في انتظار ان يصادق عليه المجلس الوطني التأسيسي طرحت أمس المسودة الأولية لمشروع قانون حول مكافحة الإثراء الغير مشروع في تونس خلال ندوة حوارية التأمت للغرض وحملت شعار من أين لك ذلك؟ وذلك ببادرة من رئاسة الجمهورية وبالاشتراك مع برنامج الأممالمتحدة الإنمائي وبحضور وزير الحوكمة ومقاومة الفساد عبد الرحمان الأدغم ووزير أملاك الدولة سليم بن حميدان كما تعزز الحضور بثلة من الخبراء فضلا عن العديد من المسؤولين في الهيئات الرقابية. وهو قانون كما ينص فصله الأول يهدف إلى» تكريس الشفافية والنزاهة ومكافحة الإثراء غير المشروعه وحماية المال العام وتدعيم الرقابة على القائمين عليه»كما يتضمن هذا المشروع واجب التصريح على الممتلكات. اتسم اللقاء بتوجيه عدد من المتدخلين انتقادات إلى بعض فصول المسودة الأولية للمشروع والتي تتعلق في مجملها بالعقوبات وبالجهات المكلفة بتلقي التصاريح حول الممتلكات والجهة التي تتولى مراقبتها وكذلك حول المنظومة المعلوماتية للمراقبة الجبائية . ويعتبر في هذ السياق الخبير المحاسب عاطف بن صالح في تصريح ل»الصباح» أن مشروع القانون هذا تشوبه اخلالات من ذلك أن منظومة التصاريح تعد من وجهة نظره غير ناجعة فمن يقوم بهذه المهمة الآلاف من الموظفين العموميين وهو ما يحيل إلى استحالة القيام بعملية الرقابة فضلا عن أن القانون في حد ذاته كأنه موجه للموظف العمومي فقط والحال أن الفساد لا يقتصر على الوظيفة العمومية في ظل وجود قطاع خاص. كما انتقد بن صالح بطء الإجراءات الإدارية وتفعيل العديد من الهيئات الرقابية بما يسهم في عدم نجاعة عملية الرقابة. من جهة أخرى تساءل القاضي فيصل عجينة خلال هذا اللقاء هل أن مشروع القانون هذا سيكون صالحا للفترة الانتقالية ويشمل بذلك الحالات السابقة أم انه مشروع تأسيسي سيكون صالحا للتأسيس للمستقبل فقط؟. كما أشار القاضي عجينة إلى انه لمس في نص المشروع اضطرابا في فكر من صاغ مشروع قانون مكافحة الإثراء الغير مشروع استنادا إلى انه لا يجرم. واعتبر الخبير نزار بركوتي انه إزاء مشروع قانوني يكافح الكسب غير المشروع ولا يحفز الكسب المشروع مشيرا إلى انه لم يجد صلب النص ما يشجع أو يدعو إلى تكريس الشفافية وتكريس مفهوم النزاهة مؤكدا ان الفساد لا يمكن التصدي له بمجرد نصوص. كما لاحظ البركوتي أن هذه المشروع يستهدف الموظف العمومي. أما القاضي المستشار خالد بن علي فهو يرى أن قاعدة الأشخاص المطلوبة للتصريح كبيرة جدا وهو يقدر ب100 ألف أي ما يمثل خمس الوظيفة العمومية واقترح التقليل في هذا الرقم مشيرا إلى أن عملية الرقابة إذا باتت مكلفة فلا جدوى منها. وبينت القاضية نعيمة بوليلة انه لا بد من القيام بعملية تصنيف للفئات المستهدفة للرقابة مقترحة ان يتم الاستغناء عن واجب التصريح عن الشرف بالنسبة الأصناف الصغرى من الوظائف عبر تطوير نظم الرقابة الداخلية. تجدر الإشارة إلى أن مدير الديوان الرئاسي عماد الدايمي قد بين في مستهل اللقاء أن التفكير في إحداث منظومة قانونية لمكافحة الإثراء غير المشروع وتطبيق مبدأ من أين لك هذا جاءت بعد التدقيق في ممتلكات عدد من الموظفين برئاسة الجمهورية من الذين أثيرت حولهم شبهة فساد نتيجة قربهم من الرئيس المخلوع. وأوضح الدايمي أنه سيتم إحداث لجنة للصياغة برئاسة المستشار القانوني لرئاسة الجمهورية بالشراكة مع رئاسة الحكومة لصياغة مشروع قانون تقدمه رئاسة الحكومة للمجلس الوطني التأسيسي خلال المدة القادمة.