في ظل ارتفاع عدد العاطلين عن العمل خاصة بعد ان أوصدت العديد من المؤسسات الاقتصادية ابوابها وقررت الرحيل، كان مشكل التشغيل من اولى اولويات حكومة حمادي الجبالي التي اكدت على لسان مسؤوليها ان 25 الف موطن شغل ستتكفل بها الوظيفة العمومية فيما كان الحديث عن مواطن شغل أخرى سيتم بعثها بالاتفاق مع دول مغاربية واروربية وآسيوية ناهيك عن الدعم المنتظر من الولاياتالمتحدة. فكيف يرى المختصون في الاقتصاد الحلول التي أتى على بعضها الجبالي استجابة للمطالب العاجلة والملحة للعاطلين ؟ وماذا عن الوعود الغربية والعربية بمساعدة تونس؟ إجابة عن هذين السؤالين وغيرهما مما يطرح في الشارع التونسي اتصلت «الأسبوعي» بخبيرين في الاقتصاد فكانت إجابتهما متباينة. التشغيل العمومي ..والمعضلة يؤكد الاستاذ معز الجودي المختص في الاقتصاد ان مواطن الشغل لا يمكن خلقها في الوزارات والإدارات بل هي من مشمولات المؤسسات الاقصادية العمومية والخاصة ، حيث يقول :» تشكو ميزانية الدولة عجزا ب6% وهوما يفرض على الدولة عدم الزيادة في نفقاتها العمومية حتى لا يقع تعميق هذا العجز. كما ان الزيادة في هذه النفقات متأتية أساسا من التشغيل في الإدارات ، لأن الاقتصاد التونسي في حاجة الآن الى خلق موارد مالية وليس خلق مواطن شغل في إدارات الدولة لا يمكن ان تدر اي ثروات جديدة على البلاد.» ويضيف محدثنا :» مهما كانت الأرقام التي تحدثت عنها الحكومة بخصوص مواطن الشغل فان القضاء على معضلة البطالة لا يتم إلا عبر التشجيع على الاستثمار.» وعند سؤاله عن مدى نجاعة فكرة الاكتتاب في المؤسسات العمومية التي تحدث عنها الجبالي كحل من الحلول للخروج بالاقتصاد من الحالة الحرجة التي يمر بها أجاب محدثنا:»اعتقد انها فكرة جيدة وحل من الحلول التي يمكن اعتمادها من قبل الحكومة. فالاكتتاب في المؤسسات العمومية سيدفع الى خلق ما سمي بالعامل المساهم الذي سيكون أكثر ارتباطا بالؤمسسة التي يشتغل فيها ويساهم في راس مالها. كما أنه من خلال هذا الطرح يمكن خلق منظومة حوكمة جديدة في الإدارات.» السوق الليبية والحلول ويشدد الاستاذ معزالجودي على ان البحث عن مستثمرين واسواق أخرى يعد بين الحلول اذ يقول:»أظن ان بلدان الخليج بامكانها مساعدتنا شرط فتح أسواقها للعمالة التونسية وبعث مشاريع في بلادنا، لكنها دول بإمكانيات مالية هائلة واستثمارات أغلبها غير مربحة لتركيزها على البناءات الضخمة. أما ليبيا فهي فرصة حقيقية للاقتصاد الوطني للنهوض وللتقليص من نسبة البطالة، وما على الحكومة الحالية إلا الإسراع في استغلالها خاصة بعد تركيزالعديد من الدول على غرار البرازيل وفرنسا بشركاتها على هذا البلد المدمركليا والذي هو في حاجة للإعمار.