بالفيديو: سعيّد: هذا تقصير وسيحاسب الجميع حتى المسؤولين الجهويين    زيت الزيتون ''الشملالي'' يفوز بميدالية ذهبية في المسابقة الاوروبية الدولية بجنيف..    لأول مرة/ الاتحاد البنكي للتجارة والصناعة يشارك في دعم النسخة 18 من دورة "كيا" تونس المفتوحة للتنس..(فيديو)    تونس تشدّد على حقّ فلسطين في العضوية الكاملة في منظمة الأمم المتّحدة    بايدن يخطئ مجددا و"يعين" كيم جونغ رئيساً لكوريا الجنوبية    عاجل/ بعد حادثة ملعب رادس: وزارة الشباب والرياضة تتخذ هذه الاجراءات..    النادي الإفريقي.. القلصي مدربا جديدا للفريق خلفا للكبير    إقالة مدير عام وكالة مكافحة المنشطات وإعفاء مندوب الرياضة ببن عروس    المنستير : يوم إعلامي جهوي حول الشركات الأهلية    بنزرت...بتهمة التدليس ومسك واستعمال مدلّس... الاحتفاظ ب 3 أشخاص وإحالة طفلين بحالة تقديم    فعاليات موكب إسناد الجائزة الوطنيّة "زبيدة بشير" لسنة 2023    الصوناد: نظام التقسيط مكّن من اقتصاد 7 % من الاستهلاك    مفتي الجمهورية يحسم الجدل بخصوص أضحية العيد    عاجل: قيس سعيد: من قام بتغطية العلم التونسي بخرقة من القماش ارتكب جريمة نكراء    حالتهما حرجة/ هذا ما قرره القضاء في حق الام التي عنفت طفليها..#خبر_عاجل    عاجل/ ديلو: قوات الأمن تحاصر عمادة المحامين للقبض على سنية الدهماني..    عاجل/ هذا ما تقرر في قضية سعدية مصباح العضو بجمعية "منامتي"..    الرابطة الثانية.. نتائج الدفعة الأولى من مواجهات الجولة 22    ترغم التحسّن الملحوظ : تعادل لا يرضي احبّاء النادي الصفاقسي    عاجل/ الهجرة غير النظامية الوافدة على تونس: محور جلسة عمل وزارية    قليبية : الكشف عن مقترفي سلسلة سرقات دراجات نارية    طقس الليلة    عاجل/ يستهدفان النساء: القبض على نفرين يستغلان سيارة تاكسي للقيام بعمليات 'براكاج'    تصويت بغالبية كبرى في الجمعية العامة تأييدا لعضوية فلسطين في الأمم المتحدة    عاجل/ فتح تحقيق في واقعة حجب العلم بمسبح رادس    بالصور/بمشاركة "Kia"و"ubci": تفاصيل النسخة الثامنة عشر لدورة تونس المفتوحة للتنس..    عاجل/ القسّام تفجّر نفقا بقوة تابعة للاحتلال في رفح.. والأخير يعلن عن قتلاه    قريبا ..مياه صفاقس المحلاة ستصل الساحل والوطن القبلي وتونس الكبرى    في تونس: الإجراءات اللازمة لإيواء شخص مضطرب عقليّا بالمستشفى    تونس ضيف شرف مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة بمصر    البنك المركزي التركي يتوقع بلوغ التضخم نسبة %76    عاجل/ إندلاع حريقين متزامنين في جندوبة    الكاف: عروض مسرحية متنوعة وقرابة 600 مشاركا في الملتقى الوطني للمسرح المدرسي    القطاع الغابي في تونس: القيمة الاقتصادية وبيانات الحرائق    رادس: إيقاف شخصين يروجان المخدرات بالوسط المدرسي    اليوم: فتح باب التسجيل عن بعد بالسنة الأولى من التعليم الأساسي    بلطة بوعوان: العثور على طفل ال 17 سنة مشنوقا    الأمطار الأخيرة أثرها ضعيف على السدود ..