كشف لزهر العكرمي الوزير المكلف بالإصلاحات المعتمد لدى وزير الداخلية عن تفاصيل خارطة طريق لإصلاح المنظومة الأمنية. معلنا عن قرب تشكيل لجنة خبراء وكفاءات ممثلة لجميع الاطراف للشروع في ضبط خطة الاصلاح الامني التي ستقود الى بناء منظومة امنية ذات جدوى وتليق بدولة ديمقراطية. وقال خلال اللقاء الإعلامي الدوري الذي عقده امس بمقر الوزارة الأولى بالقصبة أن الاصلاحات الأمنية المقترحة جاءت نتيجة ماراطون من الاستشارات مع جميع الأطراف ذات العلاقة ومنهم خبراء من تونس والخارج وكفاءات أمنية مباشرة. مفيدا ان اللجنة ستضم ممثلين عن عديد القطاعات منها القضاء والمالية والمجتمع المدني ومتطوعين من ذوى الكفاءات مضيفا انها ستشتغل على عدة محاور للاصلاح الامني بدءا بالانتداب والتكوين وصولا الى التشريعات وتغيير السلوكيات والعقليات.. وشدد العكرمي على أن الإصلاح الأمني لا يمكن أن يكون معزولا عن اصلاحات أخرى من المقرر أن تشمل مؤسسات الدولة بشكل عام مثل اصلاح الإدارة والقضاء. مشيرا إلى أن تقييم نتائج الاصلاحات الشاملة لمؤسسات الدولة الديمقراطية المنشودة بما فيها المنظومة الأمنية لن يتم إلا بعد عشر سنوات. وأوضح أن من المفاهيم الجديدة التي تم التوصل إليها هي أن يكون الأمن في خدمة الديمقراطية، واعادة هيكلة وزارة الداخلية حتى تتفرغ للجانب الأمني فقط وتقدم خدمة أمنية للمواطنين، وقال إن شعار الاصلاح المقترح تغيير صبغة الأمن من أمن النظام العام إلى امن الخدمة العامة وهو ما يقتضي هيكلة جديدة. وأكد العكرمي أن القوى الأمنية اليوم في حاجة لهوية جديدة تتمثل في « أمن الجوار» مثل أغلب القطاعات، «في إطار تطلعات الشعب التونسي لمجتمع ديمقراطي»، مضيفا أن وظيفة الأمن هي التدخل في حال الخروج عن القانون، والغاء التعليمات التي هي في خدمة سياسي او رئيس جمهورية او مجموعة مصالح مالية تحمى بتعليمات مخالفة للقانون. وتتضمن الإصلاحات المقترحة تجديد صورة رجل الأمن، شكلا ومضمونا بدءا بتغيير الزي الأمني وهو بصدد الإعداد للقطع مع الصورة القديمة، وإرساء ثقافة مهنية جديدة تقوم على قيم الدولة الديمقراطية، وتنمية القدرات الأمنية لرجل الأمن، ورفع الكفاءات من خلال اصلاح طرق الانتداب والتكوين. واقترح وزير المكلف بالإصلاحات انشاء كلية مستقلة للشرطة والحرس الوطنيين تعتمد مقاييس على طريقة المعاهد العليا للدراسات التكنولوجية تفتح لحاملي الباكالوريا مع مدة تكوين لمدة سنتين تشمل التأهيل البدني والفني والنفسي والدراسي. كما اقترح احداث مركز دراسات إستراتجية أمنية وظيفته البحث عن مجالات حيوية اقتصادية لتونس، وقال إن الأمن الخارجي او أجهزة الاستخبارات يفترض ان لا تكون ادارة داخل الداخلية بل يجب أن تكون وكالة ممولة جيدا تستقطب كفاءات قادرة في ظل التنافس الاقتصادي على انارة السبيل للبحث عن فرص اقتصادية جديدة لبلادنا. اضافة إلى حماية الحدود والدولة وتراب الوطن... ولاحظ العكرمي ان مراكز الشرطة تعاني من ضعف في التجهيز والعدد، وتداخل الوظائف والمهام وقلة النجاعة، مشيرا إلى وجود دراسة لمراجعة المثال العقاري والهندسي لمركز الشرطة، وجعلها مراكز قوية قادرة وفعالة على أن لا يقل عدد الأعوان في كل مركز بين 40 إلى 60 عونا، والفصل بين العمل العدلي والعمل الإداري. كما تقترح الخطة الاصلاحية ارساء ثقافة أمنية جديدة غير قائمة على العنف بل على التدخل الأمني المهاب وأن تكون المراكز الأمنية قادرة على تسيير دورية من أجل العمل الوقائي بعدد اعوان كاف، من أجل تراجع نوايا الإجرام. وكشف أيضا عن وجود فكرة لتامين تواصل بين المؤسسة الأمنية والمؤسسات التربوية وترتيب زيارات لرجال امن لمؤسسات تربوية وتعليمية، تهدف إلى ارساء ثقافة حقوق الإنسان والحوار. وفند الوزير وجود سياسة تعذيب بعد 14 جانفي وقال :» مواقع الإيقاف بوزارة الداخلية هي الآن فارغة ولا يوجد فيها أي موقوف»، معبرا عن أمنيته ان تتم برمجة زيارات لتلاميذ المدارس لغرف الاعتقال وأن يقوموا بالرسم على جدرانها. وأعلن عن تنظيم ورشة عمل يوم 6 أكتوبر الجاري تهدف إلى ارساء مقاربات اتصالية لأمن ديمقراطي. وتهتم بالحوار والبحث في افضل المقاربات الاتصالية والإعلامية. مشيرا إلى أن تغيير الثقافة المهنية لرجال الأمن تقتضي وجود مواطن يحمل ثقافة المواطنة.. ولاحظ العكرمي اهتماما ضعيفا للأحزاب لإصلاح المنظومة الأمنية وغيابها عن المشاركة في الحوار الوطني حول إصلاح الأمن خلال الملتقى الاول المخصص لهذا الملف والمنعقد مؤخرا مبينا ان حزبين سياسيين فقط شاركا في هذا الملتقى. وأكد دعمه لحق التنظم النقابي للأمنيين ولكنه اعترض على اسلوب الاضراب في الدفاع عن حقوقهم النقابية، وأرجع ما حدث مؤخرا في سلك الحرس الوطني الى انعدام التكوين في المجال النقابي والى اجواء الانفلات التي تحدث في زمن الانتقال الديمقراطي.