دراسة تكشف...الفوضى ... ثقافة مرورية في تونس !    ولي يتهجم على أعضاء مجلس التأديب بإعدادية سهلول...القضاء يتدخل    اتحاد الفلاحة: لوبيات القطاع سيطروا على الميدان    قوات الاحتلال تمنع دخول 400 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة..#خبر_عاجل    عاجل/ هجوم جديد للحوثيين على سفينة في خليج عدن عبر زورق مسلحين    بلاغ هام للنادي الافريقي..#خبر_عاجل    المهدية .. تم نقلهم إلى المستشفى لتلقّي العلاج.. إصابة 5 تلاميذ في حادثة رشق حافلة بالحجارة    عاجل/ مفتي الجمهورية يحسم الجدل بخصوص شراء أضحية العيد في ظل ارتفاع الأسعار..    أضحية العيد: مُفتي الجمهورية يحسم الجدل    ممثلة الافلام الاباحية ستورمي دانيلز تتحدث عن علاقتها بترامب    صفاقس: الشركة الجهوية للنقل تتسلم 10 حافلات مزدوجة جديدة    عاجل/ هجوم مسلح على مركز للشرطة بباريس واصابة أمنيين..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    المغرب: رجل يستيقظ ويخرج من التابوت قبل دفنه    اليوم: تصويت مرتقب في الأمم المتحدة بشأن عضوية فلسطين    دراسة: المبالغة بتناول الملح يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة    حالة الطقس اليوم الجمعة    فوز رئيس المجلس العسكري في تشاد في الانتخابات الرئاسية    بعد معاقبة طلاب مؤيدين لفلسطين.. رئيسة جامعة كورنيل الأمريكية تستقيل    بنزرت.. الاحتفاظ بثلاثة اشخاص وإحالة طفلين بتهمة التدليس    نبات الخزامى فوائده وأضراره    وزير الخارجية: تونس حريصة على المحافظة على العلاقات التّاريخية والطّبيعية التّي تجمعها بالاتّحاد الأوروبي    استدعاء سنية الدّهماني للتحقيق    المرسى: القبض على مروج مخدرات بحوزته 22 قطعة من مخدّر "الزطلة"    بسبب التّهجم على الإطار التربوي.. إحالة ولي على محكمة الناحية بسوسة    النظر في مقترح العفو في جرائم الشيك دون رصيد    أولا وأخيرا...شباك خالية    للنظر في إمكانية إعادة تأهيل عربات القطار: فريق فني مجري يحل بتونس    المدير الفني للجنة الوطنية البارلمبية التونسية ل"وات" : انطلقنا في الخطوات الاولى لبعث اختصاص" بارا دراجات" نحو كسب رهان التاهل لالعاب لوس انجليس 2028    المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بصفاقس تواصل حملتها على الحشرة القرمزية    اللغة العربية معرضة للانقراض….    تظاهرة ثقافية في جبنيانة تحت عنوان "تراثنا رؤية تتطور...تشريعات تواكب"    قابس : الملتقى الدولي موسى الجمني للتراث الجبلي يومي 11 و12 ماي بالمركب الشبابي بشنني    تونس تفوز بالمركز الأول في المسابقة الأوروبية لزيت الزيتون    قبلي: تنظيم يوم حقلي في واحة فطناسة بسوق الاحد حول بروتوكول التوقي من عنكبوت الغبار    شكري حمدة: "سيتم رفع عقوبات الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات في أجل أقصاه 15 يوما"    الرابطة 1 (مرحلة التتويج) حسام بولعراس حكما للقاء الكلاسيكو بين الترجي والنجم    سلالة "كوفيد" جديدة "يصعب إيقافها" تثير المخاوف    سابقة.. محكمة مغربية تقضي بتعويض سيدة في قضية "مضاعفات لقاح كورونا"    زغوان: حجز 94 طنا من الأعلاف غير صالحة للاستهلاك منذ افريل المنقضي    أبطال أوروبا: دورتموند الأكثر تمثيلا في التشكيلة المثالية لنصف النهائي    كأس تونس: البرنامج الكامل لمواجهات الدور ثمن النهائي    دراسة صادمة.. تناول هذه الأطعمة قد يؤدي للوفاة المبكرة..    