استاذ موارد مائية يحذر من زلزال إثيوبيا وتداعياته على ليبيا و السودان    الداخلية: "الإجراء" ضد أحد المحامين جاء بعد معاينة جريمة "هضم جانب موظف عمومي أثناء آدائه لمهامه"    مجلس وزاري مضيق حول مشروع قانون أساسي يتعلق بتنظيم الجمعيات    عاجل: الإذن بالاحتفاظ بالمحامي مهدي زقروبة    المعهد الوطني للاستهلاك: توجه الأسر 5 بالمائة من إنفاقها الشهري إلى أطعمة يقع هدرها    سيدي بوزيد: توقّعات بارتفاع صابة الحبوب بالجهة مقارنة بالموسم الماضي    اصدار بطاقة ايداع في حق سنية الدهماني    موقعا قتلى وجرحى.. "حزب الله" ينشر ملخص عملياته ضد الاحتلال يوم الاثنين    الصحة الفلسطينية: القصف الإسرائيلي على غزة يُخلّف 20 شهيدا    فرنسا.. 23 محاولة لتعطيل مسيرة الشعلة الأولمبية على مدى أربعة أيام    كاس تونس لكرة القدم : برنامج مباريات الدور ثمن النهائي    اتحاد تطاوين - سيف غزال مدربا جديدا    على خلفية حادثة حجب العلم الوطني بالمسبح الاولمبي برادس ... فتح بحث تحقيقي ضد 9 أشخاص    صفاقس: الإذن بفتح بحث تحقيقي في ملابسات وفاة شاب عُثر عليه ميّتا في منزله بطينة (الناطق باسم المحكمة الابتدائية صفاقس 2)    مصدر قضائي: الإذن بإيقاف شخصين من دول إفريقيا جنوب الصحراء من أجل شبهة القتل العمد مع سابقية القصد    مصالح الحرس الديواني تحجز خلال الأربعة أشهر الأولى من سنة 2024 كميات من البضائع المهربة ووسائل النقل قيمتها الجملية 179 مليون دينار    تشكيات من تردي الوضعية البيئية بالبرج الأثري بقليبية ودعوات إلى تدخل السلط لتنظيفه وحمايته من الاعتداءات المتكرّرة    القصرين : عروض الفروسية والرماية بمهرجان الحصان البربري وأيام الإستثمار والتنمية بتالة تستقطب جمهورا غفيرا    وزارة الشؤون الثقافية: الإعداد للدّورة الرّابعة للمجلس الأعلى للتعاون بين الجمهورية التونسية والجمهورية الفرنسية    جراحة التجميل في تونس تستقطب سنويا أكثر من 30 ألف زائر أجنبي    سليانة: تقدم عملية مسح المسالك الفلاحية بنسبة 16 بالمائة    جراحو القلب والشرايين يطلعون على كل التقنيات المبتكرة في مؤتمرهم الدولي بتونس    في معرض الكتاب بالرباط.. احبها بلا ذاكرة تحقق اكبر المبيعات    كرة اليد.. تحديد موعد مباراتي نصف نهائي كأس تونس    وزارة الصحة تنتدب 3000 خطة جديدة خلال السداسي الثاني من 2024    طقس الليلة.. امطار متفرقة ورعدية بعدد من الجهات    ''قطاع التأمين: ''ندعم قانون المسؤولية الطبية.. فلا بد من تأطير قانوني    سعيّد: "أكثر من 2700 شهادة مدلّسة.. ومن دلّسها يتظاهر اليوم بالعفّة"    وزير الفلاحة: مؤشرات إيجابية لتجربة الزراعات الكبرى في الصحراء    سوسة: سائق سيارة تاكسي يعتدي بالفاحشة على قاصر    بنزرت: ضبط ومتابعة الاستعدادات المستوجبة لإنجاح موسم الحصاد    البنك التونسي ينفذ استراتيجيته وينتقل الى السرعة القصوى في المردودية    المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات: الشركة التونسية للبنك تدعم مقاربة الدولة للأمن الغذائي الشامل    معين الشعباني: سنذهب للقاهرة .. كي ندافع عن حظوظنا مثلما يجب    من هو وزير الدفاع الجديد المقرب من فلاديمير بوتين؟    