رئيس قسم المياه يوضح    وزير السياحة يؤكد أهمية إعادة هيكلة مدارس التكوين في تطوير تنافسية تونس وتحسين الخدمات السياحية    نرمين صفر تتّهم هيفاء وهبي بتقليدها    بطولة روما للتنس: أنس جابر تستهل اليوم المشوار بمواجهة المصنفة 58 عالميا    لهذه الأسباب تم سحب لقاح أسترازينيكا.. التفاصيل    دائرة الاتهام ترفض الإفراج عن محمد بوغلاب    منبر الجمعة .. الفرق بين الفجور والفسق والمعصية    خطبة الجمعة .. لعن الله الراشي والمرتشي والرائش بينهما... الرشوة وأضرارها الاقتصادية والاجتماعية !    اسألوني ..يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    إتحاد الفلاحة : '' ندعو إلى عدم توريد الأضاحي و هكذا سيكون سعرها ..''    بسبب خلاف مع زوجته.. فرنسي يصيب شرطيين بجروح خطيرة    عاجل/ مفتي الجمهورية يحسم الجدل بخصوص شراء أضحية العيد في ظل ارتفاع الأسعار..    أضحية العيد: مُفتي الجمهورية يحسم الجدل    المغرب: رجل يستيقظ ويخرج من التابوت قبل دفنه    دراسة: المبالغة بتناول الملح يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة    نبات الخزامى فوائده وأضراره    اللغة العربية معرضة للانقراض….    تظاهرة ثقافية في جبنيانة تحت عنوان "تراثنا رؤية تتطور...تشريعات تواكب"    قابس : الملتقى الدولي موسى الجمني للتراث الجبلي يومي 11 و12 ماي بالمركب الشبابي بشنني    سلالة "كوفيد" جديدة "يصعب إيقافها" تثير المخاوف    سليانة: تنظيم الملتقى الجهوي للسينما والصورة والفنون التشكيلية بمشاركة 200 تلميذ وتلميذة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما يحصل في تونس ليس مدا سلفيا بل مدا تكفيريا
عبد الفتاح مورو ل"الصباح" :
نشر في الصباح يوم 09 - 11 - 2012

◄بيني وبين النهضة والسلفيين.. لم نعمل على أن يكون أحدنا "عاقلا والآخر سفيها" - ◄"الترويكا" أصبحت "فرويكا" بعد أن تفركت وبان الاختلاف بين أطرافها - لا بد من فصل النهضة عن القرار الحكومي الذي يجب ان ينبع من الحكومة نفسها - راشد الغنوشي ليست له الصفة بأن يكون حاكما
◗أجرى الحوار: سفيان رجب - الاستاذ عبد الفتاح مورو رمز من رموز السياسة في تونس وأحد "كوادر" ومؤسسي حركة النهضة.. تعرض للقمع واعتقل وقضى سنتين في السجن.
وتعرض سنة 1992 إلى حملة تشويه شخصية من قبل نظام المخلوع قبل أن يعلق عضويته في النهضة ويوقف كل نشاط سياسي له ويكتفي بالمحاماة.. بعد الثورة عاد الشيخ مورو مجددا لمعترك الحياة السياسية لكنه واجه صدا من قبل "إخوة" الماضي الذين لم يتفق معهم في الفكر والتوجه فاختار خوض انتخابات المجلس التأسيسي كمستقل. بعد مؤتمر النهضة الاخير وجد الشيخ مورو نفسه مجددا بين احضان رفاق الماضي كنائب لرئيس الحركة.. حول هذه المراحل والوضع السياسي والامني الراهن في تونس وتقييم عمل الحكومة وآفاق البلاد سياسيا.. كان ل"الصباح" هذا الحوار مع الشيخ الاستاذ عبد الفتاح مورو
قبل كل شيء حج مبرور وذنب مغفور.. الأكيد أن الحكومة أكرمتك بزيارة بيت الله؟
- الحمد لله والفضل لله لكن حجي كان على نفقتي وليست لي الصفة حتى آخذ شيئا من الحكومة
لنتحدث عن الوضع الراهن في البلاد وخاصة منه الوضع الامني الذي اتسم مؤخرا بمد سلفي كبير وبانفلات رهيب وتزايد حدة العنف الذي وصل حد القتل.
