الدكتور عبد اللطيف الحناشي ل "الصباح".. "العنف الممارس.. عنف منظم ووظيفي ذا انتماء عقائدي وسياسي" - تفاقم الصراع بعد 14 جانفي داخل أسوار الجامعة التونسية ليتحول من صراع فكري إيديولوجي إلى عنف لفظي وجسدي اضطرت على إثره عديد الجامعات إلى غلق أبوابها لأيام عديدة وفي عدة مناسبات، فكان التخوف مصاحبا للعودة الجامعية الحالية، فماان انطلقت الدروس بعد سنة سيطرت عليها مظاهر الاحتقان والتوتر حتى تجددت أحداث العنف التي ظهرت بوادرها في جامعة جندوبة لتنسحب على كلية 9 أفريل خلال الأسبوع المنقضي. العنف الجسدي واللفظي ليس بحديث العهد داخل أسوار الجامعة التونسية، منذ الثمانينات والتسعينات كانت هناك أحداث عنف بين الطلبة تحت غطاء فكري أو آخر وفي إطار العمل النقابي وهذا يعود بالأساس إلى طبيعة الحماس لدى الشباب، لكن الجديد بعد 14 جانفي على حد قول شاكر عواضي عضو المكتب التنفيذي لإتحاد العام لطلبة تونس «هو بروز صراع مختلف عن الذي كان فيما مضى وقبل أن يقع إفراغ التحرك الطلابي شكلا ومضمونا في نظام بن علي وهو محاولة فرض الأفكار بالقوة، قوة السلاح وقوة الجسد، وهذا أمر طبيعي وبديهي باعتبار أن هذه الظاهرة داخل أسوار الجامعة التونسية غير معزولة في هذه المرحلة عما يجري في المشهد اليومي التونسي ذلك أن نفس المجموعات مارست وتمارس العنف سواء ضد الطلبة أو الصحافيين أو الجامعيين أو الفنانين أو أي كان من النخبة وهي مسألة يمكن تلخيصها في أمر واحد وهي فرض أفكار معادية للمعرفة والعلم ومحاولات لكسر مقومات الحضارة والرجوع بنا إلى الوراء». ظاهرة قديمة متجددة أفرزت الثورة شرعية جديدة للتحرك النقابي جعلت من غاب عن الساحة ولسنوات يعود باسم هذه الشرعية، فالإتحاد العام التونسي للطلبة (ذو تيار اسلامي) بعد حصوله على التأشيرة في سنة 1988 وإيقاف تحركه النقابي في التسعينات عاد إلى المشهد الجامعي باسم الشرعية الثورية في إنتظار إعادة ترتيب أوراقه وصفوفه قانونيا ولوجستيا على حد قول راشد الكحلاني الناطق الرسمي باسم تنسيقية هيئات أنصار الإتحاد العام التونسي للطلبة «فالصراع مع النظام السابق انتهى بضرب التعددية النقابية وإيقاف نشاط الإتحاد العام التونسي للطلبة ولكنه يعود اليوم باسم الشرعية الثورية وتحت غطاء شرعية 1988 وهو ما جعل أطراف أخرى تتحرك ضد هذه العودة والأحداث التي جدت في الأسبوع الفارط هي نتيجة لمحاولة ضرب لحقنا النقابي سواء من عميد الكلية أو من طرف طلبة الإتحاد العام لطلبة تونس فبعدما دعا الاتحاد العام التونسي للطلبة بكلية 9 أفريل إلى جمع عريضة طلابية قصد رفعها لعمادة الكلية و اللجان المشرفة على قبول مطالب الماجستير إذا بطلبة الاتحاد العام لطلبة تونس يقومون بتمزيق أوراق العريضة و المعلقات الحائطية المطالبة بحق الطلبة في إتمام مسارهم البحثي و دفع إحدى مناضلات الاتحاد(ugte )- تيارات يسارية -و منعها من ممارسة حقها في العمل النقابي و إثر تدخل أحد أعضاء الهيئة بالكلية لفض النزاع إذ بأحد طلبة (ال uget) يقوم برشه بالغاز المسيل للدموع تحت أنظار الإدارة التي ساهمت في تأجيج الأوضاع بمشاركة أحد أعوان الكلية بتمزيق معلقات الاتحاد». هذا الصراع بين مختلف الأطراف النقابية الممثلة بالجامعات التونسية بغض النظر عن مدى شرعيتها له حيثياته التاريخية