عاجل : الكشف عن وفاق اجرامي يساعد الأجانب دخول البلاد بطرق غير قانونية    الكرم: القبض على افريقي من جنوب الصحراء يدعو إلى اعتناق المسيحية..وهذه التفاصيل..    مغني الراب سنفارا يكشف الستار : ما وراء تراجع الراب التونسي عالميا    نور شيبة يهاجم برنامج عبد الرزاق الشابي: ''برنامج فاشل لن أحضر كضيف''    5 جامعات تونسية تقتحم تصنيفا عالميا    تفاصيل جديدة بخصوص الكشف عن شكبة إجرامية دولية للاتجار بالمخدرات..#خبر_عاجل    مسؤولة بالستاغ : فاتورة الكهرباء مدعمة بنسبة 60 بالمئة    وفاة أول متلقٍ لكلية خنزير بعد شهرين من الجراحة    نائبة بالبرلمان : '' سيقع قريبا الكشف عن الذراع الإعلامي الضالع في ملف التآمر..''    راس الجدير: ضبط 8 أفارقة بصدد التسلل إلى تونس بمساعدة شخص ليبي..    بطولة ايطاليا: تعادل جوفنتوس مع ساليرنيتانا وخسارة روما أمام أتلانتا    المالوف التونسي في قلب باريس    دربي العاصمة 1 جوان : كل ما تريد أن تعريفه عن التذاكر    مصر: انهيار عقار مأهول بالسكان في الإسكندرية وإنقاذ 9 أشخاص    نتنياهو: نناقش "نفي قادة حماس.."    بين الإلغاء والتأجيل ... هذه الأسباب الحقيقة وراء عدم تنظيم «24 ساعة مسرح دون انقطاع»    دراسة تربط الوزن الزائد لدى الأطفال بالهاتف والتلفزيون..كيف؟    مئات الحرائق بغابات كندا.. وإجلاء آلاف السكان    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نصوص منظومة التأمين على المرض ليست بالقُرآن، ومن الأفضل أن تكون البداية على أسس ثابتة
مصافحة: مع الكاتب العام لنقابة أطباء الاختصاص للممارسة الحرة
نشر في الصباح يوم 18 - 02 - 2008

طبيب الاختصاص ماهو بتاجر تفصيل حتى إذا ما خفّض كلفة المعايدة ارتفع عدد الحرفاء
*تونس الاسبوعي: شغل قرب انطلاق المرحلة الثانية في برامج الصندوق الوطني للتأمين على المرض.. شرائح عديدة من المجتمع معنية مباشرة بهذا الامر.. وهي التي ستعرف توسيعا في قائمة الامراض المشمولة بالتغطية الصحية..
وكان الموضوع الذي استأثر اكثر من غيره بالاهتمام عدم اقبال اطباء الاختصاص على الانخراط بالكثافة المطلوبة في هذه المنظومة العلاجية.. حتى ان عدد اطباء الاختصاص المتعاقدين مع «الكنام» لم يتعد في العاصمة حدود 8% مما يطرح اشكاليات كثيرة.. لذلك نستضيف اليوم الدكتور علي جبيرة استاذ الجراحة العامة وكاتب عام نقابة اطباء الاختصاص للممارسة الحرة.. الذي كانت اجابته مغايرة تماما لما تم ترديده.
لن نقبل الانخراط في «الكنام» طالما نقّص لنا %30 من مداخيلنا
أجرة الطبيب لا تتجاوز ال %15 من كلفة العلاج والادوية والتشخيص تلتهم %60 فلو دعّمنا الطبيب فإن الصندوق سيكون الرابح الاول
نأمل من إدارة الصندوق أن تأخذ بعين الاعتبار مقترحاتنا ليكون ذلك خير داعم خلال جلستنا العامة القادمة
* دكتور.. انتم متهمون كأطباء اختصاص.. بعرقلة مشروع مجتمعي انساني سيمكن اخيرا فئات عريضة من الشعب من الانتفاع بالخدمات الطبية الراقية المتوفرة ببلادنا.. وكانوا يكتفون سابقا بمجرد مشاهدتها بالعين وفي القلب مليون حسرة فلماذا تقفون حائلا دون المضي قدما في استكمال خطوات هذا المشروع الوليد.. ولماذا انتم مصرون على اسقاطه في الماء مثلما يقال.. رغم انه جاء لخدمة البلاد والعباد؟!
