الصحة العالمية.. استهلاك الملح بكثرة يقتل 10 آلاف شخص يوميا في أوروبا    عُثِرَ عليه بالصدفة.. تطورات جديدة في قضية الرجل المفقود منذ حوالي 30 سنة بالجزائر    عاجل: لأول مرة: تونس تصل المرتبة الثانية ضمن التصنيف الدولي للبيزبول    السلطات الاسبانية ترفض رسوّ سفينة تحمل أسلحة إلى الكيان الصهيوني    الديبلوماسي عبد الله العبيدي يعلق على تحفظ تونس خلال القمة العربية    يوميات المقاومة .. هجمات مكثفة كبّدت الاحتلال خسائر فادحة ...عمليات بطولية للمقاومة    فتحت ضدّه 3 أبحاث تحقيقية .. إيداع المحامي المهدي زقروبة... السجن    المنستير .. المؤبّد لقاتلة صديقها السابق خنقا    في ملتقى روسي بصالون الفلاحة بصفاقس ...عرض للقدرات الروسية في مجال الصناعات والمعدات الفلاحية    رفض وجود جمعيات مرتهنة لقوى خارجية ...قيس سعيّد : سيادة تونس خط أحمر    دخول مجاني للمتاحف والمواقع الأثرية    ارتفاع عجز الميزان الطاقي    دغفوس: متحوّر "فليرت" لا يمثل خطورة    العدل الدولية تنظر في إجراءات إضافية ضد إسرائيل بطلب من جنوب أفريقيا    تعزيز نسيج الشركات الصغرى والمتوسطة في مجال الطاقات المتجددة يساهم في تسريع تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للانتقال الطاقي قبل موفى 2030    كاس تونس - تعيينات حكام مباريات الدور ثمن النهائي    الترفيع في عدد الجماهير المسموح لها بحضور مباراة الترجي والاهلي الى 34 الف مشجعا    جلسة بين وزير الرياضة ورئيس الهيئة التسييرية للنادي الإفريقي    فيفا يدرس السماح بإقامة مباريات البطولات المحلية في الخارج    إمضاء اتّفاقية تعبئة قرض مجمع بالعملة لدى 16 مؤسسة بنكية محلية    وكالة (وات) في عرض "المتوسط" مع الحرس .. الموج هادر .. المهاجرون بالمئات .. و"الوضع تحت السيطرة" (ريبورتاج)    طقس الليلة    سوسة: الحكم بسجن 50 مهاجرا غير نظامي من افريقيا جنوب الصحراء مدة 8 اشهر نافذة    القيروان: إنقاذ طفل إثر سقوطه في بئر عمقها حوالي 18 مترا    تأمين الامتحانات الوطنية محور جلسة عمل بين وزارتي الداخليّة والتربية    كلمة وزير الخارجية التونسي نبيل عمار أمام القمة العربية    باجة: باحثون في التراث يؤكدون ان التشريعات وحدها لا تكفي للمحافظة علي الموروث الاثري للجهة    توزر: تظاهرة احتفالية تستعرض إبداعات أطفال الكتاتيب في مختتم السنة التربوية للكتاتيب بالجهة    وزارة الثقافة تنعى المطربة سلمى سعادة    صفاقس تستعدّ للدورة 44 لمهرجانها الصيفي    صفاقس: هدوء يسود معتمدية العامرة البارحة بعد إشتباكات بين مهاجرين غير نظاميين من دول جنوب الصحراء    وزارة الفلاحة توجه نداء هام الفلاحين..    "فيفا" يقترح فرض عقوبات إلزامية ضد العنصرية تشمل خسارة مباريات    جندوبة: وزير الفلاحة يُدشن مشروع تعلية سد بوهرتمة    عاجل: "قمة البحرين" تُطالب بنشر قوات حفظ السلام في فلسطين..    هل سيقاطعون التونسيون أضحية العيد هذه السنة ؟    106 أيام توريد..