فوضى في التنظيم.. وممارسات قديمة عادت بقوة وقد خلناها ولّت مع العهدالبائد "عزك دايم يا قرطاج"، هكذا غنت نجوى كرم ليلة أول أمس في افتتاحها لسهرة تحييها صحبة مواطنها الفنان راغب علامة على ركح مسرح قرطاج في الدورة 48 لمهرجان قرطاج الدولي غير أن الظروف التنظيميّة الصعبة حرمت الجمهور من الإحساس بكلمات الأغنية. صراخ وتعامل غريب مع الجمهور من أعوان الأمن ومرافقيهم من المنظمين أما الفريق الصحفي المواكب لهذه السهرة- فلم يسلم من الإهانات وقد تم دفع الإعلاميين خارج الفضاء المخصص لهم بالمسرح دون أن ننسى العنف اللفظي الذي تعرضوا له. الساسة وآلهم أولا والجمهور ثانيا البعض من أصحاب النوايا الحسنة التابعين لوزارة الثقافة وإدارتها المنظمة للمهرجان ارجع التوتر الذي بدا على أعوان الأمن وأعضاء لجنة التنظيم إلى إرهاق هؤلاء بسبب الصيام واضطرارهم لتناول الإفطار في المسرح على عكس الجمهور، الذي جاء ليروح عن نفسه ويستمتع بالسهر..! ربما يكون الأمر كذلك لكن الغريب أن نفس الأشخاص تقفز الابتسامة على محياهم وتنشرح وجوهم كلما تعلق الأمر باستقبال الوزراء وعائلاتهم أو أعضاء المجلس الوطني التأسيسي أو افراد العائلة الموسعة للترويكا.. إنهم يخصونهم بالترحيب ويكون الممر الخاص بهم مفتوحا لهم مهما كانت الساعة ومهما كانت درجة الإكتظاظ بالمسرح. مقابل ذلك لا يلاقي المواطن الذي اقتطع تذكرته إلا السخط والغضب والعنف المادي والمعنوي. يحدث هذا باستمرار كلما كان العرض جماهيريا حيث يتكرر مشهد الناس الحاملين لتذاكرهم الذين لا يسمح لهم بالدخول إلا بعد مرور وقت طويل على بداية العرض بتعلة أنه لم يعد هناك أماكن شاغرة. في حين تفتح الأبواب مشرعة أمام " كبار القوم" من شخصيات سياسية ووطنية لهم ولعائلاتهم وأصدقائهم. المحسوبية متواصلة في مثل هذه المحافل الفنية كما عهدناها منذ زمن البنفسج ولعّلها تعمقت أكثر مع الثغرات العديدة على مستوى تنظيم أهم المهرجانات العربية لا التونسية فحسب وصار السهر في قرطاج كما قالت إحدى العائلات الحاضرة في سهرة نجوى كرم وراغب علامة مثيرا للتوتر والسخط والعزوف عنه أفضل.. فوضى التنظيم والتجهيزات الصوتية السيئة المرافقة لسهرة 3 أوت طغت على أجواء المغنى خصوصا مع تعدد حالات الإغماء والخصام بين الجماهير الحاضرة بأعداد كثيفة فاقت طاقة الاستيعاب (10 ألاف شخص) حيث نفدت تذاكر هذا الحفل قبل أسبوع من موعده وتجاوزت تذاكره في السوق السوداء حسب مصادر مطلعة المائتي دينار. نجمان جماهيريان في سهرة واحدة: أي مبرر؟ أما على مستوى المضمون الفني للسهرة اللبنانية ليلة أول أمس على ركح قرطاج فيمكن اعتباره متواضعا حيث اجتر الفنان راغب علامة قديمه ولم يردد من أعماله الجديدة غير النادر منها معللا خياراته هذه(قلبي عشقها- كل ما اشتاق إليها بنت السلطان- نسيني الدنيا..) أثناء لقائه بالصحافيين بحب الجمهور التونسي لانتاجاته القديمة التي تعد من النقاط المضيئة في تاريخه الفني قائلا:"غنيت أعمالا مرعليها ربع قرن وأخرى سجلتها منذ سنة واحدة وتفاعل معها الجمهور بنفس الدرجة". راغب علامة غنى في الجزء الثاني من السهرة التي غادرتها نجوى كرم في حدود منتصف الليل وبعض الدقائق متجاوزة الفترة المحددة لها ممّا جعل مواطنها يعد معجبيه بالغناء حتى موعد السحور وهذا ما حدث ليلة الثلاثاء، حيث غادرت آخر مجموعات من جماهير نجمي لبنان المسرح مع الساعة الثالثة من صباح الأربعاء 4 أوت. من جهتها كانت نجاحات نجوى كرم المتتالية في السنوات الأخيرة وتعاملها مع أكثر من لون موسيقى من أسباب تميزها على المستوى الفني مقارنة براغب علامة فشهدت فقرتها تفاعلا أكبر من قبل الجمهور الذي ردد بدلا عنها عديد الأغاني وأطربت "شمس الأغنية اللبنانية "كما يصفها أبناء بلدها مستمعيها كما رقصت على إيقاعات عزف الطبلة في فرقتها وردد معا بعض المواويل. نجوى كرم راوحت بين جديدها وقديمها الفني وغنت "بالروح والدم" و"ما بسمحلك" و'خليني شوفك بالليل" و"روح روحي" و"ما في نوم" فيما رفضت تنظيم ندوة صحفية قبل وبعد حفلها داعية الصحافيين للقاء إعلامي وإفطار يوم السبت بمقر إقامتها بقمرت. تجدر الإشارة إلى أن برمجة مهرجان قرطاج لنجمة لبنان الأولى وسوبر ستار هذا البلد في حفل واحد رغم أن راغب علامة أكد سعادته وشرفه بالغناء مع نجوى كرم مشيرا إلى أنها لو كانت فنانة أخرى لما قبل اعتلاء قرطاج صحبتها في سهرة واحدة- لم يكن موفقا بسبب الفائض الواضح للجماهير الحاضرة فكان من الأفضل لو تمت برمجة سهرة لكل منهما على حدة.