دعوة لمراجعة قوانين المخدرات تقرر إعادة فتح قسم أمل التابع للمركب الصحي بجبل الوسط للإحاطة بالمدمنين على المخدرات، والنظر في مشروع القانون المنقح للقانون عدد 52 لسنة 1992 المؤرخ في 18 ماي 1992 المتعلق بالمخدرات. هذا ما أعلنه ممثل وزارة العدل في افتتاح الاجتماع الموسع للمكتب الوطني للمخدرات أول أمس بمقر الوزارة بباب سعدون برئاسة وزير الصحة عبد اللطيف المكي وضم ممثلين عن الهياكل المعنية وهي وزارات العدل والداخلية والشباب والشؤون الاجتماعية ووزارة الشؤون الدينية.. وأطباء مختصّون وأعضاء من المكتب الوطني لمكافحة المخدرات. وقد افتتح وزير الصحة عبد اللطيف المكي الجلسة وأكد على وجوب تفعيل استراتيجية وطنية لترشيد استعمال الأدوية المؤثرة عقليا (Psychotropes) وإحكام التصرف فيها. وأشار إلى أن ظاهرة تعاطي المخدرات بجميع أنواعها وإنتاجها والاتجار فيها بشكل غير مشروع قد انتشر واتسع نطاقه عالميا مما يهدد صحة ملايين من الأشخاص لا سيما الشباب والأطفال وقد بات يهدد النظم الاجتماعية والاقتصادية في جميع البلدان. ولاحظ أن استفحال الظاهرة في مجتمعنا هو نتيجة لفساد الإرادة السياسية السابقة، واكبر دليل على ذلك وجود كميات من المخدرات داخل قصر قرطاج مما يشير ربما حتى إلى تواطؤ الحكومة السابقة مع مروجي المخدرات. ولذلك وجب التصدي لهذه الظاهرة الخطيرة بكل الوسائل الممكنة عن طريق تطوير استراتيجيات التصدي للإدمان من خلال تشريك كافة الأطراف المتدخلة بدءا من الأسرة والمدرسة والحملات التوعوية مرورا بالأجهزة الأمنية والديوانية والقضائية والجمعيات غير الحكومية وصولا إلى مختلف القطاعات التي تعنى بالشباب والرياضة والطفولة والتربية، إلى جانب العاملين في قطاع الصحة وترشيد استهلاك الأدوية خاصة المؤثرة على الجهاز العصبي. وأكد الوزير في مداخلته على أهمية الجانب الوقائي والتركيز على التحسيس بمضار الإدمان وسبل الوقاية منه وذلك بعقد ملتقيات كالملتقى الذي سيعقد بالتعاون مع شبكة "مادنات" التابعة لمجلس أوروبا وبمساعدة منظمة الصحة العالمية على امتداد يومي 17 و18 ماي القادم بمعهد باستور. كما أشار إلى أهمية مصارحة المجتمع بحقيقة وخطورة الأوضاع لمواجهتها وذلك عن طريق تشكيل لجان مختصة لصياغة مقترحات كاملة لان الردع وحده غير كاف. أما فيما يتعلق بالعلاج فقد تقرر فتح مركز "أمل " في الأيام القليلة القادمة مع تطوير أساليب الإحاطة الصحية والنفسية حتى يتمكن من استقطاب طالبي العلاج عن طواعية من مختلف الفئات الاجتماعية مع التعهد بدراسة أوضاعهم الناتجة عن الإدمان. وتدخل أيضا ممثل وزارة العدل الهادي مشعب (قاض بالمحكمة الابتدائية بتونس) وأشار إلى ضرورة مراجعة القوانين المتعلق بالعقوبات المسلطة على المستهلكين وأكد على وجوب الأخذ بعين الاعتبار بان المستهلك هو متضرر ومريض أولا ومخطئ ثانيا، فالخطأ هو سلوك عادي يمكن أن يقع فيه أي شخص لذلك وجب أولا إسعافه عن طريق توعيته والنظر إلى الظروف التي دفعته لاقتراف هذا الخطإ ومواجهتها، فعقوبة السجن ليست رادعا ولا يمكن ان تقوم بدور تأهيلي، بل بالعكس يمكن أن ينجر عنها تدمير هذا الشخص وضياع مستقبله المهني أو الدراسي وحتى ضياع أسرته، خاصة وان كان المستهلك في سن 17 أو18 سنة. وأشار إلى أن سلك القضاء متفهم لهذا الموضوع لمدى أهميته وأضاف بان عقوبة السجن وإن توجّبت يجب أن تكون ردعية (مثلا 6 أشهر سجن مع إيقاف التنفيذ) لتحسيس المستهلك بفداحة وخطورة ما قام به من جهة وتأهيلية لتوعيته وعلاجه وإقناعه خاصة بعدم العود. كما ان القاعدة القانونية يجب أن تتماشى مع تطور العصر والتطور في العلوم. اما السيد عمامو طبيب مختص فقد أشار إلى أنه يجب عدم تجريم المستهلك وتوفير الفرصة لعلاجه قبل تسليط العقوبة عليه. منير جمور "ممثل وزارة الشؤون الدينية أشار من جهته إلى وجوب تعديل قوانين المخدرات وجعلها منسجمة مع الشريعة الإسلامية في درء الحدود بالشبهات لحماية الأجيال القادمة الى جانب تكثيف الحديث عن مخاطر المخدرات وتوعية الشباب والأطفال في المدارس وعن طريق الإعلام المرئي والمسموع. وأشار احد الأطباء المختصين إلى أخطار الاستهلاك عن طريق الحقن وما يمكن أن ينجر عنه من أمراض مثل أمراض الكبد والسيدا. وللتصدّي لهذه الظاهرة اقترح وزير الصحة تكوين أربع لجان تقوم الأولى بطرح الملفات وتهتم الثانية بمشاكل المدمنين ومستهلكي المخدرات حيث تكون طبية واجتماعية بالأساس، أما اللجنة الثالثة فهي وقائية قانونية وتختص اللجنة الرابعة بالمداواة. واختتم وزير الصحة الاجتماع بقوله بان الوقاية أهم من العلاج لذلك يجب توجيه عناية كبيرة ولذلك لن يتأتى إلا عبر دراية ميدانية للإحاطة بأطفالنا وشبابنا لوقايتهم من الانزلاق نحو هذه الآفة.