مخزون تونس من العملة الصعبة    اليوم : انطلاق الاختبارات التطبيقية للدورة الرئيسية لتلاميذ الباكالوريا    سوسة: الإطاحة بوفاق إجرامي تعمّد التهجّم على مقهى بغاية السلب باستعمال أسلحة بيضاء    ناجي الجويني يكشف عن التركيبة الجديدة للإدارة الوطنية للتحكيم    المعهد الوطني للإحصاء: انخفاض نسبة البطالة إلى حدود 16,2 بالمائة    سيدي بوزيد: انطلاق الدورة 19 من مهرجان السياحة الثقافية والفنون التراثية ببئر الحفي    رئيس الجمهورية يبحث مع رئيس الحكومة سير العمل الحكومي    قيس سعيد يُؤكّد القبض على محام بتهمة المشاركة في وفاق إرهابي وتبييض أموال    عاجل: متحوّر كورونا جديد يهدّد العالم وهؤلاء المستهدفون    ظهورالمتحور الجديد لكورونا ''فيلرت '' ما القصة ؟    الأيام الرومانية بالجم . .ورشات وفنون تشكيلة وندوات فكرية    محمد بوحوش يكتب...أدب الاعتراف؟    الخُطوط التُونسية في ليبيا تتكبد خسائر وتوقف رحلاتها.    بطولة اسبانيا : أتليتيكو يهزم خيتافي ويحسم التأهل لرابطة الأبطال الاوروبية    إصدارات.. الإلحاد في الفكر العربي الإسلامي: نبش في تاريخية التكفير    زلزال بقوة 5.2 درجات يضرب هذه المنطقة..    استشهاد 3 فلسطينيين بنيران جيش الاحتلال في الضفة الغربية    أمراض القلب والجلطات الدماغية من ابرز أسباب الوفاة في تونس سنة 2021    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"سنة أولى شرعية"
ملف تحت المجهر
نشر في الصباح يوم 22 - 10 - 2012

انفلاتات..خسائر بشرية ومادية.. والوزارة "مسيطرة" على الوضع الامني- حملت السنة الماضية الكثير من الأحداث التي تطورت أحيانا لتصل إلى العنف والفوضى والانفلاتات التي قلت كثيرا مقارنة بالفترة الموالية للثورة.
أما السمة الأبرز فهي في التعاطي مع المستجدات ومع الاعتصامات والمظاهرات والتي اتهمت فيها المؤسسة الأمنية بالتمييز بين مسيرة وأخرى حسب الجهة المنظمة حيث كان التدخل الأمني عنيفا مع مسيرات نظمتها أطراف «معارضة للحكومة» فيما تم التغاضي أحيانا مع مسيرات غير مرخصة لها لجهات معينة لأسباب تسأل عنها وزارة الداخلية.
بعد كل حدث تعيش على وقعه بلادنا أحداث 9 افريل والملاحة وتطاوين والسفارة الأمريكية وغيرها تؤكد وزارة الداخلية على سيطرتها على الوضع الأمني ، ولعل حضور علي لعريض في أكثر من جلسة مساءلة لتقديم التوضيحات حول الأحداث التي جدت حينها.
كثرت الاعتداءات على المواطنين في أكثر من مكان وفي عدد من الولايات والمناطق ماديا ومعنويا وبنسق مرتفع، ممّا جعل التونسي يعيش حالة من عدم الاستقرار والخوف على مستقبله ، وهو ما دفع رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان عبد الستار بن موسى بعد جملة من أحداث العنف الى التنديد بالاعتداءات المتكررة على المواطنين التي وصلت الى قتل الأنفس بدون حق.
تعاطي امني ..
انفلاتات امنية كانت حاضرة بقوة خلال سنة شرعية حيث لم ينقطع الحراك الاجتماعي لفئات انتظرت أن تنصفها حكومة وعدتها إبان انتخابات 23 أكتوبر بحل ولو جزء من مشاكلها حيث خرجت الى الشارع متخذة أشكالا متعددة من التعبير عن مواقفها لتجد القنابل المسيلة للدموع والعصي بالمرصاد لها وهو ما حدث لمسيرة اتحاد المعطلين يوم 9 افريل . في المقابل وصلت الجماهير الى السفارة الأمريكية التي وقع اقتحامها وحرق ونهب محتويات المدرسة الامريكية وسط عجز تام لقوات الامن على السيطرة على الوضع. وبين هذا الحدث وذاك اختلف التدخل ليعطي لمحة عن عجز المؤسسة الأمنية في تعاطيها مع الأحداث التي وجهت إليها الكثير من الانتقادات.
