تفاصيل اعلان إضراب عام وطني لقطاع المحاماة في تونس    لأول مرة منذ 37 عاما.. الرجال أكثر سعادة بوظائفهم من النساء    القيروان: غرق ثلاثة شبان في صنطاج ماء بالعين البيضاء    بالفيديو: تفكيك شبكة دوليّة مختصّة في مجال تهريب المُخدّرات وهذا ما تم حجزه    كرة اليد: الترجي يتفوق على المكارم في المهدية    نقابة الصحفيين تدعو مكتبها التنفيذي الموسع إلى الإجتماع    بلاغ هام لرئاسة الحكومة بخصوص ساعات العمل في الوظيفة العمومية..    العثور على شابين مقتولين بتوزر    حفوز: العثور على جثث 3 أطفال داخل خزّان مياه    التوقيع على 18 اتفاقية ومذكرة تفاهم وبرامج تنفيذية في هذه المجالات بين تونس والعراق    باجة: اطلاق مشروع "طريق الرّمان" بتستور لتثمين هذا المنتوج و ترويجه على مدار السنة [صور + فيديو]    وزارة التجارة: تواصل المنحى التنازلي لأسعار الخضر والغلال    رجة أرضية بقوة 3.1 درجة على سلم ريشتر بمنطقة جنوب شرق سيدي علي بن عون    قادة الجيش يتهمون نتنياهو بتعريض حياة الإسرائيليين والجنود للخطر وهاليفي يؤكد إن حرب غزة بلا فائدة    مؤشر جديد على تحسن العلاقات.. رئيس الوزراء اليوناني يتوجه إلى أنقرة في زيارة ودّية    أخصائي نفسي يحذّر من التفكير المفرط    البطولة العربية لالعاب القوى (اقل من 20 سنة): تونس تنهي مشاركتها ب7 ميداليات منها 3 ذهبيات    رسمي.. فوزي البنزرتي مدربا للنادي الإفريقي    سليانة: عطب في مضخة بالبئر العميقة "القرية 2 " بكسرى يتسبب في تسجيل إضطراب في توزيع الماء الصالح للشرب    التهم الموجّهة لبرهان بسيّس ومراد الزغيدي    شركة "ستاغ" تشرع في تركيز العدّادات الذكية "سمارت قريد" في غضون شهر جوان القادم    جربة.. 4 وفيات بسبب شرب "القوارص"    وفاة 3 أشخاص وإصابة 2 اخرين في حادث مرور خطير بالقصرين    المحكمة الابتدائية بسوسة 1 تصدر بطاقات إيداع بالسجن في حق اكثر من 60 مهاجر غير شرعي من جنسيات افريقيا جنوب الصحراء    افتتاح نقطة بيع من المنتج إلى المستهلك وسط العاصمة لعرض منتوجات فلاحية بأسعار الجملة وسط إقبال كبير من المواطنين    مدنين: نشيد الارض احميني ولا تؤذيني تظاهرة بيئية تحسيسية جمعت بين متعة الفرجة وبلاغة الرسالة    سيدي بوزيد: تظاهرات متنوعة في إطار الدورة 32 من الأيام الوطنية للمطالعة والمعلومات    زهير الذوادي يقرر الاعتزال    مصر تهدد الاحتلال بإنهاء اتفاقيات كامب ديفيد    امين عام التيار الشعبي يلتقي وفدا عن حركة فتح الفلسطينية    سبيطلة.. الاطاحة بِمُرَوّجَيْ مخدرات    صفاقس تتحول من 15 الى 19 ماي الى مدار دولي اقتصادي وغذائي بمناسبة الدورة 14 لصالون الفلاحة والصناعات الغذائية    في الصّميم ... جمهور الإفريقي من عالم آخر والعلمي رفض دخول التاريخ    ر م ع الصوناد: بعض محطات تحلية مياه دخلت حيز الاستغلال    سيدي بوزيد.. اختتام الدورة الثالثة لمهرجان الابداعات التلمذية والتراث بالوسط المدرسي    المالوف التونسي في قلب باريس    الناصر الشكيلي (أو«غيرو» إتحاد قليبية) كوّنتُ أجيالا من اللاّعبين والفريق ضحية سوء التسيير    نتائج استطلاع رأي أمريكي صادمة للاحتلال    حضور جماهيري غفير لعروض الفروسية و الرّماية و المشاركين يطالبون بحلحلة عديد الاشكاليات [فيديو]    اليوم: إرتفاع في درجات الحرارة    انشيلوتي.. مبابي خارج حساباتي ولن أرد على رئيس فرنسا    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    حل المكتب الجامعي للسباحة واقالة المدير العام للوكالة الوطنية لمقاومة المنشطات والمندوب الجهوي للشباب والرياضة ببن عروس    النادي الافريقي - اصابة حادة لتوفيق الشريفي    الدورة 33 لشهر التراث: تنظيم ندوة علمية بعنوان "تجارب إدارة التراث الثقافي وتثمينه في البلدان العربيّة"    مع الشروق .. زيت يضيء وجه تونس    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    مدير مركز اليقظة الدوائية: سحب لقاح استرازينيكا كان لدواعي تجارية وليس لأسباب صحّية    نحو 6000 عملية في جراحة السمنة يتم اجراؤها سنويا في تونس..    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    أسعارها في المتناول..غدا افتتاح نقطة بيع من المنتج إلى المستهلك بالعاصمة    عاجل : إيلون ماسك يعلق عن العاصفة الكبرى التي تهدد الإنترنت    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    بعيداً عن شربها.. استخدامات مدهشة وذكية للقهوة!    تونس تشدّد على حقّ فلسطين في العضوية الكاملة في منظمة الأمم المتّحدة    في تونس: الإجراءات اللازمة لإيواء شخص مضطرب عقليّا بالمستشفى    منبر الجمعة .. الفرق بين الفجور والفسق والمعصية    دراسة: المبالغة بتناول الملح يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوّل دستور تونسي صدر سنة 1861.. ولم يتضمن مفهوم الشريعة
المفكر محمد الحداد ل«الصباح»
نشر في الصباح يوم 29 - 03 - 2012

