تتصاعد مع حلول كل موسم حصاد وتيرة تحذيرات المسؤولين على القطاع الفلاحي من ظاهرة ضياع الحبوب وترتفع الدعوات الموجهة للفلاحين لتجميع أكبر كمية من الصابة و بالتالي تفادي كل ما من شأنه أن يساهم في هدر وإتلاف كلّ حفنة قمح تذهب هباء ولا تجد لها مكانا داخل خزّانات الحبوب. وللأسف تظل دار لقمان على حالها حيث لا يلحظ المرء تفاعلا جليا مع هذه النداءات بالنظر لاستقرار المعدل السنوي العام للضياع في ما بين 5و6بالمائة مع إمكانية بلوغه في حالات معينة 15و16بالمائة حسب درجة تقادم سن الآلة الحاصدة وعدم صيانتها. ما يجعل فاتورة الخسائر المالية ترتفع في هذه الحال إلى 230مليون دينار، لا شك أنّ القطاع أولى بها ورغيف خبزنا اليومي أولى بما تنثره الحاصدات أرضا. وباستفسار مدير عام المعهد الوطني للزراعات الكبرى حليم بالحاج صالح عن الظاهرة ومدى القدرة على السيطرة عليها وتفادي خسائر الضياع الثقيلة المترتبة عنها بادر إلى التوضيح بأنّ القضاء الكلي عليها غير متاح حيث تظل دوما نسبة مابين 2و3بالمائة ضياع واردة لكنّ النزول بها إلى هذا الحد تبقى مرتبطة بحالة «الماكينة» وتقادمها في السن وطاقة استغلالها. وبما أن نحو60بالمائة من الآلات الحاصدة تتجاوز15سنة وفي غياب الصيانة الفنية الشاملة فإن حجم الضياع يبقى مرتفعا في هذه الحال متراوحا بين 12و15بالمائة. ويعزى السبب الرئيسي لهذه الخسائر إلى جانب تقادم أسطول الحصاد إلى غياب قانون صريح يمنع توريد الآلات القديمة ويفرض توريد المعدات الجديدة وإن كان لهذا الاجراء كلفة مالية كبيرة. ويرى بلحاج صالح أن عدم إخضاع الحاصدات لعمليات فحص فني شامل من الأسباب التي تحول دون الاستغلال الناجع لها. كما أن غياب السواق المتكونين والمتحصلين على رخص سياقة هذه الوسائل يمثل إشكالا يحد من الاستغلال المجدي لها. وأكد ضرورة العمل مستقبلا على تدارك هذه العوامل. وفي انتظار ذلك يتواصل اعتماد برامج التدخل المعتادة من تنظيم حملات تحسيس بوجوب صيانة الحاصدات وتلافي خطر الحرائق. على صعيد آخر تجري حاليا زيارات متابعة ومعاينة ميدانية لمزارع الحبوب من قبل اللجنة الوطنية لمتابعة موسم الحصاد بمعدل زيارتين كل أسبوع للولايات المنتجة للوقوف على نسق الاستعدادات ومشاغل الفلاحين. ومعلوم أن انطلاقة موسم الحصاد تتفاوت من ولاية لأخرى حسب نسبة الرطوبة في الحبوب والتي يفترض أن تبلغ مستوى 12بالمائة للإيذان بانطلاقة الموسم. وعموما يتوقع أن تفتح مراكز تجميع القمح عند نهاية الأسبوع القادم وإن سجلت بعض الجهات انطلاق تجميع الشعير(القيروان). كما لوحظ انطلاق بعض المزارعين في عمليات الحصاد بحكم تبكيرهم في البذر مطلع الخريف الماضي. وحول مستوى جودة المحاصيل المتوقعة هذا العام أورد محدثنا بأن التقييم الأولي للجودة انطلق في إنجازه أول أمس برفع عينات من السنابل بسيدي بوزيد والقصرين لتحديد نسب التفرقع بها وينتظر أن تكون النتائج الأولية جاهزة منتصف جوان وبالتالي يتعذر حسب تصريح مصدرنا تقديم تقييم قاطع في الوقت الراهن. وفي ضوء تقديرات الإنتاج المتوقع هذه السنة والتي تشير إلى بلوغ مستوى جيد مقارنة بالسنة الماضية في حدود 25 مليون قنطار فإن حجم الكميات المجمعة والمسلمة إلى ديوان الحبوب لن تزيد إجمالا عن نصف المحصول وفقا للتقليد السائد حيث أن كافة الفلاحين يحتفظون بالكميات التي تغطي حاجياتهم الاستهلاكية من القموح. كما يتم عادة الاحتفاظ بنسبة مرتفعة من محصول الشعير لدى المنتجين ولا يقع التفويت فيها بالبيع إلاّ في فترات لاحقة. وبالتوازي يحتفظ الفلاح بنصيب أغنامه من الشعير. وإضافة إلى هذه الكميات يقع تخصيص حوالي 3مليون قنطار للبذور. وهذه الاقتطاعات تفسر نسبة 50بالمائة من الحبوب المجمعة.