب والحدود غير مراقبة،في الماضي فان ما تسمي نفسها بشبكة القاعدة لم تلعب أي دورفي تونس والذين يقولون انهم من القاعدة هم مجرمون يريدون الشغب ولكنهم قلة على ما أعتقد والمواطنون والجيش الوطني قاموا بالواجب.لا أعتقد أن خطر القاعدة يهدد تونس جديا ولكن وجب الحذر خصوصا وأن الجزائر متجهة نحوحل مع الاسلاميين وهوأمر وجب التنبه اليه، نحن اليوم غارقون في مشاكلنا الداخلية ومشاكل مهنية وكأن العالم الخارجي غير موجود والقنوات التلفزية لا تتحدث الا عن قضايا داخلية أما العالم الخارجي والرقعة العربية غير موجودة. فالحرية في الواقع لا يمكن الا أن تكون حرية مسؤولة على الاقل على مستوى النخب أوالتي تدعي أنها نخب.

هناك اعتقاد بأن الثورة تجعل الناس يطالبون بما يريدون متى أرادوا ذلك وبذلك تعطلت الحياة الاقتصادية حتى الادارات العامة تعطلت وهذا يعود في جزء منه الى ضعف الشعور الوطني ولم أرى مسؤولين في الهيئة العليا أوفي الحكومة قاموا بواجبهم في توعية الفئات الشعبية بأن الوطن في خطر. مطالبهم شرعية وصحيحة ولكن لا يمكن أن تحل كلها في هذه المرحلة الانتقالية نحن لا نزال في وضعية الثورة ولا يمكن حتى الحديث عن فترة انتقالية للديموقراطية مازلنا في مخاض ولا بد من وجود مؤسسات منتخبة تتولى تحقيق هذه المطالب ولايمكن أن نأتي بالجنة على وجه الارض خلال شهرين يجب التعقل ويجب أن يكون هناك من يوقظ الجميع ويدعوالى التعقل.

هل المقصود أننا نفتقر الى وجه سياسي وطني أومنديلا تونسيا قادرا على جمع صفوف التونسيين؟

نحتاج ربما الى بورقيبة شاب ولكن ديموقراطي يجوب البلاد ويفهم الناس واقعهم. الشباب قادرون على التحرك والتغيير أما أن يضطلع بالمشاكل السياسية فهذه مسألة أخرى والسؤال الان من هوالرجل السياسي المقتدر الذي يعي مشاكل المجتمع. هناك فرق بين القانوني وهو خبير ومن له حس سياسي لانه يجمع بين مشاكل المجتمع ويعطي الحلول أيضا وهذا يقودنا مجددا الى اشكالية الاضرابات والمشكلة الاقتصادية والمالية في بلادنا.
سواء كانت الانتخابات في جويلية أوأكتوبر فان الموعد ليس بالبعيد ولكن لا أحد يتساءل عما سيحدث يوم ينتخب المجلس التأسيسي. المشاكل التي تنتظرنا لم تقدم والاسئلة التي يجب طرحها لا نراها تطرح ومنها هل أن المجلس التأسيسي سيسير البلاد وهل سيتحول الى برلمان ليس له صفة مجلس تشريعي وهل ستحكم البلاد من طرف 250 شخصا كما حدث بعد الثورة الفرنسية ومن سيتولى القيام بفترة الانتقال الثانية وهل أن اجتماع المجلس التأسيسي لتحرير الدستور سيكون بالعودة الى دستور 56. هناك اسئلة كثيرة يجب طرحها قبل اجتماع المجلس التأسيسي وحول أي دستور سيعمل وهل سيكون باتجاه نظام برلماني أورئاسي.هناك بعض العقلاء يدعون الى نظام نصف برلماني ونصف رئاسي يكون لرئيس الحكومة المنبثقة عن البرلمان تسيير الشؤون السياسية العالية لكن يكون للرئيس صلاحيات ولكن ليس صلاحيات من سبقه بل صلاحيات محدودة تعطيه مهمة تقبل أوراق اعتماد السفراء والامضاء على الاتفاقات ومن الضروري التفكير بدقة في هذه الصلاحيات فيكون له مثلا صلاحيات حل البرلمان اذا تأزمت الامور في البرلمان، واذا كانت الحكومة منبثقة عن البرلمان فستكون تابعة له وغير حرة في اتخاذ اجراءات قوية لان له الحق في اسقاطها.ويمكن حينئذ للرئيس اتخاذ قرارات صعبة ولكن باتفاق مع البرلمان والحكومة. أخشى وقوع نقاشات متعددة لا نهاية لها ولكني متفائل بوجود عقلاء يفهمون الوضع.