بين النقابة والوزارة ..
لقد شهدت العلاقة بين الأمنيين والوزارة العديد من التطورات خلال سنة الشرعية حيث كانت قائمة على الاتهامات بين الطرفين وهو ما اثر سلبا على أداء الأمنيّين على ارض الواقع الذين نادوا بتطبيق القانون قانون عدد 4 لسنة 1969 المتعلق بالتدخل لفك الاعتصامات حماية لهم وقت التدخل.
ولحل هذا الاشكال وقع توحيد العمل النقابي تحت نقابة واحدة للامن الجمهوري لتوحيد الخطاب والممارسة والمواقف والقرارات بينهما في انتظار عقد مؤتمر لانتخاب مكتب موحد. وقد عقد ممثلو النقابة اجتماعا مع وزير الداخلية يؤمل ان يكون فاتحة لصفحة جديدة بين النقابات الامنية والوزارة.
جمال الفرشيشي

حصيلة أمنية
وفقا لوزارة الداخلية فقد كانت الخسائر في 2011 ممثلة في:
- حرق 488 مبنى وسيارة امن فيما كانت الحصيلة في الأشهر الستة من السنة الحالية حرق في حدود 22 بين مبنى وسيارة.
- حرق من اول شهر اوت الى غاية اكتوبر الجاري 12 سيارة و6 مقرات محروقة و88 محلا تم الاعتداء عليه بالحجارة و716 من المعدات الامنية التي تم اتلافها .
- اما بخصوص الضرر المادي لاعوان الامن فقد اكدت الوزارة وفي تصريح لنطاقها الرسمي يوم 11 اكتوبر من السنة الجارية انه والى غاية 7 اكتوبر الجاري فقد وقع الاعتداء على 509 ضابطا و179 عونا برتبة وكيل من الشرطة و 169 ضابطا من الحرس الوطني، و 152 ضابطا من التدخل لواء، و 5 من الحماية المدنية.

التونسيون يكتشفون: «بيننا سلفيون»!
بروز الحركات السلفية بمختلف توجهاتها كان أهم سمات السنة الأولى من الشرعية. فقد أثار صعود هذه الحركات جدلا يخص متانة الوضع الأمني في البلاد ودور هذه الجماعات السياسي وعلاقاتها بحزب النهضة وبأطراف خارجية قد تمثل مرجعية فكرية إضافة إلى علاقاتها بالولايات المتحدة.
حسب مصادر صحفية أجنبية، يقدر عدد السلفيين في تونس بنحو عشرات الآلاف بما في ذلك 1800 شخص تم إطلاق سراحهم من السجون بعد 14 جانفي. وعادة ما تنسب أعمال العنف إلى شق واحد من الحركات السلفية المتعددة وهي السلفية الجهادية التي ترفض الانخراط في دواليب السياسية.
أحداث صنعتها السلفية
في الشارع والجامعة والملاهي والحانات كان للسلفيين دائما بلحيهم الطويلة ولباسهم وأعلامهم حضور قوي، أبرز هذه الأحداث كان اعتصامهم بكلية الآداب في منوبة من أجل السماح للطالبات المنقبات بالدخول إلى الحرم الجامعي مما أدى إلى توقيف الدروس في الجامعة. كما قاموا بالهجوم على الكلية وتمزيق العلم التونسي ورفع علمهم. جاءت كذلك أحداث ما يسمى ب»غزوة المنقالة» التي تزامنت مع الاحتفال باليوم العالمي للمسرح واتسمت خاصة بمشهد «أبطاله» عدد من الملتحين فوق الساعة الرئيسة بشارع الحبيب بورقيبة بأعلامهم وهتفاتهم. ولم تكن تلك المرة الوحيدة التي استهدفت تحركاتهم أنشطة فنية، ففي ما يعرف بأحداث العبدلية اندلعت أعمال عنف نتيجة عرض لوحات وأعمال فنية اعتبرت «مسيئة» للإسلام. إلى جانب الهجوم على قاعة السينما التي عرضت فيلم نادية الفاني «لا ربي لا سيدي» وأحداث العنف التي صاحبت عرض قناة نسمة لفيلم «برسيبوليس».
