يرى خبراء في مجال الرقابة المالية العمومية ان جهاز الرقابة في تونس يحتاج الى إصلاحات عميقة حتى يتمكن من أداء دوره في محاربة سوء التصرف المالي ومكافحة منظومة الفساد الإداري والمالي. جدير بالذكر أن البنك الدولي قدّر الخسائر الناجمة عن منظومة الفساد في تونس بين 2 و3 بالمائة من الناتج الداخلي الخام وذلك يعني فقدان بين 34 و51 ألف موطن شغل سنويا. وأفاد عدد من المشاركين في ملتقى حول» أية رقابة إدارية على الميزانيات العمومية من اجل حوكمة رشيدة « انتظم أمس ببادرة من جمعية اطارت الرقابة والتفقد والتدقيق بالهياكل العمومية انّ الهيكلة المرتقبة للأجهزة الرقابية في تونس ستبقى مرتبطة بالنظام السياسي الذي سيتمّ إقراره من قبل المجلس الوطني التأسيسي. فثورة 14 جانفي أبرزت الاخلالات والتجاوزات على مستوى التصرف في المال العام على حدّ قول محمد الصالح الشابي رئيس هيئة الرقابة العامة للمالية سنة 2011. الذي بيّن في مداخلة حول مقومات الوظيفة الرقابية الفاعلة والناجعة على الأموال العمومية من أجل تصرف سليم أن تقارير المنظمات الدولية أثبتت انّ نظام التصرف في المالية العمومية في تونس يشتغل مجمله بصفة طبيعية وغالبا وفقا للمعايير الدولية غير انّ نقاط الضعف والنقائص تطرح بالأساس مسألة جدوى ونجاعة نظام التصرف في منظومة المالية العمومية. وأكد الشابي ان عديد الهياكل الرقابية تشكو نقصا في الموارد البشرية حيث لا يتجاوز أعضاء التفقديات الوزارية 160 إطارا ل 19 وزارة وهذه الوزارات تشرف على 2429 مؤسسة عمومية ذات صبغة إدارية. كما بين المتحدث ان تقريرPEFA ابرز عديد النقائص على المستوى الرقابي ومنها غياب محاسبة ذات القيد المزدوج يتم بواسطتها إدراج الأملاك العقارية والملك العمومي زيادة الى ان عديد النفقات على غرار نفقات كل من رئاسة الجمهورية ووزارة الدفاع ووزارة الداخلية لا تخضع الى تأشيرة التعهد. اقترحات الاصلاح ولإصلاح الجهاز الرقابي في تونس أكد عدد من الخبراء على أهمية استقلالية هذا الهيكل عن السلطة التنفيذية كما هو معمول به في الدول الأوروبية، كما اجمع الخبراء على ان الحوكمة الرشيدة تستند أساسا على الشفافية والمساءلة. من جانبه اعتبر رضا عبد الحفيظ الكاتب العام للحكومة في مداخلة تحت عنوان «دور الرقابة في إرساء حوكمة عمومية رشيدة» ان هذا الملتقى فرصة مهمة لتشخيص وضعية الرقابة على الميزانيات العمومية والنظر في سبل تطوير الجهاز الرقابي ووضع مقومات الحوكمة وتجنب الارتداد والرجوع الى الوراء. وأشار عبد الحفيظ الى ان الجهاز الرقابي «يشكو نقائص على مستوى الموارد البشرية إضافة الى تدخل وظائف الهياكل الرقابية ليست كافية لضمان الاستعمال المجدي والناجع للموارد العمومية للبلاد.» وأكد على أن العائلة الرقابية تشكو من نقص في الرقابة المسبقة والرقابة اللاحقة للمصالح الإدارية.. ودعا الى توفير الظروف الملائمة ليقوم الجهاز الرقابي بدوره في تجذير مقومات الحوكمة وتوفير قواعد الشفافية والنزاهة في التصرف في الموارد العمومية لدعم المرحلة التأسيسية الى جانب مراجعة الآلية الخاصة بالمتابعة وكذلك تركيز وظيفة التقييم الداخلي بما يمكن من الحد من الرشوة والفساد في القطاع العمومي. مشاكل قانونية وفي السياق ذاته أكد عادل الغزي رئيس جمعية إطارات الرقابة والتفقد والتدقيق بالهياكل العمومية ان الملتقى يهدف الى تشخيص وضع الجهاز الرقابي الذي يشكو نقصا حادا في الوسائل البشرية والمادية ويعاني من مشاكل على المستوى القانوني والترتيبي الذي لم يجر تحيينه منذ سنوات.