سليانة: تنظيم الملتقى الجهوي للسينما والصورة والفنون التشكيلية بمشاركة 200 تلميذ وتلميذة    مفزع: 376 حالة وفاة في 1571 حادث مرور منذ بداية السنة..    قضية مخدّرات: بطاقة ايداع بالسجن في حق عون بالصحة الأساسية ببنزرت    الزغواني: تسجيل 25 حالة تقتيل نساء في تونس خلال سنة 2023    مقارنة بالسنة الفارطة: تطور عائدات زيت الزيتون ب91 %    الثلاثي الأول من 2024: تونس تستقطب استثمارات خارجيّة بقيمة 517 مليون دينار    البطولة العربية لألعاب القوى للشباب: ميداليتان ذهبيتان لتونس في منافسات اليوم الأول.    كشف لغز جثة قنال وادي مجردة    آخر أجل لقبول الأعمال يوم الأحد .. الملتقى الوطني للإبداع الأدبي بالقيروان مسابقات وجوائز    «قلق حامض» للشاعر جلال باباي .. كتابة الحنين والذكرى والضجيج    بطولة روما للتنس للماسترز : انس جابر تواجه الامريكية صوفيا كينين في الدور الثاني    محمد بوحوش يكتب...تحديث اللّغة العربيّة؟    مدْحُ المُصطفى    ستنتهي الحرب !!    إذا علقت داخل المصعد مع انقطاع الكهرباء...كيف تتصرف؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هشام جعيّط في حوار مفتوح حول كتابه الجديد عن السّيرة النبوية
نشر في الوسط التونسية يوم 14 - 02 - 2007

انتظم بمنتدى الجاحظ لقاء حوار بين عدد من المثقفين والطلبة والاستاذ هشام جعيط المفكر والمؤرخ بمناسبة اصداره كتابا جديدا خصصه هذه المرة لتقديم قراءة تاريخية للسيرة النبوية..
في مستهل النقاش أثار رئيس المنتدى الاستاذ صلاح الدين الجورشي تساؤلات ونقاط إستفهام حول ما يطرح حاليا حول الحاجة لاعادة بناء السيرة النبوية.. وكيف ينبغي أن تفهم شخصية النبي محمد صلى الله عليه وسلم من خلال قراءة لعدد من المصادر والقراءات؟
وافتتح الحوار بتوجيه 3 أسئلة إلى الاستاذ هشام جعيط.. لماذا قررمؤرخ ومفكر وفيلسوف في حجمه بان يتوقف عند السيرة النبوية ويحاول تقديم قراءة تاريخية علمية لها؟ ما هو المنهج الذي اعتمده لاعادة بناء السيرة وتحديد شخصية الرسول؟ وإذا كان عدد كبيرمن العلماء والكتاب القدامى والمحدثين ممن كتب عن الرسول فما هي ملاحظاته على كتاباتهم ونقده لهم؟
الاستاذ هشام جعيط بدا خلال تقديم كتابه وإجاباته عن هذه التساؤلات كعادته متواضعا جدا.. بلهجته التي عرف بها التي تكشف كبرياء الواثق بشدة في علمه وكفاءته.. في نرجسية محبوبة فيه.. «أنا مؤرخ اولا.. انا بكل بساطة أستاذ جامعي.. ومن خلال كتاباتي حاولت أن اضع جسرا بين دروسي خلال 30 عاما وأبحاثي العلمية.. لان فهمي لدور الاستاذ هوتكوين باحثين وان تكون الدروس ملتصقة بالبحث العلمي.. ادرس بحوثي.. لا ما ينقل في كتب أخرى.. وبعد أن درست مراحل مختلفة من التاريخ الاسلامي درست السيرة النبوية وما حف بها من معطيات تاريخية من 1990 الى 1996.. وهنا جاء اهتمامي ببيئة الرسول والثقافة العربية والانرتوبولوجيا في منطقة الجزيرة واليمن..
وخلال بحث علمي أكاديمي مثل هذا كان لابد من الاعتماد اساسا على القرآن لان القرآن متزامن مع الرسول.. بينما جل ماكتب عن الرسول جاء متاخرا زمنيا وكتب نقلا عن مصادر شفوية..
