عادت مدينة سيدي بوزيد مجددا إلى واجهة الأحداث التي اندلعت شرارتها أوّل أمس السبت إثر قيام أعداد كبيرة من الشبان المنتسبين للتيار السلفي بحملة واسعة النطاق أفضت إلى غلق كافة الحانات والنزل والنقاط الخاصة ببيع الخمر سواء كان ذلك بصفة شرعية أو خلسة وعلى خلفية ما وصفوه بالسلوك العدواني والنزعة الانتقامية لقطع أرزاقهم وتعطيل مشاريعهم التي تساهم في تنشيط دواليب الحركة الاقتصادية ومعاضدة الجهود المبذولة على المستوى الجهوي للحد من ظاهرة البطالة المستفحلة. توجهت مجموعة من المحتجين إلى مركز الولاية وتولوا إشعال الإطارات المطاطية على الطريق العام مما تسبب في شلّ سير حركة المرور لمدة ساعتين تقريبا قبل أن يطلبوا من الوالي التدخل لفك الإشكال في أقرب الآجال الممكنة واتخاذ القرارات الكفيلة بفتح محلاتهم التجارية وتأمينها. طلق ناري إلى ذلك تبدو الأمور شبه عادية ولم تخرج عن إطارها السلمي ولكن ما حصل لاحقا أزّم الوضع وزاد في حدّة الاحتقان بنسق تصاعدي ملفت للانتباه وغير مسبوق، إذ تعمد أحد الأشخاص من المشاركين في الوقفة الاحتجاجية حسب الأخبار المتداولة بالمدينة إطلاق النار مرتين من بندقية صيد عيار 16 مم على الواجهة الأمامية لمسجد الرحمة تزامن مع موعد مغادرة المصلين بعد أداء صلاة العشاء. وقد أحدث الطلق الناري الذي عاينت «الأسبوعي» آثاره دويا قويا استيقظ على وقعه سكان المدينة كما خلّف حالة من الهلع والخوف في نفوس المارة وعابري السبيل. ويذكر أنّ هذه الحادثة المؤسفة التي أدانها الجميع بدون استثناء واستهدفت بالتحديد المقدسات ودور العبادة كانت منطلقا لتأجيج فتيل النزاع بين الطرفين حيث شهدت جلّ شوارع وأحياء مدينة سيدي بوزيد خلال الليلة الفاصلة بين يومي السبت والأحد الماضيين مواجهات متفرقة كادت تسفر عن سقوط ضحايا في صفوف المجموعتين لولا التدخل الأمني الذي عرف كيف يتعامل مع طبيعة الأحداث ويجنب الجهة «حمام دم» كان أكثر من مؤكد. دعوة إلى الحوار ودعا أبناء سيدي بوزيد ومكونات المجتمع المدني الشقين المتناحرين إلى وقف نزيف العنف والرهان على الحوار أسلوبا وحيدا لتطويق المشاكل وحلّها.