النقاب نفي من المرأة لذاتها ولشخصيتها.. ومن أراد أن يعيش على هامش الحضارة فهو حر المفكر الدكتور محمد الحداد أستاذ كرسي اليونيسكو لعلم الأديان المقارن بتونس منذ عام 2004 كان من بين الضيوف المرموقين لمعرض البحرين الدولي للكتاب الذي كانت فيه تونس ضيف شرف وقدم هناك محاضرة قيمة...
وبينت النقاشات بعدها ونوعية الحضور (مثقفون ووزارء وسفراء وملحقو ثقافة من عدد من بلدان الخليج في البحرين) والدكتور معروف في بلدان الخليج العربي أكثر من تونس بما كتبه عن «محمد عبده قراءة جديدة في خطاب الإصلاح الديني» وعن الأفغاني دراسة ووثائق» وعن «ديانة الضمير الفردي» و«الإسلام نزوات العنف واستراتيجيات الإصلاح» والبركان الهائل و«مواقف من أجل التنوير» و«قواعد التنوير» وبمشاركته في كتاب بالفرنسية عن (تدريس الأديان في عصر العولمة) ترجم إلى العربية. وبالمشاركة في كتاب بالفرنسية عن (الأديان والإصلاحات الدينية) وترجم إلى العربية. ومعروف ايضا بعضويته في العديد من وحدات البحوث الأوروبية والعالمية وبمحاضراته في كثير من البلدان الأوربية والعربية. «الصباح» التقته وسألته رأيا وتفسيرا لما يجري من احداث في تونس.

حوار: علياء بن نحيلة

+الإبقاء على الفصل الأول من دستور 59 هل سيحسم حالة الانقسام التي سببتها مسالة إدراج الشريعة في الدستور وأية أحداث أثرت مباشرة على اتخاذ هذا القرار وما هو ثمنه وآفاقه؟

- الانقسام سيستمر وهذا أمر طبيعي لأنّ الديمقراطية تقوم على اختلاف الآراء، والناس ينقسمون إلى أحزاب إذا اختلفت مواقفهم الفكرية ومصالحهم الاجتماعية وطموحاتهم السياسية، وقد كان ينظر الى الاختلاف في السابق على أنه شرّ، والديمقراطية ستثبت أن الاختلاف خير للمجتمع، وأن عقلية الفرقة الناجية والحق الواحد جزء من هذا الاستبداد الطويل الذي عاشته المجتمعات الإسلامية منذ قرون، وأن تنافس آراء و أطروحات مختلفة ينمّي المجتمع ولا يضعفه، ومن وجهة نظري كدارس لتيارات الفكر العربي الحديث أرى أن لا مناص من تعايش أربعة اتجاهات رئيسية في العالم العربي وهي الاتجاه الإخواني (نسبة إلى حركة الإخوان المسلمين) والاتجاه الليبرالي والاتجاه القومي والاتجاه اليساري النقابي، يضاف إليها في تونس تحديدا الاتجاه البورقيبي أو الدستوري الذي لا يمكن إلغاء وجوده بجرّة قلم، وكل المستقبل السياسي في تونس سيتحدّد بقدرة هذه التيارات على التعايش وبلورة حضورها الجماهيري من جهة، وأشكال التحالفات التي ستنشأ بينها من جهة أخرى.
الديمقراطية ليست نفيا للاختلاف بل إدارة هذا الاختلاف على قاعدة منع العنف ومنع الفوضى في الآن ذاته، وعلى هذا الأساس فإنّ الاتفاق على الفصل الأول من الدستور والإعراض عن تضمين كلمة الشريعة في هذا الدستور كان انتصارا للمسار الديمقراطي قبل كلّ شيء، وكنت شخصيا قد قدمت مقترحا عمليا حول الفصل الأول منذ فيفري 2011 ونشر على أعمدة صحيفتكم يدعو إلى الإبقاء على هذا الفصل بصفته نتيجة وفاق وطني سابق في الموضوع، وعدت بعد سنة لأنبّه على صفحات جريدتكم أيضا إلى خطر تضمين كلمة شريعة لأنها كلمة مبهمة يمكن أن تؤوّل تأويلات مختلفة، يمكن أن يرى البعض أن الشريعة هي الحرية والعدالة والتسامح وأنها مجموعة قيم لا أحكاما تفصيلية، وهذا فهم إيجابي للكلمة أتبنّاه شخصيا، ويمكن للبعض الآخر أن يفهمه بمعنى القطع والرجم وهذا ما لا يتناسب مع التطور التشريعي لبلادنا، وسيكون متناقضا مع القيم الدنيا لحقوق الإنسان، ويمكن للبعض الآخر أن يفهم أن التشريع سيكون مستقبلا في شكل فتاوى، وهذا مناقض للطبيعة المدنية للدولة. كلمة إسلام تكفي لأنها تجمع التونسيين، ثم لماذا هذا الإصرار على قضية الشريعة؟ لقد ظهر أول دستور عربي وإسلامي في تونس تحديدا وحصل ذلك سنة 1861، وبما أن التعليم كان دينيا آنذاك فالذين صاغوه هم من الزيتونيين، ومع ذلك فلم يتضمن دستور سنة 1861 مفهوم الشريعة.

