أصدرت بعثة ملاحظي الإتحاد الأوروبي أمس خلال ندوة صحفية تقريرها الأولي بخصوص انتخابات المجلس الوطني التأسيسي تحت عنوان "خطوة أولى مشجعة نحو الديمقراطية" قيّمت من خلاله كامل العملية الإنتخابية منذ بداية حيثياتها التنظيمية إلى يوم الإقتراع، فجاء "التقييم ايجابيا" بنسبة 97 بالمائة من مكاتب الإقتراع التي تمت ملاحظتها وإسناد ملاحظات بين "حسن جدا" و"حسن". وقد تضمن تقرير بعثة الإتحاد الأوروبي ملاحظات حول تمويل الحملة الإنتخابية وأجوائها وسير عمل الهيئات الفرعية للانتخابات والمحاكم الإبتدائية والدوائر الإستئنافية للمحكمة الإدارية بالإضافة إلى التغطية الإعلامية لهذا الحدث الانتخابي. وقد أكد ملاحظو البعثة في تقريرهم أن "عمليات التصويت تمت بشكل جيّد اجمالا، وذلك نتيجة الوفاق السياسي القوي وجسمته إرادة قوية للشعب التونسي في أن تحكمه سلطة منتخبة ديمقراطيا تحترم دول القانون" حسب ما صرح به ميكائيل غاليير رئيس البعثة. ومن جهة أخرى أكدت البعثة أن "القوانين المتعلقة بتمويل الحملة الإنتخابية جاءت مفصلة لكن آلياتها في مجال الرقابة متداخلة ويصعب تطبيقها من قبل مختلف الهياكل الإدارية والقضائية" وبالتالي فإن "الآجال الممنوحة للهيئة العليا المستقلة للإنتخابات لإلغاء نتائج بعض قائمات المرشحين في حالة خرق تلك القوانين تبدو قصيرة جدا إذ أنها تنتهي عند إعلان النتائج الأولية". وبخصوص سير عمل الهيئات الفرعية للإنتخابات والمحاكم الإبتدائية فقد لاحظت البعثة أنها طبقت "معايير مختلفة في قبول أو رفض تسجيل الترشحات على عكس دوائر الإستئناف بالمحكمة الإدارية التي اتسمت بالشفافية واحترام الآجال القانونية" وقد "ضمنت تلك الدوائر، عموما، تمشيا موحدا في البت في القضايا كما قدمت في بعض الحالات فقه قضاء مبتكرا".
تغطية إعلامية متوازنة
وجاء في تقرير البعثة أن "الهيئة العليا المستقلة لإنتخابات تمكنت في آجال قصيرة جدا من بعث إدارة انتخابية تعمل في إطار الشفافية وتتمتع بثقة الفاعلين في المسار الإنتخابي غير أن فروع الهيئة قد اضطروا إلى أن يحددوا وأن يطبقوا طرقهم الخاصة في العمل في غياب تعليمات كافية من الهيئة المركزية" وفي ما يخص الحملة الإنتخابية لاحظت البعثة أنها "كانت محتشمة واكتنفها الهدوء باستثناء بعض عمليات التخريب المعزولة". أما بخصوص التغطية الإعلامية فقد أكد ملاحظو البعثة أن "الصحافة لعبت دورا إيجابيا في إعلام الناخبين" مؤكدين على أنه تمّ "احترام حرية التعبير" كما أن "وسائل الإعلام والإتصال السمعية البصرية العمومية قامت بمهمة حقيقية باعتبارها مرفقا عاما وذلك باحترامها احتراما دقيقا قاعدة المساواة في التعامل مع قائمات المترشحين وقد أتاحت وسائل الإعلام والإتصال الخاصة الإمكانية لأهم الحساسيات السياسية للتعبير عن أفكارها" فكانت التغطية في العموم متوازنة. كما أشادت بعثة ملاحظي الإتحاد الأوروبي بحرص الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات على اعطاء الطابع الشمولي لمشاركة التونسيين في الإنتخاب وذلك بمواصلة عملية التسجيل بعد الآجال المحددة مسبقا. إلا أن البعثة رأت أنه كان على "الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات، بالنظر إلى مسؤولياتها القانونية، القيام بحملة مناسبة للتربية المدنية" فقد لاحظت البعثة أن "الناخبين ينقصهم الإعلام بشأن هدف هذه الإنتخابات ومعناها وكذلك بشأن رهانات وصلاحيات المجلس التأسيسي".
احترام الثوابت القانونية
وفي ندوة صحفية ثانية التأمت أمس أيضا وضمن سلسلة المهام الموكولة لمختلف الأطراف الأجنبية المعنية بملاحظة انتخابات المجلس الوطني التأسيسي أعلن "مركز كارتر" بدوره عن جملة من الملاحظات التي أفرزتها العملية الإنتخابية في مجملها. وقد صبت ملاحظات "مركز كارتر" التي تكونت لجنته من 62 عضوا من 25 جنسية في نفس الإتجاه والتعاليق التي أوردتها بعثة ملاحظي الاتحاد الأوروبي حيث بيّن كسّام ايتيم ممثل "مركز كارتر" أن مسار الانتخاب تميز بالحماس والمشاركة الكثيفة وبالسلم والهدوء. كما أكد أن "المسار كان شفافا وواضحا مما أبرز الثقة العامة للتونسيين في هذا الانتقال الديمقراطي" وأضاف أن "وقوف التونسيين في طوابير تجاوز طولها الكيلومتر ولساعات طويلة خير دليل على هذا الحماس وعلى الوعي السياسي الكبير للشعب التونسي وعلى وطنيته وتحضره بما يخوله أن يكون من الفاعلين في بناء المسار الديمقراطي". وبيّن ممثل "مركز كارتر" أنه "تم احترام كل الثوابت التي وضعت من قبل الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات باستثناء بعض التجاوزات التي لا يمكن أن تؤثر على شفافية الانتخابات والتي مارستها بعض الأطراف" كما أكد على نجاح الهيئة في إرساء الثقة بين كل الأطراف المشاركة في العملية الانتخابية واثبات استقلاليتها وشفافيتها بالرغم من جملة من النقائص والتي شملت عملية احتساب الأصوات وبطء الإجراءات بسبب نقص في التكوين والقائمات الطويلة التي قامت بالتصويت" بالإضافة إلى "تدخل بعض الملاحظين وفي بعض الأحيان لتسهيل المسار والذي كان عن حسن نية".