- ما تتحدث عنه ليس مدا سلفيا بل مد تكفيري قائم على اساس موقف من الغير قائم على تكفيره واستعمال العنف حياله لفرض اطروحات او اراء والصاق ما يجري بالمد السلفي فيه تجن على هذه الفئة لان من يقومون بهذا العمل يقولون نحن جهاديون وعندما سألناهم عن معنى جهاديين قالوا نحن نجاهد واكتفوا بذلك. وقد طالبناهم بالتخلي عن هذه الصفة لأنه ليس لنا قضية جهاد في تونس بل قضية دعوة والعمل الدعوي هو من صميم الاسلام. لكن ان ينتقل منه الفرد الى تعنيف غيره والاعتداء عليه هذا مرده ان شبهة حاصلة في الذهن او جهل بالإسلام. لذلك في تصوري ان المد التكفيري الذي يعتمد العنف كوسيلة يجب مقاومته بأمرين الامر الاول بالنسبة لهؤلاء القواعد الأغرار اي الذين يقع التغرير بهم واستغلال "جدّتهم" في التوجه الاسلامي بينما ما ينفع معهم هو تعليمهم وايجاد مد تعليمي يأخذ بعين الاعتبار القواعد الاصولية التي قام عليها الاسلام وردهم الى الاسلام واصوله. هناك من يصر على الاعتداء على غيره والتعامل مع هؤلاء يجب أن يحكّم فيه القانون فاذا اعتدى أحد باصرار على غيره فيجب أن يؤاخذ على ذلك.
الانفلات السلفي
هل يمكن تحميل علي العريض وزير الداخلية مسؤولية ما آل اليه الوضع الامني والانفلات السلفي الذي لم يواجه بالحزم والقوة اللازمة؟
- لا يمكن تحميله مسؤولية ذلك باعتباره لم يكن سببا في وجود ذلك التيار. هو مطالب فقط بالتصدي له.. ومادام هو لم يوجده هناك جانب من المهام موكول اليه بما أنه مطالب بتطبيق القانون واعداد العدة لان لا يعتدي احد على أحد وهذا ليس خاصا بالاعتداءات التي يكون مأتاها فه خاطئ للدين بل يتجاوز ذلك إلى كل الاعتداءات على الامن العام. فالذين يعتدون على مراكز الامن والذين يريدون تسريح الموقوفين من السجن يعتدون على الامن العام وعلى القانون والذين يقطعون الطرقات والذين يتظاهرون بدون ترخيص كلهم معتدون على الامن العام وعلى المواطن.. فوزارة الداخلية مطلوب منها أن تؤمن هذا الجانب لكن بالنسبة للعنف التكفيري فيبقى من مهمة المجتمع المدني بمؤسساته المختلفة ان يتصدى له على الاقل فهما. فمن الضروري دراسة الظاهرة وفهما مسبباتها وما هي الاسباب التي ادت اليها ثم الانتقال الى التصدي عن طريق دواء ناجع ربما يكون سياسيا او اجتماعيا او اعلاميا او نفسانيا لأنه من غير الطبيعي ان يعنف الانسان غيره. فهو إما يعنفه لخصاصة في حياته الخاصة او بشعوره للنقمة على غيره اما لفهم خاطئ للتدين او لمطمع اجرامي في نفسه هذا كله يجب تفصيله لحلحلة هذه الظاهرة وإزالة غموضها وتحويلها من أمر مبهم مغلق عن الفهم الى أمر مفهوم يمكن التصرف معه. وانا اتصور ان الغرب امكنه بعد ثورة الشباب في عام 1968 التصدي لهذه الظاهرة عن طريق الايقافات وتطبيق القانون وكذلك عبر دراسة الظاهرة وفهمها لتتحول بعض تلك القيادات الفوضوية الى قيادات سياسية معتبرة.
لقد كنت ضحية لهذا التيار والاكيد أن حادثة الكأس الذي اصابك في الرأس منذ مدة في القيروان خلفت لديك شعورا ما. فماذا تركت تلك الحادثة في نفسك وهل واصلت تتبع المعتدي قضائيا؟
- لقد اسقطت الدعوى ضده وعفوت عنه واعتبرت نفسي والدا له. وعالجت المشكل بتلك الطريقة عسى أن يهديه الله. وليس في نفسي اي ضغينة ضده او ضد غيره. وتحركي الان ضد ظاهرة العنف ليس مرده ما تسلط عليّ من عنف اتاني بلطف والحمد لله لكن غيري مورس عليه العنف بأكثر شدة لذلك فانا اقوّم هذه الظاهرة من موقع مبدئي وليس من موقع مصلحي. واجدد القول ان التصدي لظاهرة العنف امر ضروري لأنه من غير الممكن ان يتطور المجتمع التونسي نحو الاحسن بوجود ظاهرة عنف. ليس من الممكن النهوض بالاقتصاد في ظل ظاهرة العنف ومن غير الممكن ان يخرج رجال الاعمال أموالهم المخبأة في منازلهم ويمولوا مشاريع في ظل وجود ظاهرة العنف ومن غير الممكن للسائح أن يأتينا من الخارج ونحن نعيش ظاهرة العنف.
