أفاد خبرا ء في القانون الدستوري انه في حالة عدم ضبط اللجان التأسيسية للدستور قائمة مبادئ عامة تعمل وفقها وتعود إليها كلما تطلب الأمر ذلك فان عمل الستّ لجان سيتداخل ويتضارب مما سيؤدي في عديد المناسبات إلى تصادم في الفصول ما من شأنه أن يفتح الباب أمام التأويلات. ومادام مسلسل صراع المرجعيات متواصلا فانه من المرجح أن يتكرر سيناريو "أزمة " الحوار الذي عرفها المجلس التأسيسي في أكثر من مناسبة كان آخرها "انسحاب المعارضة من جلسة الحوار مع الحكومة" خاصة وان لجان التأسيسي للدستور تضم خليطا من التوجهات الفكرية والسياسية الأمر الذي قد يخلق أزمة حقيقية لا يمكن تجاوزها قد تعطل مسار عمل هذه اللجان وتخترق "السنّ" المحددة لصياغة الدستور الجديد.
التجاذبات..
وحتى لا يقع "التأسيسي "تحت طائلة هذه التجاذبات أكد خبراء في القانون الدستوري انه كان من الأجدر قبل الشروع في مناقشة الدستوري وكيفية صياغته وضع منهجية عمل ومجموعة من "الضمانات". ويقصد "بالمنهجية" حسب محمد عطيل الظريف أستاذ القانون الدستور تحديد طريقة العمل على إعداد الدستور والتي طرحت مسبقا أكثر من تساؤل حول هل انه سيتم اعتماد مشاريع دساتير جاهزة تطرح للنقاش وتطور صياغتها؟ وكانت الإجابة ب " لا" لان اغلب النواب اتفقوا على الابتعاد على القوالب الجاهزة بالرغم من انه تم رصد نحو 42 مقترح مشروع دستور صادر عن أطياف سياسية وشخصيات مستقلة غير أن لجان التأسيسي للدستور ارتأت ابتكار نص دستوري جديد على الرغم من أن جلّ النواب قد اتفقوا على أن هناك جملة من الفصول والمبادئ والقواعد التي تفرض نفسها لان حولها إجماع كبير ومنها الحقوق والحريات ومبدأ التفريق بين السلط وغيرها من المبادئ العامة الأخرى.. و"يلبسها " كل دستور . وحول إيجاد الضمانات التي تمكن المواطن التونسي من ممارسات المبادئ التي جاءت في الدستور اعتبر المتحدث أن الفائدة لا تكمن فقط في التنصيص على مبدئي الحقوق والحريات مثلا بل إيجاد الوسائل القانونية اللازمة للدفاع عنها، ذهب المتحدث الى ان الضامن الوحيد لعلوية القانون هو إحداث المحكمة الدستورية للتصدي لكلّ الخروقات التي من الممكن ان يقوم بها المشرّع واعتبر أن إحداث هذا الجهاز لا يكفي إذا لم يكن ذي صبغة قضائية ومستقل عن أية تجاذبات سياسية. ومن جانبه يقول أستاذ القانون الدستوري ومساعد المقرر العام للدستور مبروك الحريزي في شرحه لهذا التصور "أن الدستور ليس النصّ المكتوب فقط بل هو مجموعة المبادئ والقيم التي ناضل من اجلها الشعب التونسي وهذا ما يسمى بالدستور الاجتماعي". وعن الجدل القائم حول الشريعة والتشريع اعتبر الحريزي أنها تركة لممارسات التضييق على النخبة المختصة في مناقشة مثل هذه الأبجديات الخاصة بصياغة الدستور.
النخبة تقرّ بالشريعة
كما يرى المتحدث "أن النقاشات النخبوية كانت تقرّ بالشريعة كمصدر للتشريع وهو ما يعني أن القوانين التونسية وحتى السابقة منها تستلهم من قيمنا الإسلامية بعض القواعد والمبادئ". واعتبر مساعد المقرر العام للدستور ان في حال تواصلت الصراعات الفكرية فان فشل "التأسيسي" في مهمته أمر وارد ولذا على المعارضة ان لا تركز على السلبيات فقط بل تدفع نحو الايجابيات وتنقد السلبيات وتعرضها إذا استوجب الأمر ذلك.