الغنوشي يلتجئ الى ثقله التاريخي لتمرير قرار حكيم

+ وهل تعتقد ان التعليل الذي قدمه الشيخ راشد الغنوشي لتفسير سبب إقدام الحركة على الإبقاء على الفصل الأول من الدستور القديم مقنع ألا ترى ان فيه رسالة تأجيل لحين تقول مؤسسة الإفتاء في الأمر كلمتها؟

- دعيني أوضّح ما معنى أن يكون التشريع مدنيا. يمكن أن تكون للنائب في البرلمان قناعات وصل إليها بالتجربة أو بالتأمل أو بالاقتداء بتجارب أخرى أو من منطلق قناعات دينية أو فلسفية، المهمّ أنه عندما يأتي إلى البرلمان سيقدّم مقترحه القانوني باسمه أو باسم كتلته النيابية، وسيكون ملزما بإقناع زملائه بما سيحققه مشروعه القانوني من إيجابيات في المجتمع، فالقوانين ستعكس ما يراه المجتمع صالحا في ظرفية معينة حسب الأغلبية التي سيفرزها. أما إذا وجد نائب او كتلة نيابية أو مؤسسة إفتائية تقول: ينبغي أن نضع التشريع الفلاني دون نقاش لأنه حكم ديني فسنخرج عن الإطار المدني للتشريع، لكن يمكن لنفس القانون أن يصاغ على أساس مدني أي بإثبات أنه مصلحة. وفي بلد ذي أغلبية مسلمة لن تخرج القوانين عن الروح العامة للإسلام، لكنها لن تكرّر ايضا الأحكام الشرعية التي اعتمدها القدامى، يمكن مثلا أن يمنع المشرع المدني تعدّد الزوجات على أساس مبدأ المصلحة العليا للمجتمع، مع أننا لن نجد فقيها من القدامى قد قال بذلك. فالجواب عن سؤالك أنّ الإعراض عن كلمة شريعة يفترض أن يتضمن الإعراض عن وجود نظام يشبه «ولاية الفقيه» في إيران، أي أن يوجد برلمان ثم هيئة إفتاء تفرض عليه تشريعات أو تمنع عنه تشريعات أخرى، وإلاّ عدنا إلى نقطة البداية.

+ تؤكد الأيام والأحداث أزمة الثقة بين الإسلاميين وشق كبير من المجتمع التونسي ما سبب هذه الأزمة وأي حل يمكن ان يساهم في إرساء سلام ليلتفت الناس إلى العمل؟

