إثر الإعلان عن الفائز بجائزة أبي القاسم الشابي التي يسندها البنك التونسي تنادت بعض الأصوات والأقلام برفض النتيجة على أساس أن بعض أعضاء لجنة التحكيم قد أسروا للكاتب مصطفى الكيلاني بأن الجائزة كانت له وتم تحويلها إلى كاتب سعودي في آخر لحظة. وتناولت وسائل الإعلام الوطنية باهتمام »حادثة« البنك التونسي، الا ان النقاش توسع ليشمل مختلف الجوائز وانتهيت من خلال ذلك الى الملاحظات التالية: - كل الجوائز متهمة بالمحاباة والمحسوبية. - جائزة كومار للرواية التونسية رؤساء اللجان وأعضائها لم يتغيروا منذ تأسيسها. - جائزة كومار تسند جائزتها الأولى إلى روايات صادرة عن نفس دار النشر بانتظام. وبما أني المنسق العام لجائزة كومار الذهبي منذ تأسيسها رأيت من الضروري أن أتدخل بمعلومات لا بد من إعادتها إلى الأذهان تعميما للفائدة، وعلى الأصدقاء والزملاء النظر فيها ثم إصدار الأحكام والمواقف وفق معلومات صحيحة ومتكاملة. لقد تأسست جائزة كرمار الذهبي سنة 1997 لتشمل الرواية المكتوبة باللغة الفرنسية فقط، ثم تداركت مؤسسة كومار للتأمينات الأمر وجعلت الجائزة شاملة للإبداعات الروائية التونسية في اللغتين العربية والفرنسية بداية من 1998 ودعتني هذه المؤسسة مشكورة إلى تنسيق أعمال الجائزة من يومها.. إذن هي جائزة مختصة في الرواية التونسية وتهدف إلى النهوض بها والتشجيع على قراءتها وتحفيز دور النشر على الاعتناء بها. وقد تقدمت لهذه الجائزة عام 1998، 14 رواية تونسية باللغة العربية، و7 روايات باللغة الفرنسية لنيل 6 جوائز هي كالتالي: 1- جائزة »كومار الذهبي« للرواية باللغة العربية 2- جائزة »كومار الذهبي« للرواية باللغة الفرنسية 3- جائزة لجنة التحكيم الخاصة (بالعربية) 4- جائزة لجنة التحكيم الخاصة (بالفرنسية) 5- جائزة تقديرية، أو جائزة الرواية البكر (بالعربية) 6- جائزة تقديرية أو جائزة الرواية البكر (بالفرنسية) وإن هيئة الجائزة تحرص كل الحرص على عدم ترتيب هذه الجوائز أدبيا وإن كانت مرتبة من النايحة المالية. وقد تطورت الرواية التونسية من حيث الكم من 14 رواية باللغة العربية عام 1998 و7 روايات باللغة الفرنسية إلى 27 رواية باللغة العربية عام 2010 و17 رواية باللغة الفرنسية. وبعد أن كانت الرواية في تونس حدثا كبيرا عند صدورها مهما كان مستواها الأدبي وعمقها الفكري، أصبحت الرواية تصدر بانتظام وبتواتر واضح ولا يشدك منها إلا النص المتميز. وفي ظرف 15 سنة نظرت هذه الجائزة في 450 رواية تونسية 280 منها باللغة العربية والبقية باللغة الفرنسية في حين أن تونس إلى غاية 1997 لم تنتج غير 132 رواية على مدى 97 سنة إذا ما انطلقنا من عام صدور الرواية الأولى »الهيفاء وسراج الليل« ولم ننتج غير 125 رواية إذا ما انطلقنا من سنة 1959 أي سنة الاستقلال التام. ذلك على مستوى الكم، أما على المستوى الفني والجمالي فإن الرواية في تونس قد شهدت تطورا كبيرا وأصبحت لنا روايات معتبرة اهتم بها الدارسون والنقاد في كل أنحاء العالم وخاصة في تونس وباقي الوطن العربي بل إن الكثير من الشهائد العليا قد نالها أصحابها من خلال إعداد أطروحات جامعية بمختلف درجاتها حول الرواية في تونس. أما القول بأن أعضاء لجنة التحكيم لم يتغيروا منذ تأسيسها فهو قول مردود لأن لجنة التحكيم تشهد تغيرا بنسبة النصف من سنة إلى أخرى. وإذا ما بقيت في مكاني ولم أخرج من منصب المنسق العام للجائزة فهذا أمر عادي ولا يمس اطلاقا بقيمتها ولا بصيرورتها ومسيرتها ويشهد على ذلك كل الذين مروا بهذه اللجنة من مبدعين وإعلاميين ونقاد وأساتذة جامعيين فإن كنت عضوا بها ليس لي غير صوتي وإن كنت خارجها لم يحدث أن