هل فكرت البلديات ووزارة التجارة في بديل عن البطاح بعد هذا القرار؟ غابت الحركية المعهودة عن عديد البطاح المعروفة بنشاطها الخاص بعرض العلوش في مثل هذه الأيام... فإلى أين سيتوجه المواطن؟ تونس الصباح :رغم اننا على ابواب عيد الاضحى وما تسبقه من حركية كبرى في البطاح والاسواق من عرض للاضاحي واقبال من طرف المواطنين على هذه الاماكن، فقد بدا المشهد مخالفا تماما للعادة، حيث مازالت الحركية محدودة جدا، والاهتمام بالعلوش لم يمثل صدارة اهتمامات العائلات من ناحية، ثم وفي جانب آخر من المشهد المعهود، أين هي تلك القطعان من الخرفان التي كانت تزحف على الاسواق والبطاح الخاصة بعرضها خصيصا في مثل هذه الايام التي تسبق العيد بقليل من الايام؟ هل يمكن تفسير الظاهرة بعامل الزمن الذي مازال كافيا لعرض الاضاحي، ام بصعوبة الظروف المادية للعائلات أو بالظروف السكنية للعديد من العائلات التي تقطن في عمارات ولا يمكنها ان تتحمل اعباء الاضحية لايام قبل موعد العيد؟ قد تكون هذه الاسباب مجتمعة وراء هذا التأخير الحاصل في عرض الاضاحي. لكننا نعتقد أن هناك عاملا آخر اهم غيب الظاهرة لحد الآن، وقلل من ارتسامها كمشهد عام يبرز في مثل هذه الفترة في كل احياء وجهات تونس الكبرى. فماهو هذا السبب ياترى؟ وهل قرأت له السلط البلدية حسابا؟ المشهد وارتسامه حسب ما كانت تقتضيه العادة علاوة على سوق بيع الدواب بالوردية الذي ينشط بشكل دوري، وبصفة متواصلة، ويتميز ايضا بحركية كبرى في مثل هذه الايام التي تسبق عيد الاضحى بقليل.. فإن المشهد العام بتونس الكبرى كان يتميز في مثل هذه الفترة بكثرة قطعان العلوش التي تجلب من كل مكان فيغطي حضورها كل البطاح والاماكن وحتى الاحياء والشوارع والازقة والاحياء.. لكن الذي يلفت الانتباه، ويطرح عديد الاسئلة لدى المواطنين هو غياب هذه القطعان كمشهد عام مألوف لديهم، وحيرتهم في تواصل هذا الغياب على الرغم انه لم يعد يفصلنا إلا القليل عن عيد الاضحى. الحقيقة ان مشهد عرض الاضاحى كان يمثل حركية كبرى في العاصمة ويحتل صدارة الاهتمامات في مثل هذه الايام .. ويمتد هذا المشهد لعدة اسابيع دون انقطاع، يجلب هذا المشهد بارتسامه اهتمام الكبار والصغار فتتكرر الزيارات العائلية لأماكن عرض العلوش، علاوة على الحركية الاقتصادية الهامة التي تنشأ عن المشهد والعروض، وهي صورة باتت من العادات والتقاليد التي يتعلق بها المواطنون ويولونها اهتماما كبيرا وحيزا من وقتهم، على اعتبار الفرحة بالعيد والاضحية والتفاف العائلة حول الموضوع ومشاركة الجميع في اختيار الاضحية. سيجت البطاح فغاب المشهد وبقي المواطن في الانتظار مشهد عرض علوش العيد او الاضحية يرتسم في العاصمة ويكون في متناول الجميع لقربه منهم، ففي مثل هذه الفترة يعمد المربون للتوجه بقطعانهم الى العاصمة، هذا يختار التوجه لنقاط البيع بالميزان، والاخر الى اسواق الدواب، وغيرهم كثيرون جدا يتولون عرض خرفانهم مباشرة الى المواطنين سواء في الشوارع او الساحات العامة او التنقل بشكل دقيق داخل الاحياء.. ولعل البارز في هذا المشهد والذي يمثل العروض الاهم والاكثر نشاطا واقبالا من طرف المواطنين، هو عرض الاضاحي في الفضاءات او المساحات البيضاء الموجودة داخل الاحياء. وهنا يمكن ان نذكر العشرات منها مثل بطحة اريانة، وبعض البطاح الاخرى القريبة من المنازه، وغيرها التي توجد في عديد الاحياء المحيطة بالعاصمة والتي كانت تمثل الاسواق المعهودة لدى المواطن في ابتياع الاضاحي. فما الذي حدث ليغيب نشاط هذه البطاح وتبقى لحد الان قفراء ولاحركة تذكر فيها بخصوص بيع اضاحي العيد؟ خلال الاسابيع القليلة الماضية، صدر منشور عن وزارة الداخلية والتنمية المحلية، وجه الى البلديات والدوائر البلدية، وخصص لدعوتها لتسييج كافة المساحات البيضاء المتواجدة بالاحياء، قصد حمايتها من الممارسات التي باتت تعتمدها للتخلص من انواع الفضلات، وفعلا بادرت البلديات ودوائرها بتسييج هذه الفضاءات في فترة وجيزة، مما جعلها محمية من كل انواع التجاوزات التي كنا نشاهدها في كل يوم. لكن الذي لفت الانتباه الاضاحي والذي ربما يكون قد غاب عن البلديات خصوصا في مثل هذه الايام، هو ان هذه الفضاءات والبطاح كانت تمثل اسواقا وقتية لعرض اضاحي العيد، وقد اثبتت الاحصائيات انها الاكثر عرضا وبيعا وحركية بهذه المناسبة، على اعتبار انها تناسب البائعين في التخييم قرب الاحياء، والمواطنين في التوجه لها لاقتناء الأضحية. ومن بين ما كان معهودا لدى الاطراف الناشطة في هذا المجال، والمواطنين خصوصا في مثل هذه الايام، ان العروض تتكثف في هذه البطاح وتأخذ طابع النشاط على مدار ساعات النهار وحتى الساعات الاولى من الليل، وتكون قبلة الناس سواء لابتياع الاضحية او الفرجة والاختيار، ويزيد المشهد عمقا عندما تشاهد ناشطين في بيع الاعلاف الخاصة بالاضاحي، والعديد من اصحاب وسائل النقل البسيطة وحتى الشاحنات الصغيرة الذين يتولون عرض خدماتهم في نقل الخرفان الى المحلات. لقد غابت هذه الحركية عن هذه البطاح، فلا خرفان بداخلها، ولا عارضون من المربين والتجار، كما ولى توجه المواطنين اليها، على اعتبار انها مقفلة في وجه الجميع، النشاط محظور داخلها. ولعل السؤال الذي يتبادر الى الذهن في مثل هذا الواقع الذي تميزت به الايام القليلة التي تسبق موعد عيد الاضحى، وفي غياب نشاط هذه البطاح التي كانت تمثل اسواقا وقتية لعرض الخرفان هو: هل ستصر البلديات على مواصلة غلق هذه الفضاءات في وجه المربين والفلاحين والتجار من عارضي الاضاحي، وكذلك في وجه العائلات التي كانت تقصدها للتزود بالاضحية؟ ان دواعي تسييج هذه الفضاءات وحمايتها كان مثل فعلا قرارا هاما، للحد من جملة التجاوزات التي تحصل عبرها، لكن والحال انها كانت تمثل في فترات عيد الاضحى مكانا او اسواقا للاضحية تعود عيها الفلاحون والمواطنون، فإن غلقها سيمثل ارتباكا للمشهد العام الخاص بهذه المناسبة، وصعوبة للمواطن في اقتناء اضحيته، بعدما كان متعودا على هذه البطاح. ولعل الحل الامثل في مثل هذا، هو السماح بفتح اسيجة هذه الفضاءات وعودتها لنشاطها المألوف خلال هذه الايام التي تسبق عيد الاضحى، ثم غلقها بعد ذلك. اننا نعتقد ان هذا ليس بصعب على البلديات، بل يمثل استجابة لمواطنيها على جملة من المستويات، خاصة ان النشاط عبرها في مثل هذه الفترة يغلب على نشاط حتى الاسواق الخاصة ببيع الدواب.