سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
نسق صياغة الدستور "حلزوني".. تعدد المهام.. تراكم الملفات وضياع الوقت في االهامشيات" زاد الطين بلة بعد ستة أشهر من انطلاقها.. أشغال المجلس التأسيسي في ميزان النواب
بعد حوالي ستة أشهر من انطلاق أشغال المجلس الوطني التأسيسي، و بعد ما عرفه هذا الفضاء ولا يزال من نقاشات وتجاذبات واختلافات تصل أحيانا حد الجدل الحاد.. بعد هذا كله يحق للتونسي أن يتساءل وهو يرى نوابا انتخبهم يوم 23 أكتوبر لصياغة دستور جديد للبلاد، يراهم مباشرة على الشاشات يهدرون الوقت أو يقعون في مهاترات وصراعات ذات ابعاد سياسية وانتخابية.. ولا يدخلون في جوهر الموضوع، فتراهم يقفون عند تفاصيل تبدو للبعض بسيطة وتافهة، فيصفح عنهم طورا على أساس أنها سنتهم الأولى على درب إرساء النهج الديمقراطي، ويثور ويغضب أحيانا أخرى ويطالب بالنتيجة. وفي محاولة لتقديم صورة واقعية عن المجلس الوطني التأسيسي من وجهة نظر النواب أنفسهم وجهت االصباحب إليهم السؤال التالي: كيف يقيم نواب المجلس الوطني التأسيسي أعمال مجلسهم بعد ستة أشهر من بداية أشغاله؟ جاءت الآراء متباينة مختلفة بين ممثلي أغلب الأحزاب الممثلة في المجلس. آراء وجهت أصابع الاتهام للنواب وأخرى دافعت ذوبشراسة- عن أداء المجلس وعلى نزاهة كل النواب وأبرز آخرون حرص كل النواب على القيام بمهمتهم التي انتخبوا من أجلها. فكيف يقيم النواب مجلسهم؟ وهل هو الرضاء التام أم المشوب ببعض النقائص والصعوبات؟ «نواب الأغلبية خائفون على حكومتهم» النائب سمير بالطيب يرى أن أشغال المجلس بالنسبة للمسألة الدستورية تتقدم بخطى ثابتة ومنظمة على أساس أن أعمال اللجان مكثفة وتتم أحيانا بالتوازي مع انعقاد الجلسات العامة للمجلس، لكن الأداء متوسط في نظره فيما يتصل بالوظيفة التشريعية والرقابية وذلك بسبب تغليب بعض الأطراف لرؤية الحكومة على رؤية المجلس مثلما قال اوالأمر لا يستقيم هنا لأن النواب مطالبون بلعب دورهم كسلطة مستقلة تراقب الحكومة، ولأننا نرى اليوم نواب الأغلبية خائفين على حكومتهمبعلى حد تعبيره، وهو بالتالي راض نسبيا عن المجلس. نقاشات هامشية وفي ذات السياق أضاف النائب شكري القسطلي أنه لاحظ من خلال تعدد المحطات التي مر بها المجلس منذ انطلاق أشغاله، سيطرة الأغلبية وبالترويكاب تحديدا في رأيه على القرارات والاقتراحات التي قدمها أعضاء المجلس. واعتبر الأمر طبيعيا في أول تجربة ديمقراطية عقبت ثورة تاريخية عرفتها تونس، ولكنه في المقابل تحدث عن وجود بعض النقاشات الهامشية التي ابتعدت عن لب الموضوع، إضافة إلى تهميش مواضيع هامة. وكمثال على ذلك ذكر موضوع العدالة الانتقالية وملفات ضحايا الثورة، وكذلك المطرودين من العمل في فترة الرئيس السابق من سلكي الجيش والأمن الوطنيين الذين تم إرجاعهم بعد 14 جانفي ثم الاستغناء عنهم. وتعرض أيضا لموضوع الموارد المالية للدولة منها المساهمة الظرفية لرجال الأعمال في إطار مشروع للمصالحة مع رجال الأعمال المتهمين بالفساد، في حين لم يقع التأكيد على جلب الأموال المنهوبة والمهربة من سويسرا والإمارات ولوكسمبورغ وغيرها التي تقدر ب 23 مليار