علاقتي بسيرة النبي في هذا الكتاب كانت علاقة علمية بصرف النظر عن الصفة الدينية للرسول محمد وتقديس المسلمين له.. حاولت تناول السيرة من منطلق الباحث المحايد لان شخصية محمد أكثر شخصية أثرت في تاريخ الانسانية.. ولا تزال تؤثر.. واني اعتقد أن التاريخ الاسلامي الذي خصصت عمري في دراسات له يحتاج إلى مزيد من الدراسات العلمية المحايدة.. دون الانطلاق مسبقا من مواقف عقائدية ودينية أوغيرها هناك من طلابي من كتب بعمق.. ووجهت بعضهم.. واطروحات بعضهم جيدة..
رأيي أن الاستاذ الجامعي ليس مدرسا بل رجل علم يبحث سواء في التاريخ اوفي الفيزياء وغير ذلك وعليه ان يعطي للمجتمع الجديد باستمرار.. لان المجتمع يطلب منه ذلك.. ولا يعتبره مجرد موظف مكلف بالتعليم..
في السبعينات كان للاستاذ 3 ساعات تدريس فقط.. وبقية الوقت يخصصه للبحث وفق المنهج الفرنسي الأوروبي.. بعض الاساتذة درسوني في فرنسا.. كانت لهم حصة واحدة تدريس في الاسبوع.. ويقومون بأبحاث طوال الأيام الأخرى ثم يأتي الى الجامعة وله معرفة زاخرة.. يأتي إلى الطلاب وله ابحاث تصدر في كتب جامعية وعلمية.. والبعض يلومني لأني في سني هذه آخذ مآخذ الجد دوري كباحث.. حتى بعد توقفي عن التدريس وخروجي الى التقاعد.. لان بعض الجامعيين الكبار أنفسهم يعدون بحثا عميقا وجديا ثم يتوقفون عن البحث والكتابة.. لذلك فالعالم العربي متخلف في مجال العلوم والمعرفة.. سواء في مجال البحوث العلمية (وهو ما يفسر هجرة الادمغة) او العلوم الانسانية مثل التاريخ وعلوم الاجتماع والانتروبولوجيا والجغرافيا التي تتطلب مكتبات ومؤسسات تكوين باحثين.. ومعرفة باللغات الاجنبية..
والملاحظ أنه تكونت نخبة في العراق تحت تاثير الانقليز والنظام الملكي العراقي.. وفي البلدان المغاربية برز خبراء وعلماء وباحثون من النوع الجيد درسوا في اوروبا لكن اغلبهم تقاعدوا.. هناك اذن نقص في البحث العلمي.. بعيدا عن الايديولوجيا والسياسة وتمجيد الاشخاص والتوظيف الديني أو السياسي..
وفيما يخص الاسلاميات هناك نقص في الدراسات العلمية والتاريخية.. بما في ذلك في أوروبا.. لكن حتى الفترة الهتلرية كانت ألمانيا في المقام الاول في العلوم والبحوث العلمية في كل الاختصاصات ومنها الاسلاميات قبل فرنسا.. العلماء الالمان اهتموا بدراسة الاسلام دينا وتراثا.. وتاريخ القرآن والفقه والفلسفة الاسلامية.. الخ.. والتحق الفرنسيون والايطاليون والروس والانقليز 1850، 1950 1960 ثم انتقل مركز الثقل في البحث العلمي والتاريخي الى الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية. ثم نشر المستشرقون دراسات عميقة مهمة في اوربا ثم الولايات المتحدة.
كتابات العرب والمسلمين علميا عن رسولهم وتاريخهم محدودة جدا.. ومن بين الاسئلة هل قرؤوا فعلا سيرة ابن هشام وسيرة ابن اسحاق؟؟..
درست العراق قبل الاسلام ثم ركزت على تاريخ العراق في العهد العباسي.. في مصر في النصف الاول من القرن العشرين برزت مجهودات ومحاولات علمية عميقة وانتقل الجهد الى لبنان بعد ذلك.. بينما في المغرب لم تنتشر مساهمات كبرى.. وبعد الاستقلال عن فرنسا درس بعض الباحثين مثل الاستاذين وغيرهم جوانب من تاريخ تونس وشمال افريقيا بعمق.. لكن أغلبهم توقف عن متابعة البحوث وعن الكتابة العلمية وتفرغ للتدريس والوظيفة.. القضية إذن هي قضية هم معرفي.. قضية طموح الى الخلود من خلال العلم والابداع..
ينطبق هذا على العلماء والفنانين الكبار.. هناك تبجيل في ثقافتنا للعلم والعلماء.. في هذا السياق جاء اهتمامي بالسيرة.. وهل هناك اهم من شخصية محمد تستحق الدراسة؟
في اليابان والصين من درس القرآن والحضارة الاسلامية بعمق.. وللاسف فإن مساهمة العلماء والمفكرين المسلمين في الحضارة الانسانية الكبرى.. اقتصرت على القرون الستة الاولى.. هؤلاء يعود لهم الفضل في الابداع وسيخلدون اكثرمن السياسيين.. تاثير شخصيات محمد والعلماء خالدة وستفوق رجال السياسة من الحكام القدامى إلى عبد الناصر وجمهور مروجي الايديوليوجيا الدينية والسياسية.. العلماء والباحثون المسلمون القدامى اهتموا بالفلسفة اليونانية.. وبآثار الحضارة الصينية.. وبالمسيحية وتطورها..
وبالنسبة لسيرة الرسول اعتمدت على مصادر قديمة وعلى ما نشر من ابحاث معمقة في العلم الحديث.. لم نكتف بالاعتماد على اثار ابن اسحاق وابن هشام والطبري وغيرهم.. لانه لا بد من الاعتماد على كل المصادر ثم قراءتها وغربلتها.. ومن حسن حظنا نحن الباحثون العرب أن اجدادنا شاركوا في الحضارة الانسانية.. وتركوا لنا مصادر هائلة منها علم الكلام والفلسفة ودراسات القرآن والفقه والحديث والقانون.. أي أن اغلب المصادر بالعربية ونحن نتقنها.. وبعض الباحثين المسلمين الايرانيين والاتراك والمستشرقين تعلموا العربية لفهم تراثنا.. لكن أغلب ما كتب في العصر الحديث عن السيرة النبوية بأقلام عربية ليس عميقا وطغت عليه النزعة الدينية.. حسين هيكل ألف كتابا عن النبي محمد لا باس به بمقاييس 1930.. وكتب عباس محمود العقاد.. وهناك كتب ايرانية.. لكنها جميعا انطلقت من مسلمات إيمانية لأصحابها.. وهو ما قلل من صبغتها العلمية التاريخية.. نحن توخينا طريق المعرفة والبحث الدقيق المحايد.. بصرف النظر عن شخصية الرسول وقداسته..
هناك قضايا في كتب السيرة لا اتفق معها.. لانها حاولت ان تعطينا صورة متأخرة (بعد 150 عاما عن الهجرة) عن الرسول.. وكانت لها أساسا صورة دينية وليست علمية..
في المقابل لا اوافق على كثير مما نشر في المدرسة الاستشراقية الجديدة.. التي تجحف احيانا في النقد والتشكيك.. وفي تناولها لسيرة النبي والمسلمين الأوائل والتاريخ الاسلامي ككل.. ارجو ان يدرسوا هذا الكتاب بالعربية رغم احتقارهم للبحوث باللغة العربية وأن يستفيدوا من اضافاته.. وهو في كل الحالات بصدد الترجمة الى الفرنسية.. وعندما ننتقد دراسات المستشرقين لا بد من توفير مناخ يساعد على البحث العلمي.. لا بد من مؤسسات جادة لضمان تقدم المعرفة.. لأن الوسط العلمي ضروري جدا.. خاصة في هذه المرحلة التي غلبت فيه المشاغل الآنية والاهتمام بالاحداث السياسية المباشرة...
منذ نصف قرن أو اكثر لم يكتب شيء جدير بالاعتبار عن الرسول والسيرة النبوية.. ماعدا كتاب المستشرق الانقليزي واد.. إذا ما استثنينا كتابات عن التجارة في مكة وغيرها.. وكثير منها من مستوى محدود..
في نفس الوقت فاني احذر من الاعتبارات السياسية والايديولوجية.. لانها تشوش على البحث العلمي التاريخي.. لان ما قام به الرسول عمل تاريخي لكامل البشرية.. وليس خاصا بالمسلمين أ وبمجموعة من عرب الجزيرة.. نحن في حاجة الى ربط الصلة بالتراث من منطلق فكري وجهد علمي..
نقاط استفهام
هناك نقاط استفهام بالنسبة لفترة السيرة بسبب نقص المصادر.. وهذا النقص ليس خاصا بالاسلام.. وكذلك بالنسبة لليهودية والمسيحية وتاريخ الاديان عموما.. لذلك فإنني لم اكتف بالاعتماد على المصادر ودراسات المستشرقين بل حاولت تسليط المنهج الانتروبولوجي على التراث ومرحلة السيرة النبوية..
نقل القرآن عن التوراة والانجيل؟
وخلال حصة النقاش طرحت تساؤلات عديدة على الاستاذ جعيط منها: كيف لنا أن ننتج معرفة علمية وموضوعية عن الظاهرة الدينية خاصة عندما تتعلق بالاسلام التأسيسي الاول رغم قلة المصادر؟ وهل يمكن تقديم مقاربة علمية موضوعية لظاهرة دينية في العصرالاسلامي الاول دون تحصيل معرفة علمية دقيقة عن اللغة العربية ومباحثها؟
من بين القضايا الواردة في الكتاب تساؤلات ونقاط استفهام حول أصول الخطاب القرآني وإن كانت اصول بعض المصطلحات والمفاهيم والقصص مسيحية ورومانية؟؟ هل ان مجرد وجود صورة يوسف في التوراة والانجيل يعني نقل القرآن والنبي محمد لها منهما؟ ماذا عن فكرة التناقض بين الشورى والتنويه بالرسول واستبعاد الخلاف بين المسلمين والرسول بين ظهرانيهم.؟؟. ماذا عن الآيات التي وقع تكرارها..؟ هل يعني التكرار ضرورة التناقض والتداخل؟؟..
نقد لمنهج جعيط.
ومن بين الملاحظات التي وجهت الى الاستاذ جعيط انتقادات في حصر دور المؤرخ في سبيلين لا ارى مبررا لهما: تاثير المسيحية في القرآن والاقرار بألوهية القرآن؟؟.. لماذا اغلاق السبل امام غير السبيلين المذكورين خلال البحث.. وما الضرر في تفاعل النبي مع الاديان السابقة؟ ألم يقع الاستاذ جعيط في أخطاء منهجية وعلمية عندما شكك في تسمية النبي قبل المرحلة المدنية (اورد أن اسمه لم يكن محمدا أو أحمد) ولماذا اعتمد الباحث وثائق اورد انه مشكوك في صحتها؟ كيف كان يتكلم القرشيون؟ ولغة القرآن.. تاريخية النص..
تساؤلات عن المسلمين اليوم
وتساءل عدد آخر من المتدخلين إن كان الهدف من مراجعة التاريخ الاجابة عن اسئلة الحاضر التي تشغل المسلمين والعلم عن الاسلام والنبي محمد وتراث العالم الاسلامي؟ وما هي فائدة العودة الى الماضي لمعرفة مشاكل العصرالحديث؟ وإلى أي حد يمكن المضي مع الاستاذ جعيط في مجال الجرأة في تناول المقدس.. مثل تناول ما وصف ب«اختلاق قصة الكهف لدى النبي».. هل يمكن لكاتب السيرة أن يخرج عن النبرة الايمانية؟؟ ما هو مفهوم التاريخية عند تناول تاريخ السيرة وما الفرق بين التاريخية وفسلفة التاريخ؟ هل التجديد الذي قدمه الباحث من جهة المنهج (الانتروبولوجي) أومن جهة المضمون؟
هل اختار جعيط ان يكون مؤرخ الامة؟
التاريخ علم نسبي
وخلال تعقيبه على التساؤلات اعتبر جعيط أن دراسة تاريخ الاديان مهم جدا لانه قد يؤثر على التفكير الديني.. في هذا السياق جاء الاهتمام بتاثيرات المسيحية على النبي.. وخاصة المدرسة السورية.. نحن نعتمد على النص القرآني في فترة معينة.. ونتساءل هل وجدت تاثيرات ام لا؟
المؤرخ لا يمكن ان يجزم.. لكن يحق له ان يفكر وان يتساءل.. فالتاريخ علم.. لكنه علم نسبي.. مثل بقية العلوم الانسانية.. وبالسنبة لمصدر القرآن والوهيته عند المؤمنين فهذا معلوم.. لكن بالنسبة للباحث يحق له ان يتساءل..
دراسة السيرة اليوم مهمة جدا لكي نعتبر ان المسلمين الذين ولدوا مسلمين لهم قول في تاريخ نبيهم وتاريخ الصحابة وتاريخهم ككل.. وعدم الاقتصار على دراسات المستشرقين.. لم ادرس الدعوة المحمدية من الاعماق بل مسار الرسول في زمانه وتاريخه..
وفي جولة ثانية من التدخلات جاء في كلمة أحد المتدخلين «لا اتفق مع الاستاذ حول تقييماته لكل النصوص العربية الاسلامية والمسيحية الجديدة في تناولها للسيرة.. ورغم النقائص العلمية ومنهجيتها التي تحترم قدسية النص الديني وقدسية محمد.. فهي لا تخلو من الاضافات والتخريجات.. بما في ذلك كتابات هيكل والعقاد وعبد العزيز الثعالبي..
ابن حبيب (المحضر والمنمق) لماذا يعطيه الباحث مكانة خاصة.. وهو الذي جاء بعد قرون من وفاة الرسول مقارنة بابن اسحاق وابن هشام والواقدي؟
وبالسنبة لاعتماد النص القرآني في كتابة السيرة فإن باحثين كبار مثل بلاشار وكيطاني وجاكلين الشابي يتفقون على أن القرآن اصدق وثيقة.. اما ان نعتمده وثيقة ام ان لا نعتمده دون الوقوع في تناقضات منهجية.. مثلما حصل لجعيط.. واعتبر متدخل آخر أنه لاول مرة نجد جعيط يكتب كتابة تاريخية فقط دون توترات وانفعالات.. الله والرسول والقرآن 3 مداخل يعاني منها الباحث العقلاني المعاصر..
وبالنسبة للتوفيق بين المسيحية والاسلام.. هل أن كتاب جعيط الجديد مدخل للمصالحة بين الغرب المسيحي والاسلام؟
معاصرة النبي..
وخلال ردوده اعتبر جعيط أن معاصرة المصدر النبي لا تعني بالضرورة أنه أكثر دقة.. والقرآن يحوي عناصر مهمة منها الجدل مع الاخر.. وينبغي اعطاؤه الاولوية.. وابن حبيب مصدر موثوق جدا في الجملة خصوصا فيما هو انتروبولوجي.. لكنني انتقدته عندما يتحدث عن قرشيين امهاتهم يهوديات.. او عند تحديد قائمة الزنادقة في قريش ولا يضع بينهم ابوسفيان..
وبالنسبة لتسمية قديمة موجودة عند الغساسنة بصفتهم امراء ملوك لكنها لم تكن واردة عند قريش قبل الاسلام.. واسما محمد واحمد وردا في القرآن في الفترة المدنية.. أي بعد تسمية الوحي للرسول في المدينة..
البلاذري يروي عن اخرين أن اسم الرسول لم يكن محمد قبل المرحلة المدنية.. لان الاسم لم يكن موجودا أصلا في قريش..
وبالنسبة لمسألة الصلح مع المسيحية يقول جعيط لم افكر فيه عند كتابة الكتاب عن السيرة النبوية.. لان هدفي كان علميا وفلسفيا أساسا.. لكن القرآن نظر الى المسيح والمسيحية بطريقة ايجابية جدا.. ونجد آية واحدة اعتبرت التثليث كفرا.. في تلك الفترة كان هناك كثير من المسيحيين العرب.. والرسول تعامل مع المسيحيين ايجابا.. رغم خروج الرسول من منطقة وثنية خالصة..
الحج والحج الاكبر والاشهر الحرم مفاهيم قديمة لدى الوثنيين.. أي أنها سبقت الاسلام.. لكنني في النهاية أذكر ان التاريخ علم نسبي.. وأن العلم لا نهاية له.. وعلينا دائما الاستعداد للحوار والتفكير وإعادة النظر في المسلمات.. كما أدعو قراء كتابي إلى قراءة الهوامش وتعليقاتي فيها فكثير منها مهم جدا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.