- نظم أمس مركز تونس للعدالة الانتقالية وحقوق الإنسان ندوة صحفية برئاسة السيدة سهام بن سدرين والأستاذ قيس سعيد طرح فيه مقترحات للمسار الانتقالي لهيئة العدالة الانتقالية مثل إحداث هيئة مستقلة والتفكير في أنموذج تونسي. ولاحظت السيدة سهام بن سدرين في البداية انه لا يمكن الحديث عن هيئة للعدالة الانتقالية دون توفر ثلاثة شروط أساسية، والشرط الأول الذي يجب توفره هو الاستقلالية فهناك تجارب لم تتوفر فيها الاستقلالية مثل تجربة المغرب حيث بقيت ملفات الضحايا تحت سلطة أشخاص عينوا من طرف المقربين للسلطة الحاكمة لذلك لم يتم الكشف عن الضحايا وتم التعتيم على الجلادين والمسؤولين عن الفساد السياسي والإداري. و لذلك يعتبر موضوع الاستقلالية أساسيا من حيث التركيبة والآليات المعتمدة لإمكانيات تنفيذ المشروع حتى يتم الوصول إلى الحقيقة ومعرفة حق الضحايا والتفكير في العقاب المناسب أو المصالحة... فإذا لم يتوفر شرط الاستقلالية فمسار العدالة الانتقالية يكون قد اتخذ منحى خاطئا. أما الشرط الثاني فهو يخص تركيبة الهيئة وآليات التنفيذ أي الأشخاص المكونين لهيئة العدالة الانتقالية هذا الشرط له من الأهمية في مصداقية الهيئة فالشرط الأساسي أن لا تكون تركيبة أحادية الجانب أي أنها تشمل فقط القضاة بل يجب اعتماد أيضا اختصاصات أخرى متعددة مثل مختصين في علم النفس وعلم الاجتماع وخبراء ومنظمات حقوقية التي تبنت ووثقت لعدة سنوات ملفات ضحايا وشهداء الثورة. والشرط الثالث يتمثل حسب السيدة بن سدرين في التفكير في أنموذج تونسي خاص للعدالة الانتقالية فثورة تونس لها خصوصية لا يعرفها إلا الشعب هو نفسه الذي عاش التجربة وعاش أحداثها وأسبابها، كذلك فنموذج العدالة الانتقالية يجب أن يكون تونسيا، يمكن أن نستلهم من التجارب الأجنبية لنصنع نموذجا للعدالة يليق بالثورة التونسية لكن ليس من الضروري أن نستنسخ تجارب أخرى. فمهم جدا أن تقع الاستشارة والتنسيق مع السلط المختصة حول موضوع العدالة الانتقالية لا أن تكون فكرة مسقطة وأحادية الجانب أي من طرف الحكومة فقط. هذا إضافة إلى أن الفلسفة التي تقود مسار العدالة الانتقالية يجب أن تعتمد على فضح الوقائع والأشخاص ثم طلب العفو، فالعفو ليس له قيمة إذا لم ترافقه أفعال تفيد بالرضا بالعقاب. كما أضافت بن سدرين أن للضحية حق اللجوء للقضاء فهو حق مكفول حتى وإن تمت إجراءات الصلح فهذا أمر لا يتنافى مع حرية الضحية في اللجوء إلى القضاء أو التنازل على حقه. هذا النموذج المقترح للعدالة الانتقالية يرتكز أساسا حسب بن سدرين على عدد من المبادئ التي يجب أن ترسى، وهي الحق في المعرفة والحق في العدالة والحق في التعويض والحق في ضمانات لعدم العود إلى الانتهاكات السابقة. جرائم سياسية وفساد سياسي وفي تدخل للأستاذ قيس سعيد أشار أن هناك جرائم سياسية تخص الانتهاكات السابقة لحقوق الإنسان وفساد سياسي وهي جرائم مرتكبة تتعلق بالفساد المالي والإداري. فالفساد السياسي ليس أقل خطرا من الفساد الإداري وجرائم التعذيب. لكن تبقى مسألة الفساد هامة جدا فالبعض يستعجل الحسم فيها مثل كيفية إرجاع الأموال المنهوبة لجبر الضرر.وأشار سعيد أن من بين هذه المقترحات إبرام صلح جزائي مع كل رجل أعمال مورط في الفساد حتى يبقى تحت طائلة حكم جزائي وفي المقابل تتم الاستجابة لمطالب الأهالي المحرومة وتحقيق استثمارات تنموية مثل بناء مستشفيات وتعبيد طرقات ... كما يتم ترتيب معتمديات من الأكثر فقرا إلى الأقل فقرا حسب الأولوية وهذا كله بتنسيق مع أجهزة الدولة. كما يمكن أن تعود ملكية هذه المشاريع إلى المجتمعات الوطنية والدولة والمحلات الجماعية.والمصالحة أو صك التوبة والغفران حسب ما اسماه الأستاذ سعيد يعود أولا وأخيرا إلى هؤلاء الأهالي الضحايا بعد استرجاع الأموال المنهوبة. لمياء الشريف