المعهد الوطني للإحصاء: انخفاض نسبة البطالة إلى حدود 16,2 بالمائة    تراجع حجم واردات تونس من مادة السكر ب74%    ناجي الجويني يكشف عن التركيبة الجديدة للإدارة الوطنية للتحكيم    سوسة: الإطاحة بوفاق إجرامي تعمّد التهجّم على مقهى بغاية السلب باستعمال أسلحة بيضاء    عاجل : راصد الزلازل الهولندي يحذر    في ظرف يوم : 15 حالة وفاة و438 مصابا في حوادث مرور    التمويلات الأجنبية المتدفقة على عدد من الجمعيات التونسية ناهزت 316ر2 مليار دينار ما بين 2011 و 2023    وزارة التربية تعلن قبولها ل100 اعتراض مقدّم من الأستاذة النواب    وزير الفلاحة: الترفيع في طاقة استيعاب سد بوهرتمة    الاقتصاد التونسي يسجل نموا ب2ر0 بالمائة خلال الثلاثي الأول من 2024    قيس سعيد يُؤكّد القبض على محام بتهمة المشاركة في وفاق إرهابي وتبييض أموال    محمد عمرة شُهر ''الذبابة'' يصدم فرنسا    عرب يتعاملون بالعملات المشفرة.. و هذه الدولة في الصدارة    رئيس الجمهورية ووزيرة المالية يتباحثان ملف التمويلات الأجنبية للجمعيات    ماذا في اجتماع هيكل دخيل بأعضاء "السوسيوس" ؟    طولة فرنسا : نيس يفقد آماله في التأهل لرابطة الأبطال الاوروبية بالخسارة أمام باريس سان جيرمان    عاجل : جماهيرالترجي تعطل حركة المرور    الترجي الرياضي التونسي في تحضيرات لمواجهة الأهلي    هيئة المحامين تدين الاعتداء على مهدي زقروبة وتقرر الإضراب مجددا    الرئيس سعيد يبحث مع وزير الداخلية الوضع الأمني العام في البلاد ويؤكد على فرض احترام القانون على الجميع    هام/ انطلاق الاختبارات التطبيقية للدورة الرئيسية لإمتحان شهادة الباكالوريا    ضبط معدات لاسلكية لاستغلالها في امتحان الباكالوريا    فظيع/ هلاك كهل الخمسين سنة في حادث مرور بالقيروان..    سيدي بوزيد: انطلاق الدورة 19 من مهرجان السياحة الثقافية والفنون التراثية ببئر الحفي    بوكثير يتابع مدى تقدم مشروع البرمجة الفنية للدورة 58 من مهرجان قرطاج الدولي    عاجل: متحوّر كورونا جديد يهدّد العالم وهؤلاء المستهدفون    ظهورالمتحور الجديد لكورونا ''فيلرت '' ما القصة ؟    حزب الله يستهدف فرقة الجولان بأكثر من 60 صاروخ كاتيوشا    الأيام الرومانية بالجم . .ورشات وفنون تشكيلة وندوات فكرية    محمد بوحوش يكتب...أدب الاعتراف؟    كتاب «التخييل والتأويل» لشفيع بالزين..الكتابة على الكتابة اعتذار عن قبح العالم أيضا    ناجي الغندري يدفع المجلس البنكي والمالي نحو دعم الاقتصاد الوطني    جمهور النادي الافريقي .. البنزرتي رجل المرحلة.. لا نعترف بلجنة الحكماء ونطالب بتنظيف محيط الفريق    الخُطوط التُونسية في ليبيا تتكبد خسائر وتوقف رحلاتها.    زلزال بقوة 5.2 درجات يضرب هذه المنطقة..    سيدي بوزيد: يوم جهوي للحجيج    طقس اليوم ...الحرارة في ارتفاع ؟    محكمة العدل الدولية تنظر "وقف العمليات العسكرية في رفح"    المقاعد في رادس محدودة والسوق السوداء تنتعش .. أحباء الترجي في قمة الاستياء    بطولة اسبانيا : أتليتيكو يهزم خيتافي ويحسم التأهل لرابطة الأبطال الاوروبية    ديوان السياحة: نسعى لاستقطاب سيّاح ذوي قدرة إنفاقية عالية    أخبار المال والأعمال    إصدارات.. الإلحاد في الفكر العربي الإسلامي: نبش في تاريخية التكفير    ينشط في عديد المجالات منها السياحة .. وفد عن المجمع الكويتي «المعوشرجي» يزور تونس    قيس سعيد يشدد على اتخاذ الإجراءات القانونية ضدّ أي مسؤول يُعطّل سير المرافق العمومية    استشهاد 3 فلسطينيين بنيران جيش الاحتلال في الضفة الغربية    ينتحل صفة ممثّل عن إحدى الجمعيات لجمع التبرّعات المالية..