الحكم بالسجن مدة سنة في حق برهان بسيّس ومراد الزغيدي    مجلس الوزراء يصادق على مشروع قانون يتعلق بتنقيح أحكام الفصل 411 من المجلة التجارية    وزارة الشؤون الاجتماعية: خلاص 382,8 مليون دينار لفائدة كافة منظوري "الكنام" من مضمونين اجتماعيين ومسدي الخدمات في القطاعين العمومي والخاص    قفصة: تقديرات أولية بإنتاج 153 ألف قنطار من القمح الصلب هذا الموسم    اتحاد الفلاحة: الفلاحون يبيعون قرابة 150 الف اضحية فقط وفق الوزن في ظل سوق اكتسحه السماسرة    الشركة التونسية للملاحة تفتتح خطا بحريا جديدا باتجاه وجهتين ايطاليتين جديدتين انطلاقا من ميناء حلق الوادي.    إيرلندا وإسبانيا والنرويج تعترف بدولة فلسطين.. وإسرائيل تستدعي سفراءها وتتوعد    منجي الباوندي .. قصة عالم كمياء تونسي حاز جائزة نوبل سمته الخجل تتحول الى مصدر الهام المئات من الطلبة    بطولة العالم لالعاب القوى لذوي الاعاقة: برونزية لمحمد نضال الخليفي في سباق 100 متر كراسي (فئة تي 53)    اياب نهائي كاس رابطة ابطال افريقيا : وفد الترجي الرياضي يشد الرحال الى العاصمة المصرية القاهرة    مجموعة تفادي النزول : صراع البقاء يزداد تعقيدا بعد فوز مستقبل سليمان على مستقبل المرسى واتحاد تطاوين على اتحاد بنقردان    انطلاق أولى رحلة للحجيج التونسيين نحو المدينة المنورة لموسم الحج 1045 ه-2024 م    الكرم الغربي: براكاج دموي لتاكسيست باسلحة بيضاء    تفكيك شبكة للتنقيب والإتجار في الآثار بمنطقة الزهروني وحجز 240 قطعة نقدية أثرية (بلاغ)    بشخصية نرجسية ومشهد اغتصاب مروع.. فيلم عن سيرة ترامب يثير غضبا    مهرجان كان : الجناح التونسي يحتضن مجموعة من الأنشطة الترويجية للسينما التونسية ولمواقع التصوير ببلادنا    الفيلم الفرنسي "Goliath" يفتتح الدورة السابعة لمهرجان الفيلم البيئي بتونس    وزارة الصحة: جلسة عمل حول تركيز مختبر للجينوم البشري لتعزيز جهود الوقاية والعلاج من الأمراض الوراثية والسرطانية    المؤتمر الوطني العاشر لجراحة التجميل ينعقد بالعاصمة يومي 24 و25 ماي الجاري    سنة 2025: إدراج التلقيح ضد سرطان عنق الرحم برزنامة التلاقيح (جمعية طب النساء والتوليد)    "ليكيب" تكشف كواليس لقاء بين ماكرون ورئيس ريال مدريد    تضاعف المخزون الاستراتيجي للحليب مقارنة بالعام الماضي    الرئاسة الإيرانية تكشف ..تفاصيل اللحظات الأخيرة في رحلة رئيسي ورفاقه    تسجيل فائض بقيمة 1،3 مليار دينار على مستوى الميزانية    «دربي» الشغب في كرة اليد الترجي يفوز على الافريقي في ذهاب نهائي البطولة ويقترب من اللقب    خامنئي لهنية.. مخبر سيتبع نهج رئيسي وسيتحقق وعد فلسطين من البحر للنهر    المنستير: الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي المعزز في قطاع الصحة