ويعد الهجوم على السفارة الأمريكية في تونس في 14 سبتمبر الماضي أحد أبرز المحطات في مسلسل «العنف» السلفي، نظرا لتبعاتها على علاقات تونس الخارجية وعلى السياحة في البلاد، إضافة إلى أحداث منطقة وادي الزّاوي من معتمديه بئر علي بن خليفة التي شهدت مواجهات بين قوّات الأمن الدّاخلي والجيش الوطني من جهة وأشخاص مسلّحين من جهة أخرى، وقد كشفت مصادر رسمية فيما بعد أن الهدف منها كان تغيير النظام وإنشاء «إمارة إسلامية» في تونس. دون أن ننسى الحديث عما بات يعرف ب»إمارة سجنان» وقد أكدت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان أنها تلقت حينها نداءات استغاثة من المواطنين الذين تعرضوا للعنف والترويع من قبل مجموعات سلفية، إضافة إلى الاعتداءات المتكررة على الحانات والملاهي والتي سجلت في عدد من ولايات الجمهورية.
كما كان للسلفيين مؤتمرهم في القيروان تحديدا مؤتمر أنصار الشرعية الذي قال زعيم السلفية الجهادية «أبو عياض» فيه «إنّ السلفيين لا يسعون لمنع الخمور أو فرض الحجاب لكنهم سيعملون على نشر مبادئ الإسلام بالوعظ والحوار»، إلا أنّها وعود لم تتحقق في نظر عدد من المراقبين.
خيوط السلفية بيد من؟
من بين أبرز الأمور التي أثارت جدلا في الساحة السياسية التونسية الحديث عن علاقات خفية تجمع قادة السلفية بحزب النهضة أو سعي النهضة إلى تحريك ورقة السلفية واستغلالها خدمة لأجندتها السياسية، خاصة من خلال التساهل في التعامل مع أحداث العنف أو التحقيق في ملابسات هذه الأحداث. إلا أنّ النهضة عمدت إلى نفي ذلك في حين أظهر الفيديو المسرب لراشد الغنوشي وجود هذه العلاقات بالفعل.
وبخصوص علاقات النهضة بالسلفيين تتساءل مجلة «ذي إكونوميست» البريطانية بعد أحداث السفارة الأمريكية ما إذا كانت «النهضة قادرة على مواصلة التحكم في الوحش الذي تغذيه» فالتخوف من السلفيين على حد تعبير المجلة يجعل من «إنجاح حوار وطني وكتابة الدستور الجديد أو إرساء مؤسسات ديمقراطية أمرا صعبا».
تبقى السلفية من أبرز السمات التي رافقت السنة الأولى من الشرعية فقد كانت عنصرا جوهريا في المشهد الأمني والسياسي في البلاد، وقد لعبت دورا في تغيير معطيات عدة قد يكون أبرزها مساهمتها في رسم صورة جديدة «أكثر تشددا» لتونس في الخارج حسب ما يؤكده محللون.
أروى الكعلي

إعلام يرفض ابيت الطاعةب.. وسلطة اتناورب بالكرّ والفرّ
خاض الإعلاميون معارك شرسة منذ الثورة لإثبات جدارتهم بالحرية وحقهم في التعبير، دون رقابة على أقلامهم أو تشكيك في مهنيتهم.. لكن الطريق إلى جعل الإعلام سلطة رابعة حقيقية لا يدين فيها الإعلاميون بالولاء إلا للضوابط المهنية والأخلاقية، لم تكن معبّدة، بل واجهتهم الكثير من الاتهامات والافتراءات التي وضعتهم جميعا في خانة الأزلام وبيادق نظام المخلوع، في نكران واضح لما بذله الكثير من الإعلاميين للتحرّر من قيود الدكتاتورية.. ورغم الثورة بات الإعلاميون يستشعرون نوايا للهيمنة على القطاع من الحكام الجدد وبقيت ذهنية الإخضاع والتطويع لخدمة السلطة موجودة، وتدفع نحو إدخال الإعلام التونسي --ولو عنوة- الى بيت الطاعة من جديد.
