سهر عشاق السينما ليلة الأحد الماضي وانطلاقا من العاشرة ليلا مع صوت الفنانة المميزة على مستوى التجربة الموسيقية بين أقرانها من شباب الموسيقى التونسية بديعة بوحريزي وذلك خلال افتتاح الدورة السابعة والعشرين من مهرجان قليبية لفيلم الهواة. سهرة افتتاح أعرق تظاهرات السّينما في بلادنا على مستوى السينما الهاوية والتي مر على تأسيسها أكثر من خمسين سنة انطلقت مع كلمة أهل الساسة، حيث عبر والي نابل محمود جاب الله عن اعتزاز الجهة بهذا المهرجان الثقافي ودعم السلط العمومية لنشاطاته مشيرا. وفي رسائل واضحة المعاني للمثقفين ولأعداء الثقافة في الآن نفسه قال أن المهرجان الدولي لفيلم الهواة بقليبية سيظل وفيا لمبادئه الداعمة للسينما الحرة والمبدعة خصوصا في هذه المرحلة التي تعرفها تونس الحرة كما وصفها والي الجهة فيما تميزت كلمة رئيس بلدية قليبية بمعانيها الشغوفة بالفن السابع وهي روح شعرنا أنها تميز مختلف أهالي هذه المدينة الرابضة على ساحل الوطن القبلي. فحبهم للسينما ينمو معهم منذ الصغر حيث لم تخل دار الثقافة المحتضنة لعرض الافتتاح من الأطفال وحتى الرضع - القادمين مع آبائهم وأمهاتهم للاحتفال بخمسينية الجامعة التونسية للسينمائيين الهواة وبالدورة 27 من مهرجان السينما في مدينة قليبية. وتحتفي سينما الهواة في قليبية من 26 أوت إلى غرة سبتمبر القادم حسب مدير هذه التظاهرة خليل القبجي باكتشافات ومشاريع شباب الفن السابع ما بعد الثورات دون أن تحيد عن خياراتها الأولى من سينما بديلة ودورها في دعم الحوار بين السينمائيين المشاركين من مختلف أنحاء العالم. بديعة بوحريزي صوت الثورة ومع إيقاعات قيتارة بديعة بوحريزي توقف كلام الساسة وأصحاب المهرجان ليرتفع صوت الثورة المستديمة لهذه الفنانة.. فبديعة لا تعترف بالصمت والاستكانة للواقع.. حلمها أجمل من الحاضر والسكوت عن البوح به في نظرها جريمة رددت مع تفاعل كبير من جمهورها وأصدقاء طفولتها بورشات مهرجان قليبية الفنية في دورات سابقة أعمال سبقت الثورة على غرار "لاباس" و"بلوز" من كلمات المسرحي نورالدين الورغي و"حضر جولان" كما صاحبها أخويها من خلال فن "الراب"وتميزت في هذه الخانة في أغنية "بدني يعيط حرية حرية". بديعة بوحريزي كتبت على قميصها كلمة "ماتطيحنيش" وبررت ذلك أنها ترفض أن يقبض عليها شرطي وهي تتعاطى القنب الهندي "الزطلة" ويستغل هذه المسألة لأغراض سياسية تحرمها من حقها في قول لا ضد مشاريع سياسية في تونس لا تمثلها قائلة:"أيها الشباب لا تتعاطوا القنب الهندي في تونس وهو ممنوع حتى لا تكون نقطة ضعفكم وتعلة الحكومة لإسكاتكم عن التعبير عن آرائكم ومواقفكم." وتم في افتتاح المهرجان الدولي لفيلم الهواة بقليبية تقديم ثلاثة أشرطة قصيرة من المغرب وإيران والبرتغال وفي هذا السياق صرح مدير المركز الثقافي الإيراني "للصباح" أن مشاركة سينما بلاده ولأول مرة في هذا المهرجان هو دليل على جدية التعاون بين تونس وطهران على المستوى الثقافي مضيفا أن ايران تشارك بسبع أفلام حديثة منها "الحبل السري"و"أويان" ضمن المسابقة الدولية. لا حوادث تذكر على صعيد آخر، التقت "الصباح" خلال افتتاح المهرجان الدولي لفيلم الهواة بقليبية ابن هذه المدينة نائب المجلس التأسيسي خميس قسيلة الذي أكد لنا أنه يحضر الافتتاح لعدة أسباب أولها أنه هاو للسينما وسبق له أن توج سنة 1975 بالجائزة البرنزية للمهرجان عن شريطه "الفأس" الذي صور رؤيته ومواقفه الاشتراكية من خلال طرحه لحياة طالب يشتغل والده عامل فلاحة. وكشف خميس قسيلة أن رغبته في معرفة مضامين وأساليب التصوير والإخراج التي يعتمدها شباب اليوم في قطاع السينما هي من الحوافر التي دفعته كذلك للحضور معتبرا أن هواة السينما في السبعينات قدموا الكثير بتقنيات متواضعة فكيف ستكون أعمال شباب اليوم في ظل أحدث التكنولوجيات. من جهة أخرى لم ينف نائب المجلس التأسيسي خميس قسيلة مسألة تخوفه من محاولات أصحاب "الأعلام السوداء" - كما وصفهم- إعاقة الأعمال الفنية من خلال الحضور لافتتاح المهرجان الدولي لفيلم الهواة بقليبية وقال في هذا السياق:"جئت لأطمئن على المهرجان حتى لا تغزوه الأعلام السوداء باعتبار أن المبدعين وحرية الإبداع أصبحت مهددة والمؤشرات خطيرة خاصة بعد أن أصبح الإبداع مرتبط بالأخلاق والدين." وعن مسألة التنصيص على الحقوق الثقافية في الدستور شدد محدثنا على أن هذه البنود تتعرض لعدد من التضييقات من قبل أعضاء الحكومة وخصوصا المنتمين لحركة النهضة بدعوى احترام الأخلاق الحميدة والمقدسات وفي اعتقادي مداخل حق يراد به باطل. تجدر الإشارة إلى أن سهرة افتتاح الدورة 27 من المهرجان الدولي لفيلم الهواة بقليبية شهدت بعض الصعوبات على مستوى التقنيات الصوتية لكن لم يحل ذلك دون الجمهور ودون الإستمتاع بالسهرة ولم تعرف التظاهرة أي تجاوزات أو خرق للقانون خاصة مع الحضور الأمني المكثف.