أبرز محاور الأيام الوطنية الثالثة للابتكار البيداغوجي    قبلي: حجز أقراص مخدرة والإحتفاظ بشخصين أحدهما أجنبي    غار الدماء .. حريق يأتي على هكتارين من حقول القمح    وزارة الاقتصاد.. لا نيّة لخوصصة شبكة الكهرباء أو التفويت في الستاغ    روسيا تنفي وجود مقاتلتين لها في جزيرة جربة    وفاة منصف درغوث الطبيب المختص في جراحة العظام    صفاقس : إحباط عملية تحضير لإجتياز الحدود البحرية خلسة    عاجل/ هذا ما تقرّر في حق سعدية مصباح    اتحاد الفلاحين يؤكد أهمّية احداث مجلس أعلى للسيادة الغذائية    تصريح صادم لبلينكن: لسنا حزينين لوفاة رئيسي والشعب الإيراني أصبح بوضع أفضل    بمسرح الهواء الطلق بقرمبالية ..عرض انيستي عزة" للممثلة كوثر بالحاج    وزيرة الصناعة: "لا زيادة في اسعار المحروقات حتى آخر السنة"    تونس : المخزون الاستراتيجي من الحليب المعلّب يقدر ب 20 مليون لتر    اجراء قرعة التناوب بالمجالس الجهوية بداية من 1 جوان    المرسى: منحرف خطير في قبضة الأمن    عضو بمجلس إدارة البنك المركزي : تعيين لمياء جعيدان مزيغ عوضا عن ليلى البغدادي    التونسي هيكل الشيخاوي يحرز رابع أهدافه في البطولة الاماراتية    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الاربعاء 22 ماي 2024    مسرحية "السيدة المنوبية" تفتتح الدورة الرابعة لأسبوع المسرح البلدي بتونس    عاجل : الترجي يقدم هذه التوصيات لأحبائه الذين سيحضرون مباراته مع الأهلي    غوارديولا يفوز بجائزة أفضل مدرب في البطولة الإتقليزية الممتازة لهذا العام    قفصة: حادث مرور يسفر عن وفاة شاب    عاجل/ النرويج تعلن استعدادها لاعتقال "نتنياهو"..    اليوم ..مراد الزغيدي و برهان بسيس أمام الدائرة الجناحية الثامنة بابتدائية تونس    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    انتصرت لها تونس خيمة لسينما غزّة في «قلب كان»... رغم رفض «المهرجان »    سعاد الشهيبي تستعد لإصدار "امرأة الألوان"    هل فينا من يجزم بكيف سيكون الغد ...؟؟... عبد الكريم قطاطة    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دساترة.. إسلاميون وديمقراطية الخيار المفروض
"ملف" الناخب و"ماكينة" الاستقطاب
نشر في الصباح يوم 01 - 10 - 2012

ملف من إعداد منية العرفاوي - العملية الانتخابية هي تتويج للمسار الديمقراطي وانعكاس لنضج التجربة السياسية التي تكرّس التعددية الحزبية.. وبعد الثورة تعافى المشهد السياسي التونسي وبات يستجيب لمقتضيات الحياة الديمقراطية..
ناهيك وأنه عقب الطفرة الحزبية التي شهدتها البلاد بعد الثورة بدأت منذ انتخابات التأسيسي التجربة التعددية ملامحها تتضح أكثر للناخب التونسي الذي بدت خياراته شبه محصورة في عائلات سياسية كبرى لها تقاليد نضالية وثقل تاريخي..
