هز نبأ مقتل اللواء الليبي المنشق عبد الفتاح يونس في ظروف غامضة أوساط المعارضة الليبية نظرا للثقل الذي تمثله شخصية هذا الضابط العسكري الذي طالما كان من رجالات حكم القذافي وشارك معه في انقلاب 1969 الذي أوصل العقيد الليبي إلى السلطة. فيونس ليس مجرد قيادي عسكري عادي حيث تبوأ منصبا وزاريا حساسا مع القذافي هو منصب وزارة الداخلية بل كان يحوز على ثقة العقيد الليبي وجاء انشقاقه عنه كضربة موجعه لنظام طرابلس ما جعل القذافي يعقد العزم على تصفيته بحسب عديد الجهات. ضربة موجعة ويرى عديد المراقبين أن هذا الاغتيال مثل ضربة موجعة للمعارضة التي بدأت تشهد تصدعات حتى قبل اغتيال يونس الذي تعددت الفرضيات الهادفة إلى معرفة الجهة أوالجهات التي تورطت في اغتياله. وتذهب الفرضية الأولى إلى اتهام جهات من داخل مجلس الحكم الانتقالي تتبنى فكر الإسلام السياسي خاصة وقد حامت عديد الشكوك في الفترة الماضية حول اتصالات سرية ليونس مع نظام القذافي. وذهب البعض إلى حد اتهامه بالولاء السري له وبأنه يلعب لعبة مزدوجة وهذا ما يفسر الفتورالذي طغى على العمليات العسكرية للثوارالليبيين خلال الفترة الماضية خاصة أن يونس كان القائد الأبرز المؤثر على سير المعارك. أما الفرضية الأخرى فتلمح إلى تسلل عناصر من كتائب القذافي سرا إلى مناطق الثوار حيث يقيم يونس و تنفيذها لعملية الإغتيال. فالنفس الانتقامي كان طاغيا على مشهد اغتيال زعيم الثوار الذي حرقت جثته وامتلأ جسده بالرصاص وهو ما يرجح فرضية انتقام كتائب القذافي. كما يؤكد من يدعم هذه الفرضية أن الكتائب تقف وراء بث إشاعة تورط الإسلاميين من داخل مجلس الحكم الإنتقالي في عملية الاغتيال في إطار حرب نفسية تهدف إلى خلق حرب أهلية وإحداث انقسامات وشروخ بين القبائل التي ينتمي إليها الثوار. سيناريوهات و إذا رحجت الفرضية الأولى فإن النتائج ستكون وخيمة على الثوار حيث سيشهد مجلس الحكم الإنتقالي المزيد من التصدعات داخل مكوناته و قد يتطورالأمر إلى حرب أهلية بين الثوار يستفيد منها نظام القذافي المترنح الذي قد يستعيد توازنه و ينطلق في استعادة سيطرته على مدن الجبل الغربي القريبة من العاصمة طرابلس بداية ثم المدن الشرقية الخاضعة لمجلس الحكم الانتقالي وصولا إلى عاصمة الثوار مدينة بنغازي. أما إذا رجحت الفرضية الثانية و ثبت تورط كتائب القذافي في عملية الاغتيال فإن المعارك ستشتد ضراوة بين الطرفين و سيسعى الثوار للانتقام لمقتل قائدهم و سيخسرالقذافي المزيد من المؤيدين من أنصاره خاصة أن طريقة الاغتيال كانت على درجة كبيرة من البشاعة وصلت إلى حد التشهير بجثة عبد الفتاح يونس وهو أمراستنكره الجميع. و يرى كثير من المراقبين أنه إذا ثبت بالفعل أن القذافي يقف وراء عملية الاغتيال فإن ذلك مؤشر على أن العقيد لازال يتمتع بيد طولى قادرة على الضرب في كل مكان لم تؤثرفي قدرتها ضربات الناتو الموجعة التي استمرت لعدة أشهر و لم تحقق بعد النتائج المرجوة منها سوى نجاحها في فرض منطقة حظر للطيران قللت من الخسائر البشرية في صفوف معارضي القذافي. وتبقى الأيام القادمة كفيلة وحدها إلى جانب التحقيقات بإماطة اللثام عن هذا اللغزالذي مثل تطورا على غاية من الأهمية في المشهد الضبابي الليبي.