تدخلت بحرف واحد لفائدة كاتب أو ضد آخر. ويشهد الله على ما أقول ويشهد كل من تعامل معي في هذه الجائزة على ذلك. وقد ساهم في لجان التحكيم من سنة 1997 إلى سنة 2011 من المبدعين كل من سمير العيادي وعبد القادر بن الحاج نصر، وعز الدين المدني وعروسية النالوتي ونافلة ذهب وآدم فتحي ونجاة العدواني ومسعودة أبوبكر وظافر ناجي وحافظ محفوظ ورضوان الكوني، ومن الأساتذة الجامعيين الذين شاركوا نذكر فاطمة الأخضر، ومحمد القاضي وفوزي الزمرلي ومحمود طرشونة ومنصور قيسومة وفوزية صفار وألفة يوسف وزهيرة جويرو، وجليلة طريطر، وصلاح الدين بوجاه وكما تلاحظون فإن بعضهم يجمعون بين الإبداع والنقد والبحث والتدريس في الجامعة، كما أن لجان التحكيم ضمت أيضا من النقاد من خارج الجامعة الأب جون فونتان وفرج شوشان وحاتم بوريال. واقتصرت هنا على ذكر أسماء أعضاء اللجان التي نظرت في الروايات باللغة العربية أما أسماء اللجان التي نظرت في الروايات باللغة الفرنسية فهم أيضا من أهم النقاد والأساتذة الجامعيين بتونس. فهل يجب أن نختار أعضاء من بلدان عربية وأجنبية حتى تطمئن القلوب!! هذا أمر لا يجب أن نفكر فيه إطلاقا والقائمة التي ذكرتها هنا تغنينا عن هذا التفكير العقيم. أما عن الفائزين فحدث ولا حرج فلا أحد منهم طيلة 15 سنة احتج على النتائج.. وإن سجلنا بعض الغاضبين لأنهم لم يفوزوا بالجائزة. أولا: احتج حسن بن عثمان لما قسمنا الجائزة بينه وبين حافظ محفوظ في دورة 1999 عندئذ قال حسن بأنه كتب رواية كاملة ولذا فإنه ينتظر الفوز بالجائزة كاملة! وقد تسلم جائزته في الإبان. ثانيا: احتج حسونة المصباحي لأنه نال عام 2010 جائزة لجنة التحكيم ورفض تسلمها ربما لأنه كان ينتظر الكومار الذهبي وهو حر في رفض جائزة لجنة التحكيم الخاصة وليس حرا في المطالبة بالكومار الذهبي رغم أني لا أغمط حقه في اعتبار روايته الأفضل ضمن المشاركات كلها. ثالثا: قال البعض بأن جل الفائزين أصدروا رواياتهم عن دار الجنوب للنشر. وهذا كلام لا أساس له من الصحة على الإطلاق فإن أغلب الفائزين أصدروا رواياتهم وإما على نفقتهم الخاصة وأما عن دور نشر أحيانا تكون صغيرة جدا. نعم هناك عدد لا بأس به من الروايات التي صدرت عن دار الجنوب ونالت الكومار الذهبي (سبع روايات).. ومن الطبيعي جدا أن تخرج روايات عن هذه الدار قادرة على المزاحمة نظرا لالتزام دار الجنوب بالمعايير المهنية المطلوبة في النشر والتوزيع. وأذكر هنا أن روايات عبد القادر بن الحاج نصر وحسن بن عثمان وحافظ محفوظ وإبراهيم الدرغوثي وعبد الواحد إبراهم ومحمود طرشونة ومسعودة أبوبكر وظافر ناجي وآمنة الوسلاتي وحسونة المصباحي وحفيظة قارة بيبان والحبيب السالمي ومحمد الجابلي والناصر التومي وفوزي الديناري والأزهر الصحراوي وغيرها لم تصدر عن دار الجنوب ونالت كل أنواع الجوائز التي تسندها كومار سنويا. وإني أرى أنه يجب أن يفتخر كل الذين فازوا بهذه الجائزة بأعمالهم وبجوائزهم وبمسيرتهم لأن كومار لم يحدث فيها أي أمر يمس بسمعتها، على أني أعتبر أن الغاضبين الذين يظهرون على إثر تسليم الجوائز أمر عادي جدا.. فكل من كتب رواية يتصور أنه كتب الأفضل ولكن لجنة التحكيم لا تختار إلا ثلاثة روايات للجوائز كل سنة. وإذا ما غضب أحدهم من وجود هذا العضو أو الآخر في اللجنة فإن الغضب لا يدوم لأن الأعضاء يتغيرون كل سنة ويجب أن نشكرهم لأنهم معي يقومون بالواجب وأكثر دون أن تكون المكافأة مدعاة للصراع. فهي بسيطة جدا لا ترقى إلى مستوى الجهود المبذولة والجميع يؤمنون بأن الفخر كل الفخر في المساهمة في جعل هذه الجائزة في صدارة الاهتمامات للتشجيع على الإبداع الروائي والأدبي.