وبعد النتائج المخيبة لبعض القوى السياسية في انتخابات أكتوبر الماضي تتجه اليوم عدة أحزاب إلى التنظم في جبهات وتحالفات انتخابية تجمعها برامج ورؤى متشابهة أو توحدها الإيديولوجيا والمرجعية الفكرية ولعلّ الجديد اليوم في الساحة السياسية هو حزب "نداء تونس" الذي يسعى لاعادة البريق الى شرعيته في حكم تونس لعقود لكن هذا الحزب الذي عاد بجبة بورقيبية تحاصره شبهات "ايواء" التجمعيين الذين لم يسعوا الى تكوين عدد كبير من الأحزاب بعد الثورة والتي على إثرها تمّ حلّ حزب التجمّع الحاكم، لكن لم يفلحوا في انتخابات اكتوبر الفارط ونجدهم اليوم يصطفون وراء الباجي قائد السبسي لاسترجاع مكانتهم في الدولة وهذا الحزب تدلّ عمليات سبر الآراء أنه يحظى بقبول شعبي بالنظر الى الكاريزما التي يتمتع بها رئيسه الوزير الأول الأسبق وهو يطرح نفسه كبديل لحركة النهضة الحاكمة التي تستميت في الدفاع عن بقائها في الحكم لسنوات قادمة كما ذكر عدد من قيادييها.. ويرى مراقبون أن الصراع الانتخابي سيكون على أشدّه بين حركة النهضة والاسلاميين وبين نداء تونس والدساترة الذين بدؤوا في استقطاب عدد من الأحزاب الوسطية الكبرى.. وهذا الاستقطاب الذي تضخمه "الماكينة" الاعلامية والمالية سيكون محور هذا الملف..

الدساترة والإسلاميون
من الصراع «الاستبدادي» إلى الصراع الديمقراطي
تشهد الساحة السياسية اليوم صراعا خفيا عبّر عن نفسه في أكثر من مناسبة بين الدساترة ونقصد حزب "نداء تونس" الذي لا ينكر عن نفسه كونه الامتداد التاريخي للدساترة وللبورقيبية وبين الاسلاميين من خلال حركة "النهضة" وهذا الصراع ليس بجديد لكن معطياته وحلبته تغيرت بمفعول الثورة ليصبح صراعا ديمقراطيا لا يخرج عن اطار التجاذب السياسي الطبيعي.. حزبان لا ننكر الزخم الشعبي الذي يتمتعان به والرصيد الجماهيري الذي يحظيان به.
وقد ارتأينا تسليط الضوء في لمحة تاريخية على مستجدات العلاقة التي ربطت الدساترة بالاسلاميين على مدى عقود.
ركزت حركة الاتجاه الاسلامي -النهضة حاليا- نشاطها في بداية بروزها على الجانب الفكري من خلال اقامة حلقات ودروس في المساجد والانخراط في جمعيات المحافظة على القرآن الكريم.
وقد لقي هذا النشاط في البداية ترحيبا غير معلن من الحزب الاشتراكي الدستوري ومن بورقيبة الذي رأى في الحركة الاسلامية سندا له في مواجهة اليسار المهيمن على المعارضة في تلك الفترة. وفي سنة 1979 عقدت الجماعة الاسلامية بشكل سرّي مؤتمرها التأسيسي الذي تمت فيه المصادقة على قانونها الاساسي، وجاء في البيان التأسيسي لحركة الاتجاه الاسلامي ان الحركة تعمل على تحقيق جملة من الأهداف الأساسية وهي: دعم التعريب في مجال التعليم والإدارة مع الاهتمام باللغات الأجنبية ورفض مبدإ الانفراد بالسلطة الأحادية واعتماد التصوّر الشمولي للاسلام والتزام العمل السياسي وهذا البيان التأسيسي وحسبما ذكرته مصادر موثوق بها قد أثار غضب بورقيبة والحزب الدستوري ودفع بالسلطة الى الانتباه الى الحجم المتنامي لهذه الحركة في الأوساط الشعبية، وتخوّف الزعيم بورقيبة من تدنّي شعبيته في ظرف صعب وحرج من تاريخ البلاد على خلفية أزمة 1978 بين اتحاد الشغل والسلطة وكذلك بداية الثمانينات بكل مشاكلها، وتدهور الحالة الصحية لبورقيبة قد يكون ساهم في تصعيد التعامل مع الحركة التي دخلت في صدامات مع السلطة وتمت ملاحقة أغلب رموزها وسجنهم والتنكيل بهم.
لمن سيحسم الصراع ديمقراطيا؟
ويؤكد متتبعون للشأن السياسي أن الحركة لم تستمد اشعاع البدايات من برنامجها السياسي والاقتصادي والاجتماعي بل من قمع وملاحقات بورقيبة لها وتعاطيه مع المسألة الدينية بشكل اعتباطي وانتهازي رغم أن بورقيبة استعمل الإسلاميين في البداية لضرب اليسار عندما فشلت تجربة التعاضد لكنه انقلب عليهم حين أحس بخطر الفكر الإسلامي على الدولة المدنية الحديثة ذات التوجه العلماني.