- البعض يسعى اليوم إلى إبراز الاختلافات بين التونسيين على انها اختلافات بين من يساند الإسلام ومن يعارضه، وهذا افتراء، لأن الاختلاف الحقيقي اليوم هو بين من يقرأ الإسلام قراءة عصرية متوافقة مع الجهد الإصلاحي الذي بدأ منذ القرن التاسع عشر والتي تمتدّ جذوره في مدارس وشخصيات كثيرة من التراث القديم، ومن يقرأ الإسلام قراءة حرفيّة على نمط الوهابية والإخوان المسلمين.
حركة النهضة نشأت تحت تسمية الجماعة الإسلامية ثم الاتجاه الإسلامي وكانت على خط الإخوان المسلمين، ثم تطورت بعد ذلك بفضل فصيلها الطلابي الذي واجه اليسار والقوميين باقتباس جزء من مقولاتهم و»أسلمتها»، كما انفتح على أفكار الإيراني علي شريعتي وعلى الدراسات التراثية الحديثة وخاصة محمد عابد الجابري، وقد أصبحت رموز هذا الفصيل اليوم في قيادة الحركة، وتطورت الحركة أيضا بفضل الشيخ راشد الغنوشي الذي بدأ ينفتح في الثمانينات على أفكار متطورة بالنسبة إلى ما كان عليه الإخوان المسلمون، وتعمق تطوره الفكري في بريطانيا بلد الحريات التي أقام فيها حوالي العقدين. لكن أزمة الثقة مازالت قائمة بين الحزب وجزء هام من القوى الفاعلة في تونس لأن هذا التطور لم يشمل كل قيادات الحزب وقواعده، فالعديد من القيادات السجنية بقيت بمنأى عن هذا التطور وهي تستند اليوم إلى شرعيتها النضالية، والأخطر في رأيي أن القيادات الشبابية التي مثلت في السابق قاطرة التطوير هي اليوم أقل انفتاحا من فكر الشيخ لأنّها في العهد السابق كانت ممنوعة من قراءة كتاباته فاستقت زادها المعرفي من القنوات الدينية السلفية.
على حزب النهضة أن يتفهّم لماذا توجد أزمة ثقة، فالحزب نفسه لا يعرف إلى أين يريد أن يقود تونس ومن سيتحكّم في مصيره بعد الشيخ الغنوشي. وما حصل في مسألة الشريعة دليل على ذلك، فهي قد حسمت حسب معلوماتي بفضل ثقل الشيخ الذي تعرّض لضغوط عديدة داخلية وخارجية وانتهى إلى قرار حكيم جنّب تونس تأزما خطيرا للأوضاع، ولو لا ثقله التاريخي لما استطاع الحزب في رأيي أن يتخذ هذا القرار.

مقارباتي تقوم على المقارنة والحفر التأويلي في أعماق التراث والأديان

+ تروج لرؤية علمانية لا تعارض الإسلام بل تخدمه وكتبك تنشر النور وتحاول تبديد ما أثقل به عالمنا من عادات وتقاليد بعضها لا يمت لحضارتنا وإسلامنا بأية صلة ما الذي يمنع أفكارك من الوصول إلى الشباب وأنت قريب منهم عمرا وتدرس في الجامعة ليقتنعوا بها و لتتغلغل في أعماقهم ويعملون هم أيضا على نشرها ام ان هذا سيكون في قادم العصور؟

- أنا أحظى بشهرة واسعة في الخارج ودعيت على مدى العشرين سنة الأخيرة إلى المحاضرة في كل أنحاء العالم من العالم العربي إلى كوريا واليابان وأستراليا مرورا بأوروبا وأمريكا الشمالية، لكن لم أدع أبدا للمحاضرة في دار ثقافة بتونس، وكتبي منشورة في بيروت وغائبة عن السوق التونسية وبعضها كان ممنوعا، وفي الجامعة اعتبرني بعض اليساريين متدينا متخفيا واعتبرني بعض المتدينين مسيئا للإسلام من داخله، وكتبت ضدّي العديد من التقارير الأمنية من بعض هؤلاء وأولئك ودعيت أكثر من مرّة للتحقيق بسبب ذلك، وقد فضلت دائما البقاء بعيدا عن الأضواء في تونس، لا سيما أن أحد إخوتي كان متهما بالانتماء إلى الإسلاميين وعاش عشرين سنة دون بطاقة تعريف ولا جواز سفر وكل الأسرة عاشت متهمة معه، وكتاباتي تتحدث عن الإسلام وأعلم أن الرقيب يقرأ العناوين لا المضامين. وقد تغيّر الوضع مع الثورة لكن المشكل الآن هو سيطرة «لوبيات» معينة على الإعلام فلا قدرة لأمثالي من القادمين الجدد على الساحة الوطنية على تبليغ أصواتهم.
اهتممت بقضايا الإسلام والحداثة منذ ربع قرن ولم انتظر الثورة لمحاولة فهم التراث الديني ومقارباتي تقوم على المقارنة والحفر التأويلي في أعماق التراث والاستفادة من تاريخ الأديان. خذ مثلا مسألة العلمانية، هناك اختلاف بين أن تطرحها على مستوى الشعارات وبين أن تتعمق في فهم خلفيتها التاريخية الطويلة. الأديان التوحيدية هي التي اقحمت مبدأ الحكم العلماني، فالأديان الوثنية القديمة كانت تعتبر الحاكم جزءا من مجمع الآلهة وتضع له نسبا مع الآلهة وقد نشأ القصر والمعبد نشأة متوازية منذ الحضارة السومرية، عاشت البشرية مئات القرون في ظل الحكم الديني حتى جاءت الأديان الكونية وهي أساسا البوذية واليهودية والمسيحية والإسلام فألغت فكرة قداسة الحاكم وحوّلت القداسة إلى الإنسان نفسه سواء أكان حاكما أم محكوما، شريفا أم وضيعا، فخرجت السلطة السياسية عن الطقوس الدينية واستقلّ المعبد عن القصر، وهذا معنى تكريم الإنسان كما يرد في الإسلام، وهذا معنى أن يعلو شأن موسى الراعي القادم من قبائل اليهود المنبوذة على فرعون الذي كان يعتبر في الحضارة المصرية القديمة سليل الآلهة.