ما دمنا نتحدث عن المشاكل الاقتصادية هل من مجال للتعويل على مجموعة الثمانية الاقتصادية في هذه المرحلة؟

يمكن أن نفتح صفحة للتفاؤل بما جرى في مجموعة الثمانية وهي وعود تسر لان حالة بلادنا في افلاس مالي واقتصادي وأرجوأن تتحقق الوعود وفي اعتقادي أنها ستتحقق خلافا لما جرى في اجتماع 2003 الخاص بافريقيا،والغرب يرى أن الثورة العربية ستمتد قسرا وهي في طورالانجازفي ليبيا وفي اليمن هناك قوى شديدة من أجل رحيل عبد الله صالح خصوصا مع تعكرالامورودخول قبائل على خط المواجهات.فترة الانتقال ستكون صعبة بالتأكيد،السوريون أيضا في وضع خاص وقد أظهروا درجة من الشجاعة وواجهوا الرصاص بصدورعارية والذي يجري في العالم العربي أمر مهم بالنسبة للعالم كله لان الشعوب استفاقت وقدمت الكثير من التضحيات خلافا لما حصل عند سقوط النظم الشيوعية في أوروبا الشرقية يمكن القول أننا دخلنا في طور ثان بعد الثورات الاستقلالية وعلينا ألا ننسى أن المغرب العربي قدم تضحيات كبيرة من أجل الاستقلال نحن اليوم في فصل جديد بعد أكثر من نصف قرن من ثورات ضد المحتل الى ثورات ضد من سرق السيادة من الشعب أقول ذلك بشأن بورقيبة وأكثر منه بن علي.كان من اللازم على بورقيبة أن يسيطر على الانتقال من فترة استعمارية الى فترة وطنية ولكنه انزلق نحوالشخصنة وانزلق معه العديد وهذا ما جرى مع مصر عبد الناصروبومدين،وعلينا أن ندرك أن انتخاب المجلس التأسيسي لا يعني بالضرورة أن الوضع سيتغير أوأنه يعني ارساء الديموقراطية بكل ما تعني من وئام بين الحرية وبين الحد الادنى من النظام الاجتماعي. نحن اليوم في وضع انتقالي وغدا سنعيش وضعا انتقاليا ثانيا حتى وجود المنظمات السياسية فأي مجتمع لا يمكن أن يعيش في فوضى ولابد أن تترسخ روح الاخلاص والوطنية ليس بالمعنى الوجداني فقط بمعنى أنه اذا كان وطنك مهددا فأنت وعائلتك وأبناؤك مهددون.

هل أن تعدد الاحزاب يساعد في هذه المرحلة أوعلى العكس من ذلك يؤثر سلبا على المشهد ؟

في هذه الفترة التي عرفنا فيها نشوة الحرية فانه من الطبيعي أن تلعب الاحزاب دورا جديا في ارساء المؤسسات ولكن ليس بهذا الرقم، وأعتقد ان الرقم سيتقلص الى حدود سبعة أوثمانية أحزاب.ومن جانبي لا أوافق على تمويل الاحزاب وما يجري في العالم مختلف جدا، أعتقد أنه على الدولة اعادة النظر في حساباتها وأن تلزم الاحزاب التي حصلت على 5 في المائة على ارجاع خمسين في المائة من الاموال التي حصلت عليها وليس الاحزاب التي حصلت على 3 في المائة وعلى الاحزاب تمويل نفسها بنفسها ولا يجب على الدولة أن تشجع على التفرقة الحزبية، أما المال السياسي الذي يأتي من الخارج يجب أن تقع فيه تحقيقات على أن يعتبرذلك جريمة.الاحزاب لديها مشكلة وعليها أن تخفض من طموحاتها وهي لم تقم بالثورة والان وفي هذه المرحلة الحرجة تريد أن يكون لها مساحة وموقع أكبر بينما المجتمع يعيش حالة فقر وبطالة ولا يهتم بهذه الاحزاب أوبوعودها والسنوات الاولى لا يمكن أن توجد الا حكومة ائتلافية.لسنا في وضع يسمح بيمين أويسار الديموقراطيات في الغرب لها تاريخ طويل ومشاكلها اقتصادية واجتماعية بالدرجة الاولى وهذا ما يهم الناخب.