في البداية أود التأكيد على نقطة هامة جدا جدا.. وهي ان اطباء الاختصاص بالممارسة الحرة ساعون بجدية لانجاح هذا النظام الجديد وبرغبة لا حدود لها.. وهم متحمسون له ومنخرطون فيه قلبا وقالبا.. فلا احد لديه نية صادقة اكثر منا للمضي قدما بهذا المشروع المجتمعي بحكم مهنتنا اولا ثم بحكم دورنا الانساني ثانيا.. والشيء الثابت اليوم اننا كنا سابقا امام وضعية غير مقبولة: خدمات طبية وعلاجية متقدمة ومن ارقى طراز من جهة (وهنا اتحدى من يقول خلاف ذلك).. واغلبية من المواطنين غير قادرين على الانتفاع بها من جهة اخرى.. وللاسف الشديد لا تجني ثمار هذا التطور الطبي ببلادنا.. عدا بعض الفئات القليلة الميسورة.. لانه لم يكن هناك صراحة نظام حقيقي لاسترجاع المصاريف في القطاع الخاص بالنسبة للمتوجهين له من المرضى.. هذا بالاضافة الى انه لم يكن هناك نظام تأمين بالمعنى الصحيح للكلمة.. وهكذا اصبح الوضع كالتالي: طب من ارقى مستوى في العالم متوفر بالبلاد لا يستطيع المواطن الاستفادة منه.. ولذلك نعتبر المشروع الجديد والمقصود هنا «الكنام» جاء لايجاد حل لهذا الاشكال.. كي لا ينعم الاجانب فقط بثمار هذا التطور الطبي الحاصل ببلادنا.. وكانت نقطة التحول باحداث هذا الصندوق.. واغتنم الفرصة هنا لاشكر سيادة رئيس الجمهورية جزيل الشكر على حسن رعايته وعلى نظرته الثاقبة للامور.. وسعيه المحمود لرفع هذه المظلمة.. ولهذا وبناء على ما تقدم لا يمكن ان نكون ضد هذا المشروع لا فقط من حيث المبدأ العام.. فما دام هنالك استرجاع للمصاريف فمن باب المصلحة لا يجوز ان نرفض مشروعا كهذا.. وان ما نصبو له وما نريده حقا هو ان يتمتع المواطن فعلا وبشكل ملموس بهذا المشروع حتى لا يبقى حبرا على ورق.
* اذن ما الذي يعوقكم حاليا على الانخراط فيه.. أو بالاحرى عما تعترضون.. وماهي النقاط التي تثير قلقا لديكم ولا تقبلونها؟!
لم ننخرط لان الصيغة الحالية صعبة نسبيا ولا تستطيع نقابة اطباء الاختصاص ان تقبلها.. فهي حتما قابلة للنقاش ودعني اقول لك امرا: هذا النظام الجديد صعب القبول لا من قبل اطباء الاختصاص بل حتى من قبل المرضى.
اننا ننتظر بشوق اليوم الذي نمضي فيه اتفاقية انضمامنا لهذه المنظومة.. ولكن في اطار تفهم مشاغل الجميع.. كما لا ينبغي ان ننسى ان نصوص هذه المنظومة هي من وضع اشخاص علموا اشياء وقد تكون غابت عنهم اشياء اخرى.. ولذلك هي ليست بالقرآن الكريم الذي لا يجوز مناقشته.. والسؤال هنا هو لماذا لا تكون البداية على اسس ثابتة وصلبة اذا كنا فعلا نروم النجاح لهذا النظام الجديد.. والانطلاقة السليمة وذلك عبر تشريك كل المتدخلين في صياغة تصور جماعي للمشروع وبذلك يتم تجنيد الجميع وراء هدف واحد.. ويصبح الكل بمثابة صمام امان للذهاب به بعيدا.