اليوم تتغيّر أدوات الصراع وظرفه الزماني بحيث نجد ان الاسلاميين هم من يمسك بزمام الحكم عقب الثورة، والدساترة يتموقعون في المعارضة وخارج الحكم وتلاحقهم شبهات "ايواء" التجمعيين الذين مازالوا لم يعتذروا بعد للشعب التونسي، ويحاولون استرجاع السلطة التي طالما تعوّدوا على ممارستها.. ورغم أن الدساترة والاسلاميين خاضوا سابقا منافسة انتخابية سنة 1989 الاّ أنها لم تكن نزيهة واتهمت حركة النهضة آنذاك بن علي بتزوير هذه الانتخابات.. لكن اليوم قد تكون هناك فرصة تاريخية ليخوض الدساترة والاسلاميون انتخابات حرة ونزيهة وشفافة..

في غياب هيئة وقانون انتخابي
حملة انتخابية تقرع دون «أجراس»
رغم تضارب المواعيد المعلن عنها بالنسبة للاستحقاق الانتخابي القادم الاّ أن ذلك لا يعني بحال أننا لم ندخل عمليا للتنافس الانتخابي من خلال حملة انتخابية بدأت تقرع أجراسها بعد، ولو أن هناك من يعتقد أن هذه الحملة لم تتوقف يوما منذ انتخابات المجلس التأسيسي..
لكن الاستحقاق الانتخابي القادم لن نخوضه بنفس "مواصفات" انتخابات المجلس التأسيسي ولعلّ أبرز نقاط الاختلاف التي نرصدها على مستوى نضج القوى السياسية التي تجاوزت المرحلة "الجنينية" والتي تجلت خاصّة في تشرذمها وتشتتها الى أكثر من 100 حزب أثر على خيارات الناخب السياسية وجعله يحصر اهتمامه في القوى التقليدية دون أن يكون لهذه الطفرة الحزبية تأثير على الخارطة السياسية.. ورغم ظاهرة التكاثر الحزبي دون التزام بالأدبيات المتعارف عليها في هذا السياق غير أن هذه الطفرة لها ما يبرّرها على أرض الواقع، منها حالة التصحّر والكبت السياسي التي كان يعاني منها المجتمع، وحالة الاحتقان هذه أدّت إلى حالة من "الانفجار" السياسي التي تبلورت من خلال هذه الطفرة الحزبية، ومن الأسباب الأخرى التي أدّت إلى تكاثر الأحزاب هو حلّ حزب التجمّع الدستوري الذي سعت بعض رموزه إلى التنظّم في أحزاب جديدة رأت النور بعد الثورة.. ويتفق جلّ المراقبين أن ظاهرة تعدّد الأحزاب تبقى ظاهرة صحية تعكس مناخا ديمقراطيا سليما يستجيب لواقع ما بعد الثورة، فان التعددية الحزبية لكي تكون ناجعة وذات فاعلية يجب أن تخرج عن سياقها "العشوائي" وهذا ما بدأ يبرز بعد انتخابات التأسيسي فالأحزاب بدت أكثر تنظيما من خلال تشكّل العائلات السياسية التي تعمل في إطار جبهوي وتحاول لمّ كل القوى ذات التوجهات المتقاربة وبالتالي بدأنا نتحدّث في إطار التيار اليساري أو التيار القومي على جبهة تضم عددا كبيرا من الأحزاب وبمثل الجبهة الوسطية، وحتى الإسلاميون من المنتظر تشكلهم في جبهة موحدة ليكون المشهد أكثر وضوحا وثباتا.