وهل ينسحب هذا على حزب النهضة ؟

حزب النهضة في اعتقادي استفاق للواقع الجديد منذ قيام الثورة وقد كان يعيش في المنفى وعرف أيضا التعذيب وقد تغيرت وجهة نظره ويبدوأنه بدا يغير مواقفه المتصلبة التي ظهر بها حتى في أول الثورة وقد كان يدعوالى تطبيق الحدود ولكن أشخاص من داخل الحركة يقولون نحن حزب كالاحزاب ولسنا بحركة دينية ومستعدون للدخول في الحياة السياسية التونسية مع الاخرين وهذا ما قرأته في تصريحات حمادي الجبالي في واشنطن وهذا ما يدفعني للقول أن حزب النهضة مهضوم الحق من جانب العناصر الائكية والجمعيات النسائية وأعتقد أن اللغط الحاصل بالعودة الى الشريعة وحذف مجلة الاحوال الشخصية مخاوف غير واردة ومجرد التفكير في ذلك قد يؤدي الى حرب أهلية ثم انه لاشيء يؤشر الى أن النهضة ستحصل على النصيب الاوفر من الانتخابات. ما يشغل المواطن هوالخبز والكرامة أما المشاكل الايديولوجية والدينية لم يعد لها معنى كبيروهويكشف عن نوع من عدم التسامح والتخوف في تونس من الاسلاميين يرجع الى الغرب وخصوصا فرنسا وأمريكا وبدرجة أقل ألمانيا وبريطانيا وهوما أسميه تخويف ديماغوجي يخشون من وصول الاخوان الى الحكم في مصر ومن وصول النهضة في تونس فرنسا بلد مهوس بالاسلام تحول الامر الى نوع من المرض ولكن علينا التفاؤل بالمستقبل وألا نقع في التطاحن بين ايديولوجيتين واحدة اسلامية والاخرى لائكية خصوصا على الشكل الفرنسي.ومن هذا المنطلق على الدولة أن تقوم بحماية المؤسسات الدينية من جوامع وغير ذلك والدين غير منفصل عن الدولة من وجهة أن الدولة تأخذ على عاتقها المصاريف الخاصة بالمؤسسات الدينية ولا يوجد فصل كما في فرنسا بين الدين والدولة التي تتولى بناء المساجد ولكن ليس على الدولة التدخل في الشؤون الدينية كما فعل بورقيبة عندما شجع على عدم الصيام في 1967 كذلك وجب التوصل الى حل في تسمية الايمة أوانتخابهم وأن تكون الجوامع للعبادة وليس للدعاء للرئيس.وعندما تستقر المؤسسات الدستورية التي تبقى نقطة الضعف في هذه الديموقراطيات الناشئة ربما تختفي الحساسيات الايديلوجية القائمة بين قومي أواسلامي أوشيوعي التي طغت خلال القرن العشرين،وعندما ينضج الشعب التونسي سيفهم أن هذه التوجهات بؤر فكرية للصراع لم يعد لها معنى اليوم وأن الايديولوجيات الوحيدة التي ستبقى هي الايديولوجيات الديموقراطية لان الاساس في الديموقراطية وخلافا لما يعتقده البعض لا يتمثل في الانتخابات وتشكيل الحكومات ولكن في القيم العليا التي تتضمنها الديموقراطية والتي هي في أصلها وفي فلسفتها مفاهيم وقيم انسانية تجتمع حول كرامة الانسان وحرية الانسان وهي القيم العليا التي تجسدها مؤسسات سياسية لكن في الاصل هي فلسفة الحداثة الحقيقية التي يشعر معها الانسان بالارتياح الى وجوده في مجتمع يحترمه يتمته فيه بحقوق وله واجبات وهذه أسس الديموقراطية ولابد للاحزاب والمؤسسات التربوية والاعلامية أن تزرع هذه القيم ولابد أيضا من توفر عنصر الاخلاص والنزاهة لدى الحكام فالسياسيون مهنيون في الواقع يحتاج اليهم المجتمع ولكنهم خاضعون لمتطلبات هذا المجتمع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.