الحرية ضرورية لكنها وحدها لا تبني الوطن

+ذكرت في كتابات وتصريحات بعد الثورة أنّ الشباب التونسي يتعاطى مع راهنه بدون إيديولوجيات فهل هو اختيار واع بالابتعاد عن كل ما هو ايديولوجي ام انه قدر باعتبار قلة الوعي والتكوين الضحل وعدم قيام الجامعة بواجبها في تطعيم الساحة السياسية بالمثقفين الواعين سياسيا ليقودوا هذا المجتمع كما كانت تقوم به في السابق. وهل يكفي التسلح بالحرية لتغيير نمط حياة مجموعة ما؟

- بعد الثورة دعتني قناة تلفزيونية عربية مشهورة للقاء شامل قلت فيه إنّ ما يميز الثورة التونسية أنها حصلت دون إيديولوجيا، وهو ما كتبته أيضا في مقدمة كتاب «ثورة الياسمين»، وهذا أمر قد اعترف به الجميع بعد ذلك، وينبغي أن نكرّره باستمرار كي لا يفرض طرف في المستقبل تاريخا مزيفا للثورة وينسبها لنفسه، العهد السابق عمل كل جهده لإبعاد الشباب عن السياسة والثقافة كي يبعدهم عن المعارضة والاهتمام بالشأن العام، لكن حيلة التاريخ تمثلت في أنّ تلك الخطة حملت حتف النظام، فالشباب لو انقسم فصائل إيديولوجية، كما كان عليه جيلنا في الثمانينات، لما اتحد وأنجح الثورة، قلة اهتمامه بالأيديولوجيا هو الذي جعله يتحد ويتخذ له عدوّا واحدا هو الاستبداد السياسي والظلم الاجتماعي. إذن، من غير قصد، النظام البائد قد قام بحفر قبره بيده. لكن ما أثار خيبتي بعد الثورة أن الشباب قد قام بالثورة ثم تركها للشيوخ، من الباجي قائد السبسي إلى نجيب الشابي وراشد الغنوشي، أين ذهب الشباب؟ لست قادرا على تقديم الجواب، لكن سؤالك مهمّ جدّا: الحريّة شرط أساسي للتقدّم لكنها ليست العامل الوحيد، الثورة تحصل بفضل الجرأة والشجاعة، والوطن يبنى بالمعرفة والحوار، تونس نجحت في المهمة الاولى لكنها متعثرة في المهمة الثانية. الحرية ضرورية لكنها وحدها لا تبني الوطن.

عرفنا أكبر متحف أيديولوجي في العالم

+ إلى وقت قريب جدا كان الفكر في العالم العربي يتخبط في الجمود واليوم أصبحنا نرى إفراطا يؤدي إلى رفض المواطن لكل الاتجاهات الفكرية حتى التي تعجبه هل من تفسير لهذه الظاهرة وهل ننتظر ان تفرز فكرا نيرا ينهض بالأمة بصفة عامة ؟

- هذا طبيعي لأن ما يقدّم اليوم من اتجاهات فكرية هو بضاعة قديمة لم تعد تستجيب لمتطلبات اللحظة التي نعيشها، لقد وصفت مرّة الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة التي كان يرأسها السيد بن عاشور بأنها أكبر متحف أيديولوجي في العالم، فقد ضمت في صلبها كلّ الأيديولوجيات التي انهارت في كلّ أنحاء العالم، إلاّ في تونس، حيث تنافست كلها على تحقيق أهداف الثورة. كيف تريد أن يتفاعل الشباب مع فكر محنط؟
الأحزاب السياسية لا تقدّم مرجعيات فكريّة، حزب النهضة لم يعد راغبا في التصريح بمرجعيته الإخوانية، لكنّه لم يحدّد البديل عنها، واليسار لم يعد ماركسيا لينينيا، لكنه أيضا لم يحدّد مرجعية جديدة، والدستوريون لم تكن لهم مرجعية واضحة من الأصل، والقوميون يريدون اليوم أن يحاسبوا الدستوريين، لكن هل كان مصير تونس سيختلف عن الدكتاتوريات القومية العربية لو نجح القوميون في الانقلاب على بورقيبة في الستينات؟ قرأت مرّة وثيقة لحركة النهضة تقول بأنّها حركة ذات جذور يوسفية، ألا يعلم هؤلاء أن الزعيم صالح بن يوسف كان صديق عبد الناصر ولم يؤثر عنه أنه اعترض على تنكيله بالإخوان المسلمين منذ 1954، بينما بورقيبة كان يندّد بذلك من موقع النكاية في عبد الناصر! التاريخ لا يمكن أن يقرأ من الحاضر، وهذه المزايدة في البحث عن آباء غير الآباء المؤسسين الحقيقيين تخفي الهروب من الحقيقة وهي ضرورة أن يقرّ الجميع بأنّ مرجعياتهم الفكرية القديمة أصبحت لاغية بل كانت غير ديمقراطية من الأصل وأنّ عليهم أن يفتحوا منابرهم للمثقفين الجدد الذين يحملون أفكارا حقيقية لتجاوز المأزق الثقافي السياسي العربي، وليتركوا التاريخ للمؤرخين بدل أن يحرّفوه للبحث عن شرعيات ومرجعيات وهمية.