تبادل أدوار
ما ردكم على القول ان الحركة الاسلامية في تونس واحدة وان الانقسام بين حركة نهضة وسلفيين وطرف معتدل يمثله الشيخ مورو هو مجرد انقسام استراتيجي لكن في الاخير كلكم تصبون في إناء واحد؟
- يعني نحن اتفقنا ان يعمل أحدنا "حاذق والآخر سفيه".. أحدنا يحمل الحجارة والاخر يدين العنف .. هذا امر غير معقول وحتى بالحساب أمر غير مقبول. والحقيقة ان ثمة رؤى مختلفة وآراء تنطلق من منطلق واحد لكن اهدافها مختلفة. فالحركة الاسلامية في تونس فيها من لديه مشروع على غرار حزب التحرير الذي له مشروع خلافة باسلوب خاص به لكن الابناء السلفيين ليس لهم لا مشروع سياسي ولا اقتصادي ولا اجتماعي ومشروعهم الوحيد هو تطبيق السنّة وتطبيق رأي السلف الصالح بمراقبة السلوك الفردي وبالتالي لا يقدمون مشروعا اجتماعيا ولا اقتصاديا ولا سياسيا. فهم لا يؤمنون بالانتخابات والديمقراطية التي يعتبرونها كفرا لان ذلك لم يكن في عهد السلف الصالح بحيث لدينا هدف عام واحد وهو ان نعيش في وطن واحد وننعم بحريتنا واسلامنا وعروبتنا لكن عندما نصل إلى الاهداف التفصيلية نجدها لا تتفق مع بعضها البعض فالحكم بالجملة حكم ايديولوجي وهو ان الاسلاميين يصطفون في صف واحد. ولذلك حتى اذا ضربنا ظاهرة العنف نضرب من ورائها الاسلام وهذا خلط وخطأ. فنحن نشجب ظاهرة العنف سواء كانت اسلامية او غير اسلامية. لكن هذا لا يعني انتقاد الاسلمة او التوجه او الاختيارات الاسلامية ... والبعض انزلق من مناقشة ظاهرة العنف الى استخلاص ان العنف مرتبط بالتدين والدين هو الذي أتى بالعنف وهذا خطأ لا يجب الانزلاق اليه لان هذا سيوفر مناخا للتطرف لان البعض يتطرف كردة فعل فاذا اقصيته يقصيك وهذا ما وقع سابقا مع الاسلاميين حيث وقع اقصاؤهم.. فهناك منهم من ضبط النفس وهناك من انساق الى ردة الفعل وهذا ما لا نريده.
لكن الشيخ راشد الغنوشي صرح بعد حادثة العبدلية أن "السلفيين لم يأتوا من كوكب آخر بل أنهم أبناؤنا الذين يذكرونني بشبابي" وهذا التصريح شجع الشباب السلفي على التمادي في موجة العنف وكأن الشيخ راشد منحهم الضوء الأخضر للتحرك كما يريدون.
- لعله يقصد الشباب صاحب النوايا الحسنة والراغب في تعلم الدين لكن لا اعتقد ان قصده هو حماية الذين تطرفوا في حق المجتمع واستعملوا العنف ضده لان الشيخ راشد نفسه لا يرضى أن يكون ضحية العنف.. فالغنوشي تم تكفيره من قبل السلفيين.
العنف والتحريض السياسي
لكن هل يمكن ان يصل بنا العنف السياسي في تونس الى حد القتل وهنا أشير الى حادثة تطاوين ومقتل لطفي نقض كاتب عام مكتب حزب نداء تونس؟
- ليس معقولا التهاون بالروح البشرية مهما كان السبب والطرف. وبالعودة الى حادثة تطاوين فالملف تعهد به القضاء والبحث في مسبابتها وملابساتها وكيفية وقوعها واسباب الوفاة نفسها يتعهد بها القضاء وبوصفي محاميا فانا احترز في الحديث عن الملف مادام القضاء يباشره باعتبار ان البحث مرحلة سرية ولا يمكن افشاؤه والخوض في تفاصيله لان في ذلك تأثيرا على القضاء. لكن المبدا هو ان لا نصل الى حد تزهق فيه الارواح بسبب تحركات يقوم بها طرف أو آخر.