* أين مواطن الاختلاف تحديدا؟
اولا نؤكد على مبدأ حرية اختيار الطبيب.. ومعلوم ان العلاقة بين المريض والطبيب تحكمها عدة عناصر منها خاصة الكفاءة وعامل الارتياح.. ولا يمكن للمريض ان يزور طبيبا لا تتوفر فيه ومن جهة نظره طبعا.. هذه الخاصيات.. فلماذا اذن تأتي «الكنام» وتفرض على المواطن ضرورة التقيد بالطبيب الذي اختاره اول العام والطبيب المختص الذي يوجهه اليه.. فهو يفقد بموجب ذلك اية حرية للتوجه لطبيب آخر أو طبيب اخصائي لم يوجهه اليه.. وهوما ينجر عنه اذا ما ذهب المواطن لطبيب من اختياره ان يفقد آليا استرجاع مصاريف العلاج.. وبما يتنافى تماما مع فلسفة المباشرة الطبية القائمة على مبدأ الحرية.. وابسط حقوق الانسان المكفولة بدستور البلاد.. وهذا يحصل في ظل صيغة التكفل الثانية.. او ما يسمى بمسار العلاج المنسق.. لقد بلغ المواطن اليوم من الوعي والنضج ما يؤهله للتصرف الرشيد حسب ما تقتضيه حالته ومصلحته.. فلماذا يتم حرمانه من حرية الاختيار وتقييده بقيود لا تحمل اضافة تذكر.. باختصار لابد من المرونة اكثر في مسألة اختيار الطبيب من قبل المضمون الاجتماعي اذا رأى ان من مصلحته ان يتوجه لطبيب الاختصاص الذي يريده.
السبب الثاني يتعلق بالتعريفات او بالاحرى الاتعاب الطبية لاطباء الاختصاص.. نحن نعلم ان الخدمات التي يقدمها الطبيب انسانية بالدرجة الاولى.. وتحمل قيمة كبيرة.. والاجرة التي يتحصل عليها في حد ذاتها.. ليست مقابلا لخلاص بضاعة تم شراؤها.. وانما تعتبر تقديرا لقيمة ذلك العمل الانساني والطبي.. ونحن في بلد يكاد يكون الوحيد في العالم.. أو لنقل من البلدان القلائل التي حددت فيها اتعاب الاطباء بقانون.. وهذا القانون يتجسد في الامر الذي وضع لهاته الاتعاب حدا ادنى وحدا اقصى.. وقد اعطى المشرع لعمادة الاطباء والنقابة التي تجتمع بصفة دورية صلوحية تحديد هاته الاتعاب حسب مستوى المعيشة.. وبعد احداث الصندوق الوطني للتأمين على المرض تم امضاء اتفاقية مع النقابة القديمة حددت فيها اجرة اطباء الاختصاص بالمستوى الادنى للاجرة المعمول به.. اي بنقص يقدر ب 30% من المداخيل.. فمن يقبل اليوم ان تنقص له 30% من مداخيله؟ حتى موظفي «الكنام» انفسهم لا اخالهم يقبلون ذلك
* اولا معلوم 25 دينارا هو التعريفة المعمول بها مع اطباء الاختصاص خارج العاصمة حاليا وبمعزل عن «الكنام» ثانيا لديكم حرفاء من خارج هذه المنظومة وسيستمر تعاملكم معهم حتما.. ثالثا وهو الاهم لماذا لا تنظرون من الزاوية الايجابية للموضوع.. أي أن انخراطكم في هذه المنظومة سيجلب لكم مداخيل اوفر واعدادا اكبر من المرضى مثلما يرى البعض؟
اولا طبيب الاختصاص ليس تاجر تفصيل لانه يقوم بعمل نبيل ويعالج اثمن ما خلق الله، ان ما ذكرته مردود على اصحابه لانه كلام اناس لا علاقة لهم بالطب.. لان الطبيب لابد له من اخذ الوقت الكافي واللازم والضروري مع المريض وذلك يتطلب تركيزا وطاقة بشرية معينة.. واعتماد مثل هذه العقلية يؤدي الى عكس ما نريده وما نتمناه.. أي فقدان المنظومة الصحية لابرز واهم مقوماتها واسس نجاحها.. لنأخذ مثلا العمليات الجراحية.. الطبيب المختص لا يمكنه اجراء اكثر من عمليتين أو ثلاث على اقصى تقدير في اليوم الواحد وليس 50 عملية جراحية. بصريح العبارة وباختزال شديد لابد من تطبيق القوانين السارية بالبلاد التونسية فيما يخص اتعاب اطباء الاختصاص.