وهذه المحاولات المتكررة للهيمنة واجهها الإعلاميون بشجاعة، ورفضوا سياسية التركيع والخضوع، وفي هذا السياق تنزّل الإضراب لقطاع الإعلام يوم 17 أكتوبر الماضي، وذلك لدفع الحكومة الى تفعيل القوانين المنظمة للمهنة، وقطع الطريق على أي استغلال للفراغ التشريعي لتمرير أجندات سياسية، كالتعيينات القائمة على الولاء الحزبي والتي تعاني منها أكثر من مؤسسة إعلامية..
السلطة ليست ولية أمر الإعلام
في حديث جمعنا بهشام السنوسي عضو الهيئة العليا لإصلاح الإعلام والتي استقالت من مهامها كردّ على تجاهل الحكومة للمرسومين 115 و116 التي اشتغلت عليهما الهيئة لأكثر من سنة، يقول في تقييمه لسنة من الشرعية "لا بدّ من الإشارة إلى ما حدث قبل هذه السنة خاصّة في المرحلة الانتقالية الأولى حيث تم التركيز على الإطار التشريعي، وفي هذا الصدد صدرت المراسيم كالمرسوم 41 المتعلق بحق النفاذ إلى المعلومة، والمرسوم 115 المتعلق بحرية الصحافة، والمرسوم 116 المتعلق ببعث الهيئة المستقلة للإعلام..
وتم أيضا الاستباق من خلال بعث 12 إذاعة خاصّة و5 قنوات تلفزية، وذلك وفق معايير استثنائية، والهدف منها هو تكسير الحاجز النفسي بالنسبة لأيّة سلطة كانت يجب أن تأتي وتحكم في ظل تعدّد إعلامي، لا تكون السلطة ولية أمره.
وخلال هذه السنة المنقضية من الشرعية كان يفترض تفعيل المراسيم واستكمال عملية الإصلاح على مستوى تكوين صحفيين وإعادة هيكلة المؤسسات الإعلامية العمومية من خلال قوانين أساسية ومجالس إدارة ووفق معايير دولية".
الإعلام "يناضل" وحكومة تتعنّت
ويضيف السنوسي "للأسف توقف هذا المسار بايجابياته وسلبياته ودخلنا في حالة فراغ تشريعي، وعدنا إلى الآليات الإدارية المعتمدة لدى النظام السابق على رأس المؤسسات الإعلامية العمومية ومحاولة تأثير الحكومة في وسائل الإعلام، إلى درجة التدخّل حتى في بناء تصوّراتها للبرمجة من خلال الحثّ على أن تكون أخبار الحكومة على رأس اهتمامات الصحفي، وهذا التوجّه جوبه برفض كلي من قبل عموم الصحفيين في الاعلام العمومي والخاصّ، وفي المقابل تعنتت الحكومة -ولنقل بصريح العبارة بعض مستشاري الحكومة- الى درجة يكاد يتحوّل فيها الإشكال إلى إشكال شخصي بين الأفراد، بعيدا عن تصوّر حوكمة رشيدة داخل المؤسسة الإعلامية ويلعب فيها الصحفي دور الرقيب والمساءل للحكومة.
وعندما نقوم بذلك نكون فعلا قد أخذنا بالقطع مع ثقافة الاستبداد لدى النظام السابق، لكن النتيجة كانت رفضا وراء رفض، واعتداءات ومحاكمات.
بالنسبة للإضراب العام كان نجاحا مطبقا، وأعقب ذلك إعلان الحكومة تفعيل المرسومين 115 و116، وهو ما جعلنا نعتقد أن هناك نقطة ضوء بدأت تبرز في آخر النفق، لكن مع الأسف يوم الجمعة الفارط توقفت المفاوضات وعدنا الى المرّبع الأوّل، وحصيلة هذه السنة هي حصيلة الكرّ والفرّ بالنسبة للحكومة والمجد بالنسبة للصحفيين".