الهيئة والقانون الانتخابي
عند الحديث عن استحقاق انتخابي فان ذلك لا يقتصر فقط على الأحزاب وتنظيمها وتواجدها السياسي في الفضاء العام بل لا بدّ من إرساء آليات لانجاح العملية الانتخابية خاصّة على مستوى الشفافية والنزاهة التي هي الرهانات الحقيقية لانتخابات ديمقراطية.. ومن أبرز الآليات التي تشكّل ضمانات حقيقية لنجاح الاستحقاق الانتخابي نجد الهيئة العليا المستقلة للاشراف على الانتخابات وبعد تجربة أولى تعتبر ناجحة رغم حداثة عهدها والظروف التي اشتغلت فيها هيئة كمال الجندوبي الاّ أنه ورغم نقص الخبرة والتجربة لكنها استطاعت الى حد ما تأمين عملية انتخابية حرة ونزيهة وشفافة رغم بعض الاخلالات والتجاوزات التي أجمع الملاحظون أنها لم تؤثر على مصداقية النتيجة التي أسفرت عنها الانتخابات.. واليوم نعيش مرحلة مخاض عسير لولادة هيئة جديدة ستشرف على الانتخابات القادمة وهو مخاض انطلق منذ مدة بين مؤيّد لبقاء هيئة الجندوبي باعتبار نجاحها السابق والخبرة التي اكتسبتها وبين من طرح فكرة هيئة جديدة وبإشراف جديد وهذا الطرح اعتبره بعض المحللين خطوة نحو تشكيل لجنة جديدة في اطار محاصصة حزبية بين أحزاب الترويكا وهو ما رأت فيه المعارضة خاصّة تهديدا مباشرا لنزاهة الانتخابات..
وفي انتظار ما ستسفر عنه المشاورات الجارية هذه الأيام في خصوص الهيئة المرتقبة فان هناك آلية لا تقل أهمية في انجاح الاستحقاق القادم وهو القانون الانتخابي الذي يجب أن يحرص المجلس التأسيسي على سنّه في أقرب فرصة وهو مرتبط "عضويا "باختيار نظام الحكم القادم لتونس..

رضا بلحاج (نداء تونس)
ضد الاستقطاب.. و«نداء تونس» ليس «ظاهرة صوتية»
يعتبر بعض قياديي حركة النهضة أن حزب نداء تونس، ظاهرة صوتية تسوّق نفسها كبديل سياسي لحركة النهضة في إطار صراع محوره الاستقطاب الثنائي بين الدساترة والإسلاميين.. لكن حزب نداء تونس ينفي عن نفسه مقولة أنه ظاهرة صوتية ويعتبر نفسه أنه البديل الناجح ل»إخفاقات» حركة النهضة.
«الصباح الأسبوعي» في اتصال مع رضا بلحاج القيادي في حركة نداء تونس أبدى رفضه للاستقطاب السياسي بقطع النظر عمن يقف وراءه..
في البداية يقول رضا بلحاج «نحن من حيث المبدأ نرفض الاستقطاب السياسي لأنه ليس في مصلحة أي طرف خاصّة في هذه المرحلة الانتقالية التي تقتضي التوافق وتقريب وجهات النظر.. وفي هذه المرحلة الصعبة لا بدّ من الترفع عن المشاحنات السياسية الثنائية وعموما المشهد السياسي في تونس اليوم لا تحتكره حركة النهضة أو حزب نداء تونس لكن هناك أيضا أحزابا وقوى أخرى لها القدرة والامكانيات للمنافسة السياسية..»
ويضيف رضا بلحاج «الذي أدّى الى الاستقطاب الثنائي ليست العملية السياسية بين أحزاب متنافسة، لكن بين ما اقترفته الترويكا -التي تمثل حركة النهضة عمودها الفقري- من أخطاء في تسيير دواليب الدولة والأزمة الخانقة التي أوصلت البلاد إليها، لأنها تعاملت مع هذه الفترة الانتقالية كمرحلة استحقاقات دائمة، وبين باقي الأحزاب التي تعتبر الترويكا الحاكمة قد فشلت في ادارة الشأن العام.. وبالتالي الاستقطاب انحصر في أحزاب حاكمة تفعل ما تشاء دون مبالاة بالمصلحة العامة كما أنها لم تسقط الاستحقاقات الانتخابية من ادارتها للمرحلة الانتقالية وبين قوى سياسية تهمها أوّلا وبالأساس مصلحة البلاد وصورة تونس في الداخل والخارج وتطالب بضرورة مراجعة العديد من السياسات التي أثبتت فشلها..»