+ اقتراب المثقف اليوم من أسوار السلطة (الربيع العربي )هل سيقلص المسافة بين الحاكم والمفكر؟

- من المهمّ أن تتقلص هذه المسافة وذلك لصالح الطرفين، السياسي يشتغل على الآني والمثقف يعمل على التفكير في الآني من خلال الامتداد التاريخي والاستشراف المستقبلي. السياسي لا يمكن أن يفكرّ بمنهجية المثقف حتى لو كان مثقفا لأنه يعمل تحت ضغط الوقت وعليه أن يتخذ القرارات بسرعة، والمثقف إذا ما مارس السياسة فيمكن أن يتحوّل إلى دكتاتور صغير لأنه يسعى إلى أن يدخل العالم المعقّد في مقولات ذهنية مجردة. بالمقابل فإن التفاعل الإيجابي بين الطرفين من شأنه أن يرفد كلاّ منهما بتجربة الآخر وخبرته، فلا يظل المثقف يفكر من فراغ ومن خلال برج عاجي، ولا يبقى السياسي يلاحق الأحداث دون قدرة على تكوين رؤية إطارية تسمح له بربط القضايا الجزئية التي يرتطم بها يوميا برؤية كليّة شاملة لمسار تاريخي طويل.

فشل خطة التوريث الجمهوري وتطبيق نظرية الفوضى الخلاقة

+هل تتوقع تغييرا في خارطة المنطقة العربية وفي أي اتجاه هل باتجاه دول قوية ام دويلات مفتتة ؟ وما نعيشه اليوم سياسة عثمانية ودور تركي ام انه تدخلات إيرانية وهل يكفي ان نعيد توزيع الخارطة الثقافية ليخرج العرب من الأزمة التي يتخبطون فيها وهل هناك تفكير مشترك لتغيير أوضاع الثقافة باعتبار أنها محرك كل تطور اقتصادي ؟

- الشروط الموضوعية للثورات العربية كانت موجودة منذ مدة، أقصد البطالة وسوء توزيع الثروة الوطنية والحكم الاستبدادي والمحسوبية والرشوة، الخ. لكن حدوث الثورات في هذا الوقت بالذات قد سهله أمران، أولهما نهاية جيل من الحكام في العالم العربي مع فشله في إيجاد طريقة بارعة في نقل السلطة، فلم تنجح خطة ما عرف بالتوريث الجمهوري الذي كان فضيحة العصر واعتبر القطرة التي أفاضت الكاس والشعرة التي قصمت ظهر البعير. والأمر الثاني رفع القوى الدولية حمايتها عن بعض حلفائها السابقين لاعتقادها بأنّ حمايتهم أصبحت أمرا شديد التكلفة، وإذا ما قام الرئيس الأمريكي وأعضاء الكونغرس الأمريكي لتحية الثورة التونسية وارتمى ماك كاين في أحضان السيد رئيس الوزراء تعبيرا عن إعجابه فذلك لا ينبع من حبّ حقيقي لتونس والعرب بقدر ما هو تطبيق لنظرية الفوضى الخلاقة كما رسمها المحافظون الجدد بعد تعديلها في عهد أوباما بما يدعى بسياسة القوّة الناعمة. هناك إذن صراع على الثورات العربية، جزء منه من الداخل، مثل الصراع الأيديولوجي بين الإسلاميين والعلمانيين، والصراع الطبقي بين من يسعون إلى توزيع ثوري للثروة ومن يكتفون بإصلاحات اقتصادية محدودة، وجزء منه من الخارج، تتحكم فيه استراتيجيات القوى الدولية والإقليمية وسيسعى كل منها إلى توجيه الأوضاع حسب مصالحه. إقامة مناخ ثقافي جديد سيساهم في المحافظة على الوحدة الوطنية ويجعل شحنة الحماسة تتجه نحو النقاش والإبداع بدل العنف السياسي والاجتماعي، كما سيجعلنا مجتمعات واعية بذاتها متحكمة في مصيرها بدل ان يستلب وعيها في الاهتمام بقضايا هامشية من نوع النقاب وختان البنات ومعارك الشيعة والسنة. أما إمكانية تقسيم بعض البلدان العربية فأراها واردة جدّا لكن ذلك غير مطروح بالنسبة إلى تونس.