دينار حسب رايه. وأشار نفس النائب إلى مسألة عدم ارتباط المجلس بجدول أعمال وإلى تجاهل كل اقتراحات المعارضة داخل المجلس، وذلك في إطار التجاذبات الحزبية دون مراعاة مصلحة الوطن أحيانا والدليل في رأيه هو رفض كل التعديلات المقترحة في مشروع قانون المالية التكميلي الذي تمت مناقشته. وأكد أن أداء أغلب نواب المجلس قريب من الحسنبإذ بقدر ما هناك تدخلات عشوائية بقدر ما هناك محاولات لإرساء الخطاب الديمقراطي، وهناك أيضا العديد من الأعضاء الذين يسعون ويحرصون على تحقيق أهداف الثورة".. تقدم في عمل اللجان.. والإعلام حلقة مفقودة اعتبر النائب اسكندر بوعلاقي أن العمل في المجلس يتقدم على مستوى اللجان رغم وجود تضارب أحيانا في وجهات النظر والآراء وقالبأرى ذلك طبيعيا لأن لكل حزب رؤية واضحة يدافع عنها والخلاف يقود الفكرة إلى الجلسة العامةبمضيفا أن المجلس مرآة للتجاذبات التي تعيشها تونس بعد الثورة، التي تجمع بين الدفع إلى الأمام وبين الجذب إلى الخلف. وعبر النائب عن رضاه النسبي عن تقدم أشغال المجلس. وفي ذات الاتجاه جاءت إجابة النائبة سامية عبو التي قالت إنها راضية على أشغال المجلس لأن التقييم في نظرها يجب أن تراعى فيه كل المشاكل الطارئة الهامة التي منعت تواصل العمل بنسق عادي مثل مناقشة الميزانية وأحداث 9 أفريل وشهداء الثورة والجرحى، مؤكدة أهمية هذه الأحداث. سامية عبو تحدثت عن تقدم أعمال اللجان التأسيسية ومنها لجنتها الخاصة بالسلطة التشريعية والتنفيذية والعلاقة بينهما وأشارت إلى عدم وجود صدى لتلك الأشغال على مستوى الإعلام وبالتالي لدى المواطن، رغم أنها مفتوحة. معتبرة أن الإعلام يركز على الحدث دون فحوى الأشغال في حين أن ذلك يهم المواطن بالدرجة الأولى، خاصة بالنسبة للمواضيع المتصلة بنظام الحكم، واقترحت في هذا الصدد أن تتولى الصحف اليومية تخصيص مساحة أسبوعية لحوصلة مداولات كل لجنة ونقاط التفاوض وعملية الاستماع إلى الخبراء، حتى تصل المعلومة إلى المواطن. وحول أسباب عدم كتابة الدستور إلى الآن قالت النائبة إن الكتابة ليست مهمة صعبة أو مستحيلة وأن الهدف ليس إعتماد أي نظام حكم بصفة مسقطة بل إنه يجب التوصل إلى كتابة دستور بمواصفات تونسية يؤسس نظاما خاصا بتونس منطلقا من واقع تونس ومن وعي التونسيين حتى يستجيب لمقتضيات المراحل القادمة. مطلوب أكثر جدية.. أكثر جهد بعيدا عن أي اتهام بالتقصير، قالت النائبة هالة الحامي إن المجلس الوطني التأسيسي يحتاج في أشغاله إلى أكثر جدية وبذل المزيد من الجهد، نظرا لوجود عد تنازلي في رأيها لإعداد وكتابة الدستور. واعتبرت أن نسق الأشغال حثيث ومرهق على أساس الجمع بين حضور الجلسات والعمل في المجلس من جهة وبين الإنصات إلى مشاغل الجهات من جهة أخرى ومحاولة التوصل على حلول في شأنها. ووافقتها الرأي النائبة منيرة عمري التي أكدت تواصل إنجاز جدول الأعمال الذي تم ضبطه وإن كان ذلك بصعوبة كبيرة حيث أشارت إلى وجود محاولات لتعطيل عمل المجلس من قبل بعض النواب وبعض الأشخاص، وكذلك مسألة إهدار الوقت مما يتسبب في مضاعفة ساعات العمل، إضافة إلى فتح نقاشات خارج الموضوع تمتد لساعات وخاصة منها نقاط النظام. منيرة