:وزارة البكوش أضاعت ملفاتنا.. وديلو استقبلنا لمدة 15 دقيقة - تواصل نجوى الرزقي اضراب الجوع الذي دخلت فيه منذ الاثنين الماضي على خلفية تهميشها وغلق الأبواب أمام تشغيلها رغم أنها كانت سجينة سياسية في عهد النظام البائد. نجوى الرزقي عضو سابق باتحاد الطلبة تم ايقافها في غرة نوفمبر 1994 في أحداث كلية رقادة بالقيروان وحكم عليها بالسجن صحبة مجموعة أخرى من الطلبة لمدة عامين و4 أشهر. "الأسبوعي" زارتها حيث استقبلتنا ببيتها المتواضع في صنهاجة أين تنفذ اضرابها وتقوم في نفس الوقت برعاية ابنيها صامد ومقدام وهذين الابنين حكايتهما غربية أيضا أو أغرب مما عاشته نجوى الرزقي. تقول نجوى "..سنة 1994 كنت أدرس بالسنة الثانية شعبة عربية وأضربنا واعتصمنا على خلفية الفصل 72 الذي يمنع التثليث في نفس السنة وعند دعوتنا للاضراب عن الدروس حاصرتنا فصائل أمنية لم أر مثلها في حياتي ووقع ايقاف 35 طالبا وبعد التعذيب والاستنطاق رحّلنا يوم 8 نوفمبر 1994 الى سجن سيدي حمد بالقيروان أين تم ايقافنا لمدة 8 أشهر ولفّقت لنا تهم جنائية ثم رحلنا إلى سجن المسعدين وحوكمنا في 14 جويلية 1994 وكان من بين المجموعة طالبتان أنا وعفاف بن ناصر وتراوحت الأحكام بين 8 أشهر و5 سنوات و3 أشهر وكانت التهم الموجهة إلينا عديدة منها الانتماء إلى جمعية غير مرخص فيها ويقصدون بذلك اتحاد الطلبة والتجمهر بالطريق العام ووضع الحواجز بالطريق العام وعقد اجتماعات محجرة والاعتداء على أملاك الغير وأبرز تهمة أيضا الاعتداء على موظف أثناء تأدبة وظيفته أي الاعتداء على "البوب" وبعد شهرين رحّلت برفقة عفاف بن ناصر من سجن المسعدين إلى سجن النساء بمنوبة وقضينا العقوبة كاملة بل غادرنا السجن بعد انتهائها بيوم أي بعد تعرضنا للتعذيب والهرسلة ليلة كاملة..". "ناضلت من أجل العودة لمقاعد الجامعة" كما ذكرت نجوى الرزقي أنه رغم تقدمها بعديد المطالب داخل السجن لمواصلة الدراسة جوبهت بالرفض وبعد مغادرتها السجن تزوجت من عبد الجبار المدوري (مناضل سياسي) وعندما كانت حاملا "بمقدام" نفذت اضراب جوع ووقع الاستجابة لمطلبها لتعود إلى الدراسة الجامعية.. وتواصل نجوى حديثها وعلامات الارهاق بادية عليها ".. في فيفري 1998 أصبح زوجي مطلوبا وحاصرنا البوليس السياسي وتجددت رحلة المتاعب لكن هذه المرة بأكثر عنفا، ولأن زوجي كان مختفيا أوقفوني بمنطقة الأمن بباب سويقة مع رضيعي الذي كان عمره شهرا ورغم أنه مرض داخل غرفة الايقاف لم يمكنوه حتى من طبيب للكشف عنه.. وبعد ذلك كانت المحاكمة الشهيرة في 2 فيفري 2002 لحمّة الهمامي وعبد الجبار المدوري وسمير طعم الله يوم وقع اختطافهم بالمحكمة وسجنوا.. في الأثناء واصلت دراستي وحصلت على الأستاذية في اللغة والآداب العربية عام 2004 وطبعا لم أحصل على شغل". "لدغني ثعبان" ! شأنها شأن عديد المساجين السياسيين لم يكن مسموحا لها في النظام البائد الحصول على شغل وكان لابد من تجويعها نتيجة ما تحمله من أفكار حيث تمضي نجوى الرزقي تقول وهي تجمع أفكارها وشتات الكلمات لأننا زرناها في اليوم الرابع من اضراب الجوع ".. اشتغلت في المزارع مقابل 5 دنانير في اليوم لإعالة أبني حتى أنه في احدى المرات لدغني ثعبان في يدي وكدت أموت ورغم ذلك لاحقني البوليس السياسي وفرض على كل فلاح شغلني أن يطردني لأني معارضة للنظام..". كما بينت نجوى الرزقي أنها دخلت في اضراب عن الطعام منذ أيام دون أن يسأل عنها أي كان رغم أنها أصدرت بيانا عن طريق لجنة الاتحاد العام لطلبة تونس (تكونت في 2 فيفري 2011) حيث تقول "لا أحد سأل عنّي كما أن لجنة اتحاد الطلبة كانت أعدت ملفات 50 طالبا دخلوا السجن وقدّمناه لوزير التربية السابق الطيب البكوش إلا أننا بعد مدة علمنا أن هذا المطلب قد ضاع ولم نتمكن من مقابلة الوزير آنذاك وقدمنا مطالب أخرى واتصلنا بوزارة التشغيل ولا من مجيب، وصراحة سمير ديلو الوحيد الذي استقبلنا لمدة 15 دقيقة لأنه مناضل ويحسّ بمعاناتنا لكنه لم يقدم لنا الحل".. هذه "مطالبي".. وعن مطالبها في اضراب الجوع الذي تشنه قالت نجوى الرزقي «.. أريد رد الاعتبار للمساجين السياسيين بتمكينهم من حق التشغيل.. نريد تميكننا من حقنا الشرعي في الشغل بإعتبارنا ضحايا الدكتاتورية بالاضافة إلى البدء فورا في العفو التشريعي العام ورد الاعتبار لمساجين الاتحاد العام لطبة تونس والكف عن اتّباع سياسة المماطلة والتعامل الجدي مع الملفات»..
من صامد ومقدام إلى حامد ومقداد نجوى الرزقي أم لإبنين الأول اسمه مقدام وعمره اليوم 14 سنة، ونظرا لأنها مراقبة ويتابعها البوليس السياسي حيثما حلت فإنها عند تسجيل ابنها «مقدام» بالبلدية فوجئت بتغيير الاسم إلى مقداد فأصرت على تسجيله صحيحا مثلما أرادت ولم تخرج إلا بعد الحصول على شهادة الميلاد وفيها ما أرادت.. ونفس العملية تكرّرت معها عندما أنجبت ابنها صامد في 2007 حيث لم تختف نجوى عن أنظار البوليس السياسي وهذه المرّة لم تنجح حيث استبدل اسم صامد بحامد وهي اليوم تسعى إلى تغيير اسم ابنها وتبحث عن المداخل القانونية لذلك.. مقدام كان يتحرّج مما يقال عن والدته بين أترابه في المدرسة.. تحرجه عبارة «أمك كانت سجينة» لكن بعد الثورة أصبح يعتز بذلك وأما ظروف العائلة فتظل تبعث على الانشغال لأنّ نجوى الرزقي تقيم ببيت صغير متواضع يمثل جزءا من منزل شقيق زوجها الذي منحها السكن فيه لإيواء عائلتها ولعدم قدرتها على تسوّغ مسكن.. إنها تسكن على وجه الفضل..