هناك من يقول ان حركة النهضة بدأت في تصفية حساباتها وتصفية خصومها السياسيين والدخول في عمليات هرسلة ضد السياسيين والاعلاميين بلغت حد تكفير بعضهم؟
- بالنسبة للتكفير لم أسمع أن حركة النهضة او قياداتها كفروا غيرهم. وبالنسبة للقضايا العدلية المرفوعة فالمطلوب من حكومة في وضع انتقالي ان توكل للسلطة العدلية مهمة بحث قضائي في شأن من ثبت تصرفه تصرفا غير قانوني خاصة في الفترة السابقة التي ساد فيها الفساد المالي والاداري مما يستوجب المآخذة.. فلو كانت الحركة تريد حقا تصفية حساباتها فانها كانت تحركت ضد من عذب ابناء النهضة وسجنهم.. لكن لم يتم فتح اي ملف في ذلك وهو ما يقيم الدليل على تعففها عن استعمال السلطة التي اسندت اليها باختيار شعبي لقهر خصومها لكن اذا كان هناك من هو ضالع في الاجرام فما الذي يمنع من محاكمته بل من الواجب المحاكمة. وبالعكس ما يلام على هذه الحركة انها تأخرت في ارساء آلية العدالة الانتقالية.
"انحلال" الترويكا
في بعض تصريحاتكم نجد انتقادات للترويكا الحاكمة ومنها حتى اشارات الى انها انحلت واصبحت عديمة الفائدة؟
- لا لم أقل إنها أصبحت عديمة الفائدة بل قلت انها بصدد الانحلال واصبحت "فرويكا" اي تفركت باعتبار ان بعض المواقف تصدر من بعض أطرافها تنبئ بتمسكها بالائتلاف الحكومي عندما تكون مصلحتها في ذلك وتنتقد الائتلاف الحكومي رغم انها طرف فيه في حالات اخرى. ولا اقبل ان يكون هناك طرف في ائتلاف ثم ينتقد الاطراف والاحزاب التي تشاركه الائتلاف. فمن غير الممكن انتقاد الترويكا والتفاوض معها في نفس الوقت على منصب وزاري..
الاستاذ عبد الفتاح مورو كان من المغضوب عليه من قبل كوادر وقواعد النهضة وتعرض لحملات وانتقادات عديدة بلغت اوجها بعد الثورة اثر ظهوره في مظهر المستقل والناقد لبعض قرارات الحركة.. لكن اليوم نجده نائبا لرئيس النهضة مسؤولا عن العلاقات الخارجية وفاعلا في مكتبها السياسي، فهل هي عودة الابن الضال؟
- لا.. فان وصفت بالابن فسأكون من الشاكرين الفرحين لكن هم يقولون "الشيخ الخارف". هي عودة لمؤسسة كنت أحد منشئيها واعتز بذلك واذا أفسح لي المجال لأن أكون فاعلا من داخلها فأنا أفخر بذلك شريطة أن يكون هذا المجال مفتوحا وانا اسعى لتحسس طريقي داخلها.
مواقف الشيخ راشد الغنوشي
يبدو أن وجود الشيخ راشد على رأس النهضة بدأ يؤثر سلبا على هذه الحركة في ظل بعض المواقف والتصريحات التي بدت للعامة غريبة ومتطرفة.
- الشيخ راشد يصرح بآرائه الخاصة وبرأي المؤسسات التي يعمل صلبها وإن كانت هناك تصريحات غير مقبولة حقا فيمكن ان تواجه بتصريحات أخرى مقبولة واذا كان ثمة اخطاء مطلوب من الحركة ان تتداركها وان لا تترك الحبل على الغارب.
