المحاضرة التي القاها يوم الاحد الماضي الاستاذ راشد الغنوشي من على منبر «مركز تونس لدراسة الاسلام والديمقراطية» حول موضوع «العلمانية وعلاقة الدين بالدولة» قد تكون احالت في جانب منها كل من استمع اليها يومها على حدث زيارة الرئيس التركي لبلادنا المقررة لليوم الاربعاء 7 مارس . نقول هذا لا فقط لان الغنوشي قد ذهب فيها الى حد القول ان «العلمانية ليست بالضرورة الحادا» وان «هناك علمانية حيادية اجرائية يمكن التعايش معها ويمكن ان تتعايش مع الدين» بل وايضا لان عديد الباحثين رأوا في مضمون المحاضرة «تأصيلا نظريا» يجعل من العلمانية نظام حكم مقبولا في البلدان الاسلامية.. وهو الامر الذي يجعل حزب «حركة النهضة» يلتقي جوهريا مع حزب «العدالة والتنمية» التركي.. طبعا،،، لم يعد اكتشافا القول ان حزب «حركة النهضة» يرنو الى «النهل» من تجربة حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا العلمانية منذ ما يقارب العشرية.. وانه يريد ان يكون «قريبا منه» سياسيا وايديولوجيا.. ولكن ما هو جديد ربما هو هذه «الرسالة» الرسمية الضمنية التي استبق بها رئيس «حركة النهضة» زيارة الرئيس التركي عبد الله غول الى بلادنا والتي «بشر» من خلالها التونسيين باستعداد حزب «حركة النهضة» ليكون «حاكما بمفرده في المستقبل وليس ضمن ائتلاف على طريقة حزب «العدالة والتنمية» التركي.. وبعيدا عن أي خوض في مسألة تجربة حزب «العدالة والتنمية» التركي وتجربة حزب «حركة النهضة» في العمل السياسي والتنظيمي وما قد يكون بينهما من «عموم وخصوص» كما يقول علماء الاصول فان ما يبدو حريا بالوقوف عنده هو هذا القدر الكبير من الوضوح الذي طبع هذه المرة موقف رئيس حزب «حركة النهضة» من مسألة «العلمانية وعلاقة الدين بالدولة» والذي جعل بعض المراقبين حتى من بين اولئك الذين دأبوا على التعاطي باحتراز وبكثير من الريبة مع الخطاب السياسي لقادة ورموز «حركة النهضة» يستبشرون هذه المرة ويتفاءلون.. بل ان منهم من اعتبر ان محاضرة الغنوشي تفتح «افقا جديدا» للحوار بين مكونات الساحة السياسية في تونس وتساعد على التخفيف من حدة التوترات الايديولوجية.. بل وتسهل التوافق حول كتابة الدستور الجديد.. يبقى ما يتمناه كل تونسي هو ان تجتمع كل القوى الوطنية على خدمة مشروع الدولة التونسية الديمقراطية الحديثة بروح وطنية وبعيدا عن اية تجاذبات سياسية ضيقة.. فسفينة الثورة المباركة ابحرت وهي تحمل على ظهرها الجميع.. والجميع مطالب بان يجعلها ترسو على شاطئ الدولة المدنية، دولة الحقوق والحريات والقانون والمؤسسات.. السيد عبد الله غول.. مرحبا بك في تونسالجديدة.