نشرت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية مقالا بعنوان «طريقان إسلاميان اثنان» علقت فيه على الزيارة التي أجراها وفدان يمثلان كلاّ من حزب «النهضة» في تونس وحزب الحرية والعدالة في مصر، حاول فيها الوفدان كسب ثقة الجانب الأمريكي والتأكيد على أنّ الأحزاب الإسلامية تحترم الديمقراطية وحقوق المرأة والأقليات. لكنّ فريقا واحدا كان أكثر إقناعا، هكذا يستدرك المقال، فالنهضة كما جاء على لسان الصحيفة «أوضحت منذ البداية أنها لن تعمل على فرض التعاليم الإسلامية حتى وإن كانت أغلبية التونسيين تؤيد ذلك». موقف «واشنطن بوست» ليس إلا مثالا بسيطا على سيل من المقالات التي تحدثت بإيجابية عن حزب النهضة، وليس الإعلام الأمريكي إلا مرآة عاكسة للتطور الذي تشهده السياسة الخارجية الأمريكية تجاه تونس. «فرصة» في مقال تحليلي كتب المدير التنفيذي لمشروع «الديمقراطية في الشرق الأوسط» أنّ ردة فعل عنيفة تجاه فوز حزب النهضة ذي الخلفية الإسلامية في تونس سيفرز عواقب وخيمة، موصيا بضرورة إشراك الحزب بهدف إرسال إشارة قوية إلى المنطقة بأسرها بأن دعم الولاياتالمتحدة للديمقراطية العربية لا يهدف إلى استبعاد الأحزاب التي قد تختلف معها. ف «النهضة» لا تمتلك أية أجنحة مسلحة، ولم تشارك يوما في أية أعمال عنف وقد أنشئت على أنّها حركة إسلامية غير عنيفة»، هكذا يتابع المحلل الأمريكي، مضيفا أنّ «قادة النهضة اتخذوا مواقف تضعها بمنأى عن المنظمات العنيفة مثل حماس وحزب الله ولكن أيضا عن الحركات الإسلامية المتحفظة على غرار الإخوان المسلمين في مصر». ويضيف المحلل الأمريكي أنّ أية جهود تتخذها الولاياتالمتحدة في اتجاه عزل الحزب ستكون غير شعبية وستضعف موقف الولاياتالمتحدة في البلاد، فتونس تمثل بالنسبة إليه فرصة حتى تتعاون واشنطن مع جميع الأطراف. أما وليام تايلر المنسق الخاص لتحولات الشرق الأوسط فقد قال في أحد تصريحاته إنّ الولاياتالمتحدة تسعى إلى أن تظهر للشعوب أنّها جزء من الحل وليس المشكل، مضيفا «ما لا نريد القيام به هو الانتظار حتى تستقر هذه الحكومات (في تونس ومصر) لأنّ مثل ذلك قد يتطلب سنوات، ولأنّنا نريد أن نؤثر على ما تتوصل إليه هذه الحكومات». وتشير إحدى الوثائق الصادرة عن الكونغرس الأمريكي إلى أنّ لجنة الاستماع التابعة لغرفة السياسة الخارجية قد أكدت أهمية الدعم الذي يقدمه المسؤولون في إدارة أوباما للعملية الانتقالية في تونس. وتشير الوثيقة أيضا إلى أنّ عددا من أعضاء الكونغرس يجادلون بشأن الشكل الذي يجب أن تتخذه المساعدات التي تقدم إلى تونس. ويشير تقرير الكونغرس لسنة 2012 بعنوان «الانتقال السياسي في تونس» الصادر عن خدمات البحوث في الكونغرس بتاريخ 29 مارس 2012 -والذي تنفرد «الأسبوعي» بنشر تفاصيله- إلى أنّ طبيعة الحكومة التونسيةالجديدة كانت مبعث جدل داخل الكونغرس، بين البعض الذي يدعو إلى مراجعة السياسة المتبعة تجاه البلاد والبعض الآخر الذي يرى من الضروري دعم الحكومة الجديدة. ويضيف التقرير أنّ الحكومة التونسية الحالية تضع العلاقات الاقتصادية والعسكرية مع الولاياتالمتحدة على جدول أولوياتها. علاقات قوية يقول غابريلا سليفيرمان وهو محرر في مجلة «الأتلانتيك» الأمريكية إنّ المؤسسات الغربية «الصديقة» تسعى إلى إعادة تشكيل الشرق الأوسط عبر وعود الدعم الاقتصادي. ويضرب مثالا على ذلك عمل الولاياتالمتحدة الحثيث على تقديم الدعم الاقتصادي لتونس. ويشير المحرر الأمريكي إلى الأولويات التي وضعتها المديرة التنفيذية لهيئة الاستثمارات الأمريكية الخاصة بالخارج والمتمثلة في السياحة ومنح الامتيازات، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والطاقة المتجددة. وقد علقت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية على العلاقات بين حزب النهضة والولاياتالمتحدة في خضم حديثها عن الإخوان المسلمين في مصر، معتبرة أنّ تونس -على الطريق الصحيح - «خاصة أنّ حكومة ائتلافية بقيادة النهضة حاولت جاهدة بناء أوثق العلاقات الإستراتيجية مع الولاياتالمتحدة أكثر حتى مما فعل الرجل القوي الذي حكم تونس قبلهم». في مراكز البحث الأمريكية وفي تصاريح المسؤولين الأمريكيين، يبدو تطبيع العلاقات مع النهضة في تونس أمرا جوهريا بالنسبة إلى السياسة الخارجية الأمريكية، موقف إيجابي سعى عدد من أعضاء حزب النهضة إلى الفوز به حتى قبل سقوط النظام، ويبدو أنّ السياسة الخارجية التونسية تتجه إلى ما وراء المحيط الهادئ بعد أن اكتفت لعقود بجيران المتوسط. أروى الكعلي
في تقرير تنفرد «الأسبوعي» بنشر تفاصيله: تونس أكبر منتفع بالمساعدات الخارجية الأمريكية الخاصة بالمراحل الانتقالية بلغت المساعدات الأمريكيةلتونس -حسب وثيقة صادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية بعنوان «الشرق الأدنى: نظرة عامة على الدعم الاقتصادي الأمريكي لتونس» منذ بداية 2011 إلى حدود فيفري 2012 - نحو 190 مليون دولار أمريكي. وجهت هذه المساعدات حسب تقرير «الانتقال السياسي في تونس» 2012 إلى المجتمع المدني والأحزاب السياسية واستقلال الإعلام ودعم الانتخابات وتشريك الشباب والمرأة والإصلاحات الاقتصادية. ويشمل ذلك 30 مليون دولار لتغطية تكاليف ضمانات القروض السيادية و20 مليون دولار لإنشاء صندوق للمشاريع الثنائية تهدف إلى حفز الاستثمار الخاص. وكانت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون قد أعلنت الشهر الماضي أنّ الولاياتالمتحدة ستقدم مساعدات بهدف دعم «المسار الديمقراطي» في تونس بقيمة 100 مليون دولار أمريكي. كما قالت وزارة الخزينة الأمريكية إن الولاياتالمتحدة تعتزم تقديم ضمانات قروض لدعم تونس في مرحلة الانتقال إلى الديمقراطية وإنعاش اقتصادها. وتعدّ تونس أكبر منتفع بالمساعدات الخارجية التي أقرها مكتب وزارة الخارجية الأمريكية والكونغرس الأمريكي في إطار صندوق حوافز الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. أروى
في دراسة بريطانية تونس تحتل المرتبة الثانية في مؤشر الاستجابة للتغيير الاقتصادي ذكرت دراسة أجراها استشاريون من مؤسسة «كي بي إم جي» ومعهد التنمية الخارجية (وهو مركز بحث بريطاني) حول 60 بلدا من الأسواق الناشئة أنّ تونس والشيلي وتايوان والأردن وكازاخستان احتلت مراتب متقدمة في مؤشر الاستجابة للتغيرات الاقتصادية. فمن المرجح حسب الدراسة أن تتحول هذه البلدان إلى النجوم الصاعدة القادمة من خلال رصد فرص الاستفادة من التحولات الاقتصادية العالمية المتسارعة. وقد احتلت تونس المرتبة الثانية، بعد الشيلي في حين جاءت المغرب في المرتبة السادسة، وتركيا في المرتبة التاسعة. أما الصين ثاني أكبر اقتصاد عالمي فقد احتلت المرتبة 13 والهند المرتبة 23 وروسيا المرتبة 50. وأقرّ التقرير أن المستوى العالي لتونس واحتلالها المرتبة الثانية من شأنه أن يثير جدلا ونقاشا. وتوصلت الدراسة إلى نتائج -وصفها الخبراء- بغير المتوقعة عندما احتلت البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا أواخر الترتيب. وقد رصد التقرير التنوع الاقتصادي في هذه البلدان إلى جانب الفساد وبعث المشاريع والعلاقات بين قطاع الأعمال الخاص والحكومات ومناخ الاستثمار. كما حاول الباحثون متابعة كيفية تعامل هذه البلدان مع أزمة الغذاء العالمية والأزمات المالية المتتالية للتعرف على مدى قدرة سياساتها الاقتصادية والاجتماعية على تخطي انعكاسات الأزمات العالمية على وضعها الداخلي. وقد بدأت فكرة دراسة «مؤشر الاستجابة للتغيير» «Change Readiness Index» في مؤتمر «دافوس» الاقتصادي العام الماضي. الكعلي