في إطار تدخّلات الصّندوق الوطني للتشغيل، وبمقتضى أمر جديد صادر عن رئيس الحكومة يوم 16 أكتوبر الجاري، أحدثت أربعة برامج وهي صك تحسين التشغيلية وصك دعم التشغيل وبرامج دعم باعثي المؤسسات الصغرى وبرنامج الشّراكة مع الجهات للنهوض بالتشغيل كما أحدثت لجنة للإشراف على عمليات تقييم تدخلات هذا الصندوق ولتقديم المقترحات لتحسين مردودها ونجاعتها. وتزامن اتخاذ هذه الاجراءات مع الإعداد للاستراتيجية الوطنية للتشغيل.. الأمر الذي يدعو إلى التساؤل هل إدخال تغيير على السياسات النشيطة للتشغيل الآن وقبل الإعلان يوم 17 ديسمبر عن هذه الاستراتيجية اجراء ناجع لدفع التشغيل؟ عن هذا السؤال يجيب الأستاذ عبد الرحمان اللاحقة الخبير الاقتصادي: "إن الحكومة تريد الآن تغيير السياسات النشيطة للتشغيل وهي فكرة طيبة.. لأنه من المفيد جدا مراجعة السياسات النشيطة للتشغيل ومن المهم الاعلام عن ذلك لكن مراجعة هذه السياسات ليست الحل". ويفسر أنه إذا لم يوجد الاستثمار الموجه للتشغيل فإن السياسات النشيطة للتشغيل لن تأتي أكلها، فهذه السياسات تساعد طالبي الشغل على الدخول إلى سوق الشغل لكن هذه الحلول غير كافية إذا لم تتوفر مواطن شغل لاستيعابهم. ويؤكد الاستاذ اللاحقة أن جميع برامج السياسات النشيطة للتشغيل يجب ان ترافقها حلول جديدة للاستثمار ويجب ألا تكون هذه البرامج مشتتة متعددة، بل يتطلب الأمر أن تكون آلياتها واضحة ومراقبتها متواصلة حتى يسهل التصرف فيها وحتى تكون ناجعة. أهمية التنسيق وفي ما يتعلق بجدوى صدور هذا الأمر قبل شهرين من الإعلان عن الاستراتيجية الوطنية للتشغيل وقبل الاتفاق حول المنوال التنموي المناسب لتونس في هذه المرحلة، والاقرار بأن هذا المنوال يجب أن يكون هدفه حقا التشغيل، ذكر محدثنا أن أهم شيء يجب فعله الآن هو التنسيق بين جميع الوزارات والأطراف المتدخلة في التشغيل حتى لا تتداخل المهام ولتجنب بذل جهود مضاعفة في دراسة نفس المسألة، كما يجب توافق حول المنوال التنموي وتحديد هدف واضح لهذا المنوال وهو التشغيل وإجراء دراسات قطاعية لمعرفة إمكانيات الاستثمار والتشغيل في كل قطاع وتوسيع دائرة التشاور ورسم خارطة واضحة للمستثمرين، لأن المستثمر لا يقدم على الاستثمار إلا إذا كانت الرؤية أمامه واضحة. وتجدر الإشارة إلى أن البرامج الجديدة ترمي إلى حلحلة وضع التشغيل، ويهدف صك تحسين التشغيلية إلى إكساب طالبي الشغل المسجلين بمكاتب التشغيل والعمل المستقل مؤهلات ومهارات تطبيقية قصد تيسير اندماجهم في الحياة المهنية، وذلك عبر المشاركة في عمليات مرافقة وتكوين تكميلي وتأهيل مهني. أما صك دعم التشغيل فيرمي إلى تشجيع مؤسسات القطاع الخاص على انتداب طالبي الشغل لأول مرة ويخول الانتفاع بصك دعم التشغيل للمشغلين المعنيين الحق في تكفل الصندوق الوطني للتشغيل، طيلة فترة الانتفاع بجزء من الأجر المدفوع للعون المنتدب بنسبة لا تتجاوز خمسين بالمائة وتكفل الصندوق الوطني للتشغيل، طيلة فترة الانتفاع بصك دعم التشغيل، بمساهمة الأعراف في النظام القانوني للضمان الاجتماعي بعنوان الأجر المدفوع للعون المنتدب. باعثو المؤسسات الصغرى ويشتمل برنامج دعم باعثي المؤسسات الصغرى خاصّة على المساعدة على تشخيص فكرة المشروع وعلى إعداد دراسة المشروع ومخطط الأعمال الخاص به والتأهيل في مجال التصرّف في المؤسّسات وفي المجالات الفنّية الضّرورية لبعث المشروع ومرافقة باعثي المؤسسات الصغرى وتكفّل الصندوق الوطني للتشغيل بجزء من مقابل خدمات تسديها مؤسسات صغرى والمساعدة على تمويل إحداث مؤسسات صغرى. في حين يهدف برنامج الشراكة مع الجهات للنهوض بالتشغيل إلى تيسير اندماج مختلف أصناف طالبي الشغل في الحياة النشيطة عبر دعم المبادرات الجهوية والمحلية التي تكتسي أهمية خاصة على مستوى احداثات الشغل وتركيز مؤسسات جديدة. ويتم تشريك مختلف مكونات المجتمع المدني بالجهة في تصور وإعداد وتنفيذ ومتابعة هذا البرنامج.