وأطواره من نظام إلى آخر وفي فترة إلى أخرى من تاريخ تونس بصفة عامّة ومن تاريخ الجامعية التونسية والعمل النقابي بصفة خاصة. ظاهرة غير معزولة أكد الدكتور عبد اللطيف الحناشي أستاذ التاريخ السياسي المعاصر والراهن و ناشط حقوقي أنه «تاريخيا كانت الجامعة فضاء للعلم والمعرفة والحوار والسجال والمطارحات الفكرية والسياسية الهادئة والمثمرة غير أن تلك القيم سريعا ما تتحول إلى نقيضها كلما تقلّصت هوامش الحرية و الحوار و الديمقراطية، في أي بلد،وحلّ محلها العنف بأشكاله وأنواعه المختلفة.» وأضاف الحناشي «لا تبدو ظاهرة العنف في الوسط الجامعي ببلادنا ظاهرة غريبة أو معزولة عن العنف العام الذي يتحكم في الحياة الاجتماعية والسياسية أحيانا، إذ عرف الوسط الطلابي هذه الممارسة،لأول مرة بعد الاستقلال، وذلك أثناء انعقاد المؤتمر الثامن عشر للاتحاد العام لطلبة تونس((UGET في الفترة المتراوحة ما بين 12 و20 أوت 1971 بمدينة قربة بعد أن بادرت عناصر تنتمي للحزب الدستوري الحاكم(من غير الطلبة) في اليوم الأخير من المؤتمر إلى التدخل في السير الطبيعي لأشغاله و أقدمت تلك المجموعة على إلغاء اللائحة السياسية العامة ثم إيقاف الأشغال وتنصيب قيادة صورية مطيعة لأوامر الحزب الحاكم و منذ ذلك التاريخ اتخذ الصراع بين الطلبة من ناحية وأجهزة الدولة والحزب طابعا عنيفا تمارسه تلك الأجهزة في اغلب الأوقات..» كما أكد الدكتور عبد اللطيف الحناشي أنه «في مرحلة أخرى تحول العنف ليصبح بين الطلبة أنفسهم(بين فصائل اليسار)ثم ازدادت وتيرة العنف وتوسعت منذ بداية الثمانينيات من القرن الماضي وهي الحقبة التي تعددت فيها مظاهر العنف السياسي من ذلك عملية قفصة 1980، أحداث الخبز 1983-1984 ،الغارة الصهيونية على حمام الشط1985، الأزمة مع الاتحاد العام التونسي للشغل1985..الصدام بين السلطة و حركة الاتجاه الإسلامي.. وغيرها، وكانعكاس لذلك ولعوامل أخرى شهدت الجامعة أحداثا عنيفة سنة 1982 بين طلبة التيار الإسلامي و طلبة التيار اليساري( كلية الآداب منوبة و المركب الجامعي..)ثم تواصل هذا العنف بين مختلف التيارات اليسارية بعد انجاز المؤتمر الثامن عشر وتواصل ذلك بشكل متقطع لأسباب أيديولوجية أو انتخابية (الانتخابات الطلابية للمجالس العلمية أو النقابية...)» العنف السياسي توسعت ظاهرة العنف السياسي ،جغرافيا واجتماعيا في البلاد بعد الثورة و تحول العنف إلى احد أهم الوسائل المعتمدة لتحقيق الأهداف والمطالب الاجتماعية والسياسية و من «الطبيعي» أ الّا يكون الحرم الجامعي بمنأى عن ذلك ،لأسباب سياسية وعقائدية و حتى اجتماعية.. غير أن ثلاث خصائص، وعلى حد قول الدكتور عبد اللطيف الحناشي، ميزت العنف في فضاء الجامعة بعد الثورة هي «أن الممارسين للعنف هم في الغالب أفراد، أو مجموعات، لا علاقة لهم بالفضاء الجامعي مباشرة ، و عادة ما يمثلون أطرافا عقائدية- سياسية لا تنتمي لفئة الطلبة...» أما الخاصية الثانية أن «العنف منظم، وغير عفويّ...