هل يمكن أن نقر أن الشيخ راشد الغنوشي هو الذي يسير البلاد اليوم وان جميع القرارات تمر عبره؟
- لا، حاكم البلاد اليوم هو رئيس الجمهورية في حدود ما أسند له من مهام وهي قليلة.. والسيد رئيس الحكومة في حدود ما اسند له من مهام بمعية الترويكا.. والاستاذ راشد الغنوشي ليست له الصفة بان يكون حاكما بل هو فقط رئيس احد الاحزاب المكونة للترويكا الحاكمة وله تاثير على حزبه لكن سياسات الحكومة تسنها الحكومة من داخلها والتداخل بين الحكومة والحزب ليس امرا محمودا لانه ينتهي الى تعطيل المؤسسات.
رايكم في ما نسب الى امير قطر مؤخرا من أن رئيسي مصر وتونس الحاليين لا يقبلان اي شخص الا بموافقته وأنه يملي عليهما ما يفعلانه ويقولانه حرفياً؟
- لم أسمع هذا التصريح لكن بالنقل المشار اليه أقول ان هذا الموقف غير مقبول لانني أعتقد أنه لا يوجد من يقبل التنازل عن ذاتيته الشخصية وعن وطنيته وقوميته لفائدة صاحب قرار سياسي في بلد ثان فلا تونس تقبل ذلك ولا مصر ولا ليبيا ولا اليمن يقبلون بان يكون مقر سياساتهم اجنبي حتى ولو كان صديقا حميما فالصداقة الحميمية ينتهي مفعولها عندما تتقدم الوطنية لتجعل منا خادمين لقرارنا الداخلي . فنحن نناضل منذ القديم وليس من اليوم لفرض استقلالية القرار السياسي واستقلال القرار الاقتصادي فمن غير الممكن ان "ننزع بصلة ونحطو ثومة" هذا غير معقول.
لا لاسترجاع المخلوع
لقد صرحتم سابقا عن أملكم في ألا تسلم السعودية الرئيس المخلوع لتونس.. فاي خلفيات وراء هذا الرأي وهل مازلتم تصرون عليه؟
- أقول ان ارجاعه الى تونس سيفتح علينا باب الخلاف الوطني مما سيشغلنا على الانجاز مع ان وجود شخصه لن يزيدنا الا الما وتفكيرا في واقع سيئ عشناه. وسيضعنا في موقف حرج من ذلك هل يجب اعدامه ام لا وهنا سنمنحه فرصة ذهبية إذ ستنبرى للدفاع عنه منظمات حقوق الانسان الدولية. اذا فإن عزله عن السياسة الوطنية الدولية والحرص على ألا يكون له اذناب داخل ارض الوطن هذا ما يجب ان نحرص عليه لا ان نستقدمه. فالافضل ان نقطع صلته مع الواقع التونسي حتى لا يؤثر فيه وان نسعى أيضا الى دفعه الى ان يرجع المال الذي استولى عليه.
رأيكم في المعادلة التي تضع الشيخ راشد الغنوشي على رأس الاتحاد الدولي للعلماء خلفا ليوسف القرضاوي والشيخ عبد الفتاح مورو على راس حركة النهضة ورئيسا للجمهورية؟
- يعني أن أكون خليفة الخليفة.. انا ليس لدي اي دخل في هذا الموضوع. وبالنسبة لرئاسة الجمهورية لم أتقدم بترشح ولم يفتح باب الترشح بعد.. ولكل حادث حديث
بورقيبة.. والمرزوقي
أشاهد صورة الزعيم الحبيب بورقيبة في بيتك.. فهل هو اعتراف بما قامت به هذه الشخصية التي لا تعترف بدورها بعض القيادات السياسية الراهنة؟
- بورقيبة هو احدى الشخصيات التي اثرت في تاريخ تونس. في بيتي صورة بورقيبة وصورة البايات الذين سبقوه وحتى صورة بن علي .. صور تذكر بتاريخ تونس وكل شخصية عندها سلبياتها وايجابياتها فاذا تذكرت احمد باي الاول اتذكر المدرسة العسكرية بباردو وعندما اتذكر الصادق باي اتذكر دخول الاستعمار وعندما اتذكر المنصف باي اتذكر الوطنية لدى البايات وعندما اتذكر الأمين باي اتذكر نهاية 251 سنة من الحكم الحسيني وعندما اتذكر الحبيب بورقيبة اتذكر بداية بناء المجتمع الحديث الذي اقدمت تونس عليه بعد خروج المستعمر. وبورقيبة كان له اثر ايجابي في وضع المؤسسات الحديثة صحيح بورقيبة له اخطاء من بينها انه اراد قطعنا عن تاريخنا وخاصة التاريخ الحضاري عن طريق غلق الزيتونة عوض تطويرها وهذا يحسب عليه ولكن الذي يحسب له انه كان وراء النهضة التي دبت في تونس ولم تكتمل بعد. وبالتالي فان صورته ستبقى موجودة .
