تعالت الأصوات في فرنسا محتجة ودقت ناقوس الخطر محملة الأطراف المعنية مسؤوليتها في القضية. أما السبب فهو تراجع تصنيف الجامعات الفرنسية ضمن قائمة أفضل الجامعات في العالم وتراجع عدد الجامعات الفرنسية ضمن قائمة 100 أفضل جامعة في العالم. كان ذلك اثر التصنيف الذي أصدرته جامعة شانغهاي الصينية للمرة العاشرة على التوالي والذي أصبح قبلة الدّول التي تتنافس من أجل احتلال أفضل المواقع ضمن التصنيف الصّيني العالمي رغم أنّ التجربة بدأت محتشمة ورغم أن الدول تنتقد بشدة المقاييس التي تعتمدها جامعة شانغهاي لتحديد قائمة أفضل 500 جامعة في العالم. الفرنسيون الذين عبروا عن احتجاجهم على أعمدة صحفهم لم يستوعبوا فكرة تراجع فرنسا من المرتبة الخامسة سنة 2011 إلى المرتبة السادسة ( 2012 ) في ترتيب الدّول التي تحتضن أفضل الجامعات في العالم كما لم يستوعبوا فكرة وجود ثلاث جامعات فرنسية فقط ضمن قائمة الجامعات المائة الأوائل في العالم. واستنجدت الصحافة الفرنسية بالمختصين من الجامعيين ومن المسؤولين على المؤسسات الجامعية لفهم المسألة. و إذ انتفض الفرنسيّون واحتجّوا وحاولوا البحث عن السبب والمسبّبات فلأن القضية خطيرة ولأن الأمر يتعلق بسمعة البلاد وبقدرتها على المنافسة في استقطاب الباحثين والطلبة من الباحثين والمتفوّقين وما يعنيه ذلك من توفير الأسبقية في البحث العلمي وبالتالي المنافسة على ريادة العالم. الفرنسيّون لم يرضوا بمرتبة سادسة وهي مرتبة مشرّفة جدّا إذا نظرنا إليها من زاويتنا ونحن على ما نحن فيه بالبلدان العربية لا نحلم حتى بمرتبة في أواخر القائمة, لم يرض الفرنسيون إذن عن ترتيبهم وعبّروا عن غضبهم لكن ماذا فعل العرب وقد غابوا تماما عن الترتيب العالمي ذلك أن قائمة أفضل 400 جامعة في العالم لم تضم ولو جامعة عربية واحدة رغم أنّ العرب لا يفتقدون لا للمال ولا للكفاءات البشرية. والأغرب من ذلك أنّ الترتيب العالمي الذي تناولته الصحافة الغربية باهتمام كبير وتوقّفت حول مختلف تفاصيله واستفتت المختصّين حول المسألة وتوسّع النقاش من المستوى المحلّي إلى مستوى إقليمي ذلك أن الأوروبييّن باتوا يفكّرون في وضع ترتيب أوروبي يراعي خاصيّات جامعاتهم ويضمن لهم مكانة مشرّفة بين الأمم تعاملت معه البلدان العربية وكأنه ليس بحدث أو كأنه حدث بلا معنى. هذا على المستوى العربي أما على المستوى القطري أو المحلي فتلك قضية أخرى بل قل وتلك معضلة أخرى. ففي الوقت الذي تشتد فيه المنافسة بين أمريكا وأوروبا والصين واليابان وغيرهم حول امتلاك مفاتيح المعرفة والمسك بأسباب التقدم من خلال البحث العلمي تجدنا في مرحلة التفتيش في الضمائر. انتصبت محاكم التفتيش هذا يكفر هذا وهذا يقيس درجة إيمان هذا وهذا يختبر صدق دين هذا في وقت خلنا فيه أن المعتقدات الشخصية الدينية منها بالخصوص لا تهم إلا أصحابها وأن الناس لا يحق لها أن تنتصب ونحن في القرن الحادي والعشرين أوصياء على ضمائر الناس تمنح صك البراءة لهذا وتدين الآخر وتعلن بلا حرج أنها تملك الحقيقة المطلقة. مازلنا في الوقت الذي حلقّ فيه الغرب والعالم المتحضر في الفضاء ووصلت أقدامهم إلى ما خفي من كواكب ومن عوالم مجهولة, مازلنا نتناقش ونحاجج ونجادل حول قضايا من المفروض أنها حسمت منذ قرون. في الأثناء تواصل الجامعات الأمريكية عملها الممنهج على قواعد علمية دقيقة وتواصل احتلالها للمراتب الأولى فقد حلّت جامعة هارفارد الأمريكية في المرتبة الأولى وحلت 17 جامعة أمريكية في قائمة العشرين جامعة الأكثر تقدما وتميزا في العالم وتواصل الدول الأوروبية وحتى الآسيوية منافستها بشدة. ثم نقول أن عدونا أمريكا والغرب وأنه ينبغي أن نربح حربنا ضد هذا "الغرب الكافر". حياة السايب