نداء تونس «باعث» للأمل
سألت محدّثي حول ردّه عن الأراء التي تعتبر أن نداء تونس هو ظاهرة صوتية تسعى للتموقع السياسي فأكّد «دون استعراض للعضلات والدخول في مشاحنات لا طائل من ورائها، نؤكّد على أن هذا الحزب تهمه مصلحة البلاد بدرجة أولى وهذا الحزب أسّس لبعث الأمل في نفوس التونسيين الذين فقدوا الثقة في السياسيين الحاليين.. وفقدان الأمل مردّه المأزق الذي حشرت فيه النهضة وحلفاءها البلاد، وبالتالي اذا كان رئيس نداء تونس يتمتع بشعبية ومصداقية أمام الرأي العام خاصّة وأنه قاد البلاد في مرحلة حرجة وأوصلها للانتخابات التي كانت أوّل انتخابات نزيهة وشفافة في تاريخ تونس كما حافظ على صورة تونس في الخارج وأعاد الهيبة للدولة وحاول قدر الامكانيات المتاحة حلّ الاشكالات المطروحة واستطاع الى حدّ ما تقليص نزيف الاحتقان الاجتماعي وبالتالي لا يمكن اليوم الحديث عن أحزاب سياسية تنشط فعليا كظاهرة صوتية لكن كان من المفروض أن تسعى كل الأطراف للبحث عن آليات لوفاق فعلي بعيدا عن المزايدات السياسية.
ويضيف بلحاج «حزب نداء تونس رغم أنه لم يمض على تكوينه ثلاثة أشهر الاّ أنه يشهد قبولا واقبالا في الداخل والخارج ونحن بصدد تركيز هياكله الجهوية والمحلية».
وختمت الحوار بسؤال محدثي عن حظوظ نداء تونس في الانتخابات القادمة فأكّد أن الأهم في هذه الفترة الدقيقة هو الوفاق الوطني لتأمين المرحلة القادمة ورغم ذلك يبقى نداء تونس كأي حزب سياسي يراهن على الفوز في هذه الانتخابات في اطار جبهة وطنية قوية تتكوّن مبدئيا من الحزب الجمهوري والمسار الاجتماعي ومفتوحة لباقي الأحزاب متى التزمت بالمبادىء التي نؤمن بها ومنها خاصة الدولة المدنية ومبادىء الجمهورية وتحسين صورة تونس في العالم والتي بدأت تهتز الآن..
ولم يُخف رضا بلحاج امكانية تحالف حزبه مع أحد احزاب الترويكا في الانتخابات القادمة لأنه يعتبر أن لكل زمن شروطه ومتطلباته لكن الآن المهم هو انجاح المسار الانتقالي.

فطوم لسود (حركة النهضة)
»نداء تونس » يريد إعادة التاريخ في شكل مأساة ومهزلة
تتهم حكومة الترويكا خصومها خاصّة بأنها تسيّر البلاد بذهنية انتخابية تعتمد الدعاية وتلميع الصورة السياسية أكثر من الحرص على الانجازات وحل معضلات الواقع ولعلّ ذلك ما دفع المتتبعين للشأن السياسي الى القول بأن البلاد تتجه اليوم الى استقطاب سياسي حادّ بين الاسلاميين من جهة وعلى رأسهم حركة النهضة والدساترة العائدون «من بعيد» للتموقع من جديد في الساحة السياسية والدفاع عن «شرعيتهم» التاريخية في التواجد.. وحول حقيقة هذا الاستقطاب من عدمه ودور حركة النهضة فيه.. اتصلنا بفطوم لسود عضو المجلس التأسيسي عن حركة النهضة التي اعتبرت أن نداء تونس ظاهرة صوتية تبحث عن التموقع من خلال تسويق نفسها كحزب له وزنه شعبيا وانتخابيا وهو ما يخالف الواقع حسبما صرّحت به لنا فطوم لسود..
