قوبلت دعوة مصطفى بن جعفر بضرورة الإلتزام بموعد 23 أكتوبر المقبل للإنتهاء من كتابة مسودة الدستور صلب المجلس الوطني التأسيسي فور المصادقة على الميزانية التكميلية، بالتصفيق الحار من قبل كامل أعضائه وهو ما يؤكد -وقتها- بتقبل جميع الأطراف بمختلف انتماءاتهم السياسية والحزبية هذا الموعد والإلتزام بتطبيقه على أرض الواقع. إلا أن هذا الموعد أضحى خلال الأيام الأخيرة محل تجاذب وجدل كبيرين في الأوساط السياسية داخل المجلس الوطني التأسيسي وخارجه بين مؤيد وبين مستبعد لإمكانية الإنتهاء من كتابة المسودة في هذا التاريخ مما خلق شيئا من التشويش والإتهامات بالمماطلة والتمديد لصالح جهات حزبية دون أخرى، حتى أن بعض الخبراء في القانون الدستوري أشاروا إلى إمكانية تفعيل هذا التاريخ. فقد أكد مفدي المسدي مستشار رئيس المجلس الوطني التأسيسي المكلف بالإعلام في اتصال هاتفي ل"الصباح" أنه "من المهم جدا التذكير بأن الإلتزام بموعد 23 أكتوبر القادم لإنهاء صياغة مسودة الدستور وهو إلتزام أخلاقي وأدبي من طرف عدة أحزاب وقعت عليه صلب الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والإنتقال الديمقراطي، وبالتالي فإن إعلان مصطفى بن جعفر عن هذا الموعد يأتي في إطار هذا الإلتزام من جهة ولإستحثاث نسق أعمال اللجان التأسيسية من جهة ثانية".. إلتزام قائم وأَضاف المسدي "هذا الإلتزام يبقى قائما مع الأخذ بعين الإعتبار بقية المهام الموكولة للمجلس الوطني التأسيسي أي المهمة التأسيسية، التشريعية ومراقبة الحكومة وبالتالي فإن الحسم أو النظر في هذا الموعد سيكون خلال الإجتماع الذي ستعقده الهيئة المشتركة للصياغة والتنسيق حيث سيكون لرئيس المجلس الوطني التأسيسي دور فعال ومحوري في اتجاه التحكم في روزنامة الصياغة والنقاش والتصويت وإنهاء أعمال اللجان وذلك بالبحث عن طرق وفاقية للإلتزام بهذا الموعد دون أي تباطؤ من جهة ودون المساس بجودة الدستور ومحتواه الذي سيحدد مستقبل أجيال بأكملها". كما بين مفدي المسدي أنه من "المؤكد أن المجلس الوطني التأسيسي سيتوصل إلى حلول وفاقية فيما يخص الفصول الخلافية المتعلقة بالأساس بالنظام السياسي للبلاد وبمسألة التكامل والمساواة بين الرجل والمرأة إلى بضعة إشكاليات أخرى." وأضاف مستشار رئيس المجلس الوطني التأسيسي المكلف بالإعلام أن"إعلان بن جعفر موعد 23 أكتوبر تاريخ إنهاء الصياغة لا يُعد من باب التوظيف السياسي وإنما هو حرص إلى المرور من الشرعية الوقيتة إلى الشرعية الدائمة ويبقى إيصال المسار الإنتقالي إلى بر الأمان من الأولويات المطروحة على جميع الفعاليات السياسية الممثلة بالمجلس الوطني التأسيسي". خضر: تقدير فيفري 2013 منطقي في ذات السياق أكد الحبيب خضر مقرر عام الدستور ل"الصباح" أن " تحديد تاريخ فيفري 2013 لإنهاء صياغة الدستور هو تقدير شخصي لم يقع النظر فيه من قبل المجلس الوطني التأسيسي، إلا أنه تقدير جاء تبعا لسير العمل داخل المجلس وصلب اللجان التأسيسية القارة وبناء على الرزنامة الموضوعة في هذا السياق" وأضاف خضر "تقديري الشخصي أن هذا التاريخ منطقي وأجل فيفري 2013 عادي إذا ما أخذنا بعين الإعتبار حق جميع ممثلي الشعب في النقاش وإبداء الرأي بما أنهم يمثلون الشرعية الوحيدة في البلاد". إنفتاح أما بخصوص عرض مسودة المشروع على لجنة خبراء قال الحبيب خضر أن "المجلس الوطني التأسيسي يبقى دائما منفتحا على جميع الطاقات والكفاءات التونسية ولكن دون المساس من الشرعية أي من أحقية أعضاء المجلس الوطني التأسيسي بأخذ القرارات ومناقشة مسودة الدستور فصلا فصلا". ممكن..ولكن؟ من جهته بين زياد العذاري نائب رئيس اللجنة التأسيسية القارة للسلطة التشريعية والتنفيذية والعلاقة بينهما أن " الإلتزام بأي تاريخي يبقى رهين المقاربة التي سيقع اختيارها بمعنى أنه إذا تم اختيار التسريع في التنسيق بين مختلف اللجان مع المصادقة على حساب تعميق الحوار وحق المشاركة في النقاش وبالتالي على حساب نوعية العمل وجودته فإنه بالإمكان الإلتزام بموعد 23 أكتوبر، أما في حال اختيار مقاربة عميقة بالتدقيق في كل القضايا وتخصيص أكثر وقت خاصة وأنه في انتظار المجلس الوطني التأسيسي العديد من النقاشات الأخرى كالنظر في مشروع الهيئة التعديلية للقضاء والهيئة المستقلة للإنتخابات إلى جانب النظر في ميزانية الدولة". أمل قائم بشروط أما بالنسبة لموقف الخبراء في القانون الدستوري، فقد أكد أستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ، في تصريح سابق ل "الصباح" أنه "من السهل الإلتزام بموعد 23 أكتوبر لكتابة الدستور وذلك في حال عرضت المسودة على لجنة الخبراء لتتولى القيام بعملية الغربلة والتبويب مع المحافظة على روح المشروع أو فكرته متوخاة في ذلك الأسلوب القانوني حتى يتسنى للمشروع أن يستجيب لمعايير القاعدة الدستورية" وهي "خطوة من شأنها أن تقلص النقاش داخل الجلسة العامة لاسيما أن تكرر الأخطاء مرده غياب هيكل قار من الخبراء صلب المجلس الوطني التأسيسي يكون قادرا على تحويل الفكرة الخام إلى قاعدة دستورية لائقة ومفهومة وبسيطة".