عبد الستار بن موسى ل«الصباح»: خطأ مؤلم في موعد سيؤرخ في الذاكرة الوطنية أثارت قراءة قائمة منقوصة لشهداء الثورة خلال الجلسة الإفتتاحية للمجلس التأسيسي ردود أفعال عديد الأطراف وفي مقدمتهم عائلات الشهداء بعد أن أغفلت القائمة التي تلاها أحد أعضاء المجلس أسماء أبنائها. وفرضت ردود الأفعال نفسها أمس على مداولات المجلس التأسيسي عندما تدخل عدد من أعضائه لإبلاغ إستياء الجهات التي يمثلونها بعد أن أسقطت القائمة عدد من شهدائها. كما امتدت ردود الأفعال هذه بخروج مسيرات منددة بهذا الخطأ في ولاية القصرين، استنكر منظموها ما اعتبروه تعد على دماء الشهداء ومشاعر عائلاتهم في موعد استثنائي وتاريخي لولا تضحيات هؤلاء ما كان له أن يتحقق في تلك الصورة التي شهدها التونسيون والعالم بأسره.
مشاعر استياء ومطالب
واعتبر البعض أن الخطأ الذي طال شهداء الثورة في افتتاح المجلس التأسيسي وإن أكد أعضاء المجلس على عفويته، إلا أنه حمل في طياته مؤشرات سلبية دعمت مشاعر الإستياء لدى عائلات الشهداء وجرحى الثورة من آداء الحكومة المؤقتة حول ملف شهداء وجرحى الثورة وتجاهلها لمطالبهم على امتداد الفترة الماضية على مستوى الرعاية والتقدير والأهم على مستوى محاسبة المتورطين في قتل وقنص الشهداء. وهذه مطالب وملاحظات عبرت عنها عائلات الشهداء في أكثر من مناسبة وكان آخرها حضورها أمام المجلس التأسيسي في جلسته الإفتتاحية رافعت فيه لافتات تذكر أعضاء المجلس بحق الشهداء وإدراج هذا الملف على رأس أولويات المجلس والحكومة القادمة. يقول بهذا الصدد محمد الناجي الغرسلي عضو المجلس التأسيسي أن الإستياء الذي رافق قراءة قائمة الشهداء في الجلسة الإفتتاحية على تلك الشاكلة يمكن تفهمه لا سيما في بعض الجهات كسيدي بوزيد والقصرين وتالة التي شهدت الشرارة الأولى للثورة وملحمتها الدامية التي امتدت فيما بعد إلى ولايات أخرى، وإن كان الأمر لا يتعدى، في تصوره، المبادرة العفوية والفردية التي كان يفترض أن لا تتم في انتظار ضبط قائمة نهائية ومدققة سيتولى المجلس التأسيسي صلب لجنة خاصة إعدادها في المرحلة القادمة. وعن الخطوات المطلوبة من المجلس التأسيسي فيما يتصل بملف شهداء وجرحى الثورة بين محمد الناجي الغرسلي وجود استحقاقات لأسر الشهداء تتطلب الإسراع في اتخاذ إجراءات بمستوى تضحيات الشهداء. وذلك على المستوى الأدبي كاقتراح سجل خاص تدون فيه أسماء الشهداء بالتوازي مع التكريم والتعويض المادي وقبل ذلك الدفع باتجاه المحاسبة في اتجاه إرساء العدالة الانتقالية.
آليات العدالة الانتقالية
من جهته إعتبر الأستاذ عبد الستار بن موسى رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان قراءة قائمة الشهداء بذلك الشكل المنقوص والمرتجل "حركة استعراضية لا غير كانت مؤلمة لعائلات الشهداء في يوم تاريخي لم يكن مسموحا فيه بالخطأ خاصة فيما يتعلق بالشهداء لأنه سيكون وثيقة تاريخية ستوثق في الذاكرة الوطنية". وإعتبر رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان قائمة شهداء الثورة عملية تتطلب لجنة مختصة وتحقيق وتدقيق لوضعها ضمن مسار كامل لإرساء آليات العدالة الانتقالية وجبر الأضرار وتكريم شهداء الوطن على إمتداد الحقبة الماضية. وذكر الأستاذ عبد الستار بن موسى أن عائلات الشهداء وجرحى الثورة الذين رفضوا مؤخرا تكريم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات قبل المحاسبة ،يتطلعون اليوم إلى المجلس التأسيسي والحكومة المقبلة بالإسراع في محاكمة كل المتورطين في عمليات القتل لأنه من غير المقبول لديهم أنه بعد مرور سنة كاملة وقرب إحياء الذكرى الأولى لآندلاع الثورة مازالوا يشعرون بتلكؤ في المحاسبة والمحاكمات. وأكد محدثنا أن الرابطة ستضطلع بدورها خلال المرحلة المقبلة للدفع باتجاه الإسراع في المحاسبة في إطار محاكمات عادلة إلى جانب المطالبة بمراجعة المرسوم الصادر بشأن التعويضات لشهداء وجرحى الثورة المفروض أن يراعي الضرر المادي والمعنوى والإقتصادي والإجتماعي. ومن ثمة المرور إلى التكريم والمصالحة في إطار المجتمع المدني وضمن آليات العدالة الانتقالية.