* سنعود لموضوع «الكنام» دكتور.. ولكن دعني لا افوت هذه الفرصة لاشير بان ما يعاب عليكم في الاونة الاخيرة.. هو بعدكم عن الدور الانساني النبيل لمهنة الطب التي عُرفت تاريخيا بدورها المحوري والمفصلي سواء في زمن الحرب أو في زمن السلم وبدأت تحيد اكثر نحو غايات اقتصادية.. حتى ان المعاليم اشتعلت وخاصة في العاصمة حيث نجد اطباء اختصاص يقبضون احيانا اكثر من ضعف الاجرة المحددة قانونا؟
من ثوابتنا واهدافنا الدفاع عن مستوى مداخيل الطبيب التي حددها القانون.. ولم نطالب ابدا بأكثر من ذلك كما لم ندافع ابدا عن أي تجاوز لهذا الحد الاقصى.. ولا نطالب بغير تطبيق القانون الساري فقط. في بلد يشجع الكفاءات ويحفزها.. عوض الانقاص من مداخيل فئة تعمل في حدود احترام القانون.. فهل معايدة ما بين 25 و35 دينارا كثيرة على طبيب مختص افنى الشطر الاول من عمره على مقاعد الدراسة في وقت اصبح فيه مطلبنا الرسمي والشعبي الاول هو تحقيق الامتياز في شتى الميادين.. وساهم قطاعنا وبشكل مباشر في جلب المليارات للبلاد وبالعملة الصعبة وبمساهمة رئيسية من اطباء الاختصاص.
* لا تنس ايضا انكم تعلمتم باموال المجموعة الوطنية.. وتمرستم على مهنة الطب على اجساد ابناء هذا الوطن حتى لا اقول اكثر.. فلماذا لا تردون الجميل وتكون المعاليم في مستوى التضحيات التي تكبدها الناس حتى بلغتم ما انتم عليه اليوم من تمرس وخبرة ودراية وعلو كعب؟
أنا اتساءل : هل ان حرفاء القطاع الصحي الخاص اليوم كلهم من الميسورين؟ قطعا لا.. لان معظمهم من الطبقة الوسطى.. واذا كانوا يقبلون على اجراء العمليات المعقدة لدى الخواص رغم تكلفتها المرتفعة فلابد ان هناك امرا ما يحدث.. والسر في ذلك يعود لتفهم جل المتدخلين بالمنظومة الصحية الخاصة لامكانيات هؤلاء الحرفاء.. عبر التنسيق بين كل الاطراف ومن خلال تضحية الاطباء بنسب متفاوتة وهامة من التعريفات.. ما يجعل المقابل الاجمالي للعملية الجراحية معقولا وفي متناول الحريف.. نعم نحن نقوم من تلقاء انفسنا بهذه المفاضلة بين الحرفاء الاغنياء منهم الفقراء واذا ما كان المرضى يتوجهون للقطاع الخاص فلأن هناك جهدا واضحا من الاطباء واصحاب المصحات للقيام بعمل انساني لجعل تكلفة الخدمات العلاجية بالقطاع معقولة وفي متناول المواطن.
* اذا كانت بهاته الكيفية فماهو اساس الخلاف؟
يجب ان نفهم لماذا الخلاف؟ واين تذهب اجرة الطبيب المختص؟
اولا تأتي الجوانب المعيشية وثانيا فان الامكانيات الطبية وبالاضافة للكفاءة لابد لها من تجهيزات طبية متطورة.. فعندما نأخذ طبيب العيون اليوم لابد ان يتزود بمعدات حديثة جدا ومكلفة حتى يواكب المستجدات فنحن نريد من نظام التأمين على المرض ان يسمح بالولوج الى طب في مستوى عال.. لان مستوى الطب يتطلب من الطبيب اليوم ان تكون معداته في ارفع وفي احسن حالاتها ومستوياتها.. وعندما يقترض من البنك من سيسدد له قرضه اذا انقصنا له 30% من مداخيله.. في نهاية الامر المريض هو الذي سيدفع الثمن ويخرج الخاسر الاكبر اذا لم تتوفر للطبيب المعدات الضرورية.
