إنّها مفارقات غريبة أن تتحول صاحبة التاج المرصّع باللؤلؤ الأحمر ...(البندورة) تلقب شرقا ...و(بومودورو )عند أهل سيسيليا و(الطماطم) في بلادنا إلى أزمة وطنية... وقد اعتبرها البعض ظرفية لا تحتاج إلى هذا الحجم من التهويل؛ و يرى فيها جانب آخر من المتابعين مسألة قطاع بحاجة إلى هيكلة جديدة فيما ذهب اتحاد الفلاحين إلى وصفها بأزمة تجاذبات سياسية !! هكذا تحوّلت مسألة الطماطم المعدّة للتحويل إلى قضية وطنية تابعتها مختلف وسائل الإعلام من ورقية إلى إلكترونية فسمعية بصرية ...لمتابعة أوضاع الموسم الذي بلغ ذروته نتيجة ارتفاع غير مسبوق لدرجات الحرارة في عديد مناطق البلاد كان من إفرازاتها نضج سريع للصابة من الطماطم وكان العرض أكثر من المتوقع و هو ما طرح عديد الإشكالات على مستوى طاقة مصانع التحويل... هذا الوضع الاستثنائي خلق موجة من الغضب لدى الفلاحين الذين يبحثون عن حلول سريعة لهذا الإشكال خصوصا أنّ الكلفة باهظة و الخسائر قد تضاعف في مديونيتهم... إنّ هذا الوضع الاستثنائي يطرح أكثر من سؤال من المسؤول عن هذه الوضعية ؟ و هل يمكن القول إنّ المسؤولية تتقاسمها عديد الأطراف و هل يجب التفكير إنطلاقا من اليوم في وضع صياغة جديدة لمنظومة إنتاج الطماطم و هي منظومة معقّدة تتشابك فيها عديد الأطراف. لا دخل لنا في السياسة.. والمصانع تعمل بشكل عادي دهشة أصابت أصحاب مصانع التحويل بعد البيان الذي أصدره اتحاد الفلاحين الذي وضع الأزمة الظرفية ضمن ما أسماه بالتجاذبات السياسية ...و لعلّ هذه الدهشة منطلقها حسب شهادات عديد الصناعيين أنّ البيان يتضمن إشارات إلى علاقة الأزمة الظرفية بالحسابات السياسية و هو أمر مستغرب حسب هؤلاء وصادر عن جهة كان من المفروض أن تعمل ضمن إطار تشاركي مع مختلف الأطراف للمساعدة على تخطي الأزمة الظرفية و ذلك عبر التحسيس و التثقيف باستعمال الأساليب الفنية للمحافظة على المنتوج و تقديم المناطق الأكثر تضررا لإنقاذها ضمن استراتجية تهدف إلى وضع رزنامة علاج ظرفي لتقديم الأهم على المهم ّ... و أضاف هؤلاء أنه لا مشاكل لهم مع أي طرف في هذه الأزمة وأن همّهم إنقاذ الموسم؛ و هذا لا يعني حسب الصناعيين أن القطاع لا يعاني من مشاكل بل إنّ المنظومة تحتاج إلى مراجعة و هذا الأمر يتم تناوله بعد تجاوز هذا الظرف ... وحسب ما جاء على لسان الصناعيين فإنّ عجلة الإنتاج الحالية تدور بشكل منتظم و تقدّر طاقة التحويل حاليا ما يفوق 24 ألف طن يوميا و هو رقم عادي مقارنة بالمواسم السابقة و هو ما يعني أنّ جهودا كبيرة تبذل من أجل تحويل المنتوج الطازج و أضاف هؤلاء أنّ أصحاب المصانع لن يبخلوا بالجهد الضروري لمساندة الفلاح الذي يعتبر طرفا فاعلا في إنتاج هذه المادة الاستراتيجية ... وقال الصناعيون إنّ مشاكلهم مع المنتوج المعروض عديدة و متنوعة حيث انطلق الموسم بكميات من الطماطم الخضراء وصولا حاليا إلى المتعفّنة التى تحتوي شحناتها على كميات كبرى من الحشائش و الأتربة ذات الأثر السلبي على جودة الإنتاج من معجون الطماطم و هو ما يسبب أيضا في إتلاف المعدّات و تعطيل السير العادي لعمل المصانع إضافة إلى التعطيلات الفنية التى تتعرّض لها المصانع و تتسبّب في توقف العمل لأكثر من ساعات لتنظيف المعدّات ... و طالب هؤلاء بضرورة ربط الخلاص بجودة الإنتاج حتى يحصل كل ذي حق على حقه . المنظومة بحاجة إلى مراجعة ودعا أصحاب المصانع الجهات المختصة للقيام بزيارات ميدانية للمصانع للوقوف على هذه الحقائق ...و بالتوازي مع هذا الإشكال الظرفي فإنّ موضوع الطماطم المعدّة للتحويل تعتبر منظومة بحاجة إلى مراجعة ضمن برمجة و تخطيط مسبقين ليتحمل كل طرف مسؤوليته ولتلافي الواقع الحالي و عدم الاكتفاء بالتراشق بالاتهامات ... إنّ المنظومة تتداخل فيها عديد الأطراف منها( صناعيون و ناقلون و فلاحون و جهات مسؤولة من إدارة و هيئات ).واستئناس بتجارب الدول المجاورة كإيطاليا التي تعتبر من البلدان التي استطاعت أن تحتل موقعا عالميا انتاجا و تصديرا. إنّ معالجة الموضوع بكل تداعياته من شأنه أن يحوّل هذا القطاع من مجرّد فضاء صناعي لتحقيق الاكتفاء الذاتي إلى فضاء رحب للتصدير في أسواق تقليدية. و أخرى جديدة وواعدة ... و طالب هؤلاء بضرورة أن تتفاعل الإدارة إيجابيا مع مقتضيات السوق العالمية و سوق الصرف و أن تساعد على أن يحلق معجون الطماطم التونسي في أسواق العالم ...و منتوجنا قادر على المزاحمة لو تتوفر له الإرادة الفاعلة المتحركة المتأقلمة مع المستجدات إذ أنّ السوق العالمية اليوم لها نواميسها و معرفة طريقة التفاعل معها حتمي .