قررت قمة الدول الصناعية الثماني الكبرى تخصيص حوالي 60 مليار دولار لمكافحة آفة السيدا (الايدز) والاوبئة التي لا تزال تنتشر في افريقيا منها المالاريا وقد جاءت هذه الخطوة بعد تعهدات في قمة الثماني باسكوتلندا عام 2005بالقيام بمبادرات مالية وسياسية لفائدة افريقيا.. منها مكافحة الايدز الذي يصيب سنويا ملايين البشر حوالي ثلاثة ارباعهم في القارة السمراء.. وبصفة اخص في بلدان افريقيا جنوب الصحراء.. لكن جل تلك التعهدات بقيت حبرا على ورق.. ومن الجوانب الايجابية في التعهد الجديد لقمة الثماني أن واشنطن تعهدت لوحدها بتقديم حوالي نصف المبالغ المطلوبة لمكافحة الامراض الخطيرة في الدول الافريقية وعلى راسها السيدا.. وهو تعهد سيشجع في حالة الالتزام به كل دول العالم الغني وخاصة الدول الصناعية والدول النفطية على القيام بمبادرات مالية لتخفيف المعاناة الانسانية لمئات الملايين من الافارقة.. الذين يعانون منذ عشرات السنين من مظاهر بشعة للحروب والنزاعات.. والمؤامرات الداخلية والخارجية.. فيما تؤكد التقارير الاممية أن غالبيتهم لا يزالون يعانون أشكالا متفرقة من الاستغلال والعنصرية والبطالة وسوء التغذية (أو المجاعة) ونقص الرعاية الطبية وتخلف نظم الصحة والتغطية الاجتماعية والتامين على المرض ورداءة الخدمات التربوية والثقافية والرياضية المقدمة للعموم.. الخ لكن رغم ايجابية قرار قمة الثماني الذي جاء تحت ضغط وسائل الاعلام والمنظمات الحقوقية والانسانية الدولية فإن تجسيمه قد يأخذ وقتا طويلا.. لأن القمة لم تحدث آلية للتنفيذ والمتابعة.. ولم توضح إن كانت تلك الاموال ستصرف فورا الى الاممالمتحدة ومؤسساتها المختصة.. ام ستوزع من قبل كل دولة على حدة ضمن أولوياتها وحساباتها الاقليمية وشروطها السياسية الاقليمية والثنائية.. وهي أولويات قد تتعارض أحيانا مع الصبغة الانسانية لمثل هذا القرار..لأن إقامة علاقة مشروطة بين المساعدات ومطالب سياسية أخرى قد يحرم ملايين السكان في بعض الدول من حق التلقيح والعلاج والدواء.. بحجة خلافات الحكومات في واشنطن واوروبا مع حكومة هذا البلد الافريقي او ذاك.. من جهة أخرى فإن تمويل الدول المصنعة لمشاريع طبية وانسانية في الدول الافريقية مثل مكافحة الايدز لا ينبغي أن يبرر التدخل في شؤون بعضها.. مثل دعم الانفصاليين والمتمردين بالسلاح مباشرة او غير مباشرة.. على غرار ما حصل عليه الانفصاليون في السودان والتشاد ونيجيريا طوال العقود الماضية.. وعلى قادة الدول الثماني الذين خصصوا حصة من مؤتمرهم لافريقيا ولقاء بعض زعمائها وهو تطور ايجابي أن يفهموا أنهم جميعا مطالبون بردم الهوة وتقليص الفجوات الهائلة بين ظروف العيش في بلدان " الشمال " وبلدان" الجنوب".. وعلى قادة افريقيا وشركائهم في الدول المصنعة أن يقوموا بالاصلاحات السياسية والاعلامية المطلوبة لتحقيق الشفافية المطلوبة ووقف نزيف الثروات الهائلة للقارة.. التي لا تستحق مساعدات مالية بقدر ما تحتاج ترشيد استعمال مواردها وثرواتها المالية والبشرية..