ثالثا التعلم في ميدان الطب مسألة لا تنتهي.. فلابد من الدراسة المتواصلة وارتياد المؤتمرات الطبية.. فالتكوين الطبي مستمر دائما للاطلاع على آخر الدراسات وهذا يتكلف علينا بآلاف الدنانير.. وعندما تنقص معارف الطبيب بحكم توقفه وتطور المجال من حوله.. هل مازال سيواكب المستجدات بمداخيل اقل.. ومن سيدفع ثمن هذا طبعا المريض والمنظومة الطبية بوجه عام.. ان الطبيب مجبر اخلاقيا ومهنيا على العلاج يوميا حسب علم الطب المعتمد في تلك اللحظة والا بامكان المريض ان يشكوه.
* إذن كيف السبيل في ظل كل هذه المعطيات؟
- اذا كان هنالك شخص في هذه البلاد يهتم أكثر من غيره لأمر هذا الصندوق فهم حتما الاطباء المختصون وهم قادرون فعلا على إنجاحه ان توفرت روح الشراكة الحقة لان افلاس هذا الصندوق هو سقوط لمشروع مجتمعي متميز.. وسأقول لك كيف يمكننا ذلك.
* كيف ذلك؟
- معلوم أن تكلفة المداواة عندما نقوم بقسمتها تكون كمايلي: من 10% الى 15% أجرة أطباء.. وبين 50 و60% معاليم أدوية وتشخيص.. والباقي أي ما بين 25% و35% يعود للاستشفاء.. ما العمل هنا؟ ينبغي أن يكون الاقتصاد والتقشف على مستوى النسبة الارفع من الكلفة وهي الجانب الثاني(أدوية وتشخيص).. ومن يستطيع إفادة «الكنام» هنا غير الاطباء لأن الدور الاساسي منوط بعهدة اطباء الاختصاص.. فالطبيب المختص الذي يدخل المنظومة وهو مقتنع بها يستطيع إفادة الصندوق.. أي عندما يتم مثلا التخفيض بنسبة العشر (1 / 10) من كلفة الأدوية والتشخيص يمكن أن نعتبر حينها أن الاطباء قد عملوا مجانا.. إذن نجاح وديمومة منظومة التغطية الصحية بالصندوق الوطني للتأمين على المرض بيد الاطباء عبر شراكة فاعلة للضغط على تكاليف الادوية وذلك بالتعاون بين «الكنام» والجمعيات العلمية.
* ولكن هذا لا يمنعنا من سؤالك.. لماذا يحول هياكل نقابي بناء على قناعات خاصة به دون انخراط بقية منظوريه في هذه المنظومة رغم رغبتهم في الدخول ضمن هذا المشروع؟
- نحن لا نريد الحط من مستوى الطب في بلادنا لأن ما نريده ونسعى اليه هو الحفاظ على المكاسب التي تحققت في هذا المجال مع الحرص على مزيد تطويرها.
* كلمة النهاية؟
- في النهاية أريد التأكيد على ان نجاح وضمان ديمومة «الكنام» يمر حتما باحترام العناصر والثوابت الثلاثة التالية: احترام حرية اختيار الطبيب واحترام الاتعاب الطبية المحددة بقانون وتحديد تكلفة العلاج بالشراكة مع الاطباء والجمعيات العلمية.. وهذه العناصر ستسمح بانتفاع المواطن بصفة كاملة وشاملة بالمنظومة لسببين: أولا، لأنه سيبقى متمتعا بعلاج في أرقى مستوى علمي دون الحط من مستوى العلاج وبتكلفة معقولة تجعل نسبة استرجاع المصاريف من الصندوق مرضية ومقبولة.. وهذا ما ستربحه فعلا منظومة التأمين على المرض وأعتقد أن الغاية الفضلى والمردودية الحقيقية لهذه المنظومة لن تحصل الا بوجود علاج راق بتكلفة معقولة مع الحفاظ على المستوى العلمي المتميز الذي بلغناه وفي الاخير أريد توجيه نداء للمسؤولين عن نظام التأمين على المرض الى الاخذ بعين الاعتبار وفي اقرب وقت ممكن بهذه المقترحات.. مثلما تم وعدنا بذلك حتى يتسنى لنا إيجاد حل مرضي للوضعية الحالية التي تشغل بال الجميع.. حتى يكون ذلك خير داعم لنا في جلستنا العامة الخارقة للعادة يوم 2 مارس المقبل.. لتيسير انخراط وانضمام الجميع لهذه المنظومة.

للتعليق على هذا الموضوع:


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.