+ هل الإسلام السياسي ظاهرة صحية أم مرضية؟

-لا هذا ولا ذاك، من موقع تاريخ الأفكار والتيارات السياسية الحديثة يمثل الإسلام السياسي أحد التيارات الأربعة التي ذكرتها سابقا، وانتشاره اليوم ليس أكبر من انتشار التيارات الليبرالية في الخمسينات والتيارات القومية في الستينات، ويمكن أن يحكم بلدانا ثم يتضح فشله بعد فترة كما فشلت أنظمة الاستقلال أو الأنظمة القومية، أو يمكن أن يستفيد من تجارب الماضي فلا يعيد نفس الأخطاء. وفي تونس تحديدا لا اعتقد أن الإسلام السياسي يمكن أن يحكم وحده واعتقد أننا سنشهد ائتلافات حزبية في الانتخابات القادمة أيضا لذلك أشعر بنوع من التفاؤل بخصوص مستقبل الديمقراطية، لكن خشيتي هي من الوضع الاجتماعي الذي إذا تدهور فسيجهض حتما الحركية السياسية.
أما إذا كان المقصود الحركات السلفية فإنها إلى حدّ الآن لم تتحوّل في تونس إلى قوة سياسية بمعنى حزب منظم ويبقى ظاهرة اجتماعية سوف تتعاظم في رأيي لأنها ستستقطب من ستخيب انتظاراتهم من حركة النهضة التي صوّت لها الكثيرون من منطلق قناعات دينية لا سياسية، وستحرج النهضة قبل غيرها لأنها تنافسها على الميدان الديني ولأنها إذا أضرت بالاقتصاد والسياحة فستتجه نقمة المتضررين إلى الحكومة والنهضة، وهذا ما رأيناه مؤخرا في الانتخابات الطلابية التي عبّر فيها الكثيرون عن الخوف من الظاهرة السلفية بالتصويت ضد مرشحي النهضة للمجالس العلمية.

كان الأفضل لو رشح كل حزب تكنوقراطيين مقرّبين منه

+ علاقة الدين بالدولة كثيرا ما تتضارب حولها تصريحات وزراء «الترويكا» إلى ماذا ترجع هذا التضارب؟

- نتائج الانتخابات هي التي فرضت تجربة «الترويكا» بما أنه لم يوجد حزب متحصل على الأغلبية المطلقة، واعتقد أنها تجربة إيجابية فهي أفضل من استفراد حزب واحد بالحكم، الخطأ في رأيي كان في اختيار حكومة سياسيين، كان الأفضل لو رشح كل حزب تكنوقراطيين مقرّبين منه على أن يأخذ بعض السياسيين وزارات السيادة، أما الوضع الحالي فهو يتسم بتنافس الزعماء السياسيين داخل «الترويكا» من خلال التصريحات، بما يجعل هذه التصريحات متضاربة في هذا الموضوع وفي كل المواضيع تقريبا، ويعطي انطباعا سيئا لدى الشعب ثم خاصة في الخارج وعلى مستوى التبعات الديبلوماسية.

+ قال رسول الله عليه الصلاة والسلام «جددوا إيمانكم» والمقصود بتجديد الإيمان هو إعادة تأسيس منظومة المعرفة الإسلامية لان المنظومة التي تأسست للفقه منذ ألف سنة لا تصلح للفترة الحالية لان الزمن مكون رئيسي لهذه المنظومة ما رأيك؟

-لا أملك إلاّ أن أساندك الرأي، وأتمنّى أن يفهم الناس هذه الحقيقة البديهية.

+ الوضع اليوم في المساجد وبعد ان ساهمت في ترجيح كفة النهضة في الانتخابات وتدخلت في الحياة السياسية بالحديث عن ( الاعتصام.. اتحاد الشغل الدعوة القصاص...) هل نحيّدها أم نؤطر الفاعلين فيها وكيف؟
-المساجد مرافق عمومية ينبغي أن تخضع لمبدأ الحياد السياسي مثل المرافق الأخرى وأن ترعاها الدولة وليست الأحزاب المكوّنة للحكومة. التأطير ضروري لكن المشكلة قد تأتي أحيانا من المؤطّر نفسه كما رأينا مؤخرا مع قضية الواعظ الذي دعا إلى قتل السيد قائد السبسي، من غير المعقول أن تصل الأمور إلى هذا الحدّ.

