أصدر اتحاد الناشرين التونسيين بيانا عبر فيه عن «الاستغراب والاستياء الشديد» مما ورد في حديث وزير الثقافة إلى إذاعة شمس آف. آم. مؤخرا عندما وصف الناشرين بالأثرياء... وعندما دعا الناشرين إلى احترام حقوق المؤلف واعتبروا أن في هذا الوصف نيلا من مصداقيتهم ونزاهتهم وفي الدعوة توجيه تهمة واضحة بالتحيّل لا تقبل من مسؤول أول على قطاع الثقافة وتنال من أخلاق الناشرين وسمعتهم دون أي مبرر مثلما تضمن ذلك البيان. وأكد السيد نوري عبيد رئيس الاتحاد أن إصدار الاتحاد لبيان جاء ردا على ما تضمنه موقف الوزير من اتهامات ضمنية للاتحاد والناشرين عندما وصفهم ب«الأثرياء» واعتبره موقفا غير مسؤول وخطير وينم عن عدم دراية سلطة الإشراف بواقع القطاع الذي يتخبط في صعوبات ومشاكل لا تحصى ولا تعد حيث قال: «لو أن الناشرين فعلا أثرياء لغادروا القطاع ولكن نتمنى أن نكون كذلك حتى يتسنى لنا دفع المساهمة في خلق مواطن التشغيل وتحريك سوق الكتابة والتفكير والترويج للفكر التونسي». وبيّن رئيس اتحاد الناشرين التونسيين في حديثه لنا أن الخطورة تكمن في أن سلطة الإشراف انطلاقا من هذا الموقف تهمل من ناحية ما للدولة من واجبات تتعلق بنشر الكتاب التونسي في الخارج ومن ناحية أخرى تهمل ما للناشرين واتحادهم من تضحيات في سبيل التعريف بالكتاب التونسي في الخارج دون حدود تجارية تذكر. كما عبر عن تخوف الناشرين من تداعيات موقف وزير الثقافة في أوساط الناشرين والمؤلفين المحبط لعزائهم فهو يعتبر أن هذا القطاع غير مربح مثلما يظن البعض. في المقابل اعتبر أن جل المعارض ليست ذات مردودية مالية باستثناء معرض القاهرة الذي يعد المناسبة الوحيدة التي تمكن العارضين من البقاء في دائرة النشاط والمعارض بعد أن تراجع الإقبال على الكتاب التونسي في معرض الجزائر. كما أوضح نوري عبيد أن اتحاد الناشرين يشارك سنويا في ما بين 10 و12 معرضا دوليا وأن نسبة مساهمة الدولة في دعم الناشرين تتراوح بين 40 و50 ألف دينار سنويا وأفاد أن وزارة الثقافة لم تلتزم بما عليها في آخر معرض شارك فيه الاتحاد في منتصف مارس الماضي بباريس حيث كان من المفروض أن تدفع ما نسبته 50 بالمائة من مصاريف المشاركة فيما تدفع فرنسا الشطر الباقي وأكد محدثنا أن الجانب الفرنسي نفذ ما عليه فيما دفعت وزارة الثقافة مبلغا زهيدا لم يتجاوز ألفي دينار. واعتبر هذه المساهمة غير كافية لدعم الناشرين في دورهم المتمثل في دعم الكتاب والمؤلف التونسي على حدّ السواء.
اقتراحات
من جهة أخرى دعا نوري عبيد سلطة الإشراف إلى ضرورة مراجعة سياستها تجاه الناشرين والكتاب في حدّ ذاته بفتح باب الحوار والنقاش والاستماع إلى أهل الميدان من أجل النهوض بالقطاع قائلا: «سبق أن طلب الاتحاد مقابلة مهدي المبروك منذ أن باشر مهامه في صلب الوزارة من أجل بحث طرق النهوض بالقطاع وانتشاله من التهميش والتغييب الذي عانى منه لسنوات طوال ولكن للأسف إلى حد الآن لم نجد التجاوب بالرفض أو القبول مع هذا الطلب لا بل كان تصريحه تجاه الناشرين مفاجئا لنا». كما قدم رئيس اتحاد الناشرين التونسيين مقترحات إلى سلطة الإشراف اعتبرها كفيلة بتطوير القطاع والعاملين فيه ومن بينها تكوين لجنة تتولى تقييم الكتاب التونسي من حيث ما يحتاجه من دعم سنوي وبعث موزع مصدر كتاب يتم تعيينه لمدة ثلاث سنوات أو أكثر على أساس أن تحديد هذه الخطة يفيد الكتاب التونسي ولا سيما في ظل عدم وجود أي مصدر مستقل للكتاب التونسي مهنته مصدر في حين يوجد ما لا يقل عن 50 موردا. كما طالب نوري عبيد وزير الثقافة والوزارات الأخرى ذات العلاقة الوثيقة بالترويج للكتاب كوزارة الخارجية تحديدا ووزارة السياحة وتوفير ميزانية خاصة بدعم الكتاب والتشجيع على إنجاح مهنة مصدر مثلما هو معمول به في بقية القطاعات الصناعية والفلاحية الأخرى لأنه يرى أن صناعة الكتاب لا تقل قيمة وأهمية عن هذه المجالات. من جهة أخرى اعتبر احتكار الدولة لقطاع الكتاب دون تغيير القوانين المعمول بها فيما يتعلق بمستحقات المؤلف وغيره من الأطراف ذات العلاقة بالإنتاج والتوزيع لا يمكن أن ينهض بالكتاب التونسي. كما اعتبر رئيس اتحاد الناشرين أن الإسراع في بعث المركز الوطني للكتاب الذي يكون شاملا لكل مقومات تطوير القطاع تشريعيا وتنظيميا يعد من الخطوات الضرورية في هذه المرحلة التي يجب على سلطة الإشراف أن تعجل بإنجازها.