وهكذا تم الاطاحة به..!!    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار: توقع انتعاش النمو في تونس إلى 1،9 بالمائة خلال السنة    أمراض القلب والجلطات الدماغية من ابرز أسباب الوفاة في تونس سنة 2021    عاجل : أحارب المرض الخبيث...كلمات توجهها نجمة'' أراب أيدول'' لمحبيها    أغنية صابر الرباعي الجديدة تحصد الملايين    حاحب العيون: انطلاق فعاليات المهرجان الدولي للمشمش    أكثر من 3 آلاف رخصة لترويج الأدوية الجنيسة في تونس    ما حقيقة سرقة سيارة من مستشفى القصرين داخلها جثة..؟    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هكذا نمى لتشريع الفساد الإداري والتخلف و هدر المال العام
نشر في الصباح يوم 01 - 12 - 2011

بقلم: الاسعد الذوادي عرف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الفساد على أنه إساءة إستعمال القوة الرسمية أو المنصب أو السلطة لتحصيل منفعة خاصة. وباعتبار ان هذا التعريف اقتصر على موظفي الدولة، فقد تم توسيعه ليشمل القطاع الخاص ليعرف الفساد بأنه إساءة إستعمال السلطة المخولة لتحصيل كسب خاص. ويمكن أن يكتسي الفساد أشكالا مختلفة تتراوح من الفساد «الصغير» إلى الفساد «الكبير» الذي يتضمن الرشوة والإختلاس واستغلال الممتلكات العامة لأغراض شخصية وإلحاق ضرر بالإدارة وغير ذلك من الجرائم الخطيرة.
يمكن تصنيف الفساد الإداري الذي يتمثل في عدم إحترام الموظف للنصوص التشريعية و الترتيبية و المناشير الملزم بتنفيذها و الاحكام القضائية ضمن الفساد «الصغير» علما بان هذا الاخير يؤدي الى الفساد الكبير اذا ما تم غض الطرف عنه مثلما هو الشان الان.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، تصنف ضمن الفساد الإداري الأعمال المتمثلة اليوم في عدم تنفيذ الأحكام القضائية و منح معرفات جبائية للمتلبسين بلقب المستشار الجبائي و عدم الرد على مئات العرائض المرفوعة لدى الإدارة بهذا الخصوص في خرق للأمر عدد 982 لسنة 1993 متعلق بضبط العلاقة بين الإدارة و المتعاملين معها. كما أن تعامل الموظفين مع السماسرة و المتلبسين في الملفات الجبائية، الذين كلفوا الخزينة العامة مئات آلاف المليارات، يندرج ضمن الفساد الإداري. كما أن عدم الرد على عرائض المواطنين في الآجال المنصوص عليها صلب الأمر عدد 982 لسنة 1993 و غيره من الاحكام يندرج ضمن الفساد الإداري.
أيضا، يندرج تعطيل كل القرارات التي اتخذت منذ سنة 1997 بخصوص تأهيل قطاع الخدمات وتطوير التشريع المتعلق بالمهن ضمن الفساد الإداري الذي يكتسي نوعا من الخطورة باعتبار أن ذلك قد ساهم بصفة كبيرة في استفحال بطالة حاملي الشهادات العليا الذين إستحال عليهم الإنتصاب لحسابهم الخاص في ظل استشراء الفوضى و اطلاق العنان للسماسرة و الدجالين وخير مثال في ذلك الآلاف من حاملي الشهائد العليا في الجباية.
كما أن مطالبة المواطن بالإدلاء بوثائق لم تتم الإشارة اليها صلب النصوص التشريعية أو الترتيبية عند طلب خدمة ما، يندرج ضمن الفساد الإداري.