نداء تونس ليس قطبا سياسيا
في تقييمها لحزب نداء تونس تقول فطوم لسود في البداية «أنا لا أعتقد مبدئيا أن هناك قطبين للصراع او الاستقطاب فحزب نداء تونس هو حنين لزمن بن علي ولا يجوز للشعب الذي قام بثورة ضدّ دكتاتورية وقدّم الشهداء والجرحى أن يسعى اليوم لإرجاع التاريخ الأليم لحقبة الاستبداد.. فالتاريخ عندما يعيد نفسه يكون ذلك في شكل مهزلة أو مأساة، والمأساة هنا هي عودة التجمّع بجبة سياسية مختلفة، والمهزلة أن يصدّق الشعب ذلك وان لا يكون له من الوعي و الإدراك للانتباه إلى ذلك..
والشباب التونسي الذي أنجز ثورة أذهلت العالم دون تأطير سياسي أو حزبي ودون أيديولوجيا وكذلك دون نفاق سياسي لن تنطلي عليه مثل هذه المراوغات والالتفاف على الثورة.
وحزب نداء تونس يمس من سمعة الثورة التونسية وكرامة الشعب التونسي فأغلب منخرطيه فضّلوا بقاء بن علي وحتى بالنسبة لمن يسوقون أنفسهم على اعتبار كونهم بورقيبيين ورغم أننا نحترم الزعيم بورقيبة لكن هناك من الشخصيات السياسية ذات التوجهات البورقيبية قد تملصت من الانتماء إلى حزب نداء تونس بعد أن أعلن الحزب عن التحاقها بنداء تونس.. الذي اعتبره مجرّد ظاهرة صوتية تبحث عن الكراسي لكن نرفض الرجوع الى الوراء والركوب على ثورة الشباب.
وعن رأيها في نداء تونس كقطب صراع سياسي مع حزب حركة النهضة تقول لسود «هذا الحزب هو من يسوّق لنفسه على أساس أنه قطب في ثنائية سياسية غير موجودة الاّ في أذهان أصحابه بعد أن رفضتهم الحكومة الحالية وعموما نداء تونس لا يملك برنامجا اقتصاديا أو اجتماعيا بديلا بل هو يبحث فقط عن التموقع في المشهد السياسي».
وفي الختام تقول فطوم لسود حول ماكينة المال السياسي وماكينة الاعلام التي قد تؤثر على توجهات الناخب «ماكينة المال او الاعلام يمكن ان تنجح في واقع معيّن لكن لا تنجح دائما فلو استمر ضغطها لما انهار نظام بن علي.. وبالتالي فالشعب واع ولا خوف عليه من البروباغندا والدعاية المبالغ فيها وعملية تضخيم الصورة لن تنطلي على المواطن التونسي على بساطته..»
وتؤكّد فطوم لسود ان المستقبل السياسي لحركة النهضة مشرق لأنها تعتمد الصدق في التعامل مع الرأي العام والتعامل بأمانة مع كل الملفات.

زهير مخلوف
أموال الفرنسيين والجمعيات الخيرية الدينية «لاجتثاث» الخصوم
رغم أن الاستحقاق الانتخابي ما زال في «علم الغيب» ولم يقع الحسم في موعده بعد إلا أن الحملة الانتخابية بدأت أجراسها تقرع.. ويرى مراقبون أن أجراس هذه الحملة لم تتوقف يوما عن القرع منذ انتخابات المجلس التأسيسي..
وككل الحملات الانتخابية يحتل المال والأعمال مواقع متقدمة في الدعاية السياسية ويمكنه التأثير وتوجيه إرادة الناخب حتى على عكس قناعاته الأصلية.. ولمزيد تسليط الضوء على هذه «الماكينات» الدعائية ونقصد المال والإعلام ودورهما في التسويق السياسي.. اتصلت «الصباح الأسبوعي» بالمحلل السياسي زهير مخلوف الذي أبدى تخوفا كبيرا من تأثير المال السياسي على نزاهة الانتخابات..