وصورة بن علي؟
- أتذكر من خلالها 23 سنة من الدكتاتورية بل اتذكر مسؤولية الشعب الذي صفق له وأيده.
واذا وضعت صورة الرئيس المؤقت الحالي السيد منصف المرزوقي.. فبماذا تذكرك؟
- شخصية حبيبة للنفوس ومناضل من مناضلي حقوق الانسان واثبت جدارته في هذا الميدان لكن المسؤوليات المناطة بعهدته اليوم هي مسؤوليات ادبية اعتبارية ونحن نعتبر ان وجوده يمثل الشخصية التونسية ونرجو له التوفيق في تحركاته وفي سكناته.
قائد السبسي.. والجبالي
لقد أعطيتم رأيكم في من تقلدوا مناصب رئاسية في تونس.. فماذا عن الباجي قائد السبسي الذي عاد للظهور بعد الثورة واصبح رقما مهما في المعادلة السياسية الراهنة؟
- الاستاذ الباجي قائد السبسي- وأصر على كلمة استاذ لأنه زميل محام- بالأساس يخدم في السياسة "قبل ما يعرس بابا بأمي".. فهل يعقل ان "يزقق الفرخ بوه" .. وهذا لا يعني أني أصادق على اختياراته.. ولكن هو شخصية وطنية أجلها واحترمها واقدرها. هو اليوم على رأس "نداء تونس" ونتمنى منه أن يقدم لنا مشروعه وبرنامجه السياسي الذي دخل به الساحة حتى اعرف ماذا آخذ منه وماذا أترك لان الحكم على الاشخاص كذوات ليس عمل السياسيين بل ان السياسي يحكم على برامج الاشخاص وانا غايتي ان يتقدم نداء تونس ببرنامجه حتى يمكن الحكم له او عليه.
يبدو أن رئيس الحكومة الحالي لم يجد توازنه بين استحقاقات الدولة والضغوطات الحزبية.. حتى أنه هدد بالاستقالة كم من مرة وأكد ان "استقالته في جيبه"..فكيف تقيمون عمل رفيق دربكم حمادي الجبالي؟
- الجبالي في "غلبة ويحّرك مسكين".. جاءته تركة ثقيلة ووجد نفسه محط انظار الجميع بل محط نقد الجميع باعتباره هو من يحوصل المجموعة الموجودة حوله والتي فيها اناس سلبيون واناس ايجابيون. والمجموعة فيها من يخطئ وفيها من لا يخطئ وهو الذي يتحمل جميع التبعات. لذلك يجد نفسه في وضع لا يحسد عليه.
النهضة.. والاعلام
لكن هناك من يقول إن الاطراف المتشددة في حركة النهضة تعرقل عمل رئيس الحكومة وتتدخل في قراراته؟
- لا .. فلا بد من فصل النهضة عن القرار الحكومي الذي يجب ان ينبع من الحكومة نفسها واذا ثبت وجود تدخل فذلك يعتبر خللا في اروقة الحكومة. فقرار الحكومة قرار ذاتي مستقل بذاته والمسؤولون عنه هم الوزراء . وفيهم من يوصفون بالمتشددين وفيهم من يوصفون بالتقدميين فهذا موضوع ثان. ويجب التقسيم حسب العطاء علما وان الحكومة اليوم تعتبر نفسها حكومة تكنوقراط بقطع النظر عن انتمائها السياسي. فهي لا تنفذ برنامجا سياسيا خاصا بحزب من الاحزاب بل هي منهمكة في ملفات البطالة والتواصل مع الجهات المحرومة وملفات العدالة الانتقالية وتحل مشاكل التعاون الدولي وهي مشاكل تطرح على كل حكومة ولا تحتاج الى ايديولوجيا خاصة لحلها.