وفي هذا الصدد لابد من تشجيع شركاتنا واليد العاملة على حد السواء على الذهاب الى طرابلس وبقية المناطق الليبية.» اتفاقيات مرتقبة من جهته يؤكد رضا السعيدي الوزيرالمعتمد لدى الوزير الأول المكلف بالملف الاقتصادي أن هناك زيارة دولة مرتقبة إلى ليبيا لتأكيد الاتفاقات المسجلة بين الطرفين التونسي والليبي بشأن التعاون الاقتصادي، حيث يقول :» تحدث مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالي الليبي عن 200 الف موطن شغل التي ستوفرها ليبيا للتونسيين، لكن الآن أصبح الرقم في حدود 100 الف وهي لا تزال اتفاقات مبدئية في انتظارالتوقيع عليها لأن الرقم النهائي الخاص بمواطن الشغل الموفرة للعاطلين التونسيين بليبيا أوغيرها لا يكون رسميا الا بعد الاتفاق النهائي مع الجانب الآخر (الليبي او القطري او الأوروبي ..). وسيشمل الاتفاق تركيز فروع لشركات تونسية بليبيا في مجال الإعماروالخدمات والمجالات الأمنية (نزولا عند رغبة ليبية). كما أن هناك شراكة مرتقبة بين تونس وبعض البلدان الأوروبية والآسوية.» شراكة قطرية ويتابع محدثنا قائلا:«هناك عدة اتفاقيات شراكة مع قطر، ومن المنتظرأن يعلن أمير قطرعند زيارته لتونس قريبا عن تفاصيل هذه الشراكة وهي تعنى بالتحديد بنوعية اليد العاملة المطلوبة في الدوحة بالإضافة الى المشاريع الضخمة القطرية المزمع بعثها في تونس. كما ان هناك اهتماما برازيليا وهنديا بالقيام بأنشطة في بلادنا. من المنتظرأن تنطلق مرحلة إبرام كل هذه الاتفاقيات في القريب العاجل، لكن لا بد من توفرعامل الأمن وانتفاء الاعتصامات لأن المستثمريبحث عن الاستقرارلذلك على الجميع ان يعي بمسؤولية وحساسية المرحلة والتجند للعمل من أجل تونس فقط.» جمال الفرشيشي
وبدأ آلاف التونسيين يتوافدون على ليبيا البناء والحدادة والدهن والكهرباء وصنع المرطبات والخبز من أهم الاختصاصات المطلوبة 40 دينارا أجر العامل العادي يوميا.. وأصحاب الخبرة لهم امتيازات أفضل بعد فتح معبر راس جدير وذهيبة بدأت اليد العاملة التونسية من مختلف الاختصاصات تتوافد على التراب الليبي وينتمي أغلبهم للبناء والتجارة واللحام والدهن ويتقاضى الواحد 50 دينارا عن اليوم كأقل تقدير لعامل بسيط في البناء و80 دينارا لعامل له تجربة. وهذا الوضع الجديد انعكس سلبا في الجنوب الشرقي في نقص فادح في هذه الاختصاصات. فمهدي صاحب ورشة حدادة قال ل«الأسبوعي» أنه اضطر لغلق ورشته بسبب ذهاب عمال الورشة وعددهم أربعة لليبيا حيث الأجور مغرية. كما حدثنا مواطن ليبي أن السوق الليبية تتطلب آلاف المختصين في البناء وما تابع ذلك من دهن وحدادة وكهرباء وكذلك في المخابز والمقاهي وصنع المرطبات وأن الأولوية لليد العاملة التونسية بعد رفع الفيتو أمام عودة الأفارقة... وينتظر مع استقرار الأوضاع الأمنية أكثر في ليبيا أن يتواصل توافد الآلاف في هذه القطاعات وهو ما يسبب أزمة في تونس بدأت تبرز ملامحها... فالعامل العادي قفز يومه من 13 إلى 20 دينارا ومع ذلك هنالك نقص حاد في اليد العاملة. ويجب على وزارة التشغيل والتكوين أن تأخذ بعين الاعتبار الوضعية الجديدة للسوق الليبية بما توفره من امتيازات مغرية حتى لا تنعكس سلبا على سوق الشغل بتونس وتدخل أزمة في عدة قطاعات ويجب وضع استراتيجية واضحة ومضاعفة عدد خريجي مراكز التكوين المهني في الاختصاصات المطلوبة حاليا في ليبيا. كما أنه من المهم دراسة هذه السوق مستقبلا حيث علمت «الأسبوعي» أن مئات الآلاف من المصريين مستعدون للعمل في ليبيا بأثمان منخفضة مثلما أفادنا به أحد الليبيين. عماد بلهيبة