عمري التي رأت أن أعمال المجلس ناجحة عبرت في نفس الوقت عن عدم رضاها على أداء عدد من النواب وفي المقابل ثمنت التزام كتلة حركة النهضة بالوقت للإسراع بإنهاء المداولات ومواصلة كتابة الدستور. البرمجة غير موجودة و ظروف العمل غير مريحة النائب نعمان الفهري أثار مسألة مهمة تتصل بانعدام حسن الإدارة والتواصل مع الشعب بالشكل المطلوب. وأرجع ذلك إلى النقص الكبير في التجربة وفي القدرة على التسيير الجيد في المجلس حسب رأيه. إضافة إلى عدم وجود برامج واضحة رغم تقديم عديد المقترحات في شأنها والتي لم تؤخذ بعين الاعتبار. وأثار الفهري مسألة انعدام الشفافية فيما يتعلق بالاجتماعات والجلسات العامة والتي تمت المطالبة بنشرها لكن ذلك لم يتمبفي حين أن العملية مهمة جدا ومن شأنها أن تخفف من حدة الاحتقان أو سوء الفهمب مثلما قال. أيدت النائبة نادية شعبان هذا الرأي مضيفة أنه لا وجود لبرمجة ولا لمنهجية على مستوى اللجان الدستورية، إضافة إلى عدم حصول اتفاق حول جملة الأساسيات التي ستمكن من ربح الكثير من الوقت مثل الحريات والشريعة والانتخابات ونظام الحكم وغيرها من النقاط التي لو تم الحسم فيها منذ البداية لأمكن القيام بصياغة الدستور بأكثر يسر ومرونة. وقالت :بيداخلني إحساس أحيانا بأن هناك من يريد تعطيل عمل المجلس بإضاعة الوقت ولقلب موازين القوىبعلى حد تعبيرها. ولم يفت النائبة التي عبرت عن بعض الارتياح لتقدم الأشغال، أن تشير في معرض حديثها عن تقدم أشغال المجلس إلى ظروف العمل والتجهيزات غير المتوفرة مما جعلها تدرك أن التعامل داخل المجلس ليس على قدم المساواة بين كل النواب. وسارت تصريحات النائب محمود البارودي في ذات الاتجاه إذ يرى أن عدم توفر آليات العمل الضرورية لا تيسر مهمة النواب في نظره وكذلك طريقة التعامل مع أعضاء المجلس، إضافة إلى الضغط المتواصل والمسلط عليهم من خلال الملفات الساخنة التي تعرض عليهم ومنها ملف شهداء وجرحى الثورة، والحرص على حل كل الإشكاليات والمساهمة في العمل التنموي خاصة وأن المجلس يتحمل أعباء الدولة في نظره، لكن ذلك لم يمنع من إحساس النائب بالرضا على تقدم الأشغال بصفة عامة. خطى كتابة الدستور بطيئة جدا لئن اعترف النائب فيصل الجدلاوي بوجود بعض التقدم النسبي في أعمال المجلس بصفة عامة بحوالي 60 بالمائة، رغم إهدار الوقت ورغم الإمكانيات المحدودة فإنه اعترف أيضا بأن عملية صياغة الدستور تسير بخطى بطيئة جدا في نظره، لأنه تم الإطناب في الاستماع إلى الشخصيات الوطنية والمجتمع المدني من الذين ليست لهم علاقة بالدستور. وأكد أن عملية الصياغة النهائية ستكون سهلة على أساس أن الفكرة العامة موجودة وأن اللجان تتقدم على اختلاف اهتماماتها. وعبر عن عدم رضاه على مستوى النقاش الذي دار خلال عرض قانون المالية التكميلي واعتبره دون المأمول خاصة وأنه تم رفض كل التعديلات والإبقاء على الفصول كما جاءت، وكأن المعارضة منعدمة داخل المجلس. حسب قوله. تباينت الآراء وتعددت حول أعمال المجلس، وعكست مشغلا هاما اتفق في شأنه الذين التقينا بهم، وهو ضرورة الإسراع بكتابة الدستور على أساس أنها المهمة الأصلية التي انتخبوا من أجلها.