ايضا، يمكن ادراج الاهمال ضمن اعمال الفساد الاداري التي الحقت اضرارا جسيمة بالمجموعة كغض الطرف على الثغرات القانونية التي تساعد على التهرب الجبائي وتبييض كل انواع الجريمة بما في ذلك الجرائم الجبائية وكذلك غض الطرف على آلاف المليارات المنهوبة في اطار برنامج التاهيل او الامتيازات المالية و الجبائية او اعمال الغش التي تقوم بها بعض شركات التنقيب عن البترول من خلال تضخيم اعبائها بالاعتماد على الية اسعار التحويل او الفوترة الوهمية.
ونتيجة لعدم تجريم هذه الأعمال التي تمس بصفة خطيرة بحقوق الإنسان الأساسية، تمكن الفاسدون من التحصن بالإدارة التي تحولت إلى رهينة بين أيديهم القذرة. فعادة ما يتوجه المتضررون من المواطنين بسخطهم على الإدارة والحال أنها ضحية لسكوتهم على الأعمال الإجرامية التي يقوم بها الفاسدون الذين يكادون يتمتعون بحصانة مطلقة.
فدافعو الضرائب يتحملون أربعة أعباء، الأول حين يجدون أنفسهم ملزمين على المشاركة في جريمة تمويل أجور الفاسدين و الثاني حين يتكبدون أضرارا جسيمة من جراء الفساد الإداري و الثالث حين يجبرون ضرر الضحايا الذين تظلموا لدى القضاء و الرابع تنمية التخلف و الفقر والبطالة و الفساد.
فالمفروض أن لا تتحمل المجموعة تبعات الأعمال الإجرامية الذي يأتيها الفاسدون و هذا يستلزم من المجلس التأسيسي إعادة صياغة الفصل 107 من المجلة الجزائية واحداث جريمة الاهمال صلبها على غرار ما هو معمول به بالتشريع المصري والعراقي والجزائري والفرنسي حتى يتم تحرير الإدارة من أيدي الفاسدين الذين يكبدون المجموعة سنويا آلاف المليارات دون الحديث عن ضحاياهم الذين يعدون بالالاف. وعيا منه بخطورة تلك الأعمال الناجمة عن إنحراف بالسلطة العامة، بادر المشرع المصري من خلال الفصل 108 من قانون العقوبات إلى عزل و حبس الموظف العمومي الذي يستعمل وظيفته في توقيف تنفيذ الأوامر الصادرة من الحكومة أو أحكام القوانين و اللوائح المعمول بها أو تأخير تحصيل الأموال و الرسوم المقررة قانونا أو تنفيذ حكم أو أمر أو طلب من المحكمة أو أي أمر صادر من جهة إختصاصه.
أما الفصل 107 من المجلة الجزائية التونسية، فقد صيغ بطريقة رديئة مكنت الفاسدين من احتلال الإدارة و التحصن بها حين نص على ضرورة أن يتفق موظفان فما فوق أو أشباههم بقصد تعطيل إجراء العمل بالقوانين أو تعطيل خدمة عمومية.
كما أن المجلة الجزائية لم تجرم بصريح العبارة الأشخاص الذين لا يحترمون أحكام الفصل 29 من مجلة الإجراءات الجزائية الذي يلزم الموظف العمومي بإعلام وكيل الجمهورية بما بلغ علمه من جرائم و مده بما توفر من الحجج و المؤيدات.
إن إحداث مؤسسة «المراقب العام» و إدماج كل هياكل الرقابة العمومية الفاقدة لاستقلالها صلبها و إلحاقها بمجلس النواب و كذلك ملاءمة القانون عدد 17 لسنة 1987 المتعلق بتصريح الموظفين بمكتسباتهم مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد و المدونات الدولية الخاصة بقواعد سلوك الموظفين يبقى أيضا من أولى الخطوات التي يجب على المجلس التأسيسي القيام بها حتى لا تبقى دار لقمان على حالها مثلما نلاحظه اليوم. فعدم التصريح بالمكتسبات من قبل الموظفين لم يتم تجريمه على غرار ما هو معمول به صلب قانون الكسب غير الشرعي بمصر لتبقى دار لقمان على حالها. و نتيجة لذلك بقي هذا القانون المخالف للمعايير الدولية حبرا على ورق على الرغم من استشراء ظاهرة الفساد الكبير داخل الادارة.
إن إستشراء الفساد الإداري، الذي يدل على فساد الماسكين بالسلطة، من شأنه تنمية التخلف و الفقر والبطالة وتعطيل التنمية والحكم الرشيد وشل المؤسسات والقضاء على المبادرة الإقتصادية.
عضو معهد المحامين المستشارين الجبائيين بفرنسا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.