من اكبر مشاكل الحكومة الحالية علاقتها مع الاعلام .. علاقة تميزت بالمواجهات وبالاتهامات والاتهامات المضادة.. ومحاولات وضع اليد والسيطرة في الوقت الذي يحاول فيه الاعلام الخروج من حقبة سوداء.
- في ماذا يتمثل وضع اليد؟؟ فهل هناك صحيفة وقع ايقافها من اجل مقالة وهل هناك صحافي تم ايقافه؟
لكن الحكومة دائما ما تحمل الاعلام مسؤولية ما يقع في البلاد وكانها تطالب فقط بتلميع الصورة وغض الطرف عما يجري.
- وهل يجب ان يكون الاعلام خارجا عن الانتقاد...؟ عندما ينتقدنا الاعلام نقبل بذلك وعندما ننتقده يثور اهله؟؟ فانتقاد الاعلام دليل على حركية موجودة في البلاد. لكن مشكلة الاعلام انه يرى ما يحب ان يراه.. فهل يعقل ان تتجاهل وسائل الاعلام زيارات رئيس الدولة وانشطته الداخلية والخارجية. فالمطلوب متابعة الحدث ونقل المعلومة ثم من حقك التصرف فيها نقدا سلبا او ايجابا. فمن يسجل الحدث والواقعة لا يخدم في ركاب الدولة بل يغطي الاحداث. فالمواطن يرغب في معرفة ما يحصل في البلاد.. اليوم هناك انجازات كاملة او منقوصة فمن الضروري الحديث عنها .. فلماذا لا نبرز سوى مواقع الخلل. واقول ان موقف بعض الاعلاميين- وليس كلهم- كانهم لم يفهموا دورهم .. والانتقادات الموجهة لبعض الاعلاميين تعتبر مظهرا صحيا مثله مثل الانتقاد الموجه للسياسيين الذي يجب ان نقبل به.
التعديل الوزاري
هل ترون انه من الضروري اليوم احداث تعديل في صلب الحكومة؟
- إذا تبين عجز وفشل بعض اعضائها لا بد من الاقرار بعجزهم وابعادهم وهذا من مصلحة البلاد.. ولا يقال ان الحكومة فشلت اذا ابعدت احد العجزة من صلبها اذا كان وزير ماعاجزا او وزيرة ما عاجزة فما المانع من تغييرهما وهذا مظهر صحة في تصوري.
هل ترون ان الساحة السياسية اليوم تشكلت بشكل نهائي ليبقى الصراع فقط بين ثلاثة اقطاب هي حركة النهضة ونداء تونس والجبهة الشعبية؟
- هو صراع ثلاثي أم ثنائي بمعنى اثنان ضد واحد. انا ارجح اثنان ضد واحد وهذا امر غير ايجابي. فالاصطفاف والاستقطاب غير مقبول انا اريد من الجميع ان يقدموا برنامجهم ويدافعوا عن اهدافهم ومرحا للفائز بثقة الشعب . اما ان تكتسب شرعيتك من سبي وانا اكتسب شرعيتي من ذمّك فهذا ليس بالطبيعي. فالحياة السياسية هي التي تقوم على اساس مناقشة البرامج والعطاء الدائم لفائدة المجتمع وما ينقصنا اليوم وما اضر بنا هو انعدام البرامج .. فالسياسيون المحترمون نزلوا اليوم الى اسفل السافلين بعدما اعتقدت انهم هم الذين سيربون الشعب التونسي الذي وجد نفسه فجأة امام واقع متغير وأمام التنوع واصبح كل واحد فينا يتحدث بصفة المفرد وليس الجمع ليتحول كل شيء الى صراع وسباب .. فالمطلوب اليوم التأدب والابتعاد عن شعارات من قبيل هذا كافر وهذا غير مسلم وهذا شيخ ليس له الحق في دخول السياسة.. فهل هذا معقول؟؟ وهذا ليس بالطريق السليم ويفقد السياسيين هيبتهم فهناك من هم اكبر وأسن مني احترمهم ولا أناديهم الا بسيدي في حضورهم وفي غيابهم رغم اني منازع لهم سياسيا .. وهذا لا ينقص اي شيء من قيمتي. وتنقية المناخ السياسي هو من واجب ودور قادة السياسة اولا وبالذات ... فمن غير المعقول الاقصاء والابعاد وواجبنا اليوم تطهير الساحة السياسية لا تعفينها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.