منية العرفاوي

باعتبار اتحاد الشغل مظلة للجميع
المبادرات الحزبية اختزلها المؤتمر الوطني للحوار
كلما تصدّع الوضع الأمني وكبر الاحتقان اطلقت بعض الاحزاب وخاصة منها المعارضة صيحة فزع مع المطالبة بحكومة إنقاذ وطني وتحييد وزارات السيادة وخاصة منها وزارة الداخلية... الى ان جاءت مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل في ماي الماضي التي دعت الى جمع الفرقاء السياسيّين والتخفيف من حدّة الاحتقان السياسي والاجتماعي الى ان تمّ الإعلان عن موعد 16 اكتوبر لتنظيم المؤتمر الوطني بغاية وضع خارطة طريق الى فترة ما بعد 23 أكتوبر للخروج بالبلاد من المآزق التي وضعت فيها بما في ذلك الجدل حول الشرعية..
في الاثناء ظهرت عدة مبادرات حزبية خاصة وكانت "الصباح الأسبوعي" سباقة في الحديث عن الاجتماعات التي طبخت مبادرة تقدمت بها احزاب "الترويكا" في شكل مقترحات حول موعد الانتخابات وبعض الهيئات والتي قدمتها للامين العام لاتحاد الشغل حسين العباسي لمناقشتها في المؤتمر الوطني للحوار باعتبار ان المنظمة الشغيلة تمثل قوة اقتراح وقد حسمت الامر في مسألة الشرعية..
وسبقت مقترحات "الترويكا" مبادرات اخرى على غرار عقد "ندوة وطنية" لتجاوز مشكلة الشرعية الدستورية وتجمع بين مختلف الاطراف والحساسيات السياسية وقد صدرت هذه المبادرة عن "الترويكا المعارضة" التي جمعت "نداء تونس والحزب الجمهوري والمسار الديمقراطي والاجتماعي" وليس بعيدا عن قبة التأسيسي قدّم "الحزب الجمهوري والمسار الديمقراطي" مبادرة تم عرضها على "الترويكا" وباقي الاحزاب بالتأسيسي وتناقشا فيها مع "الترويكا" حيث دعت المبادرة الى تحديد روزنامة سياسية وخارطة طريق لفترة ما بعد 23 أكتوبر.. يضاف الى كل ذلك مبادرة حزب "المجد" التي اطلق عليها اسم "18 اكتوبر للوحدة الوطنية" على خلفية تحالف 18 اكتوبر سنة 2005 الذي جمع حساسيات سياسية وحقوقيين وتوحّدت حول مجموعة من الاهداف..
في الاخير انعقد المؤتمر الوطني للحوار وجمع كل المقترحات والافكار التي تقدّمت بها المعارضة ومكوّنات المجتمع المدني التي بثها في بيان حمل جملة من النقاط تفاعلت معها ايضا "الترويكا" الحاكمة ومنها التوافق على قانون انتخابي يسمح بتمثيلية حقيقية لمختلف الحساسيات السياسية ومناقشة مواعيد الروزنامة الانتخابية وإحداث هيئات الإعلام والانتخابات والقضاء وتحييد الادارة والتشريع في إرساء منظومة العدالة الانتقالية وايجاد توافقات حول كل المشاكل المطروحة اليوم..
عبد الوهاب الحاج علي

تعيينات ب«الولاءات».. والتعلّة «الصلاحيات»
لاقت التعيينات الحكومية على رأس عدد من المؤسسات انتقادات من قبل عدد من متتبعي الشأن الوطني لما تعكسه من "تعيينات حزبية مبنية على أساس الولاءات"، وهي تعيينات تضعها الحكومة في إطار ممارسة صلاحياتها.
شغلت التعيينات الديبلوماسية اهتمام الأحزاب وهياكل المجتمع المدني وكذلك الديبلوماسيين، وصرح عبد الرؤوف بالطبيب كاتب عام النقابة الأساسية بوزارة الشؤون الخارجية مؤخرا أنّ "حكومة الترويكا لم تحترم معايير التعيينات خاصة فيما يتعلق بتسمية قناصل وقناصل عامين من خارج السلك الدبلوماسي"، وهو ما اعتبرته عديد الأطراف "خرقا لمبدأ تحييد الإدارة عن الولاءات السياسية".
وعلمت "الصباح الأسبوعي" من مصادر موثوقة أنّ وزارة الخارجية تشهد تململا بسبب "عدم التزام وزير الخارجية رفيق عبد السلام بعهده المتمثل في عدم تسييس السفارات بالخارج وجعل القناصلة والملحقين والموظفين بالخارج من أبناء الوزارة". ويأتي هذا التململ خاصة على إثر تسمية القنصل العام في باريس والمعروف بانتماءاته النهضاوية.