و لا يستهدف الطلبة فقط بل التجهيزات المختلفة و أعوان الإدارة و الأساتذة أحيانا(سوسة،منوبة، القيروان،المركب الجامعي،9 افريل، جندوبة...) في حين أن الخاصية الثالثة تمثلت في أن « العنف وظيفيّ ،ذو طابع إيديولوجي وسياسي، لا يُمارس كأداة لتحقيق مطالب نقابية حيوية للطلبة بل لتحقيق أهداف تتسوق مع أجندات بعض الأحزاب السياسية» و لا شكّ أن تحويل الجامعة كفضاء لتصفية الحسابات السياسية الآنية هو في غير صالح الوطن ومستقبله ولا يخدم الأحزاب والأطراف التي تدعو إلى ممارسته بل ستكون،تلك الأطراف، من أكثر المتضررين من تداعياته إن آجلا أم عاجلا. لذلك وحسب الحناشي «من الضروري أن تلعب الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية الطلابية المختلفة دورا محوريا في الارتقاء بالوعي السياسي والنقابي لمنظوريها من الطلبة و ترشيد سلوكهم النقابي والسياسي والمدني بما يخدم وظيفتهم كطلاب معرفة وعلم ويحفظ المؤسسة التي ينتمون إليها..كما على الطلبة ومن يمثلهم الإقرار بواقع الاختلاف في ما بينهم والتعامل مع ذلك اعتمادا على الحوار بدل العنف..غير ان تحقيق ذلك يشترط، في ما يشترط، ان تتبنى تلك الأحزاب نفسها تلك المبادئ وان يبتعد خطابها عن التحريض و العنف سواء في داخل مؤسساتها أو مع الأطراف الأخرى» إيمان عبد اللطيف
تنسيقية هيئات أنصار الاتحاد العام التونسي للطلبة دعوة لتشكيل لجنة محايدة للتحقيق في أحداث كلية 9 أفريل دعا الاتحاد العام التونسي للطلبة أول أمس خلال ندوة صحفية إلى تشكيل لجنة محايدة تحقق في أحداث كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية 9 أفريل التي جدت في الأسبوع المنقضي مؤكدا رفضه «لشكل لجنة التحقيق التي تم الإعلان عنها نظرا لإشراف عميد الكلية عليها وهو في نفس الوقت جزء من المشكل بعد تورطه في قمع نشاطات الاتحاد العام التونسي للطلبة بتفعيل منشور عدد 21 الذي يقمع حرية العمل النقابي والسياسي داخل الجامعة «معتبرين ذلك «تكريسا لسياسة المخلوع داخل الجامعة واعتداء على الثورة ومكتسباتها داخلها». كما عبر الاتحاد العام التونسي للطلبة عن رفضه «للعنف بكل أشكاله وألوانه» مستنكرا العمليات الممنهجة لجر المنظمة نحو العنف داخل الجامعة» معتبرا أن هناك «مخططات لإدخال الجامعة في الفوضى والعنف الشامل انطلاقا من كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية 9 أفريل». كما استعرض أعضاء تنسيقية هيئات أنصار الاتحاد العام التونسي للطلبة «الدور الإيجابي للاتحاد في إنجاح افتتاح السنة الجامعية 2012-2013 بداية من التفاعل مع أيام التوجيه الجامعي بالنسبة للطلبة الجدد إلى تحقيق مطالب الطلبة خاصة في السكن الجامعي الاستثنائي وحق الترسيم في مرحلة الماجستير». وقد استعرضت الهيئة جملة المطالب والنقاط التي سيحرص الاتحاد العام التونسي للطلبة على تنفيذها «كحق الطلبة في الترسيم الآلي في مرحلة الماجستير والترفيع في المنحة الجامعية وتغيير مقاييس إسنادها بشكل يضمن قاعدة واسعة من الطلبة تتمتع بالمنحة الجامعية، مع التأكيد على حيادية الإدارة وضمانها والحفاظ عليها». ومن أبرز النقاط المعروضة ضرورة «تشريك الطلبة في صياغة البرامج الإصلاحية للجامعة على المستوى الهيكلي والبيداغوجي وتغيير صبغة ممثلي الطلبة في المجلس العلمي من الاستشارية إلى التقريرية، إضافة إلى المناداة ب»تغيير المنظومة القانونية التي تحكم الجامعة بشكل يضمن القطع مع الماضي وإيجاد أرضية حقيقية للإصلاح» مع العمل «على تطهير الجامعة من رموز الفساد وأزلام النظام السابق ورفع المظلمة عن المنظمة ومحاسبة كل من تورط في استهدافها».