وجّه أحمد العميري ممثل نقابة القصابين أصابع الاتهام الى أطراف كانت تقود اتحاد الفلاحين سابقا بتكوين شركات خاصة في قطاع اللحوم الحمراء للسيطرة على هذا القطاع بعد أن حادت عن دورها النقابي والمتمثل في الدفاع عن مصالح الفلاحين إلى تعاطي التجارة والقيام بعمليات استيراد العجول والإشراف والاستفادة ماديا من عمليات التهريب إلى الأقطار المجاورة مطالبا بضرورة فتح تحقيق في لمحاسبة المذنبين الذين قاموا بإخلالات في النظام السابق. وخلال لقاء جمع مجموعة من المهنيين والمنتجين بمشاركة منظمة الدفاع عن المستهلك بمقر المجمع المهني المشترك لللحوم الحمراء والالبان أمس تم تبادل وجهات النظر حول تعديل الأسعار في اللحوم الحمراء في الاسواق وبحث آليات عملية لإيجاد حلول كفيلة للمحافظة على المقدرة الشرائية للمواطن التونسي.
لا للمقاطعة...
وبخصوص امكانية مقاطعة شراء اللحوم الحمراء قال ممثل نقابة القصابين ان الحملة التي دعت اليها منظمة الدفاع عن المستهلك مؤخرا قد تضرّ بأهل المهنة على اعتبار ان المنظمة لا تعلم المشاكل والصعوبات التي يعاني منها "الجزّار" و الفلاح بسبب ارتفاع تكاليف الانتاج وعملية "التسمين" والنقل وكذلك كراء المحلات المخصصة لبيع اللحوم الحمراء وتسديد الضرائب. واعتبر ان الحل ليس في مقاطعة اللحوم الحمراء، فنقابة القصابين تسعى الى ايجاد حلول جذرية لمشكلة ارتفاع الاسعار اللحوم الحمراء بالتنسيق مع كافة الاطراف المتدخلة وتوفير اللحوم للمستهلك التونسي بأسعار مناسبة. كما أشار الى ان الجزّار والفلاح من أكثر الفئات تضررا لأن المقاطعة قد تنجر عنها انعكاسات سلبية ومن الضرورى اتخاذ اجراءات هادفة من خلال انهاء سياسة السمسرة والمضاربة وارساء منظومة تؤسس لعلاقة تكامل بين المنتج والجزار و المستهلك. من جانبه اكد عبد الغنى الحداد (فلاح) ان ارتفاع الاسعار يعود إلى وجود "سماسرة" في القطاع أضروا به وتحكموا في مسالك التوزيع إضافة إلى ارتفاع التكاليف الخاصة بتربية الابقار(تكاليف التسمين) وغياب الدعم الحكومي للفلاحين والمنتجين في هذا القطاع مضيفا ان الفلاح عادة ما يتحمل حالات المرض والموت وسرقة الابقار دون تعويضات اضافة الى تضرر صغار المربين من عمليات الاحتكار والعمليات المشبوهة. وأشار محمد قايد (مربي ابقار) الذي يشرف على تربية الابقار منذ سنوات انه تضرر كثيرا من ارتفاع التكاليف الباهظة المتعلقة بتربية وتسمين الابقار واللجوء إلى عمليات التوريد اضافة الى غياب الدعم من قبل سلطة الاشراف وهو ما اثّر على قانون العرض والطلب وبالتالي ساهم في ارتفاع اسعار اللحوم الحمراء في الاسواق ونتجت عنه تشكيات المستهلك المتكررة.
مسؤولية مشتركة
ومن جهته أوضح الهادي بن عيسى رئيس نقابة القصابين ان الاشكال أكبر بكثير من تحديد أو تعديل تسعيرة اللحوم الحمراء مؤكدا ان المسؤولية مشتركة في ظل غياب ارقام و احصائيات واضحة من طرف سلطة الاشراف ومن الضرورى في المرحلة الحالية التفكير في كيفية تخفيض الأسعار دون تضرر أي طرف من المتدخلين مؤكدا ان الهياكل التى يعود لها النظر في هذه المسالة لم تقم بواجبها منذ سنوات وساهمت في ترديه وكشفت عن ممارسات عشوائية أضرت بالقطاع. كما اعتبر ان منظومة اللحوم في بلادنا هشة و"مريضة" وتضرر منها أهل الاختصاص نتيجة عمليات التوريد غير منظمة وغياب المراقبة والمتابعة من قبل المصالح المختصة مشيرا الى ان الجلسات والاجتماعات السابقة لم تقدم حلول جذرية لتنظيم القطاع وتقنينه بل فتحت المجال إلى دخول شركات خاصة للهيمنة عليه والاستفادة منه ماديا.
"لوبي" في مسالك التوزيع
وسياق متصل أوضح الدكتور خالد زروق ممثل منظمة الدفاع عن المستهلك ان حملة مقاطعة اللحوم الحمراء جاءت نتيجة ارتفاع الاسعار بصفة ملحوظة في الاونة الاخيرة بعد سلسلة الزيارات التي قام بها أعضاء المنظمة للعديد من الاسواق أفرزت تشكيات من ارتفاع هذا المنتوج وتدني المقدرة الشرائية للمستهلك التونسي. كما أوضح ان المسؤولية مشتركة بين جميع الأطراف في هذا القطاع والضرورة تقتضي مراجعة منظومة اللحوم الحمراء وفتح باب الحوار مع كافة المتدخلين لضمان تزويد السوق باللحوم من جهة وتحديد أسعار تتماشى مع المقدرة الشرائية للمستهلك التونسي من جهة أخرى مضيفا أن المنظمة تسعى إلى ترشيد وحماية المستهلك خصوصا مع وجود حلقة مفقودة بين المنتج أو الفلاح و "الجزّار" اضافة الى وجود "لوبي" يتحكم في مسالك التوزيع غايته ترفيع الاسعار والاحتكار والاضرار بالقطاع حسب تعبيره. وطالب زروق بتقريب وجهات النظر بين المنتج والجزار والمستهلك وعلى ضرورة فتح باب الحوار وايجاد آليات لحماية المستهلك التونسي في ظل تواصل ارتفاع الاسعار في المواد الاساسية والمنتوجات الفلاحية.