التعيين في سلك الولاة
لم تقتصر التعيينات الحكومية على البعثات الديبلوماسية وإنما شملت أيضا التعيينات في سلك الولاة والتي أثارت غضب أهالي العديد من الولايات الذين أعربوا عن رفضهم لتسيير مهام جهتهم من قبل والي "موالي"، ويشار على سبيل المثال في هذا الصدد إلى كاتب عام فرع النهضة بأريانة محمود جاء بالله الذي عينته الحكومة على رأس نابل بالإضافة إلى تعيين حمادي ميارة الكاتب العام للمكتب المحلي للنهضة بدار شعبان الفهري واليا لمدنين. وقد خلفت هذه التعيينات جملة من الاحتجاجات على غرار ما حدث في ولاية المنستير بسبب تعيين مرشح حركة النهضة في قائمة نابل خلال انتخابات 23 أكتوبر الحبيب ستهم واليا بالجهة.
الإعلام أيضا
لم تقتصر التعيينات الحكومية على البعثات الديبلوماسية أو الولاة وإنما شملت أيضا قطاع الإعلام، وقد أثارت هذه التعيينات غضب العديد من متتبعي الوسط الإعلامي لما تعكسه من محاولة لبسط اليد على الإعلام.
ويشار في هذا الصدد إلى تعيين محمد مؤدب على رأس مؤسسة الإذاعة التونسية رغم أنه لا صلة له بالصحافة فهو تقني بالأساس بالإضافة إلى كونه كان من المنتمين إلى حزب التجمع المنحل، وقد لاقى تعيينه انتقادات من قبل أبناء المؤسسة . وقد قدم كلّ من مدير إذاعة المنستير وصفاقس استقالتهما "نتيجة رفضهما الإملاءات الموجهة من قبل مدير مؤسسة الإذاعة والتي تهدف إلى خدمة أجندة حزبية معينة"، على حدّ قولهما.
التعيينات في قطاع الإعلام شملت أيضا التلفزة الوطنية، حيث قامت الحكومة بتعيين الصحفية إيمان بحرون المعروفة بانتماءاتها التجمعية سابقا وتقربها من النظام على رأس المؤسسة. ولم تسلم مؤسسة "دار الصباح" من التعيينات، حيث وقعت تسمية لطفي التواتي على رأس المؤسسة والذي سعى إلى التدخل في الخط التحريري منذ اليومين الأولين لتعيينه، وهو ما أدى إلى دخول أبناء المؤسسة في اعتصام متواصل لليوم الخامس والخمسين مرفوقا بإضراب جوع مفتوح لليوم الثامن عشر على التوالي.
الحكومة لها الحق في التعيين
وقد لاقت هذه التعيينات انتقادات من قبل هياكل المجتمعين المدني والسياسي، ورغم وعي العديد بحق الحكومة قانونا بالقيام بالتعيينات على رأس المؤسسات الإعلامية فهي تعيينات تعد مرفوضة لأنها مبنية على أساس "الولاءات والانتماءات الحزبية" بدرجة أولى.
إنّ القطاعات التي مارست فيها الحكومة صلاحياتها عديدة، ولكنها كانت تثير دائما ردود أفعال متباينة من ذلك تعيين مدير على رأس المعهد الوطني للإحصاء، وهو ما رأى فيه البعض سعيا من قبل الحكومة إلى مغالطة الرأي العام، لكنّ مدير المعهد صرحّ بأنّه "مواطن تونسي مستقل يسعى إلى خدمة بلده بعيدا عن المحاصصة الحزبية". إنّ أحزاب الترويكا لم تتوان للحظة، خلال حملتها الانتخابية، عن استنكارها لتعيينات بن علي المبنية على أساس الانتماءات الحزبية، لكن المؤكد أن حكومة الترويكا التي تتبع اليوم نفس التمشي لن تجد لنفسها مبررا للتعبير عن رفضها في صورة صعود حزب آخر إلى الحكم واتباع نفس سياسة التعيينات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.