عاش بهو مطار تونسقرطاج ظهر امس حدثا غير عادي بمناسبة التجمع الشعبي الذي نظمه مئات الحقوقيين ونشطاء حزب النهضة وابناء منطقة المطوية لاستقبال القيادي السابق البارز في حركة النهضة وفي حركة الاتجاه الاسلامي محمد شمام.. قياديون من حزب النهضة كانوا في الموعد يتقدمهم السيد راشد الغنوشي لاستقبال رفيق دربهم السابق وعائلته بعد غيابه عن أنظار الجميع طوال عقدين كاملين.. شمام كان طوال العشرين عاما الماضية الشخصية الاكثر مطاردة من قبل اجهزة الامن التونسية والدولية بحكم مسؤولياته في الاعوام الاخيرة من عهد بورقيبة والسنوات الاولى من عهد بن علي عن التنظيم السري لحركة الاتجاه الاسلامي ثم حركة النهضة.. وبسبب "التهويل الذي حفّ بملفه الى درجة تشبييه ب(كبار زعماء الإرهاب) في العالم.." على حدّ تعبير أحد اقربائه. عودة هذا القيادي السابق الذي وصف مرارا في بعض وسائل الاعلام ب"الأسطورة" و"المختفي تحت الارض وبين الجبال" جاءت بعد تنقلات بين عدد من الغابات الجزائرية والدول سرا الى ان انتهى به المقام في السويد لما تبنت هيئة حقوقية ملف عائلته وانقذتها من سنوات من التشريد والمعاناة القاسية جدا.. ومن حملات تفتيش بوليسية دولية غير مسبوقة.. حضر لاستقبال محمد شمام وزوجته وابنائه وفد كبير من اقربائه واصدقائه السابقين ومن ابناء "المطوية" اجّروا حافلة خاصة وعدة سيارات.. وقد حيّا شمام في كلمة قصيرة الجميع مشيرا الى انه اختار ان تكون عودته امس لانها تصادف مرور عشرين عاما يوما بيوم على فراره مطاردا في ظروف صعبة عبر الحدود الغربية للبلاد.. وشاءت الاقدار ان يعود والبلد يحتفل بمرور عام على اندلاع شرارة الثورة بسيدي بوزيد ويستعد لتشكيل اول حكومة انتخب رئيسها وغالبية اعضائها مباشرة من الشعب..
النقد الذاتي
محمد شمام الذي سجن اول مرة في صائفة 1981 ضمن قيادة حركة الاتجاه الاسلامي ثم اعتقل في 1987 بصفته نائب رئيس الحركة فرّ في 1991 من حكم غيابي بالاعدام.. ومن مميزات شمام انه نشر قبل اعوام من منفاه في ستوكهولم نقدا ذاتيا علنيا مطولا لادائه السياسي وتجاربه السابقة ودعا رفاقه في قيادة حركته الذين قاموا بنقد ذاتي علني في مؤتمرهم في 1995 الى بثه وتوسيع نشره.
الاعتصامات والتحركات الفوضوية
السيد راشد الغنوشي ألقى بدوره كلمة نوّه فيها بخصال محمد شمام ونضالاته مع عشرات الآلاف من رفاقه ومن الحقوقيين والديمقراطيين داخل تونس وخارجها.. وتوقف الغنوشي بالخصوص عند التحديات التي تواجه الشعب التونسي منذ انتخابات 23 اكتوبر وتحديدا بعد تشكيل الحكومة الجديدة وبدء المجلس الوطني التأسيسي اعماله. ودعا الغنوشي الجميع الى حماية مكاسب الثورة ونتائج الانتخابات الديمقراطية الشفافة، كما عبر عن رفض كل اعمال التخريب والتحركات الفوضوية والاعتصامات والاضطرابات التي يمكن ان تشل اقتصاد البلاد وتتسبب في إجهاض الثورة والمسار الاصلاحي الذي ستكون الحكومة ومؤسسات الدولة الجديدة مطالبة بتكريسها وخدمتها.