المال والبلطجة
في البداية يقول مخلوف «مصيبة العالم بأكمله هي المال السياسي الذي يكرّس الاستقطاب الثنائي حتى في الديمقراطيات الحديثة كالجمهوريين والديمقراطيين في الولايات المتحدة واليسار واليمين في فرنسا..
في تونس على ما يبدو دخلنا مبكّرا معترك اللعبة الانتخابية باستعمال وقود المال السياسي وقد بلغ الاستقطاب الثنائي أشدّه بين حركة النهضة وحزب نداء تونس..
وأعتقد أن جبهات فتحت لشراء العداوات ودعم أعمال «البلطجة» والمؤسف أن هذه الحملات والجبهات لن تكون بهدف شراء الذمم الانتخابية بشكل ديمقراطي وحضاري ولكن بالمعنى «البلطجي» لتضغط وترهّب الشارع ولتفرض منطق المليشيات والبقاء للأقوى وقد يصل الأمر الى منع الناس من القيام بالواجب الانتخابي.. وهنا يكمن الخطر السياسي لتفشّي ظاهرة المال السياسي الملغوم»..
خطر على الديمقراطية
ويضيف زهير مخلوف «وهذا المال ليس بريئا كما وأنه يشكّل خطرا محدقا بالعملية الديمقراطية برمتها خاصّة وأن هناك أطرافا خارجية ذات أجندات دخلت في لعبة المال السياسي، فالفرنسيون سيغرقون البلاد بالأموال لاجتثاث طرف سياسي معيّن وقد كنّا نتمنى أن يقتصر دور المال السياسي على دعم التعددية والديمقراطية في إطار تجاذب سياسي طبيعي في مثل هذه المرحلة.. لكن اليوم يستعمل المال السياسي لاجتثاث الأطراف المتقابلة..
والى جانب الفرنسيين نجد الجمعيات الخيرية الدينية التي تضخّ بدورها الأموال الطائلة لتضخيم طرف سياسي على حساب الآخرين لاعتبار أن هذا الطرف يقدّم نفسه كمالك لمشروع حضاري مستلهم من الشريعة الإسلامية.. ونحن اليوم بتنا نخشى من تلغيم هذا المال السياسي، نخشى أعمال البلطجة التي قد يوظفها هذا المال لخدمة أجندات معينة ونخشى أن تقترن العملية الانتخابية القادمة بعمليات اقتتال واحتراب وإفساد للعملية الانتخابية والخروج بها عن طابعها السلمي في صورة ما إذا شعر أي طرف بخسارة محتملة في الانتخابات.
وأكثر ما نخشاه هو أن يخترق المال السياسي الفاسد المؤسسة الأمنية والإدارية وبالتالي لن نحظى بنفس انتخابات 23 أكتوبر من حيث شفافيتها ونزاهتها.
والحلّ في اعتقادي يكمن في تهدئة الناس وإذابة كتل الجليد بين الفرقاء وإقصاء الطرف الخارجي الذي لا يخدم لا مصلحة البلاد ولا التجربة الديمقراطية.. فالإسلاميون لا بدّ أن يبادروا بإذابة الجليد مع الأطراف المتناقضة معهم ايديولوجيا لإيجاد توافق سياسي يجعلنا نتجاوز هذه المرحلة الحرجة دون خسائر وحتى لا يتشكّل المزاج الانتخابي حسب متطلبات المال السياسي..
ويختم مخلوف بالقول «لو يقف الإعلام على نفس المسافة من كل الأحزاب السياسية ويقف على الحياد فانه سيكون قد كرّس الديمقراطية والتنافس النزيه بين كل الأحزاب دون السقوط في عمليات استقطاب مشبوه قد تؤثر على المزاج الانتخابي وتتحكّم فيه».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.