استغلال المشاعر الدينية تجارة مربحة سياسيا وماليا

+ما رأيك في إعادة فتح مؤسسة الجامع الأعظم الزيتونة وهل يمكن ان تكون سدا منيعا أمام التطرف الفكري والعقائدي كما كانت من قبل ؟

-نعم من المفيد جدا إعادة تفعيل دور جامع الزيتونة لينشر الإسلام في صيغة معتدلة ومتسامحة كما كان دأبه على مدى التاريخ. وإغلاق جامع الزيتونة بعد الاستقلال لم يكن السبب الرئيسي في ظهور التشدد الديني بتونس، بدليل أن مصر لم تغلق الأزهر لكنها شهدت تطرفا دينيا أكبر من تونس وتشهد حاليا مدّا سلفيا أكبر من المد السلفي التونسي كما تعرفون من نتائج الانتخابات البرلمانية هناك، وحاليا يتولّى مشيخة الأزهر شيخ من أحسن الشيوخ وأكثرهم ثقافة وقد جمع مع بداية الثورة المصرية مثقفين من مختلف التيارات وصاغ وثيقة مهمة تقترح مسارا سياسيا متوازنا في مصر، كما اتخذ مواقف جيدة من مواضيع كثيرة لكن ذلك لم ينفع شيئا، فصوته لا ينافس أصوات وجدي غنيم وما شابهه. السبب الرئيسي في ظهور التشدّد الديني في تونس وفي مصر وفي كل العالم العربي هو تقلّص الحريات والديمقراطية، لكن لا يعني ذلك أن ما ان نعلن عن مجرّد النية في بناء مجتمع حرّ وديمقراطي حتى يتراجع التشدّد الديني، ذلك سيطلب وقتا طويلا ولا بدّ من القبول بخيار الحوار مع كل التيارات حتى الأكثر تشدّدا منها طالما لم تلجأ إلى استعمال العنف.

+ما رأيك في ملتقى دولي للعلاج بالرقى الشرعية ونحن في القرن الواحد والعشرين؟

-سترين أننا سنشهد الكثير من الغرائب والعجائب من هذا النوع لسبب بسيط وهو أن استغلال المشاعر الدينية قد أصبح تجارة مربحة سياسيا وماليا.

+ أي أمل للمرأة العربية في أن تتحسن أوضاعها والى أين تسير التونسية وهي تختار وحدها اليوم النقاب ولماذا تفعل هذا بنفسها؟

- النقاب نفي من المرأة لذاتها ولشخصيتها، لأن كلّ شخص موجود في المجتمع بإدراك الآخرين لوجوده، فإذا لم أكن قادرا على رؤيتك والتعرف على هويتك فكأنك غير موجودة أمامي ولا يمكن لي أن أتفاعل مع شيء غير محدّد المعالم، لا أعرف من قسمات الوجه هل الطالبة تتابع ما أقوله في الدرس؟ هل تبدو عليها علامات الفهم أم العكس؟ ثم ماذا سيحدث لو كشفت وجهها هل أن الرجال مكبوتون إلى درجة أن رؤية وجه امرأة سيثيرهم؟ وهل يعقل هذا في عصر القنوات الفضائية والانترنت الذي يحمل صور أجمل النساء في العالم؟ لكنّ موقفي أنّ الناس لا يقادون إلى الجنة بالسلاسل ومن أراد من تلقاء نفسه أن يعيش على هامش الحضارة فهو حرّ فقد أصبح متاحا أمام المرأة التونسية الخياران. أما أن تسعى بعض الأطراف لتغيير طبيعة المجتمع التونسي ليصبح من نوع ما نعرفه في بعض البلدان الأخرى فهذا يخرج عن الحرية الشخصية لبعض الأفراد ويدخل ضمن عملية سياسية ممنهجة لا بدّ من التصدّي لها بحزم. مسلسل استقدام الدعاة المشرقيين إلى تونس مثلا لم يكن عملا بريئا بل كان خطة سياسية محدّدة قامت بها أطراف معينة لغاية محسوبة بدقة، وكذلك ما يسعى إليه البعض لتحويل تونس إلى ساحة صراع سني شيعي، هذه ليست من قضايا مجتمعنا.

+هل من أمل في ان تتحسن ظروف تونس ؟

-يقسم المتخصصون مسارات الانتقال الديمقراطي إلى نوعين، نوع الانتقال السلس ونوع الانتقال الطويل. في تونس، كانت كل العوامل متاحة لانتقال من النوع الأول لكنّ ذلك لم يحصل، انتقلنا الآن إلى النوع الثاني الذي يتميز بعدم اتفاق كل الأطراف الفاعلة على الهدف ذاته أي الديمقراطية. سيستغرق المسار سنوات طويلة وسيتعرض لهزات عديدة لكني متفائل بالنجاح في النهاية. الخبراء الامريكيون يقولون إنّ حركات الإسلام السياسي ستروّض بفضل مشاركتها في الحكم وارتطامها بتعقيدات الواقع واعتقد أنّ توقعهم هذا صحيح لذلك فنحن سائرون في مسار علمنة سياسية عميقة لأن الناخبين سيصوتون أكثر فاكثر من منطلق مصالحهم وليس من منطلق تفاعلهم الوجداني مع الخطابات التي تلقى على أسماعهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.