محسن الزغلامي لأكثر من سبب سيكون للاحتفال بذكرى انبعاث الجيش الوطني لهذا العام "طعم" خاص... فالتونسيون الذين بدوا دوريا - وعلى امتداد العشريتين الماضيتين - وكأنهم غير معنيين "بالمسألة" هم أنفسهم الذين سيكونون - تلقائيا - هذا العام في قلب حدث الاحتفال بالذكرى الخامسة والخمسين لانبعاث هذا السلك الوطني الذي يعتبر الأطهر والأقدس والأكثر مهابة... نقول هذا - لافقط - لأن جيشنا الوطني الباسل لم يعد منذ ثورة 14 جانفي المجيدة بمثابة "ذلك المجهول" في عيون عموم التونسيين بعد أن رأوه ينحاز - وبالكامل - اليهم والى الوطن ابان ثورة الشعب على دولة الفساد والاستبداد وانما كذلك لأن طبيعة المرحلة تقتضي وتستوجب - من بين ما تستوجب - "حالة" من الالتفاف الشعبي - غير المسبوق - حول رجالات المؤسسة العسكرية من أجل تقوية "جبهة" الدفاع عن الثّورة وحمايتها - من جهة - وكذلك من أجل الوصول بها الى تحقيق نتائجها المنطقية ممثلة خاصة في اقامة دولة العدل والقانون والحريات على أنقاض دولة القمع والبطش والتهميش والجور... ربما بدا للبعض أنه من قبيل "المفارقات" أن يتحدث متحدث عن "العسكر" والمؤسسة العسكرية بهذه "العبارات"... ولكن مجرد التذكير بالدور التاريخي الذي اضطلع به شرفاء هذه المؤسسة الوطنية العتيدة - ابان ثورة 14 جانفي المجيدة - والذي حال - وفي الوقت المناسب - دون وقوع الكارثة ، أي دون سقوط تونس في أتون الفوضى العارمة والانفلات الأمني والاقتتال الداخلي قد يكون كافيا لجعل هذا الكلام يبدو - لا فقط - قولا مقنعا وانما أيضا ذا مصداقية... هذا فضلا عن نبل الأسس التي انبنت عليها - تاريخيا - رسالة جيشنا الوطني الباسل والذي لم نعرف عنه - عبر تاريخ تونس المعاصر - أنه استغل ظرفا أو مناسبة أو حدثا ما لكي ينقض على السلطة ويقيم حكما عسكريا ديكتاتوريا يطغى من خلاله ويستبد مثلما هو الشأن لبلدان عربية أخرى في المشرق والمغرب... طبعا ، نحن نكتب هذه الكلمات بمناسبة الاحتفال بالذكرى الخامسة والخمسين لانبعاث الجيش التونسي ولسنا في وارد مناقشة أولئك المتوجسين خيفة من دور وطني تاريخي حاسم يضطلع به جيشنا الباسل ويواصل من خلاله حمايته الشجاعة لثورة 14 جانفي المجيدة لكي تبقى ثورة وطنية وتحررية في منطلقاتها وأبعادها وأهدافها... ولكننا - مع ذلك - سنشير الى حقيقة جوهرية تبدو جلية وواضحة لمن لا يريد أن يكابر... حقيقة مفادها أن الديمقراطيات الحقيقية في عالم اليوم هي تلك التي وجدت لها - ولا تزال - في المؤسسة العسكرية ذلك الظهير القوي والحامي... سنذكر - هنا وعلى سبيل الذكر - الولاياتالمتحدة وتركيا فقط وذلك لأننا لا نريد أن نسترسل في ذكر الأسماء... فنحن لا نحب ذكر اسم دولة اسرائيل... مرة أخرى... كل عام والجيش التونسي بخير حاميا للوطن وللثورة